أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3














المزيد.....

الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


في محاولة لنحت أمكنة المخيلة ووجه أخي الحبيب كفاح إبراهيم الغائب بكينونته الخاطفة، وما خلفه غيابه المرير في النفوس والأمكنة.. ليس غير الحب باعثاً على الكتابة .. ليس غيره دليلاً يوصلني إلى فوضى النفس وسديمها الغامض . عشت يومياً طوال عامين بصحبة أخي الصغير كفاح إبراهيم طالب الهندسة والرسام– الذي اعتقل وصفي في أقبية الأمن العام العراقي عام 1983 وضيعت جثته وكان عمره آنذاك لا يتجاوز الثالثة والعشرون.

التقيت به من جديد في الجوامع والبارات، في ساحة الإعدام وأمكنة الطفولة ، في أبراج عالية تعوم بين قناديل الكون وفي متاهات أبنية فخمة مدفونة في أعماق الأرض ، في البيت وفي باحة غسل الموتى … في…في.. تعانقنا ، تفارقنا ، تحاورنا، اختلفنا، أطاح بنا الوجد، تصابرنا، اكتشفت وأنا أخوض في سديمي الخاص . أي حب حبيس يفور في أعماقي لأحباب رحلوا أي حزن مقيم أورثني إياه الفقدان المتكرر للآخر .. ومع توغلي في دروب الحب والأحلام صارت الأمكنة تتشكل وفق هوى الروح في مسار لحظة الكتابة فتنفتح مثلاً أبواب بغتة في جدران غرف المخلية تضيء أدراجا صاعدة نازلة إلى باحات وأبراج، تنفتح ممرات تفضي إلى مفازات، أروقة، وجدتني أعيد صوغ حبي في الأمكنة والتجربة في نص طبع يومي بمزاجه وأخذني كلياً من وحشة الحاضر وجحيم الذاكرة ليلقي بي في طقس لذة يومية خالصة ليس لها علاقة بالحرفة – حرفة الكتابة – بل أجلس قبالة الورق برغبة ثم يصيبني هلع ورهبة فأفتعل الأعذار كي اهرب منها – الورقة – من الصمت ودوي الرأس المزدحم بالفواجع أقوم لأدور بأرجاء المكتبة عليَّ أعثر على أحدٌ ينقذني.. دون جدوى، فأعود مجبراً لأخوض في عالم الكلمات والمعاني الحاملة للأحاسيس بمزاج شاعر عامي. أكتب الجملة وأنا أرددها بهمس مسموع مصغياً لإيقاعها وصداها في نفسي فإن لم يرق لروحي أحطمها وأعيد تشكيلها المرة تلو المرة إلى أن أقع على علائقها السرية وأجدها مصطفة بنسق وإيقاع له وقع وروح ليس بحرفة عالية من لغة بليغة متينة بل بمقدار ما يكون التكوين ، النسيج ذو الإيقاع متناغم أو بعبارة أخرى السرد الذي راكمته في المشهد يوازي عمق التجربة وفعلها في النفس ، أثرها المحسوس والمعجوز عن البوح به والتعبير عن كليته المتماهية عما يختفي خلف السرد الشفاهي للأحداث ووصف المشاعر ، عمق الحب والفاجعة في النفوس ، أعيد صياغة الجملة حتى تنبعث منها نفس رائحة الأبنية والحدائق والظلال وأشكالها وروحها التي تحيا في مخيلتي…..

لست كاتباً محترفاً ولا ابغي ذلك مستقبلاً ، لا أريد نزع الحياة من كلماتي بل أريدها حية تطهرني من آثامي وآلامي وكلما عدت إلى قراءتها أجدها مطربة مثل أغنية مثل قصيدة عامية فتجدني أنط صارخاً في صمت المكتبة الجليل كلما حققت مقطعاً مشهداً سطراً سطرين أخطو بهما مقدار ذرة في غور الذات البشرية الصامتة، المقاومة المخذولة الضعيفة المستلبة المعاندة المحزونة العاشقة الكارهة. لا تهمني فخامة المفردة تكرارها غرابتها الفتها معناها إلا بمقدار ما تقودني في متاهة نفسي قبل الآخر فأنا أكتب لاكتشاف نفسي أولا، وعندما أكتب عن الآخر أتلبسه ليس مثلما يلبس الممثل دوره بل أحل به كاملاً بلحمه ودمه وأحاسيسه، لا استخدم اللغة بروح الصانع المحترف النحوي الباحث عن قوة ومتانة البناء الظاهري للجملة بل بغائيتها البدائية وهي تتخلق في روح وعقل الإنسان البدائي، الطفل عند احتكاكه بالأشياء ومحاولته محاكاتها بترميزها بالحركة – الإشارة الرسم ثم الصورة، أريد المفردة الصوت – دالة على الرائحة – الألم – الفرح – الخوف – الحفيف – الضجيج في بنى سردية تجعل القارئ يحس ويرى المشهد المتخيل كما تخيلته وشعرت بمناخه فوجدتني أنجذب دون وعي إلى مفردات وصياغات تقترب من أفعال انبثقت من احتكاك حواس الإنسان بقوى الطبيعة وأفعالها واستثقل الأفعال المركبة الأكثر تطوراً وتجريداً الحاملة مدلولات الفكر والفلسفة لم أختر أو بعبارة أدق لم أصغ جملتي السردية بوعي بل وجدتني مفطوراً عليها ومع تبلور وعي النقدي الموازي لاستقرار هاجس الكتابة وتحوله إلى هم أخذت الجملة السردية البسيطة ترتقي بالغريزة لتناسب الإحساس، وهذا أحد أسباب إعادتي صياغة السرد مرات قد أن تبلغ العشر كما أسلفت حتى أقع على الإيقاع المتسق ، فعل المفردة الأولى، براءة نغمها الهابط في الحواس بمجرد السماع..

كيف أقيّم أن النص بلغ غايته في الانفتاح والتواصل مع فضاء الإنسان وحفر في جليده المدفون في ظلمات النفوس الباردة؟

السؤال إشكالية جدية أوقعت العديد من الكتاب بوهم الكمال، فراوح نصهم بمكانه مكرراً نفسه، الإشكالية قائمة ومستمرة مادام الإبداع قائماً وحل هذه المعضلة هو من يساعدني على المغامرة بالخوض في مجاهل النفس وكونها لاكتشاف المزيد من الخبايا والأسرار والتفاصيل التي تجري سرا في الظلام أو في النفس المسكوت عنها، مازلت وسأظل في جدل محتدم مع نفسي والنص واضعاً نصب بصري



وبصيرتي حقيقة أن النص كالحياة لا كمال نهائي له بل يسعى مثلها نحو الكمال في معادلة سرمدية، والنص يكون مميزاً بمقدار جماليته وقوة تعبيره عن سمات عصره. وبمقدار ما يكون النص بسيطاً وعميقاً يكون فعال وممتع..



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...
- المنفي كائن مشطور بين ثقافتين العنكبوت- مجموعة -علي عبد العا ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة1
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- المتاهة قصة قصيرة
- رؤيا المدينة
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- السفارة العراقية ومجلس الجالية في الدنمارك: ظروف مريبة في أن ...
- فلم جلجامش 21 للمخرج العراقي طارق هاشم حكاية العراقي التائ ...
- رؤيا اليقين
- بائع خردوات في سوق هرج ومنفي عاجز في غرفة بأسكندنافيا
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات2
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 3
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4


المزيد.....




- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3