أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية















المزيد.....

المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:23
المحور: الادب والفن
    


يبدو واضحا أن كتاب القصة العراقيين في المنفى بدأوا في الآونة الأخيرة بهضم محنة المنفى بعدما طال بالعراقيين المقام وأصبح لديهم حكايا وأطفال وأحفاد وأموات ويتجلى ذلك بتزايد النتاجات التي تتناول هذا الموضوع والمنشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية أو كمجاميع مستقلة كما في بعض نصوص ( شجرة العائلة ) لشاكر الأنباري و ( بعد مجيء الطير ) لإبراهيم أحمد المكرسة بأكملها لتجربة المنفى ، أو في المجموعة التي بين أيدينا ( البيت الأخضر ) لعبد جعفر الصادرة عن دار الكنوز الأدبية 1994 فمن بين سبع عشرة قصة حوتها المجموعة انشغلت سبع منها بشؤون المنفى وعذاباته ، المنفى المسكون بالماضي ، يقول الراوي في ( أوراق مبعثرة ) أي حضور هو الماضي ، وأي ارتياح يبعث في النفس ، أود أن ألمسه بأطراف أصابعي ص 36 . ففي عالم المنفي يتداخل الكابوس بالصحو بالتذكر بالاستيهام بالواقع بالسكر فيتفنطز الحاضر الهش المثقل بأيام الرعب القديمة الموروثة من ماضيه في وطنه الدموي ، الرعب المسقط على البشر والحيوات والأمكنة الجديدة في المنافي وهذا هو حال زائر المتحف في القصة المذكورة الباحث عن الجذور في المتحف المكان الذي عمق جوها الكابوسي فهو الماضي بكل أبعاده الفردية والجمعية ، ماضي البشرية بأحلامها ، وماضي المنفي المحاصر ، الماضي الحاضر الوحيد الطاغي والمتحكم في كيان المنفي. يأخذ الماضي منحى أخر في ( صوت القطار ) فكثير من المنفيين يبتهجون ويكتئبون لأسباب تبدو غامضة للإنسان السوي الذي لم يذق مرارة النفي فالشخصية في هذه القصة تبتهج لمد خط سكة حديد يمر قرب سكنه لا لشيء سوى كون صوت عويله يذكره ببيت أهله في الوطن والكائن جوار محطة حيث يعمل أبوه مراقبا فيها . عامل الكاتب شخصياته بشجن وحب كبيرين وجاء القطار رمزا عميقا وموحيا والتداعيات منسابة وذات دلالة عمقت أبعاد الشخصية لارتباطها العضوي بمعاناة الحاضر يسأل الابن أباه 00 هل أستطيع أن أركب فيه ؟ ـ لكنه سيذهب بك بعيدا ص 51 0الشوق والخوف من المجهول والذرية وبقايا حب قديم بددته الغربة هو ما دفع الزوج في ( نهار بلون السماء ) إلى العودة إلى البيت بعد هجر وجفاء لم تخبرنا القصة بالخلاف ولم يكن ذلك ضروريا ٌٌ فما أكثر انعكاسات ضغط المنفى على بنية عائلة منبتة من جذورها وبيئتها الاجتماعية المحصنة لديمومتها ٌٌ إذ لم يؤثر ذلك على بنية القصة وأبعادها الإنسانية فطريقة السرد جعلتنا نحس بأثر ذلك الجفاء على الذوات الثلاث وهوله من ذلك التوق الإنساني الجارف للعودة ومحاولة بعث جذوة الحب القديم الذي رمدته الغربة والحنين إلى البيت بكل أبعاده ومعانيه الإنسانية والتاريخية 0( البيت الأخضر ) مفصل يومي فاتن وحزين من حياة المنفي المهمل في نزل غريب وهي أشبه بنشيد مفعم بالمرارة والألم عن كائنات تذوي وتشيخ في بيت عتيق منسي على ساحل بحر يتجدد. هنا تتقابل الرموز والمعادلات الدالة عميقا والمعبرة عن أفول كيانات غريبة في أصقاع غريبة 0 عائلات غريبة تختصم، تتصالح، عزاب، ملل، سأم، حيث تفقد الأشياء طعمها لتكرار الأيام إلا من اشتهاءات للنزيلة التي تستقبل في غرفتها عشاقها الكثار، اشتهاءات غامضة لدفء مفتقد تأخذ أبعادا شجية إذ يكتفي المنفي بخاطر الرائحة الباعثة دفئا حالما والمنبثة من الجسد الأنثوي المار بالممر 0 تخفق ٌٌالرغبة ٌٌفي رصد حالة امرأة تتصل تلفونيا بذويها في العراق بعد عشر سنوات من الفراق، فالسرد بزمن المضارع اللاهث كان غير مناسب لحالات التداعي والتأمل السابقة لفعل الاتصال المتوتر والتداعي عن الآباء والأشجار لم يعمق الحالة وتأريخ الشخصية إذ بدا محايدا لا حس فيه مما أفقد هذه اللقطة المهمة التي تستدعي تناوب التوتر والتأمل حتى بلوغ الذروة 0 يبلغ المنفي في ( الصدف ) حدودا من التهدم والتحطيم بالغة ، فموت الزوجة شظّى كيان الزوج إذ بقي وحيدا مع طفلته في نزل بحري يجتر أحلامه ويلقط لذات عابرات من نساء النزل اليمنيات اللعوبات حائرا يحدق في عتمة مستقبل مجهول غير قادر على الإجابة عن سؤال الذات في نهاية القصة ـ أي طريق أسلك ؟ ولكن أي جواب يشفي علة المنفي الجوهرية الواردة على لسان ( أبو جابر ) المهرب البدوي الذي عبر به الصحراء ـ اللهم العن السياسة قضيت عمري بتهريب الرجال 0 أشعر نفسي مثل حفار القبور كلما واريتهم عن الأنظار 0يلخص هذا الإحساس جوهر إشكالية المنفي إنه ميت حي.

في التجربة العراقية المعاصرة يتداخل السياسي والإنساني تداخلا بنيويا ، فالكوارث التي ألمت بالعراقيين في العقود الأربعة الأخيرة كانت أسبابها سياسية مباشرة وأدت إلى هجرات جماعية ابتدأت أوائل الستينات واستفحلت أواخر السبعينات ثم اتخذت أبعادا مأساوية في سنوات الحرب الإيرانية ـ العراقية والحروب التالية 0 أعداد كبيرة من الكتاب والفنانين العراقيين في المنفى هم أما لديهم قناعات أيدلوجية مناهضة للنظام القائم أو ممن لم يستطيعوا معايشة سلطة دموية القمع فانعكس هذا الواقع بالضرورة على الأدب العراقي بشكل عام وأدب المنفى بشكل خاص ، وسيظل الأدب العراقي منشغلا بهذه الموضوعة الحيوية إلى فترات قادمة لاستمرارية الصراع الدموي بين الناس من جهة والسلطة الوحشية من جهة أخرى 0 ولأنه لم تكتب إلا القليل من النصوص الناجحة التي تتناول هذه الموضوعة بحياد وعمق إنساني يعري وحشية هذه الصراعات وأبعادها الخطيرة والمأساوية المدمرة على الذات العراقية الفردية والجمعية فجل ما كتب ينطلق من منطلق الأيدلوجيا المضادة التي تعمي بدورها العقول والقلوب بتشجيعها العنف المضاد والحقد الني يسمونه مقدسا على الأعداء 0 ما تبقى من قصص المجموعة تنشغل بالسياسي كشخصية حيوية في التجربة العراقية لكنها كغيرها من النتاجات العراقية سواء في الوطن أو المنفى عالجت الموضوع من زاوية ضيقة أملتها إيمان الكاتب الايدلوجية التي تنظر إلى الحياة بمنظار أسود أو أبيض فقط 0 فعبد جعفر لم يستطع بلوغ نقطة الحياد الموضوعي التي تمنح الكاتب رؤيا إنسانية شاملة وعميقة غير منحازة إلا للإنسان وقد انعكس ذلك بوضوح على الأداء الفني فجاءت هذه القصص مرتبكة البناء ضعيفة فنيا ومكتظة بالجمل المصاغة دون إحساس 0 فالكاتب في ( المستنقع ) لم يلق الضوء على معاناة الجندي ـ الإنسان في محنة فاصلة كالحرب تهدد كينونته وهي المعاناة الأعمق والأشمل بل يركز على ماضي الجندي السياسي واصفا لحظة ضعفه في المعتقل هي التي كانت فاصل حياته وموته لا احتضاره عند إصابته إصابة قاتلة فهو يقول في لحظات احتضاره تلك ـ زوجتي حينما أفشيت لها سر اعترافاتي على أصحابي ، هجرتني مدة فماتت رجولتي بلا قطع ص 16 0 في ٌٌ محاولة لكتابة قصيدة ٌ يصور عبد جعفر شخصية أصابتها العنة لاغيا دورها في الحياة لانهيارها في المعتقل ومنطق الحياة والتجربة العراقية السياسية المعاصرة خصوصا يقولان غير هذا فانتزاع الاعترافات بالتعذيب عملية غير طبيعية ومئات الآلاف في تاريخ العراق السياسي الحديث تعرضوا لهذه العملية البغيظة لكنهم استمروا في الحياة وبخصوبة أيضا صحيح أنها تسبب الكثير من العذابات وتأنيب الضمير لكنها لا تلغي الإنسان 0 عندما يفترق منطق الفن عن منطق الحياة يفقد مصداقيته فمن نهر الحياة الواسع يغترف المبدع لا من بركة الأيدلوجيا العطنة ودفق الحياة الإنسانية العارم هو ما يمنح الفن غنى وعمقا وتوهجا 0 في ( نوارس بلا بر ) تشوه الأيدلوجيا والرعب الإنسان تشوها بليغا ففي قصة هي الأضعف من بين قصص المجموعة فنيا يشعر السياسي بالتوازن والسرور والأمل لموت صديق ورفيق سقي الثاليوم في المعتقل بدلا من الإحساس بالفجيعة والحزن وذلك لأنه لم يعترف عليه 0 أي يبلغ التشوه أعماق الروح لدى الأصولي المؤدلج وتنقلب قيم الحياة الروحية لديه 0 ومن الجدير بالإشارة هنا أن المجتمعات التي ترزح تحت نير سلطات قمعية تزخر بمثل هذه النماذج الشائهة روحيا 0



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاب قوسين مني- مجموعة -هدية حسين- القصصية تصدع بنيان المجتمع ...
- أصغي إلى رمادي لحميد العقابي الذات حينما تدمرها الطفولة والح ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة5
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5
- ما بعد الحب رواية هدية حسين 1
- ما بعد الحب رواية هدية حسين2
- الحرب خربت كل شيء كم كانت السماء قريبة- رواية -بتول الخضيري-
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة2
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...
- المنفي كائن مشطور بين ثقافتين العنكبوت- مجموعة -علي عبد العا ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة1
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- المتاهة قصة قصيرة
- رؤيا المدينة
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...


المزيد.....




- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية