أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - حين يتحوّل استهداف البنى التحتية إلى عقاب جماعي: حقل كورمور مثالاً














المزيد.....

حين يتحوّل استهداف البنى التحتية إلى عقاب جماعي: حقل كورمور مثالاً


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرة أخرى، يجد إقليم كردستان نفسه تحت وطأة هجوم لا يستهدف منشأة عابرة، بل يضرب شريان حياته النابض: البنى التحتية للطاقة. ففي 27 نوفمبر تعرض حقل "كورمور" للغاز في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، لهجوم بصواريخ أو طائرات مسيرة، ما ألحق أضراراً بخزان لتخزين السوائل وأدى إلى إغلاق الإنتاج مؤقتاً.
لم يكن هذا الاعتداء حادثاً تقنياً، بل هو فعلاً تخريبياً ممنهجاً ورسالة سياسية واضحة تستهدف استقرار الإقليم ونجاحه. فحقل كورمور ليس منشأة عادية؛ إذ يغذي نحو 80% من احتياجات الإقليم من الكهرباء، ما يجعله عموداً فقرياً للخدمات والحياة اليومية. ووقف تشغيله يعني، بشكل مباشر، انقطاعات واسعة في الطاقة واهتزازاً في اللفائض المالي الذي يعتمد عليه الإقليم.
لكن التداعيات تتجاوز الجانب الاقتصادي لتطال أساسيات الحياة نفسها. فقرار إغلاق الحقل هو قرار بإغراق مدن كاملة في الظلام والبرد، وحرمان المستشفيات من الطاقة اللازمة لإنقاذ المرضى، وتعطيل التعليم، ودفع الأسر، ولا سيما كبار السن والأطفال، إلى مواجهة قسوة الشتاء بلا مقومات صمود. إنه، بلا مواربة، عقاب جماعي يُوجَّه إلى المواطن في صميم حياته وهشاشتها.
هذا الاستهداف لا يأتي من فراغ. فإقليم كردستان، رغم كل التحديات الداخلية، استطاع خلال السنوات الماضية بناء نموذج نادر للاستقرار الخدمي، وظهر ذلك بوضوح في قطاع الكهرباء، الذي بلغ مستويات توزيع قاربت 24 ساعة يومياً. غير أن هذا النجاح، بدلاً من أن يكون مصدر إلهام، تحوّل لدى بعض الأطراف، داخل العراق وخارجه، إلى مصدر إزعاج. فهو نجاح "يفضح" الفشل، ويمثل برهاناً على إمكانية تشييد منظومة خدمات مستقرة في بيئة مضطربة، ما يجعله هدفاً ينبغي تحطيم رمزيته قبل منشآته.
إن هذا "الحقد" المتراكم هو نتاج تراكمات تاريخية وذهنيات مركزية ترى في الإقليم "استثناءً" يجب كبحه. فبعض القوى تعتبر صموده نموذجاً مزعجاً يتحدى منطق الضعف والتبعية. ورغم تعدد الجهات المحتملة، من فصائل مسلحة إلى قوى سياسية وأطراف إقليمية تسعى لحماية نفوذها في ملف الطاقة، فإنها تلتقي عند هدف واحد: إعادة الإقليم إلى مربع الضعف، حتى لو كان الثمن حياة المدنيين وأمنهم.
ومع ذلك، يعلمنا التاريخ أن المجتمعات التي تتعرض لتخريب ممنهج في بنيتها التحتية، عالباًما تستمد من المحن مناعةً وصلابة. وإقليم كردستان، الذي خرج من عقود من الحروب والحصار والتطهير العرقي، لن يوقف مسيره هجوم على حقل غاز. فالسؤال الجوهري اليوم لا يتعلق بإصلاح الأنابيب فحسب، بل بإصلاح الوعي لدى من يظنون أن إغراق المدن في الظلام يمكن أن يطفئ إرادة شعب.
الخلفية والدوافع: شبكة معقدة من المصالح
الهجمات المتكررة تشير إلى وجود شبكة مصالح أمنية وسياسية واقتصادية معقدة، وليس مجرد فاعل منفرد. ويمكن تفسير دوافعها عبر:
1- الخوف من النموذج الفيدرالي: إذ قد ترى بعض الأطراف في نجاح الإقليم سابقة خطيرة تُلهم جماعات قومية أو مناطق أخرى، ما يهدد السردية المركزية للدولة.
2- الصراع على النفوذ والموارد: فالطاقة في العراق (نفطاً وغازاً) هي مصدر رئيسي للقوة السياسية والمالية، والسيطرة عليها تمنح قدرة على المناورة داخلياً وإقليمياً.
الآثار والتداعيات المتوقعة
على المديين القصير والمتوسط:
-انقطاع الكهرباء وخسائر تشغيلية فادحة.
- ارتفاع تكاليف الطاقة وتفاقم المعاناة الإنسانية.
- تراجع ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين.
- زيادة التوتر السياسي بين أربيل وبغداد.
- إجبار الإقليم على تحمّل تكاليف أمنية باهضة لحماية منشآته.
على المدى البعيد:
- تباطؤ وتيرة تطوير مشاريع الغاز والطاقة.
- اتساع نطاق التدخلات الإقليمية في الشأن العراقي.
- إعادة رسم خرائط التحالفات والعقود الاقتصادية.
خلاصة
إن استهداف البنى التحتية للطاقة هو محاولة يائسة لإطفاء نور إقليم كردستان. لكن الناس الذين عاشوا عقوداً في الظلام يعرفون قيمة النور أكثر من غيرهم. فذلك الضوء الذي يصل إلى بيوتهم ليس مجرد خدمة، بل هو رمز للكرامة وإرادة الحياة. سيُصلح الحقل، وستعود الكهرباء، لكن السؤال الأخلاقي والسياسي سيبقى معلقاً:
هل يدرك من يضربون أنهم لا يقصفون منشآت، بل يقصفون إنساناً قرر أن يعيش بسلام ويطالب بحقه في حياة كريمة؟.



#جورج_منصور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفية في العراق: حكاية ظلٍّ طويل
- الفقر في العراق: مأساة في بلد الثراء
- في ذكرى رحيل مؤيد الراوي.. ذكريات متأخرة
- مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاك ...
- برلمان بلا بوصلة: حين يتحول المنصب إلى غاية في ذاته
- الثقافة والفن جسراً للهوية الوطنية في العراق
- -تُصَنعّون من الحمقى قادة. ثم تسألون: من أين أتى الخراب؟-
- بين المال والسلاح: هل تُسرق الانتخابات العراقية القادمة؟
- هل العراق بحاجة إلى منظمات مجتمع مدني مستقلة؟
- التعليم جرحٌ مفتوح يهدد مستقبل الوطن
- العراق: عندما يتحول الذباب الإلكتروني إلى سلاح للفوضى الناعم ...
- الفنانة هديل كامل: الحياة.. كجملة ناقصة
- العراق: المنصب الدبلوماسي مكافأة لا استحقاق
- المثقف العراقي: مرآة لخيبة نظامين
- في اليسار العراقي.. مجرد رأي
- العراق: حين يُستهان بالعلم ويُحتفى بالخرافة
- -الرحلة-: لم تكن كأي رحلة
- طهران.. ما أشبه اليوم بالبارحة
- -وادي الفراشات- .. حين ضاقت السماء على الأرض
- جولة حرة في الموصل.. الطيور الهاربة لم تعد إلى اعشاشها بعد


المزيد.....




- السودان: قوات الدعم السريع تسيطر على بابنوسة آخر معاقل الجيش ...
- توغل إسرائيلي ثالث في القنيطرة رغم تحذير ترامب من التصعيد بس ...
- السودان.. تعرض كنيستين في بورتسودان لأعمال تخريبية
- رسائل تهديد بشعار -ماغا- تصل لزعيم الأقلية بالشيوخ الأميركي ...
- إدارة ترامب تخشى من زعزعة استقرار سوريا بسبب إسرائيل
- استقالة وزير الدفاع النيجيري بعد موجة من عمليات الخطف
- محامي الصحفي كريستوف غليز المحتجز في الجزائر يتطلع إلى -نتيج ...
- مادورو ردّا على التهديدات الأميركية: فنزويلا لا تريد سلام ال ...
- مادورو في إشارة إلى تهديدات ترامب: فنزويلا لا تريد -سلام الم ...
- قتلها ووضع جثّتها في حقيبة سفر.. جريمة مروّعة تهزّ النمسا وت ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - حين يتحوّل استهداف البنى التحتية إلى عقاب جماعي: حقل كورمور مثالاً