حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 12:28
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الخاتمة الكبرى: السحر والكينونة... مفارقة الوجود التي تُلزمنا بإعادة تعريف الواقع
لقد إستعرضنا على مدار هذا البحث المعمق لأكثر من ثلاثمائة إشكالية، التوترات الدقيقة والمعقدة التي تحكم علاقة السحر بـالكينونة (Ontology). لم يكن الهدف هو إصدار حكم قاطع، بقدر ما كان تفكيكًا طبقيًا لكيفية تشابك الفعاليات السحرية مع جوهر الوجود، وحدود إمكانية الوعي أو الإرادة البشرية في إعادة تشكيل هذه الكينونة. لقد كشفت الإشكاليات المطروحة عن أن السحر، بوصفه محاولة لإرغام الواقع أو إختراق قوانينه المادية والمنطقية، يمثل في جوهره تحديًا مزدوجًا. حيث يطرح السحر إمكانية وجود طبقة من الواقع تتجاوز الإدراك الحسي والعلمي، طبقة يمكن التفاعل معها عبر آليات غير قياسية. هذا يفتح الباب للتساؤل؛ هل الكينونة ثابتة ومغلقة، أم أنها مرنة وقابلة للتأثر بـالقوة الخفية (Occult Force) التي يزعم السحر التعامل معها؟ حيث يضع السحر الكائن البشري في موقع الفاعل الذي يسعى لتجاوز حدوده الوجودية. إن فعل الساحر هو في حقيقته محاولة لتأكيد إرادة الوجود (Will to Exist) في وجه الحتمية والقدر. في الختام، يمكن القول إن العلاقة بين السحر و الكينونة لا تزال عالقة في مفارقة فلسفية عميقة؛ فإما أن يكون السحر وهمًا يعكس قصور الإدراك البشري، وعندها تظل الكينونة ثابتة ومحصنة. أو أن يكون السحر، في بعض تجلياته، فعالية حقيقية، وعندها يجب علينا إعادة النظر بشكل جذري في تعريفنا للـوجود (Being)، وللإمكان (Possibility)، وفي نهاية المطاف، إعادة تعريف معنى الذات الفاعلة في هذا الكون. إن هذا البحث ليس نهاية المطاف، بل هو إيذان بضرورة فتح حوارات جديدة تستكشف، بما هو أبعد من الثنائيات التقليدية (الإيمان/الشك)، كيف يمكن للمفاهيم التي نعتبرها هامشية، كالسحر، أن تلقي بظلالها الفلسفية على المركز الوجودي لأعمق أسئلتنا. ولعل أشد هذه الظلال قتامة هو ما يربط بين الفعل السحري وبين مواجهة العدم ذاته، حيث يصبح السحر محاولة يائسة أو جريئة لتأكيد المعنى في وجه خواء الوجود المطلق.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟