أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جليل إبراهيم المندلاوي - كوتا الهوية المفقودة وتمدد الوهم القومي















المزيد.....

كوتا الهوية المفقودة وتمدد الوهم القومي


جليل إبراهيم المندلاوي
كاتب وصحفي

(Jalil I. Mandelawi)


الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 20:47
المحور: كتابات ساخرة
    


يبدو أن العراق "ولله الحمد" يسير بخطى ثابتة نحو "لعبة الديمقراطية"، حيث إن موسم الانتخابات فيه لا يكتمل إلا بخلطة سحرية من الدهشة والسخرية، وشيء من الفانتازيا السياسية، التي تجعل المواطن يشعر أنه يشاهد برنامج "رامز تحت الأرض" لا نشرة أخبار، وعادت معه عادة معروفة وهي، الطعن بهوية أي شخص يفوز ولا يعجبك فوزه، مثلما تطعن بفاتورة كهرباء، أو بغياب الموظف، أو بنزاهة مقدم برامج.
وآخر عجائب هذا الموسم جاءت من فوز مقعد الكوتا في الكوت عبر القناة الخاسرة "الأولى" التابعة لريان الكلداني، بعد فوز المرشح الذي صوّت له الرئيس مسعود بارزاني بمقعد الكوتا في الكوت، وهو فوز طبيعي جدا، لكن فجأة البعض شعر أن أحدا سرق "بطاقته التموينية"، لتتحول القناة فجأة إلى مخبر جنائي للهويات، ومختبر جينات ومنصة لاتهامات لا ترى في المواطن إلا بطاقة تعريف يجب أن تفحص تحت المجهر ويجرى للمرشح لك تحليل DNA سياسي، قبل أن تحتسب أصواته، حيث ظهر المحافظ السابق محمد جميل المياحي " جزاه الله خير الجزاء" ليخبرنا أن هناك طعونا وشكوك وتساؤلات، وقليلا من التشكيك، حول هوية الفائز.. هل هو فيلي؟ هل هو كوردي؟ هل هو فيلي وكوردي؟ هل هو فيلي بالأصالة أم مغشوش؟ كوردي بالسكن؟ كوردي فيلي بالنية؟.. لا ندري بعد، فاللجنة المختصة بالتصنيف لم تصدر قرارها، فلو كان هذا المرشح علبة جبن، لكان أسهل، عالأقل الجبن عليه شعار يدل على أصل المنشأ، وكأننا صرنا في برنامج "من سيربح الهوية"، وليس في انتخابات يفترض أنها دستورية ومبنية على إرادة الناخب.
السؤال البسيط الذي يطرح هنا هو، كيف يسمح مسؤول لنفسه ومقدمة برامج بالتشكيك في هوية مواطن؟ وكأن الجنسية والانتماء أصبحتا ملكا شخصيا لبعض الساسة والإعلاميين يعطونها لمن يشاؤون ويمنعونها عمّن يشاؤون.
ثم جاء المشهد الأكثر كوميدية عندما ناقش الضيف ومضيفته "بكل جدية مصطنعة" وجود أكثر من 16 ألف منتسب من البيشمركة في إقليم كوردستان صوتوا لهذا المرشح، أي صدمة هذه، وكأن البيشمركة ليست قوة رسمية اعترف بها الدستور وقاتلت داعش عندما كان البعض يتفرّج من الشباك، ونسوا "أو تناسوا" أن صفوف البيشمركة تضم آلاف الكورد الفيليين إلى جانب المسيحيين والإيزيديين والشبك والتركمان والكاكائيين وغيرهم.. طبعا هذا الجزء لم يعجب البعض، لأن قبول فكرة أن الكورد الفيليين في صفوف البيشمركة أيضا قد يفسد "حبكة" الحملة الإعلامية.
ثم تأتي القفشة الأكبر التي تستحق جائزة "أفضل لقطة تهكمية لعام 2025"، فبينما كان النقاش في البرنامج مستعرا عن هذا المرشح وكأنه كائن خرافي، فجّر الضيف قنبلة يحسبها من العيار الثقيل، حين تحدث أن الرئيس مسعود بارزاني صوّت للمرشح الكوردي الفيلي، يا ساتر يا رب، رئيس يصوّت؟، ويصوّت حسب قناعته؟، ولمرشح يختاره هو؟
تخيّلوا رئيس يرى الجميع أخوة ومواطني بلد واحد، ويصوت كما يشاء ولمن يشاء.. واضح أن هذه جريمة كبرى في نظر البعض، وتجاوز خطير على المنهج الجديد لهم والمتمثل في "صوّت لمن نريد، لا لمن تريد.. فصوتك ملك للدولة، والدولة ملك جماعتنا"، لتأتي بطلة المشهد الإعلامية منى سامي لتلقي السؤال الذي سيبقى علامة فارقة في تاريخ التقديم التلفزيوني في العراق وهو، "كيف تسمحون للحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يتمدد داخل المحافظات الشيعية؟"، وكأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني مادة كيميائية قابلة للانفجار، أو فيروس يحتاج إلى حجر صحي، وليس حزبا سياسيا ينتمي إليه مكوّنات أصيلة موجودة تاريخيا في العراق، قبل أن تخلق معظم الفضائيات التي تنظّر اليوم، فالديمقراطي الكوردستاني حزب سياسي يملك جمهوره ويمتلك بين صفوفه مواطنين من مختلف المكوّنات، وهنا يصبح "التمدد" مرعبا، ويصبح التعايش "غزوا"، ويصبح الوجود الكوردي "وخاصة الفيلي" في الجنوب، أمرا غير طبيعي، فيا أخت منى سامي.. التمدد الحقيقي الوحيد الذي عليك أن تتعلميه، هو تمدد الجهل السياسي وتمدد الطائفية الإعلامية، و تمدد الخطاب الذي يريد زرع الفتن.
والأطرف في اللقاء، أن المياحي نفسه اعترف بأن الكورد الفيليين يتواجدون في مناطق تمتد من ديالى حتى العمارة، لكن يبدو أن المشكلة ليست بالوجود بل بالانتماء السياسي، فالمطلوب من الكوردي الفيلي أن يكون موجودا فقط إن كان صامتا، أما إن يختار جهة سياسية يرى أنها تمثله؟ فهذا "تمدد" خطير يجب إيقافه، لتبدأ صفارات الإنذار، وتفتح ملفات الهويات، ويعلن الاستنفار الإعلامي.
السؤال الأخطر الآن هو، أين هيئة الإعلام والاتصالات؟، أين الجهة التي تلاحق تغريدة عن الطقس، "محتوى" في مقطع تيك توك، لكنها لا ترى مشكلة في خطاب يمسّ الهوية ويهدد التعايش؟، أين الجهة التي يفترض أن تمنع التحريض وأن تحاسب من يعبث بالنسيج الاجتماعي وأن توقف من يتحدث بلغة طائفية مقيتة إلى "مسموح" و "غير مسموح"؟، فهل أن منى سامي وعرابيها "بحسب الواقع الإعلامي" خط أحمر لا يمسّ، حتى لو مسّ الوحدة الوطنية، أم أن الخط الأحمر هو قول الحقيقة فقط؟ وهل إن منى سامي مشمولة ضمن "برنامج الحماية من النقد"؟ أم تابعة لفئة "ممنوع الاقتراب والتصوير"؟
ليبقى السؤال الذي تغاضى عنه ضيف البرنامج ومضيفته عمدا وعن سبق إصرار، السؤال الذي يخشاه البعض وهو، هل يريد الخاسرون أن يفرضوا إرادتهم على الكورد الفيليين؟ وهل المطلوب من الكورد الفيليين أن يصوّتوا حسب "كتيّب تعليمات" يوزع قبل الانتخابات؟ أم أن المطلوب أن يبقوا خارج اللعبة السياسية، حتى يستمر البعض في التعامل معهم كمكوّن مهمش، لا كمواطنين شركاء في الوطن؟
الكورد الفيليون الذين عانوا من التهجير والظلم، ليسوا قطع غيار سياسية تركّب عند الحاجة وترمى عند الانتخابات، وهم ليسوا تابعين لأحد، بل هم جزء من شعب كوردستان وجزء من العراق، ولهم كامل الحق "مثل أي مواطن" أن ينتموا لأي جهة سياسية، ويصوّتوا لمرشح ويفوزوا بمقعد.. دون أن يطلبوا إذنا من منى سامي، ولا من ريان الكلداني، ولا من أي سياسي خسر مقعدا ويريد تعويضه بالضجيج، فكل هذه الجلبة وكل هذه الضوضاء وكل هذا التهويل.. بسبب مرشح كوردي فيلي حصل على تأييد الرئيس بارزاني، ومع ذلك ارتفع الضغط وانخفض السكر، وانقلبت الطاولات، حيث أقلق ذلك محافظا سابقا، وأزعج قناة كاملة، وهزّ بعض أسياد "الطعن المجاني بالهوية".. فما بالك لو كان للكورد الفيليين أكثر من مقعد كوتا، ربما كانوا سيطالبون بإرسال فريق دولي للتحقيق، لنعيش في دوامة من الهراء والتناقض، حيث يصرخ من خسر انتخابات ليلغى فوز غيره، ويتحول الإعلام من أداة للتوعية، إلى منصة للتحريض، ويختزل الوطن إلى طوائف وعرقيات وكأننا لم نتعلم من جراح الماضي شيئا.



#جليل_إبراهيم_المندلاوي (هاشتاغ)       Jalil_I._Mandelawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يمثل من؟.. نائب يجرّب السلطة على الشعب بدل أن يمارسها لأج ...
- في حضرة الألم
- وداعا ترمب
- سهل نينوى.. هواجس بلا حدود
- خلّوا سبيل الناقة
- حين يعجزون.. يغطون الشمس بغربال
- حين تنتصر الذاكرة
- الأنفال.. جرحٌ لا يندمل وذاكرة لا تموت
- بان زياد.. موت معلّق
- رقصة الكبرياء الأخيرة
- بين صواريخ طهران وعباءات الديمقراطية
- في البدء كان الشك
- ثلاثية النفط، الرواتب، والدستور.. طقوس الإذلال المتعمد
- النفط يمرّ من هنا.. كوردستان تكتب مستقبلها
- أربع وعشرون ساعة من الصمت
- شمم الروح
- فاتورة وطن
- ذاكرة طريق
- شظايا حلم مكسور
- حرب الكبار.. بين التنين والعم سام


المزيد.....




- من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم -وحش حولّي- في خطف ...
- جدل بعد أداء رجل دين إيراني الأذان باللغة الصينية
- هل تحبني؟.. سؤال بيروت الأبدي حيث الذاكرة فيلم وثائقي
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- -سيرة لسينما الفلسطينيين- محدودية المساحات والشخصيات كمساحة ...
- لوحة للفنان النمساوي غوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يُب ...
- معاناة شاعر مغمور
- الكويت تعلن عن اكتشافات أثرية تعود لأكثر من 7 آلاف سنة
- الصين تجمّد الأفلام اليابانية في ظل اشتعال ملف تايوان


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جليل إبراهيم المندلاوي - كوتا الهوية المفقودة وتمدد الوهم القومي