أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد فيادي - بانتظار نبي جديد او رئيس وزراء شريف















المزيد.....

بانتظار نبي جديد او رئيس وزراء شريف


ماجد فيادي

الحوار المتمدن-العدد: 7465 - 2022 / 12 / 17 - 08:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توضيح، المقال لا علاقة له بالأديان، انما يأخذ الفكرة من تاريخ البشرية.
على مر التاريخ، ظهر للبشرية انبياء ورسل ومصلحين، قادوا الشعوب نحو التغيير في التفكير والسلوك ونمط الحياة، جميعهم جاءوا في أوقات كانت شعوبهم تعاني من الظلم وامتهان كرامة الانسان وسط عادات وتقاليد ونظم اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، لا يمكن لها مجتمعة ان تقدم لشعوبها مستقبل واعد. ظهور الأنبياء والرسل في تلك الأزمنة كان مقبولا إن لم نقل كان الوسيلة الحضارية الوحيدة للتغيير، لان السلطات الأربعة التي نعرفها اليوم (التشريعية والقضائية والتنفيذية والاعلام) لم تكن متبلورة كما هي الان، بمعنى اخر لم تكن تلك المجتمعات متطورة في مفاهيم الديمقراطية، وحقوق الانسان، والاقتصاد، والتكنلوجيا. مجتمعات لم يكن بمقدورها معرفة موعد نزول المطر ولا نقل مباشر لمباراة كرة قدم. كان الحدث يقع في مكان ما ويبقى حتى ينقله التجار والرحالة شفويا او عبر كتاب لا يقرأه اكثر من افراد على عدد أصابع اليد.
بالرغم من التغيير الكبير في نمط الحياة اليومية لشعوب الكرة الأرضية، لا تزال هناك شعوب تصر على ان تعيش واضعة قدما في الماضي السحيق، الذي يديره تفكير فرد، ان كان نبيا، او رسولا، او كاهنا، او ملكا، او شيخ عشيرة، وقدما أخرى في عالم تدار فيه الحروب بواسطة روبوتات تحركها ازرار كومبيوتر، صناعة تديرها مكائن جعلت من الانسان مستهلكا اكثر مما هو منتجا، زراعة تنظم فيها مساحات شاسعة بواسطة مكننة تدار بتكنلوجيا لم تعد فيها الحاجة لمجهود الانسان والحيوان بالشكل الذي كانت عليه سابقا.
الشعب العراقي واحد من تلك الشعوب التي حاربت التطور بعقول رجال الدين النائمين في زمن الأنبياء والرسل والمصلحين، في اطار مفهوم جديد اسمه الدولة، التي تحتاج الى رئيس جمهورية ورئيس مجلس وزراء ورئيس برلمان ورئيس القضاء. هذا الاستسلام لرجال الدين اورثنا مفاهيم متخلفة عن ما هي عليه المجتمعات القوية، بتعليمها واختراعاتها واقتصاداتها وجيوشها وسياساتها، ما أدى الى تصاعد المطالب الفردية والجماعية بظهور المنقذ الذي يرسله الله بهيئة رئيس وزراء ينقل العراق من حال الى حال. لماذا رئيس الوزراء، لأنه لم يعد من المنطقي الدعاء الى الله بإرسال نبي وقد ختم اديانه باخر الأنبياء محمد بن عبدالله.
يشير علماء الاجتماع والسياسة، عندما تفقد الشعوب القدرة على تغيير النظام الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه، فإنها تبدء بدعوة الله أن ينقذها بدون ان تبذل مجهودا، تلك الدعوات تعبر عن العجز والضعف، وتتزايد كلما اشتد الفقر والظلم واستفحلت قوة طرف يمثل اقلية في المجتمع على الأغلبية، مثل سلطة شيخ العشيرة، او الملك، او الاقطاعي، او الدكتاتور حسب اختلاف الأزمنة والحقب. في السابق كان مفهوما أن لجوء الانسان الى الله والدعوة أن يبعث رسوله، انما يعبر عن ضعف حيلته، في ظل عدم وجود منظمات المجتمع المدني، وغياب الوعي بحقوق الانسان، وغياب التنظيمات السياسية. لكن ان يدعوا الشعب العراقي اليوم من الله أن يرسل المنقذ (رئيس الوزراء)، في زمن الانترنيت والديمقراطية وحقوق الانسان والعمل الحزبي والنشاط التطوعي في منظمات المجتمع المدني والاعلام، لا اجده ايمانا بالله انما ضعفا في الوعي الاجتماعي والسياسي والديني.
اذن هل المشكلة في الله (اقصد الخالق المطلق الذي يؤمن به الاغلبية مع اختلاف مسمياته واديانه) الذي ختم انبيائه ولم يعد يرسل أحدا منهم كما كان في الماضي، ام المشكلة في الانسان الذي لا يريد ان يفهم، ان لديه كل شيء وعليه ان يجد الحلول بنفسه؟
لسنوات طويلة كان العراقيون يدعون الله ان يخلصهم من الطاغية صدام حسين، حتى جاءت الجيوش من اقاصي العالم، اسقطت نظامه والقت القبض عليه، لتضع العراق والعراقيين تحت رحمة الاحتلال. فما كان من رجال الدين والمتدينين الا ان وقفوا محايدين بين الدفاع عن العراق وبالنتيجة البقاء على نظام الدكتاتور، او دعم المحتل فيصبحوا خونة للوطن، هكذا لم يكن لهؤلاء فائدة حقيقية وقت المحن، لا في زمن الدكتاتور ولا في دخول الاحتلال، تميز عنهم الحزب الشيوعي العراقي، في دعوته للمجتمع الدولي ان يساعد الشعب العراقي في إسقاط الدكتاتور، لكن لا الأحزاب الدينية والقومية اتفقت معه ولا المحتل استمع له.
اليوم وبعد ما يقارب العشرين عاما على حكم الإسلام السياسي والأحزاب القومية وفق مبدأ المحاصصة، عاد العراقيون يدعون الله ان ينقذهم من نظام الفساد والمليشيات وسرقة مليارات الدولارات على يد السيد محمد شياع السوداني. للأسف هذا يعني ان العراقيين لم يتعلموا الدرس، فلا السوداني نبي الله في الأرض، ولا هو خيار أحزاب انصفتهم وإعادة لهم كرامتهم بعد سقوط الدكتاتور ورحيل الاحتلال، كما انه نتاج نظام المحاصصة، ووليد برلمان فاقد للشرعية الشعبية والأخلاقية بعد انتفاضة تشرين ومقاطعة الانتخابات وانسحاب اكبر كتلة منه، اما اهم مهام حكومة السوداني، هي تبييض صورة الأحزاب الإسلامية الحاكمة، وترسيخ دولتهم العميقة، وتبرئة حيتان الفساد من سرقاتهم على مدار تلك السنين، بتقديم دمى وأدوات السرقات، على انهم المجرمون الحقيقيون، في حين من يمسك بخيوط هذه الدمى، هم زعماء الأحزاب التي منحته الثقة في البرلمان. كيف نتوقع من رئيس وزراء ان يكون نبي الله في الأرض وهو من قَبِل ان تكون حكومته من وزراء متهمين بالفساد، ويحملون شهادات مزورة، واخرين مجربين بالفشل والانحياز القومي والطائفي. لا يمكن لحكومة في أي نظام برلماني ان تنجح ما لم يقف الى جانبها برلمان نزيه وقضاء مستقيم، لكن الحقيقة لا هذا متوفر ولا ذاك استقام.
بالرغم من ان السيد السوداني هو ممثل الاطار التنسيقي الذي نفخ في صورته، وقدمه على انه النزيه الشريف الذي لم تلاحقه تهمات الفساد، وكأن اتباع الاطار التنسيقي يقولون انه ليس منا، نحن الفاسدون الذين ثُرتم علينا، وبعد ان نجحوا في مسعاهم، انتقلوا الى المرحلة الثانية في تخدير العراقيين ووضعهم على محطة الانتظار، إذ انتقلوا الى تحجيم السيد السوداني ومنع رسم صورة في عقلية العراقيين على انه المنقذ المرسل الذي تنتظرونه. جاء ذلك على لساني الشيخ قيس الخزعلي والسيد نوري المالكي، ان كل القرارات المصيرية التي اتخذها السوداني، هي قرارات الاطار التنسيقي، وان السيد رئيس الوزراء ليس اكثر من مدير تنفيذي لما يقرروه. هذا الاجراء الوقائي هو تمهيدا لمنع انفلات السوداني في حملة انتخابية، تمنحه الأفضلية في الانتخابات القادمة، ومنع احتمال التفاف العراقيين المخدوعين حوله، في تأسيس كتلة انتخابية جديدة تسحب البساط من تحت حيتان أحزاب الاطار التنسيقي.
لا الله ارسل السوداني ولا دعواتكم تغيير الواقع المأساوي، فقط تنظيمكم السياسي، وتكاتفكم الاجتماعي، واختيار الشرفاء من العراقيين، والثورة بكل اشكالها ضد الفساد، هو ما يحقق التغيير الشامل.



#ماجد_فيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر تحول الفعل الثوري الى مناسبة استذكاريه او احتفالية
- أسئلة بحاجة الى اجوبة
- قوى التغيير والوضع الراهن في العراق
- الفضائية العراقية والمفاهيم المغلوطة
- كيف نحقق حلم الوطن والدولة
- في الذكرى 88 دعونا ننقد نداء الحزب الشيوعي
- الحلقة الأخيرة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- الحلقة السادسة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- الحلقة الخامسة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- الحلقة الرابعة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- الحلقة الثالثة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- الحلقة الثانية: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر ...
- ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي ال ...
- يا فرحةً اسم لأكثر من عنوان
- كيف وصل الحزب الشيوعي لقرار المقاطعة
- قراءة في الماكنة الانتخابية
- دراسة مقارنة بين مواد النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي و ...
- برنامج المحايد في منتصف الطريق
- الانتخابات البرلمانية هل ما تزال مبكرة وما هي مهام القوى الم ...
- رواية درويش للكاتب ماجد الخطيب


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد فيادي - بانتظار نبي جديد او رئيس وزراء شريف