سامح سعيد عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 03:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاستغفار ليس مجرد لفظٍ يتكرر على اللسان، بل عبادةٌ عميقة الأثر، تُعيد للإنسان توازنه، وتفتح له أبواب الرحمة، وتُغيّر مجرى حياته من الضيق إلى السَّعة، ومن القلق إلى الطمأنينة. إنها عودة صادقة إلى الله، واعتراف إنساني بالضعف، وثقة مطلقة في عفوٍ لا ينفد.
فالإنسان خطّاء بطبعه، لكن رحمة الله سبقت غضبه، وقد فتح سبحانه باب المغفرة لكل من طرقه، فقال تعالى:
﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.
وهنا يتحول الاستغفار إلى عملية تطهيرٍ للقلب، تزيل آثار الذنوب، وتمنح النفس سلامًا داخليًا يُعيد إليها قدرتها على الاستمرار والأمل.
ولا يقف أثر الاستغفار عند حدود المغفرة، بل يتجاوزها إلى تفريج الهموم وكشف الكروب. فقد قال رسول الله ﷺ:
«مَن لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
فكثرة الاستغفار تُبدّل الضيق انفراجًا، وتمنح القلب يقينًا بأن الفرج قريب مهما اشتدت الأزمات.
ويرتبط الاستغفار في القرآن الكريم بالرزق والبركة ارتباطًا مباشرًا، كما جاء في قول الله تعالى:
﴿فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارًا﴾.
فهو مفتاح الخيرات، وسبب لتيسير المعاش، ونمو النعم، وصلاح الأحوال.
وكان النبي ﷺ – وهو المعصوم – يُكثر من الاستغفار، ليُعلّم الأمة أن القرب من الله لا يُستغنى عنه أبدًا، فقال:
«والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة».
وفي هذا دعوة واضحة إلى جعل الاستغفار أسلوب حياة، وممارسة يومية تُجدّد الإيمان وتُهذّب السلوك.
ويبقى الاستغفار أعظم رسالة أمل للإنسان، مهما أثقلته الذنوب أو أنهكته الأخطاء، فباب الرحمة لا يُغلق، كما قال تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾.
إنها كلمة يسيره لكن أثرها عظيم؛ تُغيّر القلوب، وتُصلح الأحوال، وتُعيد للإنسان ثقته في الله وفي الغد. فحين يصدق الاستغفار، لا تبقى الحياة كما كانت، بل تبدأ من جديد.
#سامح_سعيد_عبد_العزيز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟