بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 20:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال مراسم استقبال أعدها "ترامب" في "البيت الأبيض"، ذلك المبنى الذي تصاغ فيه قرارات الحرب والسلم ومصائر الشعوب، ليحتفل بما يسمى ب "الحانوكا" وهو "عيد ديني يهودي"، صرح قائلا "على جميع الدول أن تتحد لمواجهة قوى الشر الممثلة في الإرهاب الإسلامي المتطرف".
وكان مذيع أميركي خلال الاحتفال، قد وصفه بأنه "أول رئيس يهودي لأميركا"، في رسالة سياسية واضحة ترسل إلى الداخل والخارج، مضمونها انحياز عقائدي معلن، وشرعنة لدمج الدين بالسلطة في أخطر مركز قرار في العالم.
ألا يعلم "ترمب" حين يتحدث، في مراسم الاحتفال بعيد "ديني يهودي" عن ضرورة اتحاد العالم لمواجهة ما يسميه "الإرهاب الإسلامي المتطرف"، أن جذور الإرهاب المنظم في التاريخ الأمريكي تعود إلى الاستعمار الأوروبي؟؟. فما جرى للهنود الحمر كان إبادة ممنهج، قتل جماعي، تهجير قسري، وسلب للثقافة والهوية، وانتزاع الأرض بالقوة، وهذا العنف التأسيسي يستحضر اليوم كدليل على أن القوة والإرهاب كانا أداة بناء الولايات المتحدة الأمريكية، لا الإسلام كما يدعي "ترامب".
وما فعله هو إعادة إنتاج خطاب استشراقي قديم يقوم على "شيطنة الإسلام" وربطه بالعنف، في تجاهل وقح لحقيقة أن أغلب ضحايا هذا "الإرهاب" هم من المسلمين أنفسهم. فمن منا ينسى العراق وما حصل من حصد أرواح بالآلاف. ولكن الخطر الكامن في خطاب "ترامب" أنه يستخدم كغطاء أخلاقي وسياسي لتبرير جرائم موثقة ترتكبها دولة الاحتلال منذ أكثر من سبعة عقود بحق الشعب الفلسطيني، وبلغت ذروتها في غزة، حيث الحصار والتجويع والقصف والقتل الجماعي، في واحدة من أبشع صور الإرهاب الذي تمارسه دولة مدعومة بالكامل من قادة البيت الأسود.
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا، أي تطرف هذا الذي يتحدث عنه ترمب؟ وهل هناك تطرف وفاشية أعنف من نظام استيطاني عنصري يقوم على إبادة شعب، وسلب أرض، وتهجير أصحاب حق، وقتل أطفال، وفرض عقاب جماعي على شعب بأكمله؟
فإذا كان الإرهاب يقاس بعدد الضحايا، وبمدى تدمير الحياة، وباحتقار قوانين الكون جميعها، فإن ما ترتكبه دولة الاحتلال في فلسطين، بدعم سياسي وعسكري أميركي مباشر، يتجاوز كل التعريفات الممكنة للتطرف.وما خطاب "ترامب" سوى إعلان صريح عن مشروع فاشي معولم، يدار بقناع "الدين" وينفذ بقوة السلاح و"الفيتو". خطاب يعيد تعريف "الإرهاب" بما يخدم الهيمنة الأميركية، ويمنح المجرم صك براءة وفي المقابل، يجرم صاحب الحق، لانه وبحسب منطق "ترامب"، يتحول الاحتلال إلى "دفاع عن النفس"، المقاومة "إرهابا".
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟