أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - على عسر قام عود المجد














المزيد.....

على عسر قام عود المجد


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 21:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن ما شهدته ساحة مجمع الشفاء الطبي يوم الخميس ٢٥/ديسمبر/٢٠٢٥، هو تجسيد حي لما قالته العرب قديما.. "الشدائد تنبت الفوائد". وهو ما عبر عنه أيضا أبو تمام بعمق حين قال..
ولولا اشتداد العسرِ ما اشتد يسره
ولا قام عود المجد إلا على عَسْرِ

فغزة، التي اشتد عليها العسر حتى صار واقعا يوميا، أثمرت يسرا، لكن من نوع مختلف، إنه ذلك الذي يصنعه الإنسان بعلمه وإرادته وسط المعاناة والألم والفقد، وسط الركام ورائحة الموت. هؤلاء الأطباء ال ١٦٨ الذين حصلوا على البورد الفلسطيني ضمن فوج *درع الإنسانية*، هم ثمرة تلك الشدائد، ونبت ذلك العسر الطويل. لقد قام عود المجد الطبي والإنساني في غزة على واقع مؤلم، لكنه أنبت كفاءات قادرة على حماية الحياة وسط الموت، وعلى تحويل الألم إلى رسالة.
وهكذا يأتي هذا التخرج من قلب المعاناة لا من خارجها ليؤكد أن المجد يولد وقت الشدة التي لم تكن نهاية الطريق، بل بدايته، لأن شعب غزة شعب مبادرة لا شعب انتظار. عبر بصمود حدود المأساة وصنع معنى جديدا للحياة. فأزهر الإبداع من بين الركام، ومن قلب المعاناة، فكان الدليل على قدرة الفلسطيني على النهوض كل مرة كطائر الفينيق.
هؤلاء الأطباء استطاعوا تحويل المعاناة إلى رسالة إنسانية سامية عنوانها إنقاذ الحياة وحماية الكرامة.
وما اختيار اسم *درع الإنسانية* لهذا الفوج، إلا ليثبتوا أن هؤلاء الأطباء هم خط الدفاع الأول عن الإنسان في غزة، يحملون العلم في يد، والضمير في اليد الأخرى.
وقد رأينا أطباء غزة منذ السابع من أكتوبر وإلى اليوم وكيف وقفوا في غرف الطوارئ، وفي الممرات المزدحمة، وبين صرخات الألم، يجبرون كسرا هنا ويخيطون جراحا هنا، يصلون الليل بالنهار دون طعام ودون شراب، يضعون الملح على جراح قلوبهم ماضون في رسالتهم رغم الصعوبات. ونستذكر اليوم الطبيب عدنان البرش رحمه الله الذي كان ينتقل من مستشفى إلى آخر بحسب ما كان ينتهي به النزوح، ثم اعتقاله والتنكيل به إلى أن ارتقى شهيدا في معتقلات بني صهيون بعد أن أدى رسالته على أكمل وجه. ولا ننسى الدكتور حسام أبو صفية الذي واجه الدبابة بمريول الطبيب وسماعة فعلت لأهل غزة ما لم تفعله الجيوش العربية بعدتها وعتادها، وانتهى به الأمر إلى نفس معتقلات الظلم والتنكيل، فك الله أسره.

يوم الخميس كان تخرج فوج الكرامة، رسالة تحد لكل من ظن أن الحصار والحرب قادرتان على كسر روح هذا الشعب. فقد كان الاحتفال فعل مقاومة، مقاومة بالعلم، وبالأخلاق، وبالالتزام تجاه أهل غزة. هو تأكيد أن غزة ليست فقط صورة رمادية كما تريد لها بعض قنوات الإعلام أن تظهر، بل هناك صورة مشرقة لها، إنها صورة أبنائها وبناتها الذين يصرون على البناء ولا يستسلمون للواقع المفروض عليهم.

شعب غزة شعب يؤمن بأن المستقبل يصنع بالعلم، وأن إنقاذ النفس البشرية هي أسمى أشكال الانتصار. واليوم أبناء غزة يردون على العالم الذي يحاول قياس غزة بلغة الأرقام والخسائر، ويقولون له *ما زلنا هنا، نتعلم، ونتخرج ونعالج*.
ما حدث اليوم في ساحة مجمع الشفاء الطبي، كان رسالة واضحة، أن غزة، رغم الجراح، ما زالت تنبض بالحياة، وأن أبناءها قادرون على حمل الأمانة، وصناعة الأمل، وحراسة الإنسانية.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدم البيوت في القدس..أداة صهيونية لإعادة تشكيل المدينة وفرض ...
- قواعد إطلاق نار جديدة في الضفة الغربية..الرصاص مقابل الحجر
- -كوزيت- غزة..تتمنى الموت
- من إغلاق المعابر إلى إغلاق العيون
- الإرهاب كما يراه ترامب..احتلال يبرأ ومقاومة تدان
- -بتسليم- والتهجير القسري من مناطق -ج- في الضفة الغربية
- الحصار كسلاح إبادة..غزة تغرق في شتاء ثالث
- -هاكابي- والدعوة لحرب دعائية باسم -الدين-
- دبابيس -بن غفير- رموز لتبرير الانتقام
- توماس ماسي- وجماعة الضغط الصهيوني
- جيش الإبادة وخيار الانتحار
- ردة فعل انتقامية..وعجز عن الحسم
- الاغتيالات ومأزق الاحتلال في غزة
- من -رابين- إلى -نتنياهو-..طفولة مستباحة وسياسة لا تتغير
- قرار استملاك باحة الحرم الإبراهيمي.. مرحلة جديدة من التهويد ...
- عملية -خمسة أحجار-..ماذا تخفي؟
- مقاومو رفح..إرادة تتحدى آلة الحرب
- المقاطعة الأكاديمية..ما الذي فعلته غزة؟
- حفار واحد… وآلاف الشهداء ينتظرون
- المنطقة الأمريكية -الخضراء-..مشروع لن يمر


المزيد.....




- رئيس الحكومة السودانية: نسعى للسلام ونرفض نشر قوات أممية في ...
- هل تحلل ألمانيا أم بريطانيا الصندوق الأسود للطائرة الليبية ا ...
- كأس أمم أفريقيا 2025: المغرب يتعثر أمام مالي ويؤجل التأهل لث ...
- سلسلة طعن في مترو باريس والشرطة توقف المشتبه
- عاصفة ثلجية تربك السفر في أميركا وتُلغي ألف رحلة طيران
- دول ومنظمات تدين اعتراف إسرائيل بـ-أرض الصومال-
- عودة التوتر إلى حلب.. استهداف حاجز أمني وإسقاط مسيّرات لقسد ...
- ترامب: الضربات ضد المتطرفين في نيجيريا -هدية عيد الميلاد-
- الصومال ردا على اعتراف إسرائيل بـ-صومالي لاند-: -لن نقبل أبد ...
- إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس وتوقيف مشت ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - على عسر قام عود المجد