أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الديمقراطية والسلطوية.. هل يجتمعان؟















المزيد.....

الديمقراطية والسلطوية.. هل يجتمعان؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 13:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يتابع قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير المسبوقة في ولايته الثانية، يقع في حيرة مفادها، هل انزلقت الولايات المتحدة إلى السلطوية؟ وماذا عن النظام الديمقراطي الذي مضى على إنشائه وتطوره قرنان ونصف القرن من الزمن؟
‏أقول ذلك وأعرف أن في الولايات المتحدة دستور ومؤسسات عريقة وقوانين وقضاء وحريّات وانتخابات، وكل ذلك صحيح، لكن الصحيح أيضًا أن العالم أخذ يحبس أنفاسه يوميًا ويراقب بدهشة قرارات الرئيس ترامب وسياسته الداخلية والخارجية، وبعضها يبدو ارتجاليًا وغير مدروس ويثير أزمة دولية أو داخلية.
فعلى الصعيد الخارجي، وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال: أن الولايات المتحدة ستسيطر على غزّة وستتملّكها وتعيد توطين سكانها الفلسطينيين لتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط. كما أصدر عقوبات ضدّ المحكمة الجنائية الدولية وفرض رسومًا على الصين وعدد من دول العالم، وانسحب من بعض مؤسسات الأمم المتحدة، وطالب أوكرانيا بتوفير المعادن النادرة للولايات المتحدة مقابل 300 مليار دولار قدّمها لدعم حربها مع روسيا، وأوقف المساعدات لجنوب أفريقيا وقرّر عدم حضور قمة اﻟ 20 التي ستنعقد فيها. كما قاطعت واشنطن قمّة كوب 30 للمناخ المنعقدة في البرازيل. والأكثر من ذلك فقد هدّد هيئة الإذاعة البريطانية BBC باتخاذ إجراء قانوني ومطالبتها بالتعويض (مليار دولار) عن فيلم وثائقي من إنتاج بانوراما بمبرر أنها لم تنقل خطابه حرفيًا.
وبعد لقائه بالرئيس فلاديمير بوتين وإشادته به في ألاسكا قال: أشعر بخيبة أمل كبيرة إزاءه، وسأقوم بعمل ما، في حين كان قد بشّر العالم بأنه سيحلّ القضية الأوكرانية بغضون أسبوع، وكان يفترض عقد قمة بين الرئيسين الروسي والأوكراني، لكن ذلك لم يحصل على الرغم من وعوده، بل أنه أعلن في 31 تشرين الأول / أكتوبر 2025 باستئناف بلاده تجارب الأسلحة النووية بعد توقّف دام لأكثر من 30 عامًا
أما على الصعيد الداخلي فتصرّف ترامب مثل أي نظام شمولي فقام بإرسال قوات إلى مدن أمريكية وظلّ يندّد بخصومه ويهاجم هيئات يفترض أنها مستقلة مثل البنك الاحتياطي الفيدرالي، ووصل الأمر به إلى التدخّل في نزاع خاص بلعبة الغولف، وأمر بإزالة الإشارات الخاصة بالتغيّر المناخي من مواقع حكومية وإلغاء التصريح الأمني للرئيس بايدن، وأخيرًا وليس آخرًا اتّخذ قرار بتغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، مبررًا ذلك بتحقيق النصر والقوّة، وعمل بكل جهده لتغييب المعارضة، حتى لتبدو الديمقراطية وكأنها تسير في طريق السلطوية.
أعرف أن ثمة تحدّيات تعرّضت لها الديمقراطية في العديد من البلدان، فهذه ليست المرّة الأولى، فأدولف هيتلر الزعيم النازي الألماني وصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، لكنه اتجه بها نحو الفاشية، وقاد بلاده، بل والعالم أجمع، إلى حرب عالمية أُزهقت فيها أرواح ما يزيد عن 60 مليون إنسان.
اعتقدتُ لزمن غير قصير أن الديمقراطيات قادرة على إعادة ترميم نفسها وإزالة ما علق بها من شوائب وتشويهات بممارسة المزيد من الديمقراطية، وحسب الزعيم البريطاني ونستون تشرشل "إن الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم باستثناء كل الأشكال الأخرى التي تم تجربتها"، لكن مثل هذا الاعتقاد أخذ الشك يتسلّل إليه بقوّة بعد سيطرة التيارات الشعبوية المتعصبة
‏والمتطرفة والعنصرية، التي وصل بعضها إلى السلطة في العديد من الدول الأوروبية، ولعلّ مواقفها الأخيرة من حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل في غزة منذ أكثر من عامين خير دليل على ذلك، على الرغم من مبادرة ترامب لوقف إطلاق النار.
ومن تجربتي العملية والأكاديمية، أدركت الآن وأكثر من أي وقت مضى أن الديمقراطية ليست صيغة حكم مثالية، بل تحتاج باستمرار إلى مراجعة ونقد وتصحيح وتحديث آليات عمل جديدة تتناسب مع تطوّر المجتمعات وتنميتها، وهي اليوم تتعرّض إلى تحديات جديّة وامتحانات مصيرية تتعلق بمستقبلها، وثمة نقاشات منذ ربع قرن تجري في أوساط أكاديمية وفكرية غربية بشأن واقعها ومسارها، فالانتخابات لوحدها قد لا تأتي بالنتائج الإيجابية المرجوّة، وكثيرًا ما يصل إلى السلطة من هو غير مؤهّل لإدارتها، وإذا وصلنا إلى مثل هذا الاستنتاج عبر تجارب دول متقدّمة، فما بالك بدول العالم الثالث التي هي بحاجة ماسة إلى التنمية قبل كلّ شيء!
وتبرز هنا صيغة عرفتها الثقافة العربية – الإسلامية قبل قرون من الزمن، وأعني بذلك "أهل الحلّ والعقد" ، وهي هيئة تتألف من مستشارين وخبراء واختصاصيين وشخصيات وازنة، وهؤلاء خارج دوائر المنافسة، ولا يخضعون لآلياتها، ولكن يمكنهم أن يسهموا مساهمة جديّة في تعزيز إدارة الدولة وتصحيح مسارها، وبالطبع هذه ليست الصيغة الوحيدة فثمة صيغ أخرى عديدة ومتنوّعة وتتناسب مع خصوصية المجتمعات وتطوّراتها، وهو ما تستطيع أن تبلوره التجارب الدولية المختلفة، خصوصًا في البلدان التي أخذت تشكّك بالديمقراطيات القائمة التي تخفي وراءها حكم النخبوية الأوليغارشية.
أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر بعض الكتب التي ناقشت إشكاليات الديمقراطية ومستقبلها في الغرب مثل "مشكلة الديمقراطية" (ألان دي بينوا) و"الديمقراطية الشعبوية" (جون لوكاس)، و"الجانب المظلم من الديمقراطية" (مايكل مان) و"قضية ضدّ الديمقراطية" (هانز هيرمان) و"أزمات الديمقراطية البرلمانية" (كارل شميد)، وهذه ليست سوى نماذج تُناقش في جامعات كمبردج وييل وعدد من الجامعات البريطانية، وكان مركز دراسات الوحدة العربية في العام 1983 قد عقد مؤتمرًا لمناقشة أزمة الديمقراطية في الوطن العربي.
ما يقوم به الرئيس ترامب يمثّل تحديًا فريدًا، فعلى الرغم من فوزه بالانتخابات، إلّا أن استطلاعات الرأي اليوم تشير إلى حصوله على نسبة ضئيلة من التأييد، وهي نسبة مماثلة لسلفه الرئيس جو بايدن إثرَ مناظرته الهزيلة عشية الانتخابات الرئاسية، ولكن السؤال المحوري هو: كيف يمكن لترامب أن يفرض إرادته على خصومه؟
‏حسب تحليل زاني بيدروس رئيسة تحرير الإيكونيميست فإنه يتحرك بسرعة أكبر من القوى التي تقيّده أو تحول دون تنفيذ إرادته، وعلى الرغم من التزامه بقرارات المحاكم وأحكامها، لكنه بمجرد أن يغلق مسارًا قانونيًا لقضية، حتى يسلك مسارًا آخر، وفي كل ذلك لم يُلحظ وجود معارضة من حزبه الجمهوري على الصعيد الداخلي، كما أن خصمه التقليدي، الحزب الديمقراطي، ظلّ مرتبكًا بالرغم من وجهات نظره المختلفة بشأن الرعاية الصحّية والجريمة المنظمة والهجرة، لكنه ما زال في مأزق يعاني من وطأة فشل الرئيس بايدن، فضلًا عن استكانة حلفائه الأوربيين وغيرهم، حتى وإن أبدوا امتعاضًا من سلوكه.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيقونة اليسار العربي
- (ثلاث حلقات) أين مشروع اليسار العربي؟
- أين مشروع اليسار العربي؟ (الحلقة الثالثة)
- جامعة القاضي عياض بمراكش تكرّم خمسة مبدعين
- أين مشروع اليسار العربي؟ (الحلقة الثانية)
- وضوح الرؤية وروح الوفاق
- حقوق الإنسان من منظور متعدّد الأبعاد
- حين يعاقب الجاني القضاء
- المثقّف العضوي وهموم الناس
- حوار مع المفكّر الأديب العراقي الكبير عبد الحسين شعبان/ النا ...
- أين مشروع اليسار العربي؟ (الحلقة الأولى)
- حين توجد إرادة توجد طريقة
- واحة اسمها شعبان
- جيل الستينيات: رؤية جديدة
- البارزاني ثلاث مفارقات وثلاثة دروس... وثمة ذاكرة
- قطر بين فاعلية القانون الدولي وتفعيله
- الثقافة مزهرة من بغداد إلى بغداد
- أرادنا نسخة أفضل من أنفسنا
- عودة إلى -مزرعة الحيوانات-
- ‏لا نقول وداعًا إنما نقول اشتياقًا - محمد بن عيسى: للحياة مع ...


المزيد.....




- رشيد حموني يسائل وزير الفلاحة حول الاختلالات التي تشوب الربط ...
- عام على الإطاحة بالأسد.. مدينة حمص، شاهدة على جراح الماضي وم ...
- -النادي خذلني-... ليفربول يستبعد صلاح من مواجهة إنتر ميلان ب ...
- السودان يتحسّب لتطورات عسكرية في حدوده مع إثيوبيا
- كاتب بهآرتس: إعلام إسرائيل يستخف بالفلسطينيين ويكرس الأبارتا ...
- الشرع: وضعنا رؤية لسوريا قوية وملتزمون بالعدالة الانتقالية
- تفاصيل مقتل ممثل مصري على يد زوج مطلقته
- في بيئة منهارة.. الأمراض تفتك بأجساد السوريين
- مقتل مراهق على يد ضابط يفتح الباب أمام تسوية قياسية في سان د ...
- تحذير ياباني من تسونامي بعد زلزال بقوة 7.6 درجة ريختر


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الديمقراطية والسلطوية.. هل يجتمعان؟