أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان محمد السعيد - هل يجوز ذبح النساء وأكلهن؟.. عن بيولوجيا الإخضاع ووراثة المهانة














المزيد.....

هل يجوز ذبح النساء وأكلهن؟.. عن بيولوجيا الإخضاع ووراثة المهانة


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 16:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


مدخل لا بد منه: لم يأتِ هذا التساؤل الصادم من فراغ، بل هو ابنة القهر والدم. يأتي هذا المقال ونحن لا نزال نلملم شتات أرواح نساء استُبيحت أجسادهن تحت مسمى "التأديب"، وأحدثهن "عروس المنوفية" التي تحول فستان زفافها إلى كفن، لا لشيء إلا لأن ثقافة "العصا" توهم الرجل أن له حق الوصاية الجسدية المطلقة. حين يصبح "الضرب" حقاً مكتسباً، تصبح "الجريمة" مجرد وجهة نظر، ويصبح الموت هو النتيجة الحتمية لمنطق الترويض.
في عصر تتبارى فيه الأمم في استعمار المريخ وهندسة الذكاء الاصطناعي، نجد أنفسنا في "عربستان" لا نزال نقف خلف قضبان الأسئلة البدائية: هل يجوز ضرب المرأة؟ وما هي مواصفات "السوط" الشرعي؟ وهل الضرب "غير المبرح" هو لمسة حانية أم إهانة مقننة؟
أمام هذا التردي، أجد نفسي مضطرة لطرح السؤال الأكثر منطقية واتساقاً مع هذا الفكر: لماذا نتوقف عند الضرب؟ هل يجوز ذبح النساء وأكلهن؟
بما أننا جردنا المرأة من صفة "الإنسان" وحولناها إلى كائن "بيولوجي" يحتاج لترويض وتقويم جسدي، فما المانع من استثمار هذا الجسد كمصدر للبروتين؟ إن المنطق الذي يقبل "العصا" وسيلة للتفاهم، هو ذاته المنطق الذي يرى في الكائن الآخر "بهيمة" تُساق، والبهائم في نهاية المطاف تُذبح وتُؤكل.
شهوة الإخضاع.. حين تصبح العصا بديلاً للعقل
لقد كتبتُ سابقاً عن "شهوة الإخضاع"، وأكدت أن العنف ليس نوبة غضب عابرة، بل هو رغبة دفينة في كسر السيادة النفسية للآخر. الرجل الذي يرفع يده ليضرب، لا يبحث عن "تأديب" كما يدعي فقهاء العصا، بل يبحث عن ترميم لرجولته المهزوزة التي حللتُ مآزقها في مقالي عن "معايير الرجولة في عربستان".
إن هؤلاء الذين يروجون لـ "الضرب غير المبرح" يستخدمون السفسطة اللغوية لتمرير "سادية" مغلفة بالدين. ففي عرف العلم والنفس، لا يوجد ضرب "خفيف"؛ لأن الألم ليس في موضع اللطمة، بل في كيمياء الدماغ التي تعلن حالة "الاستلاب". إنهم يبحثون عن "مهيضة الجناح" (تلك الشخصية التي شرحتُ جاذبيتها لضعاف الرجال في مقال سابق) ليمارسوا عليها طقوس السيادة، لأن المرأة الندية القوية تشعرهم بضآلة عقولهم التي لا تملك سلاحاً سوى العضلة.
وراثة الانكسار: نحن لا نضرب جسداً بل نشوه جيلاً
بصفتي متخصصة في المختبرات الطبية وعلم الوراثة، لا أرى "الضرب" مجرد فعل اجتماعي، بل أراه "جريمة بيولوجية" عابرة للأجيال. إننا اليوم نتحدث عن "علم التخلق" (Epigenetics)، حيث تُحفر الصدمات النفسية فوق الجينات.
عندما تتعرض المرأة للعنف والإذلال، يتغير التعبير الجيني في خلاياها. إنها لا تورث أبناءها ملامح وجهها فحسب، بل تورثهم "بصمة الخوف" و"هرمونات الإجهاد" المزمنة. نحن نحقن أطفالنا بـ "جينات المهانة" قبل أن يولدوا. فالرجل الذي يضرب زوجته، يقوم فعلياً بـ "تعديل وراثي" قسري لسلالته، لينتج مجتمعاً مهزوزاً، يقدس القوي ويستقوي على الضعيف، في حلقة مفرغة من الصدمات المتوارثة التي لا تنتهي.
إلى فقهاء "الترويض"
إن محاولتكم لتحويل "بيت الزوجية" إلى "زريبة" تتطلب السوط والزجر هي إهانة للدين قبل أن تكون إهانة للمرأة. إنكم تخاطبون "أشباه رجال" لا يستطيعون فرض احترامهم بالعقل والاحتواء، فتقدمون لهم "العصا" كتعويض شرعي عن نقص النخوة.
إن دماء "عروس المنوفية" وغيرها هي صرخة في وجه كل من قال "واضربوهن" دون أن يفقه من الإنسانية شيئاً. إن السؤال "هل المرأة إنسان أم بهيمة؟" لم يعد سؤالاً فلسفياً، بل هو واقع مرير تعيشه كل امرأة تُهدد في جسدها تحت مبرر "القوامة". وإذا كانت الإجابة هي "الإنسان"، فكفوا عن نقاشاتكم حول "مواصفات السواك"، لأن الإنسان لا يُقوَّم بالضرب، بل يُحترم بالندية.
كفوا عن تلويث جينات المستقبل بساديتكم، فالتاريخ والمختبرات لن يرحموا من حول "السكن والمودة" إلى "مسلخ" للكرامة.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السردية الكبرى: كيف يُعيد الاستعمار الاستيطاني إنتاج نفسه عب ...
- الطب النفسي كسلاح: كيف تتحول الحقيقة إلى وهم خطير
- هل -الإعلانات التي تقرأ الأفكار- مجرد مصادفة؟ تقنية عمرها نص ...
- الطفل الذهبي
- عصر الكلاب
- فارس من هذا الزمان
- حكاية ليلى
- دولة سارّاس
- عيد ميلاد الكونت دراكولا
- دكاكين ابليس
- القفص اللامرئي
- مشروع ما بعد الانسان: تعديل الجينات وزرع الغرسات الالكترونية
- حال المرأة في اليوم العالمي للمرأة
- كيف تحمين نفسك في وسط مجتمع يفتقر للشهامة؟
- الهستريا وبضع الفص .. أساليب قديمة ووسائل حديثة
- حيل الشخصية النرجسية للتهرب من المسؤولية
- إنهم يمتنون عليك بالأخذ
- بين مفهوم الستر ومفهوم التستر
- شنق الضحية وسياسة لوم الطرف الأضعف
- تحوّل من جاني إلى ضحية في ثلاث خطوات بتقنية DARVO


المزيد.....




- البرد القارس يقتل 17 فلسطينيًا/ة بينهم/ن 4 أطفال/ن في غزة
- شاهد.. أمنستي تدين -بشكل قاطع- سحب مسؤول هندي حجاب امرأة مسل ...
- المفوضية الأممية لحقوق الإنسان: العنف الجنسي يتصاعد بشكل مفز ...
- تقرير حقوقي: الاحتلال الإسرائيلي قتل 60 صحافيًا/ة في غزة خلا ...
- مفوضية حقوق الإنسان: السودانيات يتعرضن للاغتصاب بطريقة مفزعة ...
- الصحة العالمية: احتجاز “5000” مدني/ة و”70? عامل/ة في المجال ...
- اقتراح نيابي لإضافة إجازة الأبوّة إلى قانون العمل اللبناني
- 4 سنوات من الرعب الرقمي… فتاة تواجه التهديد والابتزاز وحدها ...
- الناشطة نرجس محمدي تتعرّض لضربات عنيفة خلال توقيفها
- إدانة نحو ثلاثين شخصًا بتقديم بلاغات إغتصاب كاذبة


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان محمد السعيد - هل يجوز ذبح النساء وأكلهن؟.. عن بيولوجيا الإخضاع ووراثة المهانة