أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عائشة التاج - سيدي مومن والوصم الإعلامي















المزيد.....

سيدي مومن والوصم الإعلامي


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يمكن تعريف كلمة الوصم من منظور العلوم الاجتماعية بكونه هو تلك العملية التي من شأنها تثبيث صفة ما لإنسان أو مجموعة ما عبر الاستعمال اللفظي المتكرر ،وغالبا ما تندرج عملية الوصم هذه في خانة الانحراف عن القيم الاجتماعية انطلاقا من التعريف الاجتماعي و في صف الجنحة أو الإجرام انطلاقا من الزاوية القانونية .
وبالتالي فإن الإنسان الموصوم يتحول إلى مجرم بالقوة وفق منظور واصميه حتى وإن لم يكن كذلك فعليا .

هذا ما فعلته وسائل الإعلام بمختلف أنواعها بهذا الحي العظيم حيث أضحى سيدي مومن ذي شهرة عالمية
فاستوطن شبكة الانترنيت و الفضائيات الدولية و الوطنية وصفحات الجرائد والأسبوعيات والمجلات وتصدر عناوين البرامج باعتباره رديفا لأخطر تهمة في العصر الراهن : ألا و هي تهمة الإرهاب .

و قد تشكل التهمة هذه في الغد القريب رهانا سياسيا سوف يتحكم في تهافت العديد من الكيانات الحزبية أو الجمعوية التي لم يستهوها هذا الفضاء الواسع الامتداد جغرافيا وتاريخيا وديموغرافيا قبل حدث مقهى الانترنيت ،
ولعل مصائب قوم عند قوم فوائد . فالمجال يكاد يكون بكرا اللهم إلا من محاولات حديثة العهد في التنظيم الجمعوي
ظهرت بعد الحادث الإرهابي السابق .

سيدي مومن يتصدى للإرهاب :

ولعل من ثغرات الفعل الإعلامي أن لا أحد ركز على الدور البطولي الذي قام به ابن الحي الحقيقي محمد فايز وربما آخرون لم يعرفهم الإعلام و معهم سلطات الحي وسكانه جنود الخفاء في التصدي لهذه الفعلة الهمجية ،فنجت بذلك المئات وربما الآلاف من الأرواح وبالتأكيد ممتلكات باهظة و مرافق هامة كانت مستهدفة من طرف مارقين عن حب وطنهم و عملاء لجهات تبنت الكراهية دينا لها ضدا على القيم الإنسانية بأكملها فأحرى أن تدخل في خانة الدين الإسلامي الذي هو بري ء منها جملة وتفصيلا وتبنت ثقافة الموت والدمار مكان حب الحياة والأمل والبناء .

وهاهي المعلومات الحديثة تؤكد بأن الانتحاريين هم مجرد وافدين جدد على حي السكويلة الذي يقع بدوره على هامش سيدي مومن. أتوا وتدربوا من مدينة اليوسفية التي تمكن الفكر المتطرف من الاستيطان بها .*
ذلك أن عتاة ما يسمى بالفكر الجهادي والتكفيري مروا من هناك و كونوا مشتلا حقيقيا لتفريخ الانتحاريين المفترضين . كما وضح ذلك أحمد زهير (انظر الإحالة في الأسفل )
وما الدار البيضاء في نهاية المطاف إلا محطة عبور و مجالا مستهدفا بحكم إمكانياتها الاقتصادية ذات الطابع الاستراتيجي . علما أن الفاعلين الحقيقيين من منظرين و مخططين قد يوجدون خارج التراب الوطني .
وبالتالي فسيدي مومن ليس فاعلا في عملية الإرهاب بقدر ما هو ضحية لها وضحية للوصم بها مرة ثانية وهذا هو
الأخطر .






حي سيدي مومن : امتداد بشري و معماري هائل .



فحي سيدي مومن لمن تعرف عليه عبر وصم بالفقر المذقع وبالتطرف و التخلف .و الظلامية و ما إلى ذلك من نعوت مسبقة
وغير واقعية * أو على الأقل غير دقيقة يعتبر أكبر أحياء مدينة الدار البيضاء وبالتالي فهو أكبر حي في المغرب كله .
ينبسط من الناحية المجالية عبر فضاء جد شاسع يتميز بتنوعه المعماري والسكاني : ويشمل العديد من الأحياء الفرعية ذات الطابع العصري أو العادي ودوار السكويلة الذي كان يقطنه هؤلاء الانتحاريون يتموقع في ضاحية هذا الحي .
أما من الناحية الاجتماعية فساكنته تصل إلى 500000 نسمة و هي جد متنوعة من حيث تركيبتها السسيو اقتصادية.

فساكنة سيدي مومن تتشكل نواتها الصلبة من سكان كريان سنطرال سابقا : ذلك أن سيدي مومن ما هو بالفعل إلا امتداد جغرافي و اجتماعي للحي المحمدي /كريان سنطرال سابقا مشتل الوطنية الحقة والمقاومة الصامدة ضد الاستعمار حيث كتب تاريخ المغرب المستقل بدماء رجاله ونسائه الذين لقنوا المحتل أكبر دروس التضحية والإيثار عبر ملاحم متعددة في الوطنية والفداء وبالتالي فمن المفارقة السريالية أن يفرخ هؤلاء عكس هذه القيم الراسخة في تربة مسقية بدماء زكية لشرفاء الوطن .

و من ناحية أخرى فسكان حي سيدي مومن يتكونون من الطبقة العمالية التي تعرف بالكفاح والمثابرة والجد ولعلها قيم ترسخ حب الحياة والأمل كنبراس لمواجهة كل العراقيل ...حيث نجح هؤلاء في إنتاج الفنانين والمبدعين والدكاترة والقضاة والمحامين و التقنيين و مختلف أشكال المهن المحترمة والتي تعتمد الكد الحلال في عيشها اليومي.
ولعل المتجول في سوق سيدي مومن ( المعروف بمارشي لكرون ) قرب مكان الانفجار ، سوف يتفاجأ بعدد الباعة المتجولين المنحدرين من الشباب الجامعي المعطل ، الذي يكلمك بلغة أنيقة تنم عن مستواه التعليمي وأنت تبتاع منه الخضر أو الفواكه أو أية سلعة أخرى .

شباب كان إيجابيا في مواجهة عطالة مفروضة بممارسة تجارة تتناسب وقدرتهم المالية وإن لم تناسب مستواهم التحصيلي ،وهم بذلك يستحقون كل التنويه على شجاعتهم في مواجهة قساوة واختلالات الواقع .. وسياسة حكومية تجاهلتهم قبل هذه الحوادث المؤلمة ..
حيث كانت تنعدم بشكل يكاد يكون نهائيا البنيات التأطيرية من دور الشباب والثقافة ومكتبات ...علما أنه تم تدشين دار المواطنة مؤخرا .



وبالتالي فمن الظلم الجائر أن يصبح سكان هذا الحي و شبابه بالخصوص يتبرمون من الإعلان عن هويتهم السكنية خوفا من الوصم الاجتماعي الذي أنتجه وصم إعلامي حول وزر بضعة انتحاريين على عاتق
ساكنة بأكملها تكاد تشكل شعبا في دولة من الدول الصغيرة .

ويمكن القول بأن حي سيدي مومن يتميز شأن أغلب الأحياء الشعبية أو المتوسطة ببنيته الديموغرافية الشابة . ثروة بشرية هائلة تطرح بالتأكيد تحديات بالغة الأهمية على الدولة من حيث ضرورة التأطير بمختلف أشكاله سواء منه التربوي أو الاجتماعي و السياسي و الثقافي وخزانا لطاقات واعدة تنتظر الرعاية اللازمة كي تنبري كأحد مفاخر البلد ونجاحاته .

فهل ينجح هذا الوصم في تحويل الشبهة إلى فعل بناء من طرف مختلف الفاعلين ؟




ابنة الحي : عائشة التاج / باحثة اجتماعية



#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية: حب في زمن الشظايا
- إلى روح المناضلة المغربية الأصيلة : حبيبة الزاهي
- الرعونة الملتبسة لشهريار عصري
- رعونة شهريار عصري
- .قراءة في الدلالات الاجتماعية و الثقافية لظاهرة الحجاب
- كذب الصغار،كذب الكبار
- التعهير النسوي : امتداداته الداخلية والخارجية
- لنحمي شمعة الأمل من رياح اليأس .
- رفيق الزمان الهارب
- ثقافة الاستعراض و التفاخر عبر حياتنا
- أحلام نازفة.
- ضحايا الهجرة السرية بالمغرب
- أالمرأة الحديدية ،أي وصف لأية امراة ؟
- الحداثة المؤسساتية ما بين الجوهر والصورة .
- أكبر الخسارات : خسارة النفس
- تضامنا مع جريدة نيشان .الحكومة المغربية تسقط في شرك -الغوغائ ...
- تخمة العنف اللامتناهي : عنف السياسة وسياسة العنف
- تخمة الرعب اللامتناهي عبرعنف السياسة وسياسة العنف.


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عائشة التاج - سيدي مومن والوصم الإعلامي