أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم البيك - ليش يا -رميش-.. ؟














المزيد.....

ليش يا -رميش-.. ؟


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1858 - 2007 / 3 / 18 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(قد يكون العتب على قدر المحبة)
تجاهل الكثير من الكتّاب الفلسطينيين و العرب وجهاً من أوجه المعاناة التي نهشت كاهل الفلسطيني منذ اللجوء الأول. لن أخوض في أسباب هذا التجاهل و إنما سأشير فقط إلى الوجه المذكور، الملطخ بالعار و الحاد كملح عربي على جرح فلسطيني. ما أتكلم عنه هو معاناة جيل النكبة ممن هُجّروا- أشدد على الضمة و الشدة، و الفاعل ليست "اسرائيل" وحدها- هُجّروا من قراهم و مدنهم إلى خارج فلسطين. و لن أتكلم عن العصابات الصهيونية هنا، فقد نالها من السباب العربي ما أثبت تفوق العرب في البلاغة، كما في الكرم، حتى في اللعنات. ما أتكلم عنه هو اسلوب التعامل اللذي ووجه به جدّي و مجايليه ممن لجأوا إلى خارج البلد في نكبة عام 1948، و خاصة عبر الحدود اللبنانية.
ذكر الكاتب الفلسطيني مروان عبد العال في روايته "زهرة الطين" - دار الفارابي 2006- عدة أوجه لمعاناة اللاجئ الفلسطيني بعيد عبور الحدود إلى بلاد شقيقة. و ما أوجعني منها فعلاً فكان الوجه التالي: ( شقيقتها كان عمرها لا يتجاوز السنة.. و ماتت من العطش.. و هم في طريق الجلجلة، بصحبة موكب الحزن المسافر صوب الشمال... دخلوا قرية "رميش" الحدودية، طلب والدها الماء.. أجاب أهل القرية: "بأن الليتر يساوي ليرة فلسطينية". و أي ماء.. كانت تحلف دائماً بأنه مليء بالطفيليات، و كان مستنقعاً للخنازير، و هو في الأصل عبارة عن مجمع لمياه المطر. لم يستطع والدها شراء الماء!.). كان وقعُ هذه الفقرة أقسى عليّ من غيرها، و السبب في ذلك أن لجدّي اللذي هُجّر من قرية ترشيحا في الجليل الفلسطيني، حكاية مماثلة عن "رميش" ذاتها و عن قرية لبنانية أخرى هي "بنت جبيل".
كثيراً ما أجلس و جدّي سوية، يحكي لي عن طقوس المعاناة التي فُرضت على الفلسطينين قبل النكبة و أثناءها، و بعدها خاصة. حكى لي مرة بأن أهالي قرية "رميش" اللبنانية امتنعوا عن توفير ماء الشرب للاجئين، و بأنه و زوجته و أطفاله كانوا يطلبون الماء فلا يحصلون عليه إلا قذراً، يُشار بهم إلى ماء "البركة" التي تعج بالقاذورات، ليشاركوا البقر و الخراف في شربها. و لكنه حكى أيضاً بأن أحد المُهجّرين واسمه العبد سمّور، من ترشيحا، ضرب قفل بئر ببندقيته و كسره فشرب منه من قطعوا أياماً على طريق الجلجلة. و مرة بأنه، جدي، و رفاق له دخلوا مقهى في "بنت جبيل" و طلبوا ماء فلم يؤتوا به، فطلبوا قهوة جاءتهم بلا ماء. أكمل جدي بأنهم "عملوا طوشة" و أخذوا برميل ماء لنسائهم و أطفالهم تفادياً للموت عطشاً بعد تفادي الموت قتلاً و قهراً قبل عبور الحدود.
حين حكى لي جدّي ما وقع في القرية قلت في نفسي بأنها قد تكون حالة خاصة و لا تُعمم أو تصل لمستوى الظاهرة. أما و قد قرأت هذه الفقرة في "زهرة الطين" فقد زاد وجعي باحتمال ألا تكون حادثة حصلت مع جدي و رفاقه دون غيرهم من اللاجئين، بل أن "كرم" و "نخوة" أهالي القريتين طالا غيره ممن مشوا في طريق الجلجلة، و أنهما كانا معممين لورود اسم القرية و اسلوب التعامل ذاته و حتى المفردات ذاتها في رواية عبد العال المكتوبة و رواية جدي المحكية.
لم يشهد جدي تجارب و معاناة كل اللاجئين بعد رحلة اللجوء الطويلة من بيوتهم إلى مخيمات، حيث رافقهم العطش و الجوع و التشرد لعدة أيام، و لا يذكر هو كل ما شهده و عاناه، و لم يحك لي بعد كل ما تحفظ ذاكرته من أوجه المعاناة تلك، فأوجهها عندنا كثيرة، و بالمناسبة، لدي أكثر من أصبع لأشير لغير "إسرائيل".



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همس كحيفا.. أو أبرد قليلا
- بين حنين و جنون
- فيمينسونجي ... feminiswanji
- امرأة الرسالة.. لوحة تروى بالأمكنة
- من قال لم يقرعوا الجدران..؟
- تداخلات يوم واحد
- مضرّج بالأمكنة
- لقطة.. حرية
- هنا.. هناك
- عن الجليل و أيلول
- بيسارك.. على يسارك
- عالبيعة يا خيار
- قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى
- حبّ فلسطيني... في أربع ساعات
- موسيقى الكاتيوشا
- مع حبي.. ترشيحا
- في الجليل.. حياة
- أحمر أبيض
- وطن من اثنين
- غباء بكل الأحوال


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم البيك - ليش يا -رميش-.. ؟