أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - كُحل














المزيد.....

كُحل


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1878 - 2007 / 4 / 7 - 11:38
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة جدا
دكان العطار كعادته مزدحم بمواده المتنوعة المختلفة وبزبائنه المحتشدين.
روائح مختلفة تتشاور وتتعانق . ربما تمارس بحرية ما نخاله محرما وعيبا. على أنها جميعا تدخل خياشيمنا بذلك المشموم المعروف من البهارات المميزة والتي تضيع معها كل مسميات فروعها الأخرى.
بدأت الكلمات العالقة في الذاكرة تنهار بل تتلاشى فما عدت أمسك منها سوى نوع واحد.
ما نوع البهارات الآخر الذي نصحت بها كنّتي الشاطرة إضافة لمسحوق الفلفل الأسود ؟ ، كذلك رحت أعصر ذاكرتي.
عمدت إلى سؤال البائع ليذكر ما يتوفر لديه من البهارات. أمسكت بأول نوع نطق به فيما هو يداري تهيئة طلبات زبائن آخرين.
"أظنها كذلك !" قلت متفكرا بصوت مسموع.
" نعم بهارات ’برياني‘ بعد إن أمسكنا بذلك النوع من بهارات ’الكبّة‘."
عطست فتاة من بين ثلاث نساء وقفن ينتظرن تلبية طلباتهن. تنبه رجل عجوز مصادقا :
- تلك إشارة تؤكد صحة ما ذكرت.
صفحة وجوه النسوة تُظهر مقدار ما يملكنه من شباب وجمال ، وقفن إلى جوار جمع الرجال الذين عادة ما يحملون طلبات زوجاتهم.
نبدو كمجموعة واحدة رغم ما يميّز الجهة التي إلى اليسار بلون السواد ، ملابس النسوة المعتادة في مثل هذا المكان في زمان شاء في هكذا سوق ، مدينة ، وبلاد أو بقعة من العالم .
الجو الذي يضمنا لم يحمل تنوعا. حتى حرارة المكان ، تلك التي تختال بين فراغات جسومنا هي ذات الحرارة شرعت تمنحنا فوق ما نحن فيه دفئا لذيذا..
ربما الشيء الوحيد الذي لم يتساوق للانسجام هو أصوات الرجال عنها مما للنساء. عجبت كيف يكون لذلك الصوت الأجش وقعه المنسجم لديهن ! ربما يهذبنه داخل مطارق وسنادين آذانهن فيشذبنه ويرققنه . من هنا تأتي متعة ما يؤدينه من خدمة غير محسوبة لعالم الرجال .
أوشكت النساء الثلاث على المغادرة بعد تنفيذ طلباتهن .عادت كبيرتهن تشاور زميلتيها ولتستدير إلى العطّار تسأله بصوت رخيم كاد صوان أذني يذوب له :
- هل يتوفر كحلٌ أسود ؟
تبسمتُ في سري كيف يكون لون الكحل إذن ؟!
أعقبتها زميلتها بسؤال كدت اضحك له.
- وهل لديك كحلا رصاصيا ؟
خلتني استغربت أي مزاح قد بدأنه خاتمة لحضورهن.
سرعان ما قدم العطار ما توفر لديه ثم عقّب على استفسار أكبرهن سنّا :
- الرصاصي ، منشأه باكستان.
واصل كمن تشجع ليستفز قوانيننا وهو يتطلع إلى وجوهنا الوديعة ويداه تعملان على خلط محتويات وضعها داخل كيس شفاف:
- لدينا كحلٌ أزرق أيضا.
تساءلت أحداهن لم أميّزها . أجابها :
- عراقي.
كنت أحسب أني الوحيد من غلبه الاندهاش. عيون الرجال التقت بآلية. تساؤل وارتباك. ذلك حديث العيون وتقلصات وجوه دون نبس بنت شفة تهيبا لذلك الحضور الخاص .. هنيهة ثم يتوافق الجميع .. شيء من ابتسام تبرعم على الوجوه ملوّحا بذات الاهتمام ونوع من رضا واعتزاز ، فيما قطع صمتنا صوت جرش الطاحونة الصغيرة.
استقبلتني ابنتي تساعدني في حمل كيس الخضار. نفضت عن ملابسي غبار الطريق ، توجهت إلى المغسلة كعادتي حين أعود من التسوّق. صببت على رأسي الماء. تأملت وجهي من بين رغوة الصابون. عيناي مفتوحتان على وسعيهما. رغوة الصابون غطت معظم وجهي وتماهت مع لون شعر رأسي. أية نظافة نبتغيها من وراء كل ذلك القبح !
لم يزل عالقا في ذاكرتي مرأى تلكم النسوة وذلك الصوت الرخيم وتلك الأنواع الجديدة التي لم أسمع بها ولم تألفها جدتي التي فضّلت مادة " الجوهر" تصبغ بلونه القرمزي حافات جفونها التي فقدت معظم أهدابها.
تناهى إلى سمعي ضحك مميّز آت من المطبخ ، عقبه صوت لولدي يغالبه ضحك متواصل محبب فقد وجدها فرصة لشماتة يتحينها بمقذوفة هزتني وهو يعلن :
- صدق أو لا تصدق : طبق اليوم برياني بالكحل!



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -جو هلّ - ، وصية الشاعر المناضل الذي لم يمت
- مُزاح نهر
- يبتسمُ الرجلُ الحديدي
- آذارُكِ يا رمزنا المعطاء
- زردة
- كلكامش ، الذي رأى ، ما عاد يليق به البكاء
- د ء آ دا أر دار - الصحافة - يا تحالف يا حكومة
- قبُيبات تراب
- طموحات ملقط مهووس
- عيدُ الحبّ سمكة
- !ملاقوك يا حسين
- سمكة دون زعانفها
- وأكَلْنا شَجَرَتنا الزيتون
- كزار حنتوش - يؤيؤ أيّكتنا
- الأخير والأول معا
- فراشة المستنقعات
- قبلة من وليد حسن الإنسان الفنان الشهيد
- جوْزتُنا تَنضو ثيابها
- كفاح حبيب .. نتونس بيك وانت معانا
- عصفور المشهداني ، ديك بريمر وقندرة شارلي شابلن


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - كُحل