قديش كان فيه ناس؟؟

اسامه شوقي البيومي
(Osama Shawky E. Bayoumy)

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 20:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقره,25)

الآيه 25 من سوره البقره محيره وغريبه جدا فى تفسيرها النقطى المنتشر بيننا, فعدم الألتزام بوحده عضويه للتفسير غالبا ما يؤدى الى الأرتباك والشك فى اعجاز القرآن وآياته. فالآيه تذكر حال المؤمنين فى جنات الخلد التى بها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر فى الدنيا, لكن رغم ذلك تجد المؤمنين كلما رزقوا فى جناتهم رزقا قالوا هذا الذى رزقنا به من قبل "أى فى الدنيا" وأتانا الآن فى الجنه متشابها!!
ومثل هذا التفسير النقطى للآيه بما فيه من تضارب يضع كل تصوارتنا عن جنه الخلد السماويه فى مهب الريح!! لأنه اذا كان حظك من نعيم الدنيا قليل فسوف يكون ايضا كذلك فى الفردوس مهما كان درجه فردوسك, فما أتاك من رزق الدنيا سيأتيك شبيهه فى الآخره,
هذا ما يقرره التفسير النقطى للآيه الكريمه والذى لابد من حفظه دون التزام بوحده عضويه او ألتفات الى الثابت فى وصف الجنه بأن بها مالم يخطر على قلب بشر !!
--صار لى شى ميه سنه عم ألف عناوين!! مش معروفه لمين؟؟
وديله الأخبار!! بكره لابد فى السما لتشتلى ع الباب
شمسيات واحباب ياخدونى لشنى هون!!
فالمفكر هو الذى يستطيع ان يؤلف عناوين أو صياغه آراء فى الحاضر الذى هو قراءه للماضى واستقراء للمستقبل ووضع تلك الآراء فى أطار نظرى أو نظريه كتلخيص لحكمه الحياه والموت..
ولتبيان اعجاز القرآن الكريم وتقليل الخلاف فيما أوحاه الروح الأمين على قلب خير المرسلين, فعلى صاحب الفكر الألتزام بوحده عضويه فى تفسيره لسور القرآن وآياته وارتباطه بالهدف الأسمى للوحى الألهى الموجه للأنسان وكذلك وضوح المشكله والحل!!
وسوره البقره ورد فيها قصه خلق آدم وقبوله فى رحم الغيب حمل امانه وجوده فى الدنيا كخليفه لله. وفى أطار الوجوديه المؤمنه التى ترى الأنسان مبعوث ألهى أتى الى الدنيا بتوكيل عام "ألا قليلا" من الله يتم تحديد احد المفاهيم الجوهريه وهو ان وعى الأنسان فى رحم الغيب قد سبق وجوده بما يتضمنه ذلك من تصور وأدراك أو ماهيه.
وهذا الوعى السابق للوجود تؤكده الآيه 25 من نفس السوره, حيث نجد المؤمنين فى جناتهم يستعيدونه ويتذكرون هذا النعيم الذى كان حافزا لهم لقبول التحدى وطلب الوجود فى الدنيا من الله مولانا, أملا فى أن يكون هذا النعيم رزفهم أذا نجحوا فى حمل أمانتهم وأدوا مهمتهم الأصلاحيه على الأرض!!
ولأن الله غفور رحيم, فأنه لا يطلب منا الحصول على درجه 100 فى 100 للنجاح , ربما كان وعي الأنسان السابق لوجوده يتمنى الحصول على الجائزه الكبرى والدرجه النهائيه, لكن فى التجربه والأختبار لم يستطع الوصول الى الدرجه العاليه الرفيعه بجوار المصطفيين من البشر, لكن هذا الأنسان رغم ذلك نجح برحمه الرحمن وغفرانه ولذا فسوف يعطيه الله رزقه من نعيم الفردوس متشابها غير بعيد مما كان يصبوا اليه وعيه الذى سبق وحدد وجوده.
-- وقديش كان فيه ناس, ع المفرق تمطر ناس؟؟ ونطرت مواعيد الأرض وما حدا نطرنى!!

المجاز اللغوى أيضا من احد أهم النقاط الخلافيه بين المؤمنين والملحدين الذين امتلئت بهم قنوات الأعلام وصفحات التواصل. والتفسير المنقط لآيات القرآن من اهم عوامل احتدام نيران الألحاد فى عقول شبابنا وفشل الخطاب الدينى الكلاسيكى فى الوصول اليهم.
فالعلمانى الملحد يرى انه عندما تغنى فيروز السماء بتمطر ناس, فهذا خيال أو وهم غير موجود وأن العقل السليم لابد له من رؤيه ذلك, وبالتالى عندما يخبرنا القرآن ان الله ليس كمثله شئ وأن الجنه بها مالا عين رأت او اذن سمعت فأن هذا لا يعنى سوى شئ واحد وهو ان الله والجنات أوهام من اختراع خيال البشر..كلام يبدو منطقى بلغه المجاز ولاسيما أن رأيهم يعززه تعريف القاموس اللغوى لمعنى المجاز!!
وهكذا يصرخون وتصرخ انت أيضا بسبب تفسيرات نقطيه وتعريفات لغويه لمعنى المجاز وفوق ذلك كله بسبب غياب "نظريه معرفيه" يكون فيها المجاز أحد وسائل الأدراك واستعاده الوعى السابق للوجود.
فالقرآن ابدا ابدا لم يذكر انه يقدم للناس معرفه جديده غير مسبوقه بالله, بل انه دائما ابدا ينص على انه تذكره وتذكر لهذا الوعى المنسى لكل البشر والذى سبق وجودهم بل حتى سبق خلق السموات والأرض!!
فكل البشر لديهم وعى مسبق بأن من خلق السموات والأرض ليس كمثله شئ, أو الله, يتفق فى ذلك المؤمن والكافر (حتى الوتريين يدركون ذلك) كما ورد فى القرآن ..
والأمثله التى يضربها القرآن لنا هى من باب استخدام المجاز كوسيله لتذكر هذا الوعى الفطرى عند كل منا وليس لتقديم احاطه تشبيهيه بشئ غير معروف لنا مسبقا. فالأسلام هو دين الفطره لأن الوعى الفطرى بنور الله وصفاته منقوش داخل أرواح كل البشر, لكنه للأسف منسى غير مدرك عند اغلبيتهم بسبب ظلمه النفوس وأهواء الدنيا..
نقول للأسف لأن عباد "الشيطان" يتبجحون على الله والمؤمنين به قائلين كيف لنا ان نعبد ربا فشل فى أداره الدنيا وتركها للشيطان الذى يحكم بلامنازع ولا وازع من أخلاق كما تدل الأحداث!!
والثابت ان الله لم يفشل فى اداره الدنيا لكننا نحن من فشلنا على مستوى الأنسانيه كمجموع وعلى مستوى الأتسان الفرد. لدرجه انه تحت مظله حريه الرأى والأعتقاد بدأنا نستحى من التصدى للكفر ومواجهه مدارس الألحاد حتى لا يتم اتهامنا بالرجعيه والتطرف الدينى!!
أصبحنا نستحى من مواجهه الشيطان وفشلنا فى أدراه دنيانا على الوجه الأصلح فيما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.
لكن اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ" كما تخبرنا الأيه 26 من نفس السوره..
فمثل الشيطان وما يبثه أتباعه كمثل بعوض المستنقعات الذى لا يصيب البشر منه ألا انتشار الأمراض والأوبئه الخطره,
وهنا تشبيهه شئ معروف بشئ معروف.
وأذا كان عبده الشيطان يراهم العلمانيون متفقين مع المنطق والواقع لأن الشيطان معروف لهم, فكيف لا يكون نقيض الشيطان معروف لهم أيضا!!
فأنكارهم لله ليس ألا نتيجه الغرور المقيت والتكبر البغيض
وعلينا أن نفتش عن العلاج الناجع والدواء الشافى لمدارس الشيطان وعباده لأنه ليس هناك ما يشين المجتمعات التى تكافح البعوض وتحد من انتشاره..
https://www.youtube.com/watch?v=458nV2GRY1w&list=RD458nV2GRY1w&start_radio=1

#اسامه_شوقي_البيومي (هاشتاغ)       Osama_Shawky_E._Bayoumy#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل