ماجد فيادي
الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 18:12
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لماذا اكتب هذه الحلقات؟
عندما كنت طفلا، كان والدي السجين الشيوعي في معتقلات الامن، يقص لي بطولات الرفيقات والرفاق في زمن حزب البعث المحظور، كيف كانوا يصرخون بصوت عالي، معرفين بأسمائهم وانتمائهم للحزب الشيوعي العراقي، عندما يلقى القبض عليهم بالشوارع، في محاولة لعدم تغييبهم، وإبلاغ ذويهم والحزب بما وقع عليهم من اختطاف. لم يقص والدي تلك القصص من باب التفاخر، انما درس علمني إياه، ان فضح سياسات انتهاك القانون وحقوق الانسان، أي كان مرتكبها، انما هي حماية للمواطنين وحقوقهم الدستورية، ومنع تكرار التجربة مع رفاق اخرين او اعضاء أحزاب معارضة أخرى. كان يهيئني لعدم الوقوع في فخ السكوت.
بعد كتابة الحلقة الأولى وصلتني كتابات مختلفة الآراء، وأخرى اكثر أهمية لم يجر كتابتها، حبست في عقول أصحابها. لذلك صار لزاما ان ابين لكل من كتب ومن سكت، الكثير من الحقائق. ابدأ بالرفيقات والرفاق ممن تجرأ وامتلك الشجاعة في وصف الناقدين لسياسة الحزب بالشامتين والمتشفين والحاقدين، اجدهم جميعا فقدوا الجرأة والشجاعة للإجابة على طلب وصف سلوك قيادة الحزب حول قضية الرفيق المفصول، وبالرغم من ان اغلبهم على علم بتفاصيل القصة لقربهم منه، وعلى اطلاع بالحقائق التي كتبتها في تستر القيادة على الأخطاء وممارسة لا تنظيمية في فرض واقع ينسجم ومصالحها الانتهازية، لم يجرأ احد على تفنيد القصة، ملتزمين الصمت تجاه سلوك مرفوض، لكنهم لا يجرؤون ولا يمتلكون الشجاعة على رفع الصوت والاجهار بما يفكرون. ببساطة انتم تمارسون الكيل بمكيالين وتساهمون بخراب الحزب (عذرا انا لا اتجاوز مع فائق الاحترام، ليس دفاعا عن الرفيق المفصول انما دفاعا عن الحزب).
اجد سياسيا تسمية شامتين فارغة، لا معنى لها في قاموس السياسة، ولا تدرس في كلية العلوم السياسية، انما هي وصف عاطفي كهجوم معاكس بهدف تقليل حدة الاعتراض وخنق الاصوات، كتعبير ومحاولة يائسة للتنصل من المسؤولية والتستر على الفشل. بما ان الحزب الشيوعي العراقي لم يتوقف عن ادانة حزب البعث والاحتلال وأحزاب الإسلام السياسي، اعتراضا على سياساتها، لا يحق له ومناصريه الاعتراض اذا ما وجه لهم اقسى أنواع النقد وبابغض المفردات (في اخر تغريدة لسكرتير اللجنة المركزية يستخدم لفظ وزراء فاشلون، فهل كان يشمت او يهين الحكومة؟). الرفيقات والرفاق الأعزاء ان لجوئكم الى الهجوم العاطفي لا يعني انكم على حق، لكنه يعبر عن ضعف الحجة في ميدان لا يعترف بالعاطفة، انما النتائج والارقام. اللجوء الى مصطلح الشماتة كاللجوء الى الغيبيات في تفسير الظواهر الطبيعية.
انتقل الى الرفيقات والرفاق الذين التزموا الصمت وعدم الافصاح عن رأيهم بوضوح عبر منابر الاعلام، حزبية او شخصية او عامة، صمتهم لا يعني انهم لم يعترضوا داخل التنظيم، بالعكس هناك الكثير ممن واجه وحفز على رفع الصوت، لكن دائما لا توجد متابعة شخصية منهم لما يطرحوه من أفكار، لانهم يلتزمون بنظام داخلي، لم تعد قيادة الحزب تلتزم به. كل آرائهم في محاضر الاجتماعات رميت في سلة المهملات الالكترونية. احد أساليب تفتيت الآراء داخل التنظيم، يطلب من الرفيقات والرفاق بعد كل فشل ابداء آرائهم في الخلايا التي يعملون بها، ثم تقوم قيادة لجنة المحلية او المنظمة بتلخيص تلك الآراء، فإن كانوا من الانتهازيين، خففوا من حدتها وحذفوا معظمها. بهذا تصبح الكتابة داخل التنظيم وسيلة لسرسبة الاعتراضات وتفتيتها واضعافها ومانع تنظيمي لانتشارها وتوحد اصحابها.
اما من كتب لي معاتبا او داعيا للكتابة عبر الأطر التنظيمية، فلا اجد اكثر مما بينته في الاسطر أعلاه، ان التنظيم لم يعد فعالا، لان الانتهازية التي ضربت التنظيم، اغلقت كل المنافذ وتمكنت من اضعاف كل ما يتيحه نظامنا الداخلي من ادوات وان كان متهالكا، وخنقت كل الأصوات اما بالتجاهل، او الإساءة اللفظية، او ابعادهم عن أدوار قيادية، او العقوبات المفتعلة، او الفصل من الحزب. ان الالتزام بالنظام الداخلي لا يمكن ان يكون باتجاه واحد، بل ملزما للقاعدة والقيادة (على سبيل المثال سكرتير ل.م. رفض قرار لجنة الرقابة المركزية في الغاء العقوبة على الرفيق. أي احترام للنظام الداخلي اذا كانت اللجنة المكلفة بحماية النظام الداخلي لا يحترم قرارها من قبل سكرتير ل.م.). في حوار مع الرفيق الراحل البروفسور كاظم حبيب قال لي انه توقف عن النقد لسياسة الحزب لأنه اصبح مكروها من قبل القيادة، ويتجنبون اللقاء به، وجرى تكليف بعض الأقلام للرد عليه بطريقة سيئة، اغلبهم كتبوا بأسماء مستعارة (عادة جرى اتباعها من قبل القيادة هربا من المواجهة والتمتع بفسحة كبيرة لتلفيق ما يريدون). في طلب وجهته الى الرفيق الدكتور صادق أطيمش للكتابة الى فعالية لجنة العمل الفكري حسب طلبها، أجاب وهو حي يرزق "لم تعد لي الرغبة في الكتابة لفعاليات اللجنة، لانهم لا يتعاملون بجدية مع ما نكتب". في مرة سرني الرفيق داوود امين/ أبو نهران وهو حي يرزق، انه منزعج جدا من لجنة العمل الفكري "لأنها تهمل نشر وتعميم ما نكتبه لها". في احدى المرات طرحت سؤالا ما الفائدة مما يكتب ويناقش في فعاليات مختصة العمل الفكري، اذا كانت قيادة الحزب لا تطلع عليه ولا يوزع على التنظيم، لكن لا احد يجيب.
لمن شكك بقصة الرفيق المفصول اما لهول الخبر عليه، لأنه لا يصدق ان تقوم قيادة الحزب بهكذا أفعال، او لأنه بعيدا عن مكان المؤامرة، او لم تصله رسائل نشرها الرفيق على رفاقه من باب الاستغاثة والعلم بالكارثة، أقول، ستنتظرون طويلا ليصلكم توضيح من قيادة الحزب، (هذا نهجهم يلجؤون الى السكوت حتى تمر العاصفة)، مع هذا انقل لكم الحقائق التالية.
كتب الرفيق الدكتور صادق أطيمش رسالة في بدايات المؤامرة وقبل ان يصدر قرار العقوبة بسحب كل المهام من الرفيق (المنتخب لها والمكلف بها)، رسالة حذر فيها من مغبة المضي بهذه العملية، وداعيا الى حل المشكلة بالعقل والحكمة، محذرا من خطر تداعياتها. ثم كتبت إحدى هيئات المنظمة رسالة طويلة، تحذر من مخاطر المضي بالمؤامرة، وان المنظمة ستعاني من الانشقاق والانسحاب والاستقالة والجمود الجماهيري. لم تستجب لجنة المنظمة، لان الضغوطات التي مورست من قبل سلم علي والتي كشفت بشهادة مكتوبة في محضر مؤتمر المنظمة، من قبل احد رفاق اللجنة، واكد عليها رفيق اخر، تلك الضغوطات كانت كافية ان يرضخ لها احد الأعضاء العائد توا من الفصل (كوفئ بان اصبح سكرتير المنظمة الجديد)، واخر يعاني من ضعف في التفكير، بسبب تقدم العمر وتعرضه لمرض السرطان وتعاطيه ادوية كيمياوية، واخر ضعيف لدرجة انه لا يستطيع ان يقول كلمة لا، بوجه أي رفيقة او رفيق يحمل صفة تنظيمية اعلى منه، اما عضو اللجنة المخطط للمؤامرة فقط دار على رفاق المنظمة يكلمهم عن ادلة، اعترفت لجنة التحقيق بعدم وجودها.
الرفيقات والرفاق ممن كتب معاتبا او محتجا وممن سكت على الحلقة الأولى، بما فيهم مواقع التواصل الاجتماعي التي منعت نشر الحلقة الأولى (اداراتها من الرفيقات والرفاق)، مع احترامي الشديد لكم جميعا، انتم تفكرون بعقلية عشائرية، يدفعكم الخوف من الفضيحة، مستعدين لقتل ابنتكم اذا دخلت في علاقة مع شاب، انتم تحمون فرج ابنتكم ضنا منكم حماية شرفكم، تدافعون عن شيخ عشيرتكم لأنه اصبح رمزا لحزبكم، تسكتون على مخالفات الشيوخ للنظام الداخلي، لأنكم تعتقدون ان طاعة الشيوخ من شروط الانتماء للحزب، تغضون الطرف عن هدر تضحياتكم وتبعيون بلا ثمن تضحيات الشهداء والمغيبين والمعتقلين والسجناء الشيوعيين وعوائلهم، خوفا من العار، علما ان لا عار في كشف ومحاسبة الانتهازيين، العار ان نسمح للانتهازي بالتسلق نحو القيادة ليشوهوا تاريخ حزبنا، العار ان ينحدر الحزب نحو الهاوية نتيجة انتهازية القيادة، العار ان تتكلم في السر وانت تعلم ان شيئا لن يتغير، العار ان تترك للانتهازي مهمة المراجعة والتقييم والمحاسبة. انتم تعملون بنفس المنطق الذي تعيبوه على الشعب العراقي (مقاطعة الانتخابات)، وتسألون ما هي الفائدة من المقاطعة؟ وانا اسأل ما الفائدة من السكوت على الانتهازيين؟.
هل تعتقدون من السهل ان اكتب هذه الحلقات، واعرضها على الملأ، غرباء وأصدقاء لا علاقة لهم بالحزب، أصدقاء طالما قالوا لي، انني ابذل مجهودا لا طائل منه في عملي ضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي، هل تعتقدون انني لم افكر بردود أفعال اتباع الأحزاب الحاكمة الفاسدة ممن جلدتهم مئات المرات، هل تعتقدون انني فرح وانا اعرض فشل الحزب الشيوعي العراقي على الملأ. كفى تفكيرا عشائريا، كفى تناقضا في التفكير وانتم تتبعون فكرا ماركسيا متحضرا.
اصحوا واستمعوا للأنين، لقد تحول الى صراخ. الألم تحول الى نار تحرق، اوقدها انتهازيون. تاريخ الحزب اصبح في المتحف، ومنجز الحاضر بناء مقر اللجنة المركزية ورواتب حكومية. اصحوا لان فهد وسلام عادل وكل شهيدات وشهداء الحزب يتعذبون في قبورهم، اما عوائلهم فقد هجرت الحزب.
24 تشرين الثاني 2025
تأجلت حلقة الاعلام وستكون الحلقة القادمة عن القيادات الشابة وما تربوا عليه في قيادة الحزب، بالقصص والحقائق.
#ماجد_فيادي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟