أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم زغير التورنجي - تشي جيفارا بين الثورة المصدَّرة والنظرية الماركسية














المزيد.....

تشي جيفارا بين الثورة المصدَّرة والنظرية الماركسية


ناظم زغير التورنجي

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 21:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أبوحازم التورنجي
( قراءة في المسار والتحولات بمناسبة ذكرى أنتصار الثورة الكوبية ودور جيفارا فيها)
يُعدّ إرنستو “تشي” جيفارا أحد أكثر الرموز الثورية إثارةً للجدل في القرن العشرين. فبينما تحوّل إلى أيقونة عالمية للتمرد والتحرر، فإن مساره السياسي والفكري يكشف عن توترات عميقة بين الممارسة الثورية والالتزام النظري بالماركسية. ويبلغ هذا التوتر ذروته في قراره مغادرة كوبا، بعد أن شغل مناصب وزارية عليا، من أجل “تصدير الثورة” إلى أمريكا اللاتينية ثم إفريقيا، وهو قرار يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول هفواته الفكرية والسياسية، ومدى انسجامه مع الماركسية الكلاسيكية.
جيفارا من ثائر منتصر إلى وزير دولة
بعد انتصار الثورة الكوبية عام 1959، لم يكن جيفارا مجرد مقاتل ميداني، بل أصبح أحد أعمدة الدولة الجديدة. تولّى مناصب بالغة الحساسية، أبرزها رئاسة البنك المركزي ووزارة الصناعة. في هذه المرحلة، حاول أن يطبّق تصورًا اشتراكيًا راديكاليًا يقوم على “الحوافز المعنوية” بدل الحوافز المادية، وعلى بناء “الإنسان الجديد” القادر على التضحية من أجل المجتمع.
غير أن هذه الرؤية، رغم بعدها الأخلاقي، اصطدمت بالواقع الاقتصادي. فقد أظهرت التجربة محدودية الرومانسية الثورية عندما تُنقل إلى إدارة دولة، وهو ما أدى إلى إخفاقات اقتصادية واضحة. هنا تبدأ أولى الهفوات: ميل جيفارا إلى الإرادة الثورية والأخلاق على حساب التحليل المادي الدقيق للواقع، وهو ما يتناقض مع جوهر المنهج الماركسي القائم على فهم البنية الاقتصادية وشروط الإنتاج.
قرار الخروج من كوبا… الثورة كواجب أخلاقي
غادر جيفارا كوبا عام 1965، في خطوة مثّلت قطيعة رمزية مع الدولة التي ساهم في بنائها. وقد برّر ذلك بأن الثورة لا يمكن أن تظل محصورة في جزيرة واحدة، وأن واجب الثوري هو إشعال بؤر التمرد في العالم الثالث، خصوصًا في أمريكا اللاتينية.
لكن هذا التوجه يعكس تحولًا مهمًا في فكره: من ثوري يعمل ضمن دولة اشتراكية قائمة، إلى ثوري أممي يعتمد نموذج “البؤرة الثورية” التي تفترض أن مجموعة صغيرة من المقاتلين قادرة على تفجير الثورة حتى في غياب شروطها الموضوعية. هذه الفكرة، التي استلهمها من التجربة الكوبية، شكّلت أحد أكثر جوانب مساره إشكالية.
الهفوات الثورية في الكونغو وبوليفيا
تجلّت محدودية هذا التصور بوضوح في تجربتي الكونغو وبوليفيا. ففي الكونغو، فشل جيفارا في فهم البنية الاجتماعية والقبلية المعقّدة، واعتمد على تصور اختزالي للصراع الطبقي. أما في بوليفيا، فقد دخل في عزلة شبه كاملة عن الفلاحين، دون دعم شعبي حقيقي أو تنظيم حزبي محلي قوي.
من منظور ماركسي، يُعدّ هذا ابتعادًا واضحًا عن تحليل “الواقع الملموس”، وهو مبدأ أساسي في الماركسية. فقد أهمل جيفارا دور الحزب الطليعي، وأهمية الوعي الطبقي، وراهن بدلًا من ذلك على المثال البطولي للمقاتل الثوري، وهو رهان أقرب إلى النزعة الإرادوية منه إلى المادية التاريخية.
جيفارا والماركسية… قرب أخلاقي وبعد منهجي
لا يمكن إنكار أن جيفارا كان ماركسيًا في انحيازه للفقراء، وعدائه للإمبريالية، وإيمانه بالصراع الطبقي العالمي. غير أن ماركسيته كانت في كثير من الأحيان ماركسية أخلاقية – إنسانية أكثر منها ماركسية علمية. فقد ركّز على الوعي الثوري والتضحية والإرادة، بينما قلّل من شأن الشروط الاقتصادية، وتوازن القوى، والبنى الاجتماعية.
بهذا المعنى، اقترب جيفارا من ماركس في الهدف، لكنه ابتعد عنه في المنهج. وكان هذا الابتعاد أحد الأسباب الرئيسية لفشل مشاريعه الثورية خارج كوبا، وانتهى باستشهاده في بوليفيا عام 1967، معزولًا عن الجماهير التي كان يسعى لتحريرها.
إن مسار تشي جيفارا بعد خروجه من كوبا يكشف عن مفارقة عميقة:
ثوري صادق ومخلص لقضية التحرر، لكنه وقع في فخ تعميم تجربة استثنائية (كوبا) على واقع متنوع ومعقّد. وقد مثّلت هفواته الثورية درسًا تاريخيًا حول حدود البطولة الفردية، وأهمية الالتزام الصارم بالتحليل الماركسي للواقع المادي والاجتماعي. وهكذا يبقى جيفارا رمزًا ملهمًا، لكن تجربته تظل مفتوحة للنقد، لا للتقديس.



#ناظم_زغير_التورنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية
- كيف ستبدو مهمة الكولوبيل ستيفاني الأمريكية في العراق
- من الصراع من أجل الفوز إلى الصراع من أجل البقاء
- المثقف العراقي الى أين ؟
- ليس فقط أنهيار الزراعة في العراق بل الموت عطشا !
- الأراضي العراقية الممنوحة او المسلوبة
- المشهد الثقافي العراقي بين تقديس الغيبيات والولائية السلطوية ...
- التغاضي الأمريكي عن أنتهاكات حقوق الأنسان في العراق
- ارصدة الدولة العراقية( من عائدات النفط )تحت سيطرة وتحكم الول ...
- النفط العراقي في منظار السياسة الأمريكية
- وضع المرأة العراقية في ظل قوانين الأحوال الشخصية
- تحالف سائرون؟ في الانعاش ؟ أم أحيل على المعاش ؟
- اجراء سلطوي استفزازي ،لتصعيد القتل والقمع
- تاملات جدية في المشهد البصري
- الشيوعيون والكتلة الكبرى
- جيش وطني لدوله وطنيه مستقله
- بيادق الحرب الاعلاميه لدى المافيات الاسلاموية الطائفية
- أختطاف فتعذيب ، فاغتيال مفردات اللغة الفاشية
- الازمة العراقية ومناورات السلطة
- الانتفاضة الشعبية في العراق من الوسيلة الى الهدف والاهداف


المزيد.....




- رئيس الحكومة السودانية: نسعى للسلام ونرفض نشر قوات أممية في ...
- هل تحلل ألمانيا أم بريطانيا الصندوق الأسود للطائرة الليبية ا ...
- كأس أمم أفريقيا 2025: المغرب يتعثر أمام مالي ويؤجل التأهل لث ...
- سلسلة طعن في مترو باريس والشرطة توقف المشتبه
- عاصفة ثلجية تربك السفر في أميركا وتُلغي ألف رحلة طيران
- دول ومنظمات تدين اعتراف إسرائيل بـ-أرض الصومال-
- عودة التوتر إلى حلب.. استهداف حاجز أمني وإسقاط مسيّرات لقسد ...
- ترامب: الضربات ضد المتطرفين في نيجيريا -هدية عيد الميلاد-
- الصومال ردا على اعتراف إسرائيل بـ-صومالي لاند-: -لن نقبل أبد ...
- إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس وتوقيف مشت ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم زغير التورنجي - تشي جيفارا بين الثورة المصدَّرة والنظرية الماركسية