أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد جليل العتابي - العراق… مركز التوازن القادم














المزيد.....

العراق… مركز التوازن القادم


احمد جليل العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتجه السياسات الدولية اليوم نحو مرحلة جديدة تتقدّم فيها الممرات الاقتصادية لتصبح أهم عناصر النفوذ في العالم بينما تتراجع أهمية الأساليب التقليدية للقوة. فما تبحث عنه الدول الكبرى لم يعد السيطرة على أراضٍ أو بناء قواعد عسكرية بل امتلاك طرق التجارة والطاقة التي تُحرك العالم. وفي هذه اللحظة الحساسة يقف العراق في موقع لا يشبه أي دولة أخرى في المنطقة فالجغرافيا تمنحه ما هو أكبر من مجرد دور محتمل بل تضعه في صميم لعبة إعادة تشكيل التوازنات الاقتصادية والسياسية خلال العقدين القادمين.

العراق يمتلك موقعاً لا يمكن تجاهله في عصر الممرات. فهو الوسيط الطبيعي بين الخليج والبحر المتوسط بين آسيا وتركيا وأوروبا وبين الشرق والغرب. هذا الموقع الذي كان تاريخياً سبباً للصراع يتحول اليوم إلى سبب للفرصة. فالعالم يبحث عن طرق آمنة بديلة للبحار المهدّدة وعن ممرات مختصرة تقلل الكلفة والزمن وعن مسارات غير خاضعة لنفوذ قوة واحدة. والعراق ببساطة هو البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يربط كل هذه المصالح في خط واحد لا بديل فعلي عنه. المشاريع الكبرى من طريق التنمية إلى الحزام والطريق، إلى الممر الهندي جميعها تدور في فلك واحد كيف يمكن المرور بالعراق أو محاولة الالتفاف حوله مع خسارة اقتصادية هائلة؟

الثروة تضاعف قيمة الموقع. فالعراق لا يمتلك النفط فقط بل يمتلك الغاز الذي سيصبح خلال السنوات العشر المقبلة أحد أهم عناصر القوة في العالم ويمتلك الشمس التي تمنحه فرصاً لتصدير الطاقة النظيفة ويمتلك احتياطيات معدنية غير مستكشفة يمكن أن تدخل في الصناعات التكنولوجية. هناك دول تمتلك موقعاً بلا ثروة ودول تمتلك ثروة بلا موقع لكن العراق يجمع العاملين معاً وهو ما يعطيه وزناً استراتيجياً غير قابل للتقليد.

أما الكتلة البشرية الشابة فهي عنصر لا يقل أهمية عن الثروة النفطية نفسها. فالدول المحيطة تعاني من شيخوخة سكانية أو ضعف في حجم السوق الداخلي بينما يمتلك العراق قوة شبابية تتجاوز نصف السكان وهو ما يجعل أي مشروع اقتصادي صناعي لوجستي زراعي تقني أكثر جدوى والدول الكبرى لا تستثمر اليوم في المكان فقط بل في القوى العاملة التي تأتي معه والعراق يمتلك واحدة من أكبر الطاقات البشرية غير المستثمرة في المنطقة.

التحليل السياسي للتوازنات الإقليمية يظهر أن المرحلة المقبلة ستشهد انتقال مركز الثقل من الخليج وحده إلى محور يمتد من الخليج نحو تركيا وأوروبا مروراً بالعراق ولذلك فان القوى الكبرى ستتنافس على هذا الممر لأنها تفهم أن من يسيطر عليه يمتلك جزءاً من مستقبل التجارة العالمية. الصين تحتاجه لتقليل مخاطر الممرات البحري وأوروبا تبحث عن بديل للطاقة الروسية والهند تريد قناة جديدة للوصول إلى الأسواق الأوروبية وحتى الولايات المتحدة رغم تحفظاتها تعرف أن استقرار هذا الخط يخدم مصالحها على المدى الطويل. في ظل هذه المصالح المتشابكة يصبح العراق نقطة توازن لا تابعاً لمحور واحد بل لاعباً يمكنه المناورة بين الجميع.

التوقعات المستقبلية تشير إلى أن السنوات العشر المقبلة ستشهد انتقال العراق من دور المتلقّي لسياسات الخارج إلى دور صانع التوازنات إذا وُضعت أسس اقتصادية صحيحة. فبدء تشغيل ميناء الفاو بكامل طاقته وربط السكك الحديدية بين البصرة وتركيا واستثمار الغاز المحترق وإطلاق المدن الصناعية كلها عوامل كفيلة بتحويل العراق إلى مركز عبور إقليمي لا غنى عنه. وبحلول عام 2035يمكن للعراق أن يصبح عقدة لوجستية قادرة على منافسة الموانئ الإقليمية وأن ينتج ما يكفي من الغاز لتغطية السوق المحلي والتصدير وأن يخلق ما يصل إلى ثلاثة ملايين فرصة عمل من خلال الممرات وحدها.

على الصعيد السياسي فإن قدرة العراق على لعب دور إقليمي ستتحدد وفق طريقة تشكيل الحكومة المقبلة لأنها ستكون الحكومة التي يُبنى عليها العقد الاقتصادي الجديد للبلد. التوازن السياسي الداخلي واستقرار القرار واعتدال السياسة الخارجية كلها شروط تمنح العراق القدرة على فرض نفسه في خريطة الممرات لا مجرد دولة تمر عبرها المشاريع. فإذا نجحت القيادة السياسية في إنتاج حكومة قوية متماسكة فسيكون للعراق موقع متقدم في التوازنات العالمية المقبلة وقد يستطيع خلال عقد واحد وضع اللبنة الأولى للخروج من تصنيف دول العالم الثالث والتحول إلى مركز اقتصادي إقليمي فاعل.

بهذه القراءة يتضح أن العالم لا يلتفت إلى العراق صدفة بل لأن المعادلات الاقتصادية التي تُصاغ اليوم تجعل منه نقطة ارتكاز. وإذا استثمر العراق هذه اللحظة التاريخية فسيكون رقماً مهماً في خريطة القرن الحادي والعشرين لا لأن الآخرين يريدون ذلك فحسب بل لأن إمكانياته الطبيعية والاقتصادية والبشرية تؤهله لأن يكون في قلب المستقبل لا على هامشه



#احمد_جليل_العتابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يزرع تنظيماً يحصد انتصارا
- بريطانيا وصناعة العراق الحديث
- قمة بغداد مهرجان الخنوع وتبذير المال العام
- عبيد السلطة وخونة الشعب
- موسم النصب السياسي يعود من جديد
- سماسرة الدم
- خور عبدالله بين الحق والعقل…
- مقترح الكفيل
- التنصت على النواب وخطوة سحب الثقة من السوداني
- مستشارو الرئيس بين الواقع والعبثية
- -تسريبات نور زهير: شركاء الفساد في مواجهة الخوف والفضيحة-
- تأسيس نقابة الجودة والاعتماد المؤسسي: خطوة نحو مستقبل أكثر ت ...
- حلم العراق : رؤية لمستقبل نقي ومزدهر
- السياسيون ومصالحهم الشخصية وضرورة الوقوف على الحياد
- العراق: البوابة الذهبية إلى أوروبا عبر طريق الحرير
- منصب رئيس الوزراء في العراق: بين عبثية الانتخابات والحاجة ال ...
- “السوداني والمالكي: تحديات الدعم والولاء في الساحة السياسية ...
- توديع الحرس القديم في العراق: واقع لا مفر منه وتأثير دائم
- ياعلي ادركنا
- إيقاف خط عقبة بصرة: الأسباب المنطقية والسلبيات المحتملة


المزيد.....




- -فرصة جيدة-.. ترامب يعرب عن ثقته في التوصل لاتفاق بين روسيا ...
- مصر: الداخلية تعلن ضبط مخدرات بقيمة 113 مليون جنيه وإحباط عم ...
- من هم أبرز ضحايا الإيدز في مختلف المجالات؟
- بالأرقام.. شركات السلاح حول العالم تحقق أرباحًا غير مسبوقة
- في اليوم الثاني لزيارته.. البابا ليو الرابع عشر يزور ضريح ما ...
- الولايات المتحدة.. أكبر مقبرة للطائرات في ولاية أريزونا
- ماكرون يستقبل زيلينسكي في باريس لمناقشة شروط سلام عادل
- كيريل ديمترييف رسول روسيا -الهامس في أذن ترامب-
- أونروا: إسرائيل تحتجز المساعدات وغزة تواجه كارثة إنسانية
- ماكرون يتصل برئيس مدغشقر الانتقالي ويعرض دعم فرنسا


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد جليل العتابي - العراق… مركز التوازن القادم