أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى صامت - شعار -الجزائر جزائرية-... و المغالطات الأيديولوجية














المزيد.....

شعار -الجزائر جزائرية-... و المغالطات الأيديولوجية


مصطفى صامت

الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 12:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأيام الأخيرة، انزعج بعض الجزائريين من ذوي التوجّه العروبي-المشرقي من رفع جريدة "الخبر" لشعار "الجزائر جزائرية"، وسارعوا إلى مهاجمته بدعوى أنه "شعار ديغولي" وأن "الجزائر عربية إسلامية" هو الشعار الوحيد المقبول لديهم.

لكن المشكلة ليست في الشعار، بل في الجهل بالسياق التاريخي وفي قراءة التاريخ قراءة مُقتطَبة بقصد التوظيف الأيديولوجي فالمصطلح ليس فيه أي دلالة فكرية إقصائية ضد أحد لنشاهد كل هذا الغضب والإستنكار والجدل الدائر حوله واذا كان من اختراع ديغول فهل هذا كافي لنبذه ؟

أولاً: السياق التاريخي لظهور الشعار
الشعار لم يكن "ابتكارًا ديغوليًا"، بل اعترافًا بالهزيمة الاستعمارية أمام صمود الثورة التي انتقل خطرها حتى إلى قلب المتروبول الفرنسية وقد سبق ديغول إلى هذا الشعار ما مناضلوا ما عُرف بالأزمة البربرية خلال أزمة حزب الشعب الجزائري عام 1949 حينها تبنّى مصالي الحاج لأول مرة في أدبيات الحزب مصطلح "الجزائر العربية الإسلامية"، مما دفع بأنصار التوجه الأمازيغي داخل الحزب إلى تبنّي شعار "الجزائر جزائرية" كتحييد هوياتي يرضي جميع الأطراف. غير أن مصالي واصل تعنّته واستعمل القوة في فرض أفكاره.

ثانياً: التحوّل في خطاب ديغول
من المعروف تاريخياً أن ديغول قد رفع شعار "الجزائر فرنسية" مثله مثل كل قادة الإدارة الكولونيالية. "الجزائر فرنسية" و قد كان شعارًا سياسياً واجتماعياً لطبقة المستوطنين الفرنسيين وجزء من الجيش الفرنسي الذين أرادوا إبقاء الجزائر كأقسام داخل الجمهورية الفرنسية. هذا الشعار ظهر بقوة في سنوات الخمسينيات وما قبل 1958.
فخطابات ديغول قبل هذا التاريخ كانت كلها مؤيدة لـ«الجزائر فرنسية». في صيف 1958، كان شعاره «Vive l’Algérie française!»، وهذا لأسباب سياسية آنية تمثلت في تهدئة الجيش والمستوطنين وضمان الاستقرار الداخلي.
لكنه بمرور الوقت، اعتمد سياسة انتقالية نحو الحق في تقرير المصير، ثم صيغاً مثل «Algérie algérienne»، التي تعكس تحولاً من إبقاء الجزائر داخل فرنسا إلى قبول مستقبل سياسي جزائري مستقل أو ذاتي التحديد.

ظهور هذا الشعار في خطاب ديغول سنة 1959 جاء في سياق تاريخي خاص تمثّل في:
استسلام فرنسا الرسمية للأمر الواقع الذي فرضته الثورة الجزائرية والمتمثل في استمرار العمليات العسكرية، معركة الجزائر (1957) هجومات الشمال القسنطيني، وتأسيس الحكومة المؤقتة (1958).تحرك هيئة الأمم المتحدة وبداية الحديث عن جرائم فرنسا في الصحافة الدولية.

بفعد سنوات من القتال (1954–)، تبيّن أن حلًّا عسكريًا نهائيًا ومستدامًا غير مضمون خاصة مع تكاليف الحرب المهددة للاقتصاد الفرنسي، تعب الرأي العام، وإصرار ومناعة الحركة الوطنية جعلت البقاء بالقوة أمرًا باهظًا ومرفوضًا حتى من الفرنسيين الذين رفضوا إرسال أبنائهم للموت في الجزائر.

وهناك يظهر ديغول، كقائد براغماتي، أدرك أن حسماً عسكريًا نهائيًا سيكلّف فرنسا الكثير، الأمر الذي جعله يفضّل حلًا يسمح بانتقال منتظم وتحاشي كارثة تُجرّ فرنسا ، بينما كان بإمكانه حماية المصالح الفرنسية بحل سياسي . هذا ما جعله يطلق شعار "الجزائر جزائرية" في 1959، ليس كمشروع فكري منه، بل انسحابًا سياسيًا من مشروع “الجزائر فرنسية” واعترافًا باستحالة هزيمة الثورة، وكرسالة للأقدام السود بأن عليهم قبول واقع جديد.

ثالثاً: موقف جبهة التحرير والمستوطنين
جبهة التحرير لم تعارض هذا المشروع (شعار الجزائر جزائرية)، بدليل أن فكرة طرد الأوروبيين بعد الاستقلال لم تكن واردة في اتفاقيات إيفيان. في المقابل، حاربت الفكرة من طرف المستوطنين، واعتبروها خيانة من ديغول وتنازلاً منه لجبهة التحرير، الأمر الذي جعلهم يُنشئون منظمة الجيش السري (OAS) الإرهابية.

رابعاً: العالمية والتكييف السياسي للمصطلحات
من يتهم “الجزائر جزائرية” بأنه شعار فرنسي يتجاهل أن الثورة نفسها استلهمت مصطلحات فرنسية.

إذا كان شعار "الجزائر جزائرية" قد وُظِّف من طرف ديغول في سياق أراد فيه جمع كل مكونات الجزائر ("مسلمين وأوروبيين ويهود") تحت مظلة فرنسية، فأين الإشكال إذا استعملناه نحن اليوم في سياق جامع لكل الجزائريين تحت مظلة الجزائر المستقلة؟ ما دام أنه شعار سياسي، فإن المصطلحات السياسية ليست حكراً على أحد؛ فهي عالمية، بدليل أن الحركة الوطنية نفسها قامت باستلهام جل مصطلحاتها السياسية من أدبيات الثورة الفرنسية، ومنها:

- مصطلح "الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية" مأخوذ من: "فرنسا جمهورية... ديمقراطية اجتماعية" الواردة في دستور الجمهورية الثالثة والرابعة.

- مصطلح “جبهة التحرير الوطني” استُلهم من “اللجنة الفرنسية لتحرير الوطن” (CFLN).

- “الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية” استُلهمت من “الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية” (GPRF).

- “المجلس الوطني للثورة الجزائرية” جاء من “المجلس الوطني للمقاومة الفرنسية” (CNRF).

- بل حتى عبارة “إقامة دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية”، ورد أصلها قبل الثورة في مؤتمر حزب فرحات عباس سنة 1951، وهو حزب متأثر بعمق بالفكر السياسي الفرنسي.

فهل يعني هذا أن الثورة الجزائرية “فرنسية”؟ وهل علينا رفض كل أدبياتها؟


الحقيقة التي لم يُدركها الذين أزعجهم اليوم شعار "الجزائر جزائرية" هي أنهم وضعوا أنفسهم وبدون وعي في مكان الأقدام السود الذين رفضوا هذا الشعار الجامع والمحايد. فكما كان معارضو هذا الشعار في 1959 يطالبون بجزائر فرنسية غربية مُقصِين بذلك السكان الأصليين للجزائر ("المسلمين / الاندجان") ، يعارضه هؤلاء المؤدلجون اليوم في 2025 من أجل جزائر عربية/مشرقية مُقصِين بذلك السكان الأصليين للبلد الأمازيغ.



#مصطفى_صامت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروبة الفينيقيين بين التاريخ الأكاديمي وترهات الأيديولوجيا
- ما الذي جعل نشطاء الحركة الأمازيغية يصنعون راية أمازيغية ؟
- عنتر بن شداد الوهراني الذي هزم جيشا من ألف رجل لوحده !
- ماسينيسا أم حنبعل ... من أدخل الرومان الى شمال إفريقيا ؟
- الحراك بين حلم جزائر الغد ومخاوف السقوط في الدولة الاسلامية ...
- الحراك بين حلم جزائر الغد ومخاوف السقوط في الدولة الاسلامية ...
- الحراك بين حلم جزائر الغد ومخاوف السقوط في الدولة الاسلامية ...
- أسماء حمبلي، أوراسية تخترق منطقة اللامفكر فيه بالقول أن الإن ...
- مؤرخوا البلاط أو مؤرخوا زوج دورو كما يسميهم الجزائريون ، محم ...
- القومية العربية والفينيقية في لبنان والدور الفرنسي لإسقاط ال ...
- بلغاريين في الجزائر دون علم المؤرخيين ؟؟
- خرافة عروبة الفينيقيين والدجل التاريخي للعروبيين في الجزائر
- حراك 22 فيفري بالجزائر ... خلفيات وتحديات
- لماذا تتربع ولاية تيزي وزو على قائمة الناجحين في شهادة البكا ...
- أسئلة غير بريئة في فرضية الأصل المشرقي للامازيغ
- اذا كانت العربية لغة الجنة بعد الممات كما يدعون ويعدون فإن ت ...
- اذا كانت العربية لغة الجنة بعد الممات كما تدعون وتعدون فإن ت ...
- ظاهرة الماك (MAK) في الجزائر ليست إرهابا إنما تعبير صارخ ودل ...
- لمذا تدفع منطقة القبايل الجزائرية ثمن تضحياتها كل مرة ؟
- مشكلة عثمان سعدي مع رأس السنة الامازيغية .


المزيد.....




- بعد رقم قياسي من الهجمات المميتة.. كيف تتعامل اليابان مع أزم ...
- يحافظون على التقليد.. قطار سانتا يملأ قلوب 300 طفل سحرًا وبه ...
- أردوغان يعلق على دور -مجلس السلام- بشأن غزة والهجمات على الس ...
- أطفال غزة يموتون من البرد، والقوة الدولية -قد تنتشر الشهر ال ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصواريخ -كينجال-.. وترامب يوفد مبعوثه إل ...
- تعديل قانوني في الإمارات خاص بالأطفال مجهولي النسب
- بعد الحكم بسجن المعارضة التونسية عبير موسي... الحزب الدستوري ...
- المحامي علي البجاوي: الحكم ضد عبير موسي -جائر ولا يستجيب للم ...
- جماعة كولومبية مسلحة تفرض حظر تجول ردا على تهديدات ترامب
- تركيا تستعد لاستضافة ثلاث قمم دولية كبرى عام 2026


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى صامت - شعار -الجزائر جزائرية-... و المغالطات الأيديولوجية