جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 1883 - 2007 / 4 / 12 - 11:42
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
ليس للأخلاق قوانين ثابتة كثبوت الشمس او القمر ولكنها تتغير مع تغير طبيعة الأنتاج البشري للمجتمعات الأثنية , وما نراه نحن عيبا لا يراه غيرنا عيبا وتتبدل الأخلاق في المجتمعات الأثنية الواحدة في بعض الأحيان وتتغير طرائق الحياة بينهم وهذا نلاحظه في مجتمعاتنا نحن الشرقيون في طرائق اللبس والزواج ومراسيم الزواج والدفن بسبب اختلاف الأنتاج بين كل تلك المجتمعات لذلك نلاحظ جدا ان بعض الناس في المجتمع الأثني الواحد يعيبون على بعضهم البعض في طرائق الحياة اليومية من حيث تبرج المرأة , علما ان المرأة المتبرجة اليوم في المجتمعات العربية تنتمي الى نفس ديانة بعض زميلاتها المحجبات او غير المتبرجات .
واول من سن للأخلاق قواعد عامة تختلف عن القواعد الطبيعية للبشر هم : الساميون الشرقيون وعلى رأسهم العرب والعبرانيون , وكانت قواعد الأخلاق عند الشرقيين لا تتشابه مع القواعد التي كانت سائدة في المجتمعات الزراعية الكنعانية .
وكانت المرأة في المجتمعات الزراعية تملك الحق في الزواج من اكثر من رجل واحد حين كان سائدا بينهم المجتمع الأمومي السمح ولكن تبدلت الأخلاق الشرقية مع بدأ تطور ادوات الأنتاج المهني والثقافي وظهور مجتمع الآباء او المجتمع البطريركي محل المجتمع الأمومي .
وكانت قواعد الأخلاق العامة تتمشى مع قواعد النظام الطبيعي للطبيعة الأم فلم تكن هنالك محرمات -تابو- ولكن بدأت المحرمات بألأنتشار حين بدأت الثقافة بأختراق قوانين الطبيعة وتحديها وتوجيهها القسري لخدمة الأنسان , ومن المعلوم لدينا ان المرأة معرفة بألطبيعة والرجل معرف بالثقافة ولا يعود تميز المرأة عن الرجل في المجتمعات الزراعية القديمة الا بسبب عدم قدرة الثقافة في العصور الحجرية على اختراق قوانيين البطبيعة اما حينما بدأت الطبيعة بالتراجع امام المد الثقافي عندها فقط بدأت المرأة بالأنصياع لقوانين الثقافة وبدأ الرجال او مجتمع الرجال بتوجيه تعاليم جديدة وسن قوانين اخلاقية جديدة تتمشى مع مجتمع العلم والثقافة .
وقد حرم الساميون زواج المحارم وبما ان المدة التي سارت بها الناس بالتمشي مع زواج المحارم اكبر واطول فترة من تحريمها تحريما قطعيا فلهذه الأسباب يقول - سيجيموند فرويد - :
ان الأنسان ما زال يحلم اثناء النوم انه يعاشر اخته او عمته او امه وهذا يعود الى ارتباط هذه الرغبة في اللاوعي و اللا شعور للانسان بشكل عام .
لأن المدة التي بدأت بها قواعد التحريم لا تتجاوز ال 5000 آلاف عام من هذا التاريخ , اي ان فترة سن تلك القواعد الأخلاقية حتى الآن لا تكفي لثبوتها .
وقد طغت الثقافة على الطبيعة لقد كان الأنسان في علاقاته الأسرية طبيعيا وعفويا ولم تكن الأخلاق الجديدة تتحكم به بل كان المتحكم به هي : مشاعره ورغباته بالمتعة مع الطبيعة .
واعظم اخلاق ساهمت بتثقيف البشر هي : الأخلاق السامية العبرية والعربية الرعويتين .
ومن يقرأ قصة نزول عشتار للعالم الأسفل فانه يلاحظ - كما يقول المفكر العربي تركي علي الربيعو - ان عشتار تخلع عند كل باب تدخله شيئا من ملابسها وأساورها وحليها :
وهذا مؤشر على ان عشتار في نزولها للعالم السفلي تتخلى عن الثقافة وعن قواعدها الأخلاقية , وان هذا التنازل يعطينا مؤشرا على ان الحياة القديمة كانت بلا قواعد اخلاقية لضبط جماح النفس البشرية التي تنشد اللذة والمتعة وما زالت الى اليوم بعض النساء يتعرضن للاغتصاب من قبل المحارم مثل :
الأب والأخ والجد والعم والخال واحيانا يكون هذا الأغتصاب ناتج عن رغبة الأناث نفسهن وليس بالضرورة ان يكون ناتج عن رغبة الذكور في اقل الحالات احتمالا .
ولا يعود هذا الأغتصاب بالضرورة ناتج عن خسة او نذالة من كلا الطرفين بقدر ما يعود الى قهر النفس البشرية للثقافة ولطغيانها في اغلب الحالات على النفس البشرية عموما .
ان الثقافة قد سنت وقعدت اخلاق جديدة وليست بالضرورة ان تكون اخلاق رفيعة فأننا ما زلنا الى اليوم نصف الأنسان الجندر الذي يتمتع بأخلاق عالية الى ع قولنا عنه : ان له اخلاق سامية او تسمو به تصرفاته وأخذنا هذا المصطلح لنصف كل شيء نبيل بقولنا في اللغة : انسان سامي او صاحب السمو وكلمة سامي وصاحب سموا مأخوذة من المجتمع السامي اي العرب والعبرانيون الساميون.
وبعض تصرفاتنا وعاداتنا الأخلاقية اليوم لا تتناسب مع معطيات المجتمعات الحديثة فأننا بتمسكنا بالأخلاق السامية نقهر انفسنا وندفعها للجموح او للانكسار العاطفي وانا لا ادعوا الى الأباحية بل الى تقعيد جديد للأخلاق تتناسب مع المجتمعات الصناعية المدنية الحديثة , لقد كان للعصر الحجري اخلاقه وللعصر الحجري الأعلى ايضا اخلاقه وللمجتمع الزراعي عاداته وأخلاقه وللمجتمع السامي الرعوي ايضا عاداته وأخلاقه وتتباين هذه الأخلاق مع تباين طبيعة الأنتاج في كل مجتمع من المجتمعات التي ذكرتها حتى كان آخرها المجتمع الصناعي وحق الجميع في الحياة الكريمة وانتشار مفهوم الحريات الفكرية والسياسية .
ومن يقرأ التوراة جيدا قراءة علمية فانه يلاحظ ان بني اسرائيل قد ارجعوا سبب انهزامهم الى الملك سليمان حين بنا معبدا لعشيقاته الكنعانيات واتهموه انه بدل دين الآباء والأجداد وانه بهذا قد صبأ ورغب عن الأخلاق السامية حين لهث خلف معشوقاته من المجتمع الكنعاني الزراعي .
وان التوراة هنا ليست مزورة ولا محرفة بل هي وصفت الواقع الأنساني كما يجب ان يوصف بعفوية صادقة ولمحت الى الصراع بين نزوات النفس البشرية ورغبتها باللذة مع صراعها من ناحية اخرى بين طغيان التعاليم الأخلاقية .
وصحيح جدا ان الديانات السامية رفعت الثقافة من الأرض الى السماء وسمت بالنفس البشرية وذللتها لرغبتها العارمة بوضع قواعد اخلاقية ودينية للسلوك البشري وللعلاقات الأسرية على نطاق واسع ومنقطع النظير
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟