|
|
مَنْ صاحِبُ القرار، الولايات المتحدة أم الكيان الصهيوني؟
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 11:03
المحور:
القضية الفلسطينية
في جبهة الأعداء أنشأت "اللجنة الإسرائيلية الأمريكية للشؤون العامة" ( آيباك - AIPAC ) سنة 2021 "مشروع الديمقراطية المتحدة – لجنة العمل الدّيمقراطي" ( UDP – United Democracy Project ) ، وهي لجنة عمل سياسي تُشرف على تمويل الحملات الإنتخابية وتنظيم المؤتمرات والحَمَلات الإعلامية لدعم مؤيّدِي الكيان الصهيوني وللتنديد بمن ينتقده، وكانت ( UDP ) إحدى أهم مصادر الإنفاق السياسي ومن أكير مُمَوِّلِي الإنتخابات الأمريكية بكافة مستوياتها خلال الفترة 2022–2024 ويعتمد اللوبي الصهيوني على المال للتأثير في السياسة والإعلام وتوجيه الدّراسات والبحوث الأكاديمية لصالح الإستعمار الإستيطاني الصهيوني... ومع ذلك تجرأ بعض أعضاء الكونغرس، خلال سنة 2025، على توقيع رسالة ناقدة لبعض ممارسات الكيان الصهيوني، خلال العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، رغم علمهم بردّ الفعل القوي لآيباك لكن هؤلاء النواب اعتبروا إن العلاقة مع آيباك أصبحت تُسبب ضَرَرًا سياسيا، مما يعني تراجُع نفوذ أيباك في الكونغرس، وبذلك عادت إلى السّطح بعض الفَرضيات (Hypotheses ) التي تعتبر إن الكيان الصهيوني "يُملي على الإمبريالية الأمريكية القرارات والسياسة الخارجية"، ومن ضمنها بحوث ودراسات أمريكية تعتبر إن الدّعم المُطلق للكيان الصهيوني يضُرّ بالمصالح الأمريكية، لكن هذه البحوث والدّراسات لا تعير أي اهتمام للقضية الفلسطينية، وهي افتراضات طوباوية غير مادية لا تنطلق من التحليل المادي التاريخي ولا من موازين القوى الدّولية... نَشَر الباحثان الأمريكيان جون ميرشايمر ( جامعة شيكاغو) وستيفن والت ( جامعة هارفارد )، سنة 2007، كتابًا بعنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة"، وهو تطوير لدراسة نُشرت سنة 2006، ويُوضّح الكتاب الدور الخاص الذي تلعبه مجموعات الضّغط ومن أهمها اللّوبي الصهيوني الذي أثَّرَ كثيرًا في تشكيل السياسات الخارجية الأمريكية واستخدام الولايات المتحدة حق النّقض ( فيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 32 مرة بين سنتَيْ 1982 و 2005، نظرًا للعلاقة الخاصة القائمة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ويُعلن الكاتبان دفاعهما عن وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ولا ينتقدان سوى أحد جوانب "العلاقة الأمريكية الإسرائيلية" لأنهما يعتبرانها "تضر بالمصالح الأمريكية"... يعتقد الكاتبان إن "قُوة اللوبي الإسرائيلي هي السبب في استمرار تقديم المساندة الأمريكية (...) وتُمثل لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية - AIPAC - وكالة إسرائيلية في الولايات المتحدة مكنتها قُوّتها المالية والسياسية من السيطرة على الكونغرس وتوجيه قراراته ..." وأدّى نَشْرُ هذه الدّراسة إلى اتهام الباحِثَيْن ب"مُعاداة السّامية"... تميز هذا البحث للكاتبَيْن جون ميرشايمر وستيفن والت بالجرأة، لكنه لم يخرج عن الدّفاع عن "المصالح الأمريكية" وهو بحث غير مادي لأن الباحثين يُهملان تمامًا الدّور الوظيفي للكيان والتّشابه في النّشأة حيث قام كل منهما على إبادة الشعوب الأصلية وإحلال مُستعمِرِين مُستوطِنِين مكانها والإستيلاء على أرضها وإنكار وجود هذه الشعوب أصْلا، ولذلك فإن هذا التحالف المتين مبني على المصالح، ولا يُقوّض النفوذ الصهيوني المصالح الأمريكية بل يُعزّزها، وفق ما تبيّن من العدوان الصهيوني المستمر منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، والدّعم الأمريكي المُطلق لهذا العدوان، بل والمُشاركة المُباشرة في العمليات العسكرية والإنفاق والدّعم السياسي والإعلامي، وأظْهر هذا العدوان إن الإمبريالية الأمريكية هي صاحبة القرار، ولما عجز الكيان الصهيوني عن تحقيق أهدافه تدخّلت الولايات المتحدة مباشرة وقصف جيشها إيران واليمن، ثم أعاد مُستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صياغة مشروع إقامة مشاريع رأسمالية في غزة وتنفيذ مخطط الترحيل القسري للفلسطينيين، من خلال الحصار والتّجويع وهدم المباني، ثم بواسطة قُوّة دولية بإشراف الرئيس الأمريكي نفسه... يُعتبر تحليل الباحِثَيْن مُبسّطًا ويُهمل خلفيات العلاقات المبنية على خدمة المصالح الأمريكية من خلال دعم الكيان الصهيوني، ويتجاهل المُجمّعات الاقتصادية والعسكرية المُؤثرة في السياسة الأمريكية، ورغم أهمية الدّراسة التي فتحت باب النقاش بشأن العلاقات الحميمة بين الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية، لم يهتم المؤلفان سوى بسُمعة الولايات المتحدة حيث يعتبران "إن الإنحياز الأمريكي لإسرائل أصبح المصدر الرئيسي لتطرف العالم العربي ضد واشنطن الولايات المتحدة التي فقدت مصداقيتها كوسيط سلام"، وكرّر الباحثان حرصهما على "سُمعة الولايات المتحدة (...) والتّأثير السلبي للوبي الإسرائيلي على صورة أمريكا ومصالحها، فأصبحت معزولة دوليًا في قضايا الشرق الأوسط ومنبوذة من قبل شعوب المنطقة (...) ولذا فإن هذا اللوبي لا يخدم حتى مصلحة إسرائيل طويلة المدى، لأنه يعزز التطرف ويغذي العنف..." كرّر الباحث الأكاديمي والكاتب جون ميرشايمر، بنهاية شهر تموز/يوليو 2025، خلال العدوان وحرب الإبادة في حديث مع " تاكر كارلسون" ( برنامج – Taker Carlson Show - ) "إن قوة اللوبي الإسرائيلي بلغت حداً يجعل واشنطن تتبنى سياسات تصب في مصلحة إسرائيل ولو كانت مضرة لها"، لكنه أضاف " قدّمت إسرائيل نفسها للعالم مرة أخرى في صورة ممثل الخَيْر والعرب في صورة الأشرار، غير إن هذه الرّؤية بدأت تنهار في الولايات المتحدة ( بفعل) السياسات التّوسُّعية والإبادة الجماعية والتطهير العرقي المُمَنْهَج، لمحو هوية الفلسطينيين الوطنية، مما أدّى إلى تغييرات هامة في اتجاهات الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل..." لكنه لا يزال يُصر على أهمية اللوبي الصهيوني في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية، وتمثل التغير في موقف جون ميرشايمر في إدراكه "إن الفكر الصهيوني منذ نشأته يدرك أن قيام دولة يهودية على أرض مأهولة بالفلسطينيين لا يمكن أن يتم من دون تطهير عرقي (... ) وكان القادة الصهاينة مثل ديفيد بن غوريون يُدْرِكون ضرورة ارتكاب الجرائم الفظيعة لأن الفلسطينيين يُقاومون ويرفضون الإستيلاء على وطنهم... (وإن الفلسطينيين) أدركوا منذ البداية طبيعة المشروع الصهيوني..." نشأت الحركة الصهيونية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في أوْج المرحلة الإمبريالية من تطور الرأسمالية، ونَشأ الكيان الصهيوني بإرادة القوى الإمبريالية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ( وبانهيار الدّولة العثمانية) والتي اتفقت على تقسيم المشرق العربي بينها ( اتفاقية سايكس - بيكو سنة 2016) وعلى إنشاء دولة يهودية ( وعْد بلفور سنة 1917 ) في سوريا الكبرى ( وفلسطين جزء منها) التي اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيمها بينهما، وبنهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة الإمبريالية المُهَيْمِنَة وبدأت هيمنتها على "الشرق الأوسط" ودعم الكيان الصهيوني الذي يُشكّل وكيلاً وقاعدة ومَحْمِيّة في نفس الوقت، ولا يمكن أن يستمر وجود الكيان الصهيوني ( الذّيْل) على أرض فلسطين وعربدته في الوطن العربي وحتى إيران، لولا الدّعم الإمبريالي المُطلق ( أي الكلب)، فالسياسة والمواقف الأمريكية تخدم الإمبريالية ورأس المال الأمريكي ونفوذهما قبل أي شيء آخر...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا – السنة الأولى لسلطة المنظمات الإرهابية
-
الإستخدام السّلْبِي ل-الذّكاء- الإصطناعي
-
مُتابعات – العدد الثاني والخمسون بعد المائة بتاريخ التاسع وا
...
-
انتخابات نيويورك وفوز زهران ممداني
-
اقتصاد العراق بين وَفْرَة النّفط وارتفاع حجم الدُّيُون
-
حركة التضامن الأوروبية مع الشعب الفلسطيني
-
فلسطين - خطة استعمارية أمريكية
-
مُتابعات – العدد الواحد والخمسون بعد المائة بتاريخ الثاني وا
...
-
التدخلات الأمريكية في امريكا الجنوبية
-
أوروبا - الفساد في أعلى هرم السّلطة
-
غزة، من -ريفييرا الشرق الأوسط- إلى -خطة السّلام-
-
بإيجاز - خطوات أمريكية على طريق إنجاز -الشرق الأوسط الكبير-
-
تفاوت طبقي بالأرقام
-
الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجي
...
-
مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشر
...
-
عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
-
بإيجاز - حق تقرير المصير
-
الأزمة = شطب وظائف
-
عام من رئاسة دونالد ترامب
-
مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن
...
المزيد.....
-
ابتداءً من 2027: الاتحاد الأوروبي يطوي صفحة الغاز الروسي
-
متهمة أوروبا بتقويض جهود السلم في أوكرانيا.. روسيا تصف محادث
...
-
مكتب نتنياهو: بقايا الجثة التي وصلت من غزة لا تعود لأي من ال
...
-
روسيا: لا تسوية حول أوكرانيا بعد محادثات بوتين مع مبعوثي ترا
...
-
-قمامة لا نريدهم في بلدنا-... إدارة ترامب تعلق طلبات الهجرة
...
-
الجزائر: الصحافي الفرنسي كريستوف غليز أمام محكمة الاستئناف
-
الصحافي الفرنسي كريستوف غليز المحتجز بالجزائر يمثل أمام محكم
...
-
ترامب يشيد بـ-مكالمة مثمرة- مع الرئيس البرازيلي لبحث التجارة
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يتحدث عن تقديم اعتذار لكوريا الشمالية
-
عاجل | الجيش الإسرائيلي: معبر رفح سيفتح في الأيام القادمة في
...
المزيد.....
-
مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني
/ غازي الصوراني
-
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي
...
/ غازي الصوراني
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|