أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جليل إبراهيم المندلاوي - من يمثل من؟.. نائب يجرّب السلطة على الشعب بدل أن يمارسها لأجله














المزيد.....

من يمثل من؟.. نائب يجرّب السلطة على الشعب بدل أن يمارسها لأجله


جليل إبراهيم المندلاوي
كاتب وصحفي

(Jalil I. Mandelawi)


الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 23:45
المحور: كتابات ساخرة
    


في الوقت الذي صار فيه المقعد النيابي أكبر من صاحبه، وأضيق من أن يتّسع لفكرة الديمقراطية، خرج علينا مشهدٌ يلخّص أزمة السلطة حين تنقلب على أصل معناها، ففي قضاء الدبس الهادئ، استيقظ الأهالي على عرض أكشن سياسيّ حيّ.. حيث اقتحم نائب منتخب بيت مواطن لأنه تجرأ وكتب تعليقا على فيسبوك، عجبا.. يبدو أن الديمقراطية عند البعض تتحسس من اللايك وتختنق من البوست، في زمن يفترض فيه أن يكون النائب ظلّ القانون ودرع المواطن و"الخادم الأمين" لمطالبه.
الخبر "كما روي من الشهود" يقول إن الهجوم لم يكن مجرد "زيارة تفقدية"، بل استعراض مسلّح يشبه تمرينا على فيلم من نوع الزعيم الغاضب يعود ليثأر من الـ"لايك" الضائع"، ولأن العائلة المسكينة لم تستقبل هذه "الزيارة" بالورود، فقد حظيت بحصتها من الضرب، والتحطيم، وسلب الهواتف، والأجمل "أو الأسوأ" أن الهجوم لم يكتف بالضرب والتحطيم، بل امتدّ ليشمل حتى القوة العسكرية التي جاءت لتمنع تفاقم الفوضى، فبدلا من احترام القانون، فضّل السيد النائب أن يصفع آمر السرية ليذكره ربما بأن سلطة القانون مجرد "إقتراح غير ملزم" أمام سطوة المقعد البرلماني، فعندما جاءت قوة عسكرية لحماية المدنيين من الفوضى، فوجئت بأن واجبها الأول أصبح حماية نفسها، وبدل أن يستقبلوا عناصر الجيش باحترام الدولة، استقبلوهم بـ"صفعة" لإعادة تذكيرهم بأن القانون ليس سيد الموقف، بل السيد النائب.
إنها كوميديا سوداء مكتملة الأركان، فهنا مواطن ينتقد نائبا، والنائب يغضب، والحماية تتحرك والجيش يتدخل ثم الجيش يصفع.. والنائب يتحصن والدولة تتفرّج فيما المواطن يقدم شكوى.. في حين كان من المفروض أن النائب هو من يسنّ القوانين، لا من يكسرها على رؤوس الناس، لكن يبدو أن بعض أهل السياسة يعتقدون أن الحصانة البرلمانية تشمل، حصانة من النقد، وحصانة من الغضب، وحصانة من الأدب، وحصانة من الخجل أيضا.
وفي الوقت الذي يلجأ المواطن فيه إلى الشرطة لطلب العدالة، نرى النائب يلجأ إلى مقره الحزبي، ومعه مناصروه وسلاحهم، تحسبا "لأي طارئ".. لقد أصبحنا نعيش زمنا مقلوبا، فالقانون يضرب.. والمواطن يضرب.. والقائد العسكري يصفع.. بينما النائب يخرج وهو منتصر على الفيسبوك، وعلى البيت، وعلى السيارة، وعلى أعصاب الجميع، فاقتحام نائب لمنزل مواطن بسبب تعليق على فيسبوك حوّل الحصانة إلى سلاح، والقانون إلى لعبة، والشعب إلى هدف، فما حصل ليس حادثا عابرا، بل فضيحة تُعلن سقوط السلطة التي يُفترض أن تحمي الناس لا أن تهددهم
فإذا كان التعليق في فيسبوك يستدعي "حملة تحرير منزل" و"عمليات عسكرية مصغرة"، فكيف سيكون الوضع لو كتب المواطن مقالا كاملا؟.. وهل سنرى حربا أهلية بسبب بوست؟.. أم "قوات أمنية" تداهم حسابات التواصل قبل أن تداهم الخارجين عن القانون؟
ما جرى في الدبس لم يكن حادثا عابرا، بل سؤالا كبيرا يتقدّم على كل التفاصيل "من يمثّل من؟.. نائبٌ يختبر سلطته على الناس بدل أن يمارسها لأجلهم، أم شعبٌ صار مطالبا بأن يقدّم فروض الولاء قبل أن يكتب تعليقا على فيسبوك؟ إنها قصة واقع مقلوب، فيه القانون يُصفَع، والمواطن يُعاقَب، والسلطة تُستَخدم ضد من صنعتها، فهل بقي في المشهد شيء يدلّ على أن الديمقراطية ما زالت على قيد الحياة؟
وفي نهاية المطاف، لا بد من التذكير بأن من يتولى المنصب العام لا ينبغي أن يغريه موقعه باستخدام القوة ضد المواطنين، فالأجدر به أن يضرب بيد القانون، لا بيد الحماية..
فلا تنهَ عن خلقٍ وتأتي مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيما



#جليل_إبراهيم_المندلاوي (هاشتاغ)       Jalil_I._Mandelawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة الألم
- وداعا ترمب
- سهل نينوى.. هواجس بلا حدود
- خلّوا سبيل الناقة
- حين يعجزون.. يغطون الشمس بغربال
- حين تنتصر الذاكرة
- الأنفال.. جرحٌ لا يندمل وذاكرة لا تموت
- بان زياد.. موت معلّق
- رقصة الكبرياء الأخيرة
- بين صواريخ طهران وعباءات الديمقراطية
- في البدء كان الشك
- ثلاثية النفط، الرواتب، والدستور.. طقوس الإذلال المتعمد
- النفط يمرّ من هنا.. كوردستان تكتب مستقبلها
- أربع وعشرون ساعة من الصمت
- شمم الروح
- فاتورة وطن
- ذاكرة طريق
- شظايا حلم مكسور
- حرب الكبار.. بين التنين والعم سام
- مفاجأة القمة.. الشرع في بغداد


المزيد.....




- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جليل إبراهيم المندلاوي - من يمثل من؟.. نائب يجرّب السلطة على الشعب بدل أن يمارسها لأجله