|
|
تأملات في كتاب مدائن الحب والتيه للكاتب المغربي حسن الرموتي
عبد العاطي جميل
الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 21:52
المحور:
الادب والفن
ــــ تأملات في كتاب " مدائن الحب والتيه " البنية والدلالة والمتخيل ..................................................................................... استهلال أول / سؤال البداية ..................................... من قصيدة أحلام النورس الأخير ....................................................... " وحدها النوارس / تحلق عكس الريح / في موكادور / وحدها النوارس / تدرك سر الغياب / تموت على مهل / لأن البحر/ فقد شهيته للكلام .." حسن الرموتي .................................................................................................. الكاتب في سطور ..................... الكاتب المتعدد حسن الرموتي والذي لم يفقد شهيته للكلام والكتابة من مواليد مدينة الصويرة عام 1961.. أستاذ اللغة العربية ، كاتب متعدد الاهتمامات : قاص وروائي وشاعر وناقد .. نشر العديد من حواراته ومقالاته النقدية في الشعر والنثر .. أصدر مملكة القطار( قصص ) عام 2011 ونيران شقيقة 2012 ( رواية ) وكتاب الامتداد الأزرق ( رحلة العبور) 2012 ومدائن الحب والتيه 2015 ( نص سردي ) وأحلام النورس الأخير 2015 ( شعر ) .. ........................................ على سبيل التقديم ............... في البداية لابد من التأكيد على أننا أمام نص إبداعي إشكالي .. بسيط في ظاهره ، عميق بمسروداته الفنية والفكرية والنفسية وبتعدد وتداخل أنماطه الخطابية ..مما يتيح تعدد مداخل القراءة والتأويل .. وقد آثرت أن تكون قراءتي لكتاب مدائن الحب والتيه عبارة عن تأملات لأنها تفتح أفق التأويلات كما أنها تتميز بتنسيب القراءة أي أن النتائج والخلاصات التي نتوصل إليها ليست أحكاما قاطعة ونهائية ... فتتيح لي حرية أكثر في رصد الظاهر والخفي في النص . ف " ليس هناك حقائق ، بل فقط تأويلات ... " كما قال نيتشه .. فهذه المسودة القرائية المتأملة التي يسكنها الوعي بالنقصان ، قد لا يسعفها الوقت .. ولا تسعفها العبارة في التأكيد على أن لهذا الكتاب مميزات : ــ أنه كتاب خادع حتى لا أقول إنه ماكر .. يتظاهر بالبساطة لكنه : غني بقضاياه .. متعدد بأشكاله وأساليب تعبيره .. منفلت من قبضة التحديدات الأجناسية المألوفة والمتفق عليها .. مفتوح على مداخل متعددة للقراءة . تتيح مجال المقاربة لمختلف المناهج العلمية والأدبية : الاجتماعية والنفسية والسميائية والموضوعاتية والثقافية .. مختلف في لغاته الوصفية والسردية والحجاجية .. إنه كتاب ثقافي ، يضمن مختلف المستويات المعرفية الفلسفية والأدبية والفنية والنقدية والنفسية والاجتماعية .وإنه كتاب سردي يتضمن محكيات وسير للمدينة للذات الكاتبة وللشخصيات الهامشية وتاريخها غير المدون في الكتابات الرسمية . فسرد بعض أسماء الأعلام والأمكنة الواقعية والأسطورية والمتخيلة التي ورد ذكرها أو توظيفها ، يكفي للدلالة على تعدد الإحالات والمرجعيات التي يتضمنها الكتاب ك : ... أمل دنقل ، محمود درويش ، عبدالرحمان منيف ، برتولت بريخت ، فريدريك نيتشه ، آرتر رامبو ، سيزيف ، سندباد ، دانكو ، فان غوخ ، همنغواي ، أحمد المجاطي ، محمد زفزاف ، مبارك الراجي ، حسن لهبيل ، بوتوميت ، بلاك ، قرن 14 ، الكبيش ، أ . محند ، أندري جيد ، البرابرة ، موكادور ، المنفلوطي ، جبران خليل جبران ، طرفة بن العبد ، أبوالقاسم الشابي ، بدر شاكر السياب ، جيكور ، خليل حاوي ، أبوالطيب المتنبي ، جيمي هاندريكس ، أورسون ويلز ، أدونيس ، بني هلال ، أبو زيد الهلالي ، الجازية ، دياب ، العراق ، سوريا ، مصر ، تونس ، تشي غيفارا ، عبدالكريم الخطابي ، غارسيا لوركا ، جاك بريل ، الشعراء الصعاليك ، ابن زريق البغدادي ، بغداد ، بوشكين ، طاغور ، معين بسيسو ، بونابرت ، عبد الله راجع ، كافي دوفرانس ( مقهى فرنسا ) ، إدمون عمران المليح ، جان بول سارتر ، الشيطان ، النوارس ، إخوة يوسف ، بائعات الهوى ، باب مراكش ، الصويرة ، عروة بن الورد ، رجال الشرطة ، مدرسة المعلمين ، مصطفى ، الإمام علي ، أبو ذر الغفاري ، كلية الآداب ، قيس ، جميل بن معمر ، زوربا ، سيربروس ( الكلب ذو الرؤوس الثلاثة ) ، التراجيديا ، كنوز سليمان ، أطلنتيس ... أمام هذا الزخم المتراكم من المرجعيات والإحالات الثقافية ، يجعلنا أمام تساؤلات متأملة حول الأحداث والوقائع والموضوعات التي يتناولها الكتاب والتي يبدو لنا أنها تتجاوز موضوعتي الحب والتيه اللتين يحيل عليهما عنوان الكتاب ومن هنا نتساءل .. ................................. 2 ـــ فرضيات القراءة : .......................... ــ ما علاقة العنوان " مدائن الحب والتيه " بمضمون النص ؟ ، لماذا مدائن بصيغة الجمع وليس مدينة بصيغة المفرد ؟ ، وهل الكتاب لا يتضمن إلا موضوعاتي : الحب والتيه ؟ . ــ لماذا لم يجنس الكتاب تجنيسا دقيقا محددا بحسب الأنواع الأدبية المعروفة كالقصة والرواية ، فاعتبره نصا سرديا ؟ ــ ما هي دلالة تقسيم النص السردي إلى ست رؤيات ؟؟ وهل تشكل كل رؤية بنية سردية مكتفية بذاتها أم تشكل متوالية سردية ؟؟ . ــ ما هي دلالة تقسيم نص سردي إلى رؤيات ؟ وما دلالة مصطلح " الرؤية " ؟؟ وهل له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالرؤية السردية ؟؟ ( من الخلف / مع / من الخارج ) أم بالرؤية للعالم أم بالرؤية البصرية التصويرية المعتمدة على حاسة البصر ؟؟ .. هل لهذا التقسيم علاقة بالتشظي والتشذير ؟؟ ــ ما دلالة توظيف المقتبسات ، وما علاقتها بالنص السردي ؟؟ ــ لماذا يبدأ وينتهي النص السردي بالشعر ؟؟ ــ ما مضامين الرؤيات الست التي تمثل مفاصل أو أقسام الكتاب ؟؟ ــ ما مظاهر وتجليات التجريب في كتابة السرد ؟؟ ــ ما علاقة النص السردي بالنصوص غير السردية ( الوصفية ، الحوارية ، الحجاجية ) ..؟؟ ــ ما هي التقنيات السردية المهيمنة في الكتاب السردي ؟ السرد والوصف أية علاقة ؟؟ أية وظيفة ؟؟ .. والمكون الحواري أية خصوصية ؟؟ .. ــ ما طبيعة اللغة الموظفة في الكتاب ، وما مرجعياتها الفكرية والجمالية ؟؟ كيفية التشخيص الروائي للغة ؟؟ ( اللعب الهزلي / أقوال الشخصيات / المحكي المباشر / لغة الكاتب الضمني / الأجناس التعبيرية المتخللة : الرسائل ، التاريخ ، المقالة ، الوثائق ، المقطع الشعري ، المثل ، الحكمة ، الأغنية ... ) . جعل النص مفتوحا .. .................................................................................................................... في بنيات النص ............................................................................................................... تأملات في العنوان : مدائن الحب والتيه ............................................. لا شك أن للعنوان أهمية قصوى في استباق دلالة النص ، وتوجيه أفق قارئ القارئ خاصة إذا كان الكاتب هو من عنون الكتاب .. والدراسات الحديثة أعطت أهمية كبيرة للعنونة . فاعتبرت العنوان نصا موازيا يطرح مشروع قراءة مجازية . كما أن له وظيفة اختلافية في تسمية الكتب اجتنابا للخلط ( في الغرب صدرت روايتان بنفس العنوان . كتب الروائي السعودي عبد الرحمن منيف رواية شرق المتوسط وكتب الروائي المغربي رواية غرب المتوسط وبعده الروائي ربيع مبارك رواية غرب المتوسط مما أحدث ضجة في الموضوع .. ويحدث المشكل ذاته عندما تتشابه أسماء الكتاب / مثل : محمد معتصم أكثر من كاتب يحمل هذا الاسم ) . ويجمع عنوان الكتاب بين العامل المكاني المتمثل في لفظة المدائن وبين العامل الموضوعاتي المتمثل في لفظتي الحب والتيه وهو بذلك يحيل على موضوعتين أساسيتين ... رغم أن الكتاب يتضمن موضوعات متعددة ومنها : الذاكرة ، المدينة ، الطفولة ، التحول ، العري ، الفقدان والغياب ، الهامش . الكتابة ، الجنون .. فالعنوان تركيبيا عبارة عن جملتين خبريتين إخباريتين الأولى : ... مدائن الحب : المبتدأ محذوف تقديره اسم إشارة هذه .. فنقول هذه مدائن الحب .. والجملة الثانية معطوفة على الأولى وتقديرها : هذه مدائن التيه فالعنوان قد اعتمد الحذف للإيجاز .. أما دلاليا فالعنوان يحدد موضوعتين من أهم الموضوعات التي تناولها الكتاب وهما : أ ) ــ موضوعة الحب : ( المدينة / الأصدقاء / الطفولة / الحب الأول / الكتابة ...) ............................................................................................ يقول المفكر والروائي عبد الله العروي : " ... التاريخ تتابع الأحداث ، الحب تموج الوجدان . كل رواية سيرة ، إما من الحب إلى التاريخ لاكتشاف المجتمع في قلب الذات ، وإما من التاريخ إلى الحب لإنقاذ الذات من الغرق في خضم التاريخ .. " أوراق ، ص . 216 فالحب كعاطفة إنسانية ، اتخذ في كتاب مدائن الحب والتيه عدة تجليات وتمظهرات ارتبطت بالفضاء المكاني وخاصة فضاء المدينة / موكادور أو الصويرة في تاريخيتها المتحولة تحديدا . هذا الفضاء يتضمن عدة فضاءات جزئية مفتوحة ومغلقة كالبحر والمقهى تربطها علاقة ألفة واتصال وهي علاقة حميمية خصوصا عندما ترتبط بالزمن الماضي حصريا ، زمن الطفولة / زمن الذكريات البحرية اللذيذة ... والأمثلة الدالة متعددة عبر مسار النص من بدايته إلى نهايته مخترقا الرؤيات الست المشكلة لبنية النص . يقول السارد : " ... أن تجالس أصدقاءك القدامى ، أن تحكي لهم ذكرياتك مع البحر ، مغامراتك البريئة ، رسائل الحب التي كتبتها ..." ص. 11 .أما الزمن الحاضر فيحول الحب إلى مجرد وهم وهذيان وعبث وتشكيك في قيمة المستقبل . يقول السارد : " ... أنت الآن تقتنع بلا جدوى الأيام القادمة وتقتنع بأن حبك لهذه المدينة وهم في وهم ، وأن شهادة ميلادك لم تعد لها قيمة .. " ص . 44 .. يقول السارد في إحدى مخاطباته المعبرة عن هذا الحب للمدينة : " ... أيتها المدينة فيك ومنك تتوقد الشهوة والحنين ، لأنك منفاي وأتسلل كل صباح إلى عيونك ، و أغوص في شرايينك ، ولأنك وجعي وضجري، نبضي وسكوني أحتمي فيك وأقرأ في مقلتيك كل هذا الصمت ، فهل لي يا سيدتي أن أبوح لك بكل هذه الأسرار ؟. " ص . 59 / 60 ... ويقول : " ... حب هذه المدينة لا مرتبة له ، ليس عشقا وهياما ، ليس وجدا أو غراما وليس شوقا وصبوة ليس هوى ونجوى .. هو فوق كل ذلك .. " ص . 97 . ويضيف : " ... قريبا من البحر ، تبحث عن أولك ، عن توقك لهذه المدينة ، عن عشقك لها ، تكتشف أن الحب مثل اللهب ، لا يمكن إخفاؤه ، ما فتئ يظهر ثم يأتي .." ص .... ويقول : " ... هل تذكر حبك الأول ، الرسالة الأولى .. الزمن فقد بوصلته الآن في ذاكرتك وفي ذاكرة المدينة .. " ص . 84 . ومن صور الحب أيضا يقول السارد : " ... صور حبك الأول وحب هذه المدينة وحب أصدقاء الدراسة ، هل تذكر حين كنت أحيانا تكتب رسائل لأصدقائك رسائل حب لرفيقات الدراسة . كنت الوحيد الذي يعرف أسرار الحب ، وكنت تعرف قيسا وجميلا .. " ص. 87 / 88 . فالحب في كتاب مدائن الحب والتيه بإيجاز هو شعور وإحساس شباب ومعرفة بالشعر الغزلي وكتابة خدمات ، باعتبارها مشاركات وجدانية ... وقد ارتبطت موضوعة الحب في تجلياتها باستعادة الذاكرة لتجارب الزمن الماضي .. في حين أن الزمن الحاضر والمستقبل في الكتاب فموسوم بموضوعات القلق والحيرة والغضب . وقد تجاوز الكتاب الحب كموضوعة مرتبطة بالذات والمدينة والأصدقاء إلى محاولة مفهمة الحب وتعريفه . يقول السارد : " الحب ليس عاطفة وإحساسا ، الحب شيء آخر مثلما الشعر ، لا تعريف له سوى ما ندركه في خيالنا . الحب ليس انجذابا وإعجابا ، الحب يا صاح ليس فقط كيمياء الروح ، هو شيء آخر ، لم تخلق اللغة كلمات خاصة لتصفه وتعرفه .. لو كان الحب حقيقة لأدركنا حقيقة حبنا لهذه المدينة .. " ص . 97 . ب ) موضوعة التيه .ص 51 / 74 / 78 / 80 / ( المصير المجهول / الغموض / الضياع ) ( البعد الذهني والفكري ) ........................................................................................................... يحضر العنوان في نهاية المتن السردي يقول السارد : " ... كل شيء يوشك أن ينتهي ، الحب والتيه قدرنا ، الزمن لن يرجع إلى الوراء لنرسم طريقا جديدا يليق بك ، يليق بالبحر الذي يبكي دمعا حارقا .. " ص . 102 . يعكس هذا القول الرؤية المأساوية والتشاؤمية التي انسد أفق التغيير فيها ، فاستحال الحب واستعادة الزمن الضائع الذي يمكنه أن يرسم طريقا جديدا للحياة .. ............................ في بنية النص السردي / الوصفي : ....................................... يتشكل كتاب " مدائن الحب والتيه " للكاتب المغربي حسن رموتي من مائة وسبع صفحات (107 ص ). صدر في طبعته الأولى عام 2015 .. وهو ذو بنية تخضع لتقطيع ظاهر وواضح ، حيث تتخلق وتتشكل من ست رؤيات ، واستهلال شعري عبارة عن قصيدة للشاعر مبارك الراجي ، وإهداء ، فخاتمة عبارة عن نص شعري للكاتب حسن الرموتي ، وهو موقع على الشكل التالي : " ... كتب هذا النص بين 2009 و 2014 . " . هذا التحديد الزمني يثير أسئلة حول علاقته ببنية النص السردي . فهل زمن كتابة النص السردي مدائن الحب والتيه جاء موافقا لهذا الزمن ومتزامنا معه أم أن النص الشعري كان سابقا لمشروع الكتاب فجاء كملحق للختام أو للتزيين أو التوكيد على المشترك الموضوعاتي الجلي بينهما ؟؟ فهذا التحديد قد لا يؤثر جماليا على بنية الكتاب ككل . ف " ... ليس هناك بنية جيدة وأخرى سيئة ولا بنية جميلة وأخرى قبيحة ... نحن نصفها دون أن نحكم عليها .." ص . 67 . + " الرواية في القرن العشرين ، جان إيف تادييه ، ترجمة وتقديم د . محمد خير البقاعي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب . ط 1 / 1998 . ص . 67 . يشتمل كتاب مدائن الحب والتيه على عتبات عدة من أهمها على التوالي : 1 ــ استهلال / صوت البداية : نحو المحكي الشعري ............................................................ إن " بداية النص الروائي أو السردي عموما بدايات تختلف باختلاف رهانات الكاتب سواء أكان النص المنجز ذا شكل تقليدي أو كان ذا حساسية تجريبية جديدة ... ( انظر البداية والنهاية في الرواية العربية / عبدالمالك شهبون ) فعتبة البداية في كتاب مدائن الحب والتيه عبارة عن نص شعري للشاعر المغربي مبارك الراجي هذا نصه : ــ " في موكادور الريح والبحر / ولدا في آن في قماط من الرمل / منذ شعر الكون / منذ أن تعلم المطر من لوح / غمامته إشارة الرمز / وكتابة قصائد النسيان / على أجفاننا النائمة / على خفاف ظلالنا كما الحياة / في موكادور ، الريح في موكادور / مكان كمان أضعه على كتفي / هاويا في الريح مقاما بلا قرار / في موكادور البحر والريح / ولدا في آن على قماط الرمل / طافحين بأحجار الكريمة لجرح الهيولى / سرا شققنا البيوض / في سطوح البيوت المنارات / سرا جنحنا النوارس / منبتين لها في الأعالي الرفرفات / سرا أيقظنا في الأرحام نطفة زرقاء / لسلالة بحارة من ريح / سرا أبكاينا في العزلة البعيدة / في زوايا الأسئلة والقصائد . ص . 3 / 4 .. إن اختيار الكاتب حسن الرموتي لهذا الاستهلال الشعري الدال ، للشاعر المغربي مبارك الراجي سليل موكادور/ مدينة الصويرة ، محور النص السردي واهتمامات الشاعر، له أكثر من دلالة في تهييء القارئ لتلقي الكتاب ، ولاستباق دلالاته ، ووقائعة وشعرياته ...وهذه العتبة الأولى ترسل الرسالة الأولى : أن النص السردي ذو علاقة وثيقة بالفضاء المكاني البحري حيث البحر والنوارس والريح وشغب الطفولة وقد جاء التحديد والتعيين والتخصيص بالعلمية موكادور / مدينة الصويرة ، وكذلك ذو علاقة بالشعر وهو مؤشر على الحكاية الشعرية أو المحكي الشعري بلغة إيف تادييه .. le Recit Poetique .. وللإشارة فإن هذا النص الشعري في حقيقته عبارة عن مقطعين شعريين من قصيدة طويلة تتكون من ثمانية مقاطع سينشرها الشاعر مبارك الراجي لاحقا في ديوانه الثاني ترنيمة لآدم الصادر في شتنبر 2016 أي بعد عام من صدور كتاب مدائن الحب والتيه . وقد قسمها إلى قسمين عنون الشاعر الراجي القسم الأول بموغادور 1 والذي خصه بمقطعين شعريين والقسم الثاني بموغادور 2 . خصه بخمسة مقاطع مرقمة خلافا لموغادور 1 .. أما استهلال الكاتب حسن الرموتي فيتشكل من ثلاثة مقاطع شعرية بمعنى أنه قد اختار القسم الأول موغادور 1 بالإضافة إلى مقطع واحد فقط من القسم الثاني موغادور 2 .. هكذا يكون الاستهلال انتقائيا مختارا بعناية حسب ما يقتضيه مقام النص السردي مدائن الحب والتيه .. وإن كانت المقاطع الشعرية الأخرى تتضمن موضوعات أو أسماء مشار إليها في الكتاب مثل جيمي هندريس وجبران خليل جبران يقول الشاعر الراجي : ــ " جيمي هندريكس / لن أسأل " جيمي " / لم عزف القيتارة بأسنانه .". ص . 59 ( ترنيمة لآدم ) . ويضيف الشاعر : ــ " في هذه المدينة / أشعل جبران / ثقابا أزرق / ورمى به / في الطبقة العاشرة / لغابة نفسي .. " ص . 60 . ( ترنيمة لآدم ) . ويقول الكاتب حسن الرموتي عن جيمي : " ... هذه المدينة التي فتحت قلبها ذات يوم لجيمي هاندريكس . ص . 23 . وعن جبران يقول : " ... كان المنفلوطي رفيقك الأول ، قبل أن تسكنك حكمة وصوفية جبران .. ص . 20 21 ( مدائن الحب والتيه ) . وثمة تجارب سردية سابقة ابتدأت بالنص الشعري كتجربة صبري موسى في روايته " حادث منتصف متر" يقول الناقد عبد المالك شهبون عن بدايتها " ... بداية ما يميزها هو " تشكيلها الهندسي الذي هو عبارة عن كتابة نثرية بصيغة عمودية ، لكن ليس بعمود الشعر هذه المرة وإنما هو عمود سردي ... " .+ + ( عبد المالك أشهبون، البداية والنهاية في الرواية العربية ، رؤية للنشر والتوزيع ، ط 1 / 2013 (. وتجربة الناقد والروائي نبيل سليمان الذي قال : " الكتابة كانت تطمح إلى أن تبدأ بالشعر ، و به تختتم لكأنها تبسمل (...)" وهذا ما حصل في كتاب مدائن الحب والتيه بالفعل : الشعر بسملة الكتاب في عتبة البداية وعوذلته إن لم نقل مسك الختام ... " إن قضية الشعرية في النص السردي عامة والنص الروائي خاصة من القضايا التي أثارتها الدراسات النقدية لدى ميخائيل باختين وهو يتعقب الأجناس التعبيرية التقليدية والشعبية فاهتم بأسلوبية الرواية. يقول باختين : هذا ما ينطبق مثلا على الأشعار التي أدخلها جوته إلى روايته ويلهم ميستر، وكان الرومانسيون يدرجون أبياتا شعرية في الرواية بمثابة علامة مكونة للجنس الروائي ". ــ ( نقلا عن الشعري في الكتابة الروائية للدكتور محمد أدادا... ص. 20 / 21 ). وقد اهتم بالموضوع العديد من الدارسين نذكر منهم : جوليا كريستيفا عند اشتغالها على ظاهرة التناص . وجيرار جنيت في كتابه مدخل إلى جامع النص في معرض حديثه عن الاختراق الشعري للرواية والنص الموازي والتضمين . كما اهتم جون إيف تادييه في كتابه المحكي الشعري الذي يعرفه بأنه الشكل الذي يستعير من القصيدة الشعرية وسائل فعلها وتقنياتها وطرائق تعبيرها. ( المرجع نفسه .ص. 36 .+ ) .. وفي نهاية المطاف نعتبر اعتماد الكاتب حسن الرموتي على النص الشعري في بداية النص السردي ونهايته هو اختيار فني جمالي ، فأغلب الكتابات الجديدة تسعى إلى خرق المعتاد في الكتابة التقليدية ... 2 ـــ الإهداء أو البحث عن الزمن الهارب ............................................... ــ " إلى زمن مضى ... " . ــ " إلى زمن يأتي ... " . ص . 5 . يكشف الإهداء عن قصدية الكاتب الذي يوجه رسالته الثانية إلى الزمن باعتباره فاعلا وجوديا في ذاكرة السارد وإدراكه ووعيه للماضي والحاضر والآتي ...فالعلاقة جدلية بين هذه المستويات الزمنية .. التي سيوضحها الشرح والتحليل فيما بعد .. يقول الشاعر في النص الأخير من الكتاب : " ( ... ) وكراسي المقهى المهترئة / المخضبة برائحة البن والشاي/ تمتص ما تبقى من العمر الشارد/ الذي مضى،أو الذي سوف يمضي" . ص. 105 فالزمن بماضيه ومستقبله شارد ، يبشر بالتيه والحيرة .. والأمكنة مهترئة ، تبشر بالتلاشي .أصابتها الهشاشة والعجز .. هكذا خطاب الإهداء يعكس الرؤية الوجودية النقدية السلبية للزمكان في امتداده وأفقه .. ويقول السارد في موضع آخر : " ... لذلك ظل السؤال يحيرك دائما ، السؤال عن وجودك خاصة ، عن وجود هذا المكان الذي أنت فيه بالرغم منك ، المكان جزء من مأساتك وهذه الوجوه جزء من أحزانك .. " ص. 93 / 94 . أما عن الزمن فيقول : " ... يجيش فؤادك بالحنين إلى الأيام الخوالي ، تتنهد بحرقة لحاضر هذه المدينة الذي يجثم على صدرك ،أما مستقبلها سحابة سوداء طافحة باليأس والحزن والغموض ، سحابة تتسلل في غفلة منا ومن الزمن الموبوء إلى دواخلنا .. " ص . 38 .. فزمن المستقبل في جوهره زمن نفسي مأساوي يعكس الرؤية التراجيدية للذات الموزعة بين الحنين إلى الماضي وفداحة الحاضر ورداءته والذي يجعل الرؤية المستقبلية رؤية تشاؤمية أو تشاؤلية لزمن المدينة / الحلم .. يقول السارد في موضع آخر : "... زمانك أنا أعرفه ، أدرى به لأني خبرتك يوم كان زمنك بين يديك . أما اليوم ضاعت كل الأزمنة فأصبحت وحيدة ، هم يحددون الآن ما عليك فعله ، وأنت خاضعة مطأطئة الرأس مستسلمة لمشيئتك .. " ص . 95 . ................... 3 ــ الرؤية الأولى : ويمثلها نص الانطلاق الممتد عبر مسار سردي من الصفحة 6 إلى الصفحة 32 .. يستهلها الكاتب حسن الرموتي بعبارة شعرية أو سطر شعري ، منتقى بعناية خاصة للشاعر المصري أمل دنقل يقول فيه : ـــ " لا تصالح ولو منحوك الذهب " . ص . 6 هذه العبارة وحدها تكفي ، كي تنوب عن موقف الكاتب الصريح ، ورغبته في عدم المصالحة مع كل ما هو فاسد ، وعدم قبول المساومة كما هو سائد في الواقع المعيش السياسي والاقتصادي والاجتماعي .. ومن ثمة ، فهذا السطر الشعري عبارة عن خطاب مكثف ومركز ، موجه ، ومؤشر دال على الإدانة والنهي والتحذير من المصالحة مهما كان الثمن يبدو مغريا وباهظا ... والكاتب يعبر عن هذا الموقف ويضمنه في إبداعاته جميعها .. ..................................................................... 4 ــ الرؤية الثانية : هي مساحة سردية غنية ببرامجها السردية ذات الموضوعات المتعددة : عن السيرة والذاكرة والكتابة والحب والحلم والتاريخ ... وذلك من الصفحة 33 إلى الصفحة 54 .. ويستهلها الكاتب بقولة للكاتب والشاعر والمخرج المسرحي برتولت بريخت ( 1898 / 1956 ) . جاء فيها : ــ " سأكون حزينا إذا ما علمت أن مسرحياتي ستمثل بعد عشرين عاما ، فهذا يعني أن المجتمع الذي عملت على تغييره لم يتغير .. " ص . 33 .. اختيار هذه القولة لم يكن اعتباطيا أو غرضا للزيين فحسب ، وإنما كان اختيارا هادفا ، يؤكد على أن الوظيفة الأساسية للكتابة ذات قيمة مهيمنة اجتماعية تتغيا التغيير .فالعمل الفني والإبداعي يعمل على التغيير نحو الأفضل والأسمى .. ( تمر الآن خمس سنوات فقط على إصدار الكتاب ..2015 والمجتمع المغربي يتغير بالفعل لكن من سوء إلى أسوأ .. سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفنيا وتربويا بعكس إرادة الكاتب وربما القارئ المتأمل أيضا ..) هذه القولة تفيد على أن الكاتب هو أقرب انتماء إلى اتجاه " الفن للمجتمع " منه إلى اتجاه " الفن للفن" .. ........................................................................... 5 ــ الرؤية الثالثة : عبارة عن فضاء سردي وصفي ، مفعم بالمخاطبات والتساؤلات المضنية والجنون الفني والوجودي، وكذا غني بالسرد الشعبي لحكايات شخصيات رمزية ، مائزة بالطرافة والظرافة من شخصيات المدينة المسورة والمصورة ( بالسين والصاد ) أعني مدينة الصويرة مثل ( شخصية حسن لهبيل رمز التهميش والعري ... وشخصية بوتوميت رمز السب والقذف ... وشخصية قرن 14 رمز العناد والتحدي ... وشخصية بلاك رمز للتشرد و للضحك كالبكاء والانتظار العبثي على شاكلة انتظار غودو ... وشخصية الكبيش ( تصغير للكبش ) محبوبته عصاه وهو رمز للانتقام والسخرية .. ناهيك عن شخصيات أخرى يومئ إليها الكاتب وينعتها بالجراد الملون رمز الغزو والتلف وتشويه ملامح المدينة المعشوقة برا وبحرا .. وتمتد هذه المساحة السردية للرؤية الثالثة من الصفحة 55 إلى الصفحة 72 .. وقد استهلها الكاتب بقولة فلسفية للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه ( 1844 / 1900 ) . ــ " ليست حكمة العصور وحدها هي ما يسري فينا ، بل إن جنون هذه العصور ليسري فينا بالمثل ، ما أخطر أن تكون وريثا .. " نيتشه ....................... 6ـــ الرؤية الرابعة : عبارة عن خواطر ومخاطبات ومونولوجات وتساؤلات متأملة عن الجنون والمصير والحب والوحدة ، تمتد من الصفحة 73 إلى الصفحة 89 . ويستهل هذه الرؤية بخمسة أسطر شعرية للشاعر الفلسطيني محمود درويش : ــ " تنسى كأنك لم تكن / تنسى كمصرع طائر / ككنيسة مهجورة تنسى / كحب عابر / وكوردة في الثلج تنسى .. " هذا الاقتباس الشعري يتمحور حول موضوعة النسيان وهي موضوعة بنائية وبنيوية في كتاب مدائن الحب والتيه الذي يشتغل على التذكر والذكريات باعتبارها الوجود ، وعلى النسيان باعتباره العدم ومحو الهوية والشخصية ... ................................................................................... 7ــ الرؤية الخامسة : بدورها عبارة عن تساؤلات ومونولوجات عن الخلاص والتيه والحب والهوية والانتماء والطفولة .. وتمتد مساحة هذه الرؤية من 90 إلى الصفحة 99 . ويستهلها الكاتب بقولة للشاعر الفرنسي آرتر رامبو : ــ " الحياة الحقيقية موجودة في مكان آخر .. " إنه اختيار له أكثر من دلالة على حرقة البحث عن الحقيقة الضائعة .. حياة الطفولة والعشق والفرح في مدينة الصويرة البحرية حيث النوارس والريح وهي حيوات أضحت تسكن في الزمن الماضي . فتسعى الذات المتكلمة لاسترجاعها من خلال الذاكرة المشار إليها سابقا . " ما أعجب هذه الذاكرة ، هذا القانون الذي يحكمنا ، ذكريات كثيرة قصت مثلما تقص أجنحة طائر وقع في الأسر ، انمحت كما يمحو البحر في مده ما خططناه على الرمل .. " ص 33 ............... 8ـــ الرؤية الأخيرة : وهي أقصر مساحة من الرؤى السابقة لا تتجاوز خمس صفحات من الصفحة 100 إلى الصفحة 104 و تضاف إليها ثلاث صفحات شعرية من الصفحة 104 إلى الصفحة 107 وكأنها حشو يعيد مضامين سابقة لكن بلغة شعرية كلها حسرة على الطفولة الهاربة والعمر الشارد ومنها يقول : " ... ما زال ثمة جرح نازف / مثل شفق الغروب الخريفي / ينخر تجاعيد الميناء / على إيقاع دقات الساعة الرتيبة / وذكريات الطفولة الهاربة / من هسيس الريح وكراسي المقاهي المهترئة .". ( مدائن الحب والتيه ) ص 105 وهذه الرؤية السادسة والأخيرة يستهلها بقولة للروائي السعودي عبد الرحمن منيف يقول فيها : ــ " الحلم هو الشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يمارسه دون رقابة أحد .. " وبذلك يمثل الحلم في كتاب مدائن الحب والتيه سؤال النهاية / صوت النهاية .. يقول السارد : " هل آوي للجبل ليعصمني من هذه المدينة ، تعرف أنك لا تستطيع ، هي مثل ظلك ، لا تفارقك حتى في أحلامك .. فاحلم قليلا ربما تنسى همومك ." ( مدائن الحب والتيه ) ص 103 .. وكما أن الأحلام سؤال البداية أيضا حيث تبدأ الرؤية الأولى بقول السارد المتكلم : " غرباء نحن ، غرباء في هذا الوطن ، هذا الوطن الذي أعطانا قفاه وانصرف ، غرباء عن هذه المدينة التي سرقت أحلامنا كما تسرق النجوم ." ص 6 . ( نفسه ) وحده عالم الحلم والخيال من يعطي للذات الحق في التعبير والوجود لذلك كان رهان الذات الكاتبة تصر على أن الكتابة هي الملاذ الأخير . يقول السارد : " كأنك تطأ أراضي ملغومة ، تحاول أن تحلم ، تستنجد بخيالك ، لكن هدير البحر يسيطر على مجامع قلبك ، فتفزع من حلمك .." ص . 45 ( مدائن الحب والتيه ) ــ ف " التخييل ضد العدم ، لأنه ينطلق من عالم خفي أو ضائع ، ويجري خلف عالم آخر . وضمن هذا المنحى تتشكل صيغة في القراءة والتأويل ، فيصبح التخييل الاجتماعي طريقة في تأويل المجتمع بذخيرة من اللعب والاحتمالات التي هي موجودة بصيغ وأصوات مشتتة ، فيأتي السرد ليكون كونا سرديا . " ص. 7 ( الهوية والحلم في الرواية المغربية ، مختبر السرديات / البيضاء ، كتاب جماعي ، ط . 2018 ) . النهاية نهايات .. كما أن البداية بدايات .. سواء أكان النص السردي ذا بنية تقليدية أم كان ذا بنية جديدة . وكتاب مدائن الحب والتيه كتاب يتخذ شكلا دائريا حيث يبدأ بالشعر وينتهي بالشعر أيضا . لكن النص الشعري في النهاية يبدو مستقلا ومعزولا .. كتب مستقلا ما بين 2009 و2014 وهذا مظهر من مظاهر تشظي الكتاب وإن كان يشترك مع البرامج السردية السابقة في تناول نفس الموضوعات الحديث : البحر والحب وذكريات الطفولة والمدينة والتيه فالموت المؤجل يقول الشاعر : " ... وحدها الأسوار تسخر من تاريخ / مر من هنا ذات يوم / مثل رصاصة غادرة / ولم يترك لنا سوى غبار التيه / ورسائل قديمة / وموت مؤجل . " ص . 107 . ............................................................ ـــ سؤال انفلات التجنيس ............................. يسم الكاتب حسن الرموتي كتابه بكونه كتابا سرديا وهذا توصيف عام غير محدد . فأنماط النصوص السردية متنوعة تمثلها المذكرات واليوميات والسيرة الذاتية والغيرية والرواية والقصة والحكاية وغيرها .. لذلك يظل سؤال التجنيس إشكاليا .. خصوصا وأن صفة السردي+ تستدعي هيمنة الإيقاع السردي المتميز من خلال تقنيات سردية ، والتركيز على المؤشرات الزمنية وروابطها وتواتر الأفعال السردية الدالة على الماضي أو حاضر السرد ... + ( انظر دليل الإقراء المنهجي لأصناف النصوص / محمد حمود ، دراسات تربوية ، مطبعة النجاح الجديدة ، ط 1 / 2005 . ص 7 ) . فكتاب مدائن الحب والتيه يهيمن فيه الوصف حيث يتوقف السرد وتهيمن الأفعال الدالة على التكرار ، ويتم التركيز على المؤشرات المكانية لمدينة الصويرة والمؤشرات الزمنية الدالة على تحولاتها وتغير القيم الإنسانية فيها .. كما أن الأسلوب التصويري حاضر بكثافة من خلال توظيف المحسنات البلاغية وخاصة البيانية كالتشبيه والاستعارة .. إلى جانب توظيف الأساليب الإنشائية ( أفعال الكلام ) من نداء وتعجب واستفهام ... من ثمة فالكتاب يجمع بين السردي والوصفي والشعري وكذا الحجاجي الإخباري والتفسيري أيضا . من هنا يمكن اعتبار كتاب مدائن الحب والتيه نصا سرديا وصفيا أو نصا وصفيا سرديا .. فهو نص متنوع يجمع بين الشعر و الحكاية والخاطرة والسيرة والتأمل الفكري . مما يجعله نصا جديرا بالقراءة والتأمل والتحليل .. ويصعب تحديد جنسه لأنه ينفلت من ذلك .. وفي هذا الصدد يقول جيرار جونيت : " ... فحين تتجه بعض النصوص إلى إخفاء هويتها الأجناسية ، فإن ذلك يفيد قيمة التعالق بين الأنواع ، وخاصة بين الشعر والرواية ، مما يتولد عنه تعالق كبير فتولد نصوص يصعب تحديد مجالها النوعي ... " نقلا عن كتاب " الشعري في الكتابة الروائية .. د . محمد أدادا . /ص . 27 . نحن أمام الكاتب حسن الرموتي المتعدد في كتاباته جلها إن لم نقل كلها ، يعتمد العتبات النصية كأفق جمالي ودلالي يحيل على دلالات تستبق قصديات الكاتب ، وتتصادى معها ، وربما توجه أفق القارئ حتى . مما يعطي لنصه ثراء وإمكانات جمالية نصية في بنياته ودلالاته تسمه بتجريبية يصعب معها التحديد التقليدي للأجناس الأدبية .. فكيف لا ، وهو ناقد كتب حول موضوع الخطاب المقدماتي ، وكتب الشعر والقصة والمقالة والرحلة والرواية ..؟؟ . بمعنى آخر أن الكاتب يعي إواليات الكتابة وميكانيزماتها وشغبها ... ...................................................................................... صدمة العري : ( الحقيقة / الشهوة / الرغبة / التمرد والرفض ... ) ............................................................................. " عريها " ... هي صرخة مدوية جاءت بلسان الناس ، بلسان الطفولة المشاكسة والمشاغبة في الشارع العمومي .. جاءت بصيغة الأمر " عريها " . الهاء ضمير الغيبة في صيغة التأنيث .. لكن ذهن المتلقي عند سماعه لهذه العبارة يذهب ذهنه إلى المقصود وهو " العجيزة أو المؤخرة " فتوظيف الأعضاء الجنسية أو الإشارة إليها تصريحا أو تلميحا يعبر عن تكسير وتمزيق القناع الذي يضعه المجتمع الأخلاقي . ذلك أن الإنسان القديم لم يكن يخجل من عريه و " هو عندما بدأ يستر جسمه كان هدفه الحماية من الطقس ... ثم مع تقدمه أضاف إلى هذا الهدف هدفا آخر هو ستر عريه وبالذات عورته .. وهنا بدأ اقتران الخجل بالعري .." + + صدمة العري ، عزت الأمير ، مؤسسة دار الهلال ، ط 1 / 1993 . فالصرخة عبارة عن رسالة رمزية دالة على إزالة القناع والكشف عن حقيقتنا البشرية الأولى ، وإزالة مظاهر الزيف والتظاهر بالعفة .. يقول نورمان بيريل فان : " عرينا هو رمز بشريتنا " . ذلك أن العري هو ميزة خاصة بالإنسان دون سائر الحيوانات ... فلماذا نخجل عندما نتعرى ؟؟ .. لا شك أن المسألة مرتبطة بالخجل وهو قضية أخلاقية .. فاستعارة العري في النص له أكثر من دلالة مرتبطة بشخصية الهامش الساخر المشاغب الذي يخدش الحياء المزيف ... " عريها ." . فما قصدية الكاتب نفسه من وراء كتابة كتاب مدائن الحب والتيه إلا دعوة للتعرية عن الواقع المزيف الذي تعيشه المدن بصيغة علانية أو مضمرة .. يقول السارد : " ... عشت من أجل مدينة نامت في أحضان الجراد الملون والبرابرة الجدد ، مدينة بلا قلب ( كما نعتها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في ديوانه مدينة بلا قلب ..) باعت كل شيء من أجل لا شيء ، لتعيش على الهامش واليأس قبل أن تتحول إلى بلاط للرقص الرخيص وأقزام دون تاريخ يجملونها بمساحيق خادعة ، تخدع الزوار القادمين من بعيد من وراء البحار .. " ص . 86 .. فإلى متى هذا المسخ ، وهذه الازدواجية حيث يكثر الأدعياء المتظاهرون بالتقوى والورع والشرف في العلن وهم الأكثر فسادا في الخفاء ؟؟. وفي مثل هؤلاء يقول الجاحظ : " وبعض الناس إذا انتهى إلى الحر والأير والنيك ارتدع ، وأظهر التقزز ، واستعمل باب التورع . وأكثر من تجده كذلك فإنما هو رجل ليس معه من العفاف والكرم والنبل والوقار إلا بقدر هذا الشكل من التصنع . ولم يكشف قط صاحب رياء ونفاق إلا عن لؤم مستعمل، ونذالة متمكنة . " أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ . الحيوان : ج 3 / ص 40 ومن الطرافة ما قتل .. إن تضمين صرخة " عريها " أضفى شحنة انفعالية ، تجمع بين الضحك والبكاء أو ضحك كالبكاء كما قال الشاعر المتنبي : وماذا بمصر من المضحكات ولـكنــه ضحــك كالـبـكــا + + ( نقلا عن ضحك كالبكاء، إدريس الناقوري، دار النشر المغربية ،البيضاء، ط 1 / 1985. ص. 3 ) ثم إن صدمة العري أو التعرية كما يقول د . شعيب حليفي : " ... تتخذ بعدها الفلسفي الدقيق ، إذ لا يكفي أن نعري ، ونكشف عن مواطن الضعف والخلل في حدث ما ، بتضخيمه أو تقليص حجمه ، بل ضرورة الوعي بالتعرية كشكل تعبيري سيخلص إلى أسئلة تترك حيرة واستفزازا في نفس القارئ . " ص . 40 ( شعرية الرواية الفانتاستيكية ) . ..................................................................................... الحكي داخل الحكي ( محكيات هامشية ) ص. 65 ........................................................... يقول السارد متحدثا على لسان شخصية قرن 14 : " ... كان يحكي قصصا كثيرة عن البحر ، فقد اشتغل كصياد فوق إحدى سفن الصيد في أعالي البحار، يحكي ــ قرن 14 ــ أنه تسلل ذات يوم إلى سفينة عملاقة وبما أنه كان قصير القامة ، فقد اختبأ في حذاء أحد البحارة ، كان الحذاء كبيرا يصل إلى ركبة صاحبه ، فقد انسل صاحبنا إليه ــ هكذا كان يحكي بكل ثقة ــ ( ... ) وحكاياته الغرامية في هذه البلدان ، بالطبع لم نكن نصدق ما كان يقوله ، تلك كانت هلوساته ( ... ) بل مرة ونحن نتحدث عن الفلسفة ( ... ) قال بيقين : كانوا يقدمون لنا كاتبا ويقولون تفلسف عليه .. كنا نضحك ونوافقه على قوله حتى يستمر الحديث بيننا .. " ص . 64 / 65 .. هي حكايات متضمنة للهلوسة والهذيان فتأخذ طابعا غرائبيا ، فانتاستيكيا يسم الخطاب السردي بالسخرية والتعجيب حيث يجمع بين ما هو الطبيعي وبما هو فوق طبيعي .. فسرد التعجيب هذا ــ " كما يقول كرزنسكي ــ ينجز كمجازفة لبنيات استدلالية تحمل التناقض والشعور بالغريب غير القابل للقبض + وهو ما يصطلح عليه تودوروف بالحيرة والدهشة .. " ص . 14 ـــ ( شعرية الرواية الفانتاستيكية ، د . شعيب حليفي ، دار الحرف ، ط 2 / 2007 . ) . وهناك حكايات أخرى ترد عن شخصيات شعبية ، يقول السارد متحدثا عن شخصية بلاك : " ويحكى أنه مرة اقتيد إلى أحد الدور الخاصة بالمتشردين قرب هذه المدينة ، وطلب منه أحد المجانين أن ينحني ليصعد فوق ظهره ليقفز سور هذه الدار ، ووعده أنه سيعود من المدينة سريعا ، ظل بلاك منحنيا قرب السور وعندما سألوه ، لماذا يفعل ذلك ؟ أخبرهم بلاك بأنه ينتظر عودة صديقه ... أليس الجنون في النهاية هو الوجه الآخر للعقل والإبداع ؟ " ص . 65 / 66 . إن الكاتب يضمن حكايات الهامش والجنون باعتبارها أسلوبا فنيا وهو الذي يقول : " ... ولغة الإبداع ، أليست شكلا من أنواع الجنون العذب ؟ فعند الحديث بها يرقص الإنسان فوق جميع الأشياء ، ثم أليس الجنون في هذه المدينة في عمقه نوعا من الاغتراب ، والنفي والعيش على الهامش، أليس حياة هؤلاء المجانين المنبوذين هي فراغ في فراغ (...)هل تقول ما أجمل هذا الجنون ؟ .. وهذا ما يؤكده مرة أخرى على لسان أندري جيد : " إن أجمل الأشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل . " ص . 67 . ( مدائن الحب والتيه ) .. إن الكاتب حسن الرموتي وهو يسترجع هذه الحكايات ويستعيدها بلغته الساخرة ، يحاول كتابة التاريخ المهمش والمهمل لشخصيات المدينة وهو التاريخ غير الرسمي بالطبع .. يقول السارد : " أحاول الآن أن أسترجع قصص أو وجوه بعض هؤلاء ، لكن هذه الذاكرة المثقوبة لا تسعفني ، صور قليلة مبهمة أحيانا ، لازالت حاضرة ، وأجهد نفسي لأستحضرها .. " ص . 67 . وإلى جانب الرغبة في التأريخ ، فإن توظيف الفانتاستيك يحقق وظيفة سردية حيث " يخدم الفاتاستيك السرد ، ويحتفظ بالتوتر ، حيث إن حضور العناصر الفانتاستيكية يتيح تنظيما للحبكة " كما يقول تودوروف . ص . 36 ( شعرية الرواية الفانتاستيكية ، د . شعيب حليفي ) . )...( إن حبكة النص لا يستمدها من توالي الأحداث وتتابعها ، وإنما من تداخل وتفاعل وتصادي وتحاور الموضوعات / التيمات المترددة والمتكررة . فهذه العلائق تحدد حبكة النص المتجلية في علاقات السببية والمسببية وعلاقة الصراع وفق ثنائيات ضدية ( الماضي / الحاضر ) ، ( المحلي ، الذات / الأجنبي ، الآخر ) ، ( الأمل / اليأس ) ، ( الحضور / الغياب ) ، ( المركز / الهامش أو المحيط ) ، ( العجز، الاستسلام / المقاومة والتحدي) ، ( الجمال / القبح )، ( الثابت / المتحول ) ... .............. أطروحة الكتاب : البحث عن الخلاص الضائع .. ص 75 / .................................................................. يمكن رصد موضوعة الخلاص في أكثر من موضع وبأساليب مختلفة ، جسدها الكاتب في شخصيات واقعية تاريخية وأدبية وفنية ، وشخصيات أسطورية وورقية متخيلة : فالأمثلة النصية التي سنوردها ستضعنا أمام الإشكالية أو الأطروحة المحورية التي يتغياها الكتاب ، في مساره السردي والوصفي الذي يعكس الرؤية المركزية التي وزعها الكاتب في ست رؤيات . وهي إدانة ما يجري هنا والآن ..والبحث عن البديل والخلاص من خلال شخصيات خيالية وتاريخية نذكرها أبوزيد الهلالي والسندباد ةفان غوغ ...: ــــ كأسطورة سيزيف حامل الصخرة ، رمز المعاناة الأبدية .. فبحمله للصخرة يرمز لإزالة المعاناة والتخلص منها ... ــــ وشخصية السندباد المستوحاة من كتاب ألف ليلة وليلة أو من قصائد الشاعر بدر شاكر السياب . ـــ شخصية دانكو بطل رواية مكسيم غوركي الذي نزع قلبه ووضعه فوق رأسه لينير الطريق لشعبه .. فدانكو رمز التضحية ................... ــ الفنان فان غوخ الذي نزع أذنه ، وأهداها لحبيبته .............. ـــ الشاعر/ الكاتب المخلص ( الخيال والحلم ) .......................... التقنيات السردية .................. إلى جانب التقنيات السردية المألوفة كالوصف والسرد الذاتي والغيري والاسترجاع والاستباق والحوار بنوعيه الداخلي والخارجي ، قد استرعى انتباهنا توظيف أسلوب الحجاج بأنواعه ، بالشرح والتفسير والسرد والإقناع .. ويتجلى ذلك من خلال : ــ " التفسير بالهذيان والهلوسة : حيث تطفو أحداث فوق طبيعية نتيجة أفعال شخوص مصابة بالهذيان والهلوسة . فتعطي للحدث صبغة أخرى ، وقد يكون لها ارتباط بالجنون ، كما قد يكون هذا الهذيان حالة عرضية تنتاب شخوص الرواية ، فيتمادى في الهلوسة وتخلط الواقعي بالمتخيل " ( نقلا عن د . شعيب حليفي ، شعرية الرواية الفانتاستيكية ، ص. 95 . ) .يقول السارد في هذا الصدد : " ... لم نكن نصدق ما كان يقوله ، تلك كانت هلوساته التي اختلطت فيها الحقائق بالأوهام . " ص . 64 ( مدائن الحب والتيه ) . ــ " التفسير بالجنون : حيث يقترب الجنون من التحليل الذي لامسته الدراسات الحديثة ، وجعلته ظاهرة فلسفية أكثر منها ظاهرة نفسية .. وخير مثال نسوقه هو شخصية حسن لهبيل الذي " ... كان كثير الابتسام والضحك في كثير من الأحيان ، كان نفسه لا يعرف لماذا يضحك .. " ص . 61 . " ... فكان لا يتردد في أن يرفع عباءته إلى أعلى رأسه ، لتنكشف عورته ، ليختفي الأطفال من أمامه .. " ص . 62 . ( نفسه ) . وشخصية قرن 14 الذي يعكس الرؤية من الداخل باعتباره ساردا مختلا يصور حقيقته الداخلية من خلال بسطه لمجموعة من الحوادث والأفعال ( تسلله إلى سفينة عملاقة / اختباؤه في حذاء أحد البحارة / حكاياته الغرامية التي اختلطت فيها الحقائق بالأوهام / تفلسفه على الكاتب ... ) . السيرة بين الذاتية والغيرية ( تاريخ المدينة من تأريخ الذات ) ....................................................................... من خلال تتبع المتن الحكائي لكتاب مدائن الحب والتيه نلاحظ أن ثمة تطابقا أحيانا ما بين الكاتب حسن الرموتي بلحمه ودمه مع الشخصية الرئيسية الورقية المتخيلة في النص والتي لا تحمل اسما ومع السارد رغم اعتماد تقنية الالتفات وهي الانتقال من ضمير إلى ضمير من المتكلم بصيغة المفرد والجمع إلى صيغة المخاطب المفرد أو إلى ضمير الغائب وهذا مؤشر دال على الطابع السيري وفق منظورالناقد الفرنسي فيليب لوجون الذي يعتبر التطابق المشار إليه من مستلزمات السيرة الذاتية . ومن الأمثلة الدالة على هذا التطابق أيضا الفضاء المكاني والزماني الحقيقيان لأحداث النص ، مدينة موكادور / الصويرة مسقط رأس الكاتب وفضاء طفولته وعشقه .. يقول السارد : " .. (...) الخلاصات النصية ................... ــ كتاب مدائن الحب والتيه عبارة عن نص سردي وصفي .يتميز بتداخل الأشكال التعبيرية . فهو نص مفتوح .. ينفلت من قبضة التصنيف والتجنيس ...ويبدو أنه أقرب إلى سيرة المدينة على اعتبار أنها محور الكتابة من البداية إلى النهاية شعرا ونثرا .. سردا ووصفا .. وهو أقرب إلى المحكي الشعري على اعتبار أنه نص استعاري يوظف لغة الشعر وتقنياته .. فاللغة فيه لغة بلاغية ، انفعالية تقوم على توظيف المحسنات البيانية خاصة كالتشبيهات والاستعارات .. مما يضفي عليها شعرية خاصة .. لا تغرق في الخيال بل تظل مرتبطة بالواقع المعيش والمحلوم به المفتقد .. ـــ النص غني بالإحالات والمرجعيات التي تنتمي لمختلف الفنون الجميلة والفلسفة والنقد والاجتماع .. فإذا كان بعض الكتاب يغلبون الإيديولوجي على الجمالي أو العكس ، فإن الكاتب حسن الرموتي استطاع أن يجمع أو يوفق بين هذه المعادلة الصعبة ، بين الاحتفاء بالجمالي من خلال توظيفه للغة الشعرية أو المحكي الشعري بلغة إيف تادييه وبين الاحتفال بالإيديولوجي والفكري من خلال القضايا الوجودية والاجتماعية المصيرية للإنسان في صراعاته . وهذا التوليف بين الجمالي والإيديولوجي يقوم على خطاب التذويت الذي اعتمده الكاتب في كتاب مدائن الحب والتيه .. ـــ يتضمن أشكالا تعبيرية أخرى الحكاية والأسطورة والأمثال والأغنية والفلسفة وغيرها مما يجعله جامع النص بمفهوم جيرار جونيت ... ـــ النص يتميز بتذويت الخطاب السردي لغة ورؤية فردية أو جماعية .. والتذويت كما يقول الناقد حسن المودن : " ... هو خطاب من خلاله تقول الذات كلامها واستيهاماتها وشكوكها وأحلامها وآراءها وأسئلتها وتمزقاتها .. ". ( الكتابة والتحول ، منشورات اتحاد كتاب المغرب .ط / نونبر 2001 . ص . 11 .) . ــــ يمكن اعتبار نزوع الكاتب حسن الرموتي نحو تخطي تقنيات السرد التقليدي إلى تكسير خطية الحكي وتجاوز كرونولوجية الحدث وتجاوزه أحيانا شكلا من أشكال التجريب ، وهو تحرر من سطوة وسلطة النموذج والبحث عن اختيارات جمالية أخرى دون إحداث قطيعة وهمية . فالكاتب حسن الرموتي ربما هو مرتبط بذاكرة الطفولة والمكان والتاريخ أيما ارتباط ، بخلاف ما ذهب إليه الناقد والروائي محمد أمنصور في معرض حديثه عن تحريض جماعة القصاصين الشباب المقبلين على خوض غمار التجريب القصصي حين دعا إلى : ـــ " ( ... ) ــ التحرر من عقدة الذاكرة ، فنحن جيل بدون ذاكرة ... لا نعرف لا تاريخ المغرب ولا تاريخ القصة القصيرة ... ونستطيع ، فقط أن نؤرخ لتاريخ الوجدان المهيكل بالشوماج والعطالة والتعطل والعطب في الدخول إلى التاريخ أو الجغرافيا " + + ( شهوة القصص ، أوراق من مفكرة قاص تجريبي ، دار الحرف للنشر والتوزيع ، القنيطرة ،ط 1 / 2007 . ص . 44 ) والكتابة في نهاية المطاف تبقى في جوهرها صنعة تميزها القابلية على الانفتاح والكشف والانزياح والاختلاف .. مما جعل كتاب مدائن الحب والتيه أقرب إلى رواية اللاشخصية ، ذلك أن المدينة في الكتاب هي التي تنظم النص السردي من بدايته إلى نهايته بل هي التي تعطيه حبكته . وتستدعي الشخصيات بمميزاتها . ـــ وأخيرا أقول للكاتب حسن الرموتي مشيرا إلى الأقنعة المتعددة التي نراها في الواقع المعيش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفني والتي ترعى في فساد النهب والاستعباد والاستبداد والريع باسم المقدسات والوصايا والخلافة : " عريها .. عريها " .. ............................................................................................... التوقيع : عبد العاطي جميل أبو أصيل ( شاعر / ناقد ) ... ................................................................ 9 ــ من المراجع والمصادر ................................ 1 ــ د . مرشد أحمد ، أنسنة المكان في روايات عبدالرحمن منيف، دار التكوين / ط 3 / 2009 . 2 ــ د .عبد المالك أشهبون ، البداية والنهاية في الرواية العربية ، رؤية للنشر والتوزيع ط 1 / 2013 . 3 ــ د . عبد الملك أشهبون ، عتبات الكتابة في الرواية العربية ، دار الحوار ، ط1 / 2009 . 4 ــ شعيب حليفي ، هوية العلامات في العتبات وبناء التأويل ، محاكاة للدراسات والنشر والتوزيع ، ط 1 / 2013 . 5 ــ عبد الرحيم العلام و محمد قاسمي ، الرواية المغربية المكتوبة بالعربية / الحصيلة والمسار 1942 / 2003 . منشورات وزارة الثقافة ، ط 1 / 2003 . 6 ــ جوليا كريسطيفا ، علم النص ، ترجمة فريد الزاهي ، دار توبقال للنشر ط 2 / 1997 . 7 ــ بوريس أوسبنسكي ، شعرية التأليف / بنية النص الفني وأنماط الشكل التأليفي ، المجلس الأعلى للثقافة ، ترجمة سعيد الغانمي و ناصر حلاوي ، ط 1 / 1999 . 8 ــ د . محمد أمنصور ، استراتيجية التجريب في الرواية المغربية المعاصرة ، شركة النشر والتوزيع المدارس ، الدار البيضاء . ط 1 / 2006 . 9 ــ محمد شكري ، بول بوولز وعزلة طنجة ، شركات طوب للاستثمار والخدمات ، ط 1 / 1996 . 10 ــ عبد الإله قيدي ، تفاعلات التأصيل والتحديث في الرواية العربية بالمغرب ، منشورات ما بعد الحداثة ، ط 1 / 2005 . ص . 245 . 11 ــ د. محمد أدادا ، الشعري في الكتابة الروائية ، منشورات مجموعة الباحثين الشباب في اللغة والآداب ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية / مكناس .2007 . 12 ــ جان ـ إيف تادييه ، الرواية في القرن العشرين ، ت . وتقديم د . محمد خير البقاعي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط 1 / 1998 . ص . 122 / 123 . 13 ــ د . عبدالفتاح الحجمري ، الكحل والمرود ( الوصف في الرواية العربية ) ، دار الحرف / القنيطرة ، ط1 / 2007 . 14 ــ د . حسن المودن ، 15 ــ كمال أبو ديب ، في الشعرية مؤسسة الأبحاث العربية ، لبنان ، ط 1 / 1987 . ص . 17 . 16 ــ د . عبد الجليل بن محمد الأزدي ، تزفيتان تودوروف ، المغترب المتمرد ووحدة المتعدد ، مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف ، ط1 / مارس 2019 . ص . 88 / 89 . 17 ــ عبد المالك أشهبون ، البداية والنهاية في الرواية العربية ، رؤية للنشر والتوزيع ، ط 1 / 2013 . ص . 300 / 301 . 18 ـــ جوليا كريستيفا ، علم النص ، ت . فريد الزاهي ، م . عبد الجليل ناظم . ، دار توبقال للنشر ، ط 2 / 1997 . 19 ــ س .لايموفا ــ س .زينكين ، بلا غد كونديرا بين بلزاك ودينون ، ترجمة :أشرف الصباغ وتقديم : فرانتشيك، المجلس الأعلى للثقافة ، ط1 / 2002 . 20 ــ تودوروف ، بارث ، إكو ، أنجينو ، في أصول الخطاب النقدي الجديد ، ترجمة وتقديم : أحمد المديني ، عيون المقالات ، ط 2 / 1989 . 21 ــ كمال أبو ديب ، في الشعرية ، مؤسسة الأبحاث العربية ، ط 1 / 1987 . ................................................................................................
#عبد_العاطي_جميل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من بريد الظمإ
-
طفل مكتف بذاته
-
عن هامش آزمور
-
من زوادة العطش
-
من إشارات رغبتها
-
من رغبتها الجامحة
-
من مخاطبة شقية
-
من زاوية أخرى
-
من حبر عاشق
-
كوني كما تشائين
-
من صمتها العاشق
-
من ضياع جميل
-
من حق العصافير أن تتظاهر وتتضافر ..
-
من فم فبراير المرير
-
من لزوميات حبر ـ 2 ــ
-
من لزوميات حبر
-
امرأة نحوية
-
من مقام الصمت ..
-
من شطحات حبر انتظار
-
من شجرة اكتظاظ
المزيد.....
-
بالصورة..كاريكاتير عن نتنياهو وغزة يهز أوروبا!
-
هولندي يفوز بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرا
...
-
أول عيد ميلاد بدون ديان كيتون.. صنّاع فيلم -The Family Stone
...
-
احتفالية في عمان بمناسبة اليوم العالمي لعائلة اللغة التركية
...
-
فنان هولندي يفوز بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يعبر عن
...
-
هولندي يتوّج بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يفضح الإبادة
...
-
وفاة الممثل الأميركي بيتر غرين.. العثور على نجم أدوار الشر م
...
-
-إحدى أعظم ألغاز الأدب-.. دراسة تستكشف سر وفاة جين أوستن عام
...
-
مدير الإدارة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب: ضرورة الحفاظ
...
-
متحف -غريفان- بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ
...
المزيد.....
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
المزيد.....
|