رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 01:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بحث العلاقة بين التراث الثقافي وتغير المناخ موضوع بالغ الأهمية، وهو دراسة التأثير الوجودي لتغير المناخ على الهوية والذاكرة وأساليب الحياة، لأن هذا البُعد غالبًا ما يُغفل في النقاشات حول الأزمة المناخية. حالة سكان الأهوار (المعدان) في جنوب العراق مثال مركزي ومؤثر لتوضيح هذه القضية. ان الفكرة الرئيسية المحورية لعلاقة التراث الثقافي وتغير المناخ تتمثل في التدمير البيئي، وتحديداً في منطقة الأهوار، وهذا ليس مجرد خسارة مادية أو اقتصادية، بل تمزق وجودي للنسيج الاجتماعي والثقافي، مما يُحدث كارثة مادية وأزمة هوية في آنٍ واحد. هناك أربع مراحل متعاقبة، أو أربعة عوامل متضافرة، أدت إلى التدهور المنهجي لبيئة وثقافة الأهوار وساهمت في التآكل المُمنهج لتراث وثقافة سكان الأهوار وهي:
1. العنف المُدبّر من قِبَل الدولة (سياسي/صراعات) وهذه تتجسد في حملات التجفيف القسرية للأهوار التي تمت لأسباب سياسية وأمنية في عهود سابقة، والتي كانت أولى الضربات الموجهة ضد بيئة ومجتمع الأهوار.
2. التدمير البيئي القسري (هيكلي/تخطيطي) وهذا يرتبط بالنقطة السابقة ولكنه قد يشمل أيضًا مشاريع هندسية كبرى (مثل التنقيب عن النفط واستخرجها - هور الحويزة مثالاً لا حصراً) التي ستغير النظام المائي والايكولوجي للمنطقة بشكل جذري.
3. الجفاف المُتكرر (مناخي/طبيعي) وهذا يمثل تأثير الظواهر الطبيعية المتطرفة التي أصبحت أكثر تكراراً كالجفاف وزيادة رقعة التصحر ونقص الموارد المائية التي تغذي الأهوار.
4. تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ (عالمي/مستمر) وهذا يمثل التهديد الأحدث والأشمل، الذي يؤدي إلى تفاقم الجفاف وتغيير المواسم، وهو جزء من أزمة عالمية كبرى وخاصة عند الاستمرار في حرق الوقود الاحفوري.
لذلك فان الأثر الوجودي والثقافي أثر عميق هو نتيجة حتمية للعوامل المذكورة التي تتمثل في الخسارة التي لا تقتصر على المادة مثل خسارة القوارب أو المنازل (البردي) أو الثروة الحيوانية فحسب، بل ان تعطيل الاستمرارية وتجفيف الأهوار أدى إلى تعطيل الطقوس والممارسات والارتباطات المكانية (مثل طرق التنقل، أماكن الصيد، التجمعات القبلية) التي هي أساس شعور المجتمع بالاستمرارية في استدامة امورهم المعيشة وبأنه ما يزال هو نفسه عبر الزمن. وبالتالي زعزعة أسس المجتمع وفهم الذات حيث عندما تنهار البيئة، ينهار معها الإطار المرجعي الذي يشكل هوية الفرد والمجتمع ويؤثر سلباً على فهمهم للصورة الذاتية أنهم أهل القصب والماء. هذا الانهيار يخلق أزمة وجودية تساهم في فقدان الذاكرة الجماعية والارتباط بالمكان.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟