أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم زغير التورنجي - التغاضي الأمريكي عن أنتهاكات حقوق الأنسان في العراق














المزيد.....

التغاضي الأمريكي عن أنتهاكات حقوق الأنسان في العراق


ناظم زغير التورنجي

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 09:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"التغاضي الأمريكي عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق: بين المصالح السياسية والازدواجية الأخلاقية"

أبوحازم التورنجي

منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أصبح بلدنا مسرحًا معقدًا لتشابك المصالح الدولية والإقليمية، وميدانًا لاختبار الشعارات الأمريكية حول "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان". وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين على الغزو الاحتلال العسكري لبلدنا، ما زالت الولايات المتحدة تُتهم بأنها تتغاضى — عمدًا — عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في العراق، سواء كانت تلك الانتهاكات من قبل السلطات الرسمية، أو من قبل الفصائل المسلحة، أو في سياق بيئة سياسية وقضائية هشة. هذا التغاضي لا يُعد مجرد إهمال عابر، بل يعكس أزدواجية فاقعة و تناقضًا جوهريًا بين الخطاب الأمريكي المعلن والممارسة السياسية الواقعية على الأرض.
أولًا: جذور المشكلة – الإرث الأمريكي في العراق
تبدأ جذور الأزمة الحقوقية في العراق من السياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة منذ بداية الاحتلال.
_ تفكيك مؤسسات الدولة: حلّ الجيش والشرطة وإلغاء مؤسسات الدولة السابقة خلق فراغًا أمنيًا ساهم في انتشار الفوضى والعنف الطائفي.
_ سوء إدارة ملف السجون: فضيحة سجن أبو غريب كانت أول مؤشر على تجاهل واشنطن لمبادئ حقوق الإنسان التي تدّعي الدفاع عنها.
_ بناء نظام سياسي هش قائم على المحاصصة الطائفية، قد أنتج بيئة سياسية غير شفافة بل وموبؤة تُسهم في تفشي الفساد والانتهاكات دون محاسبة حقيقية.
ثانيًا: المصالح السياسية فوق القيم الإنسانية
تغاضي الولايات المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق يمكن تفسيره من خلال منطق البراغماتية السياسية.
- مكافحة الإرهاب كمبرر دائم: واشنطن بررت دعمها للحكومات العراقية المتعاقبة رغم سجلها الحقوقي السيئ، بذريعة أن الأولوية هي “الاستقرار الأمني ومحاربة الإرهاب”.
_ النفوذ الإيراني: في ظل تصاعد الدور الإيراني داخل العراق، فضّلت الولايات المتحدة التعامل بمرونة مع الانتهاكات لتجنب خسارة نفوذها المحدود في بغداد.
• المصالح الاقتصادية والطاقة: بقاء العراق كمصدر مهم للنفط وميدان للمقاولات العسكرية والأمنية الأمريكية جعل واشنطن أكثر استعدادًا لتجاهل التجاوزات الحقوقية طالما لم تهدد مصالحها المباشرة.
ثالثًا: الأبعاد الأخلاقية والازدواجية في الخطاب الأمريكي
الخطاب الأمريكي الرسمي كثيرًا ما يرفع راية حقوق الإنسان في العالم، لكنه يتراجع عندما تتعارض هذه المبادئ مع مصالحه الاستراتيجية.
_ في العراق، تستخدم واشنطن المعايير المزدوجة: فهي تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في دول تعتبرها خصومًا، بينما تصمت تجاه ما يجري في بلد حليف أو تابع لنفوذها.
_المنظمات الحقوقية الدولية، مثل “هيومن رايتس ووتش” و“العفو الدولية”، وثّقت مئات الحالات من التعذيب والاختفاء القسري في العراق، دون أن يصدر عن واشنطن رد فعل حقيقي.
_ هذا الصمت الأمريكي لا يضعف فقط مصداقية واشنطن، بل يُشجع السلطات المحلية على المضي في ممارساتها القمعية دون خشية من المساءلة الدولية.
رابعًا: تداعيات هذا التغاضي
نتائج الموقف الأمريكي السلبي تجاه ملف حقوق الإنسان في العراق لا تقتصر على المستوى الحقوقي فقط، بل تمتد لتؤثر على:
• فقدان الثقة الشعبية في الخطاب الأمريكي حول الديمقراطية وحقوق الأنسان
_ تعميق الانقسام الاجتماعي والطائفي بسبب غياب العدالة الانتقالية.
_ إضعاف الدولة العراقية، إذ يؤدي الإفلات من العقاب إلى تكريس ثقافة السلطة غير الخاضعة للمساءلة.
* تُظهر التجربة العراقية أن الولايات المتحدة تمارس سياسة انتقائية في تعاملها مع قضايا حقوق الإنسان، تُخضع المبادئ الإنسانية لمعادلات القوة والمصلحة. إن التغاضي الأمريكي عن الانتهاكات الجارية في العراق ليس مجرد تقصير دبلوماسي، بل هو خيار سياسي واعٍ يهدف إلى الحفاظ على توازن نفوذها في منطقة مضطربة. لكن هذا الخيار قصير النظر، إذ إن تجاهل العدالة والكرامة الإنسانية لا ينتج استقرارًا، بل يؤسس لدورات جديدة من العنف وانعدام الثقة — وهو ما يعيد إنتاج الأزمات التي تزعم واشنطن محاربتها.



#ناظم_زغير_التورنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارصدة الدولة العراقية( من عائدات النفط )تحت سيطرة وتحكم الول ...
- النفط العراقي في منظار السياسة الأمريكية
- وضع المرأة العراقية في ظل قوانين الأحوال الشخصية
- تحالف سائرون؟ في الانعاش ؟ أم أحيل على المعاش ؟
- اجراء سلطوي استفزازي ،لتصعيد القتل والقمع
- تاملات جدية في المشهد البصري
- الشيوعيون والكتلة الكبرى
- جيش وطني لدوله وطنيه مستقله
- بيادق الحرب الاعلاميه لدى المافيات الاسلاموية الطائفية
- أختطاف فتعذيب ، فاغتيال مفردات اللغة الفاشية
- الازمة العراقية ومناورات السلطة
- الانتفاضة الشعبية في العراق من الوسيلة الى الهدف والاهداف
- الدستور والقضاء وساسة الفساد في العراق
- الانتخابات العراقية هل حقا عراقية؟
- الاسلامويون والشيوعيه : الصراع والخلقيات
- العراق وقوانين الدكتاتوريات المتعاقبة
- رثاء مناضل رحل بلا تأبين


المزيد.....




- -فيلق العاصفة-.. استعراض قوة لجنود النخبة في كوريا الشمالية ...
- الولايات المتحدة تتجه نحو أطول إغلاق حكومي في تاريخها.. وترا ...
- عمره 3500 عام .. هولندا تُعيد لمصر تمثالًا -سُرق خلال الربيع ...
- لندن.. سرقة صراف آلي بطريقة غريبة؟
- تعرف على خريطة السيطرة العسكرية في إقليمَي دارفور وكردفان
- محمد خميس دودا -بطل السودان- الذي اغتالته -الدعم السريع-
- هكذا قرأت الأوساط الإيرانية مقابلة عراقجي مع قناة الجزيرة
- الدفاع المدني: 500 نداء استغاثة يوميا و71 ألف طن متفجرات تهد ...
- الحاجز العسكري الإسرائيلي.. من نقطة تفتيش إلى أداة تحكم في ح ...
- دعوة أوروبية لضبط النفس بعد فوز الرئيسة التنزانية بالانتخابا ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم زغير التورنجي - التغاضي الأمريكي عن أنتهاكات حقوق الأنسان في العراق