أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جليل إبراهيم المندلاوي - سهل نينوى.. هواجس بلا حدود














المزيد.....

سهل نينوى.. هواجس بلا حدود


جليل إبراهيم المندلاوي
كاتب وصحفي

(Jalil I. Mandelawi)


الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 02:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تحتاج المؤامرات في العراق إلى أدلّة، فيكفي أن يتنفس أحدهم في الاتجاه الخطأ لتبدأ نشرات الأخبار بالعزف على وتر “الخطر الداهم”، لذلك يصبح من الطبيعي أن تقاس البطولات والمكاسب الانتخابية في عالم السياسة العراقية بمعايير لا تخلو من الطرافة، حيث يأتي البعض لينسج سيناريوهات مأساوية حول كل خطوة إصلاحية أو تنظيمية تتخذها حكومة إقليم كوردستان في المناطق المتعددة المكونات، وتصويرها على أنها مؤامرة ضد البلاد والعباد، وتنطلق هستيريا سياسية بكامل أناقتها لمجرد مرور مسؤول من كوردستان في المنطقة، وكأن وجوده يثير قلقا أكثر من خلايا الإرهاب، بل وكأنه يحمل خطة عسكرية مع خرائط ثلاثية الأبعاد وجيشا من الموظفين يترقبون الفرصة المثالية لتطبيق "الهيمنة المطلقة"، لتتحول المنطقة فجأة إلى “جبهة إنقاذ الوطن”، فيظهر محللون وسياسيون يتحدثون عن محاور، وخطط تحرير، وكأننا أمام إعادة إنتاج لفتوحات تاريخية، لنصبح كأننا أمام نسخة محلية من مسلسل درامي، أرخص تكلفة وأكثر تشويقا، مليْ باتهامات سخيفة تتوالى بأن الإقليم يريد السيطرة على سهل نينوى ويخطط لإدخال قواته وفرض سلطته على المنطقة، وكل هذا "لتحقيق مكاسب انتخابية".
المزحة الأكبر تكمن في تلك الاتهامات حول حضور الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سهل نينوى والتي يطلقها "الزعيم الكوميدي" وصاحبه "المختال المهووس" اللذين اعتادا تحويل أي خطوة إصلاحية من قبل البارتي إلى مؤامرة للسيطرة على كل شبر من سهل نينوى، بدءا من أشجار الزيتون وحتى آخر حجر في المنطقة، وكل ذلك بالطبع لتحقيق مكاسب انتخابية خفية، فمنذ اللحظة التي يسمع فيها أحدهم اسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني تتحوّل أي مبادرة إدارية أو أمنية إلى "تدخل على حساب الآخرين" و"محاولة فرض السيطرة بالقوة"، حتى لو كانت مجرد توزيع مياه الشرب أو ترتيب ملفات المدارس.
الزعيم الكوميدي الذي يعشق الاستعراضات على خشبات المسارح، وتحطيم الميكروفونات، والذي يخيل إليه أنه بطل فيلم جاسوسية، فكل اجتماع بين قيادة البارتي والمكونات المحلية هو بمثابة مؤامرة سرية ضد اتحاده المتهالك، فيما صاحبه "المختال المهووس" الذي يدعي زورا أنه حامي الهوية الوطنية، فيظن أن كل خطوة لتحسين الأمن والخدمات العامة هي مشهد انتخابي مخادع، بينما الحقيقة أن كل شارع يتم تعبيده، وكل مدرسة تبنى هي مجرد محاولة لإدخال لمسة من الاستقرار للمنطقة، وهو أمر يبدو صعبا على من تعوّدوا اللعب بألوان الصراعات عبر كاميرات الإعلام الساخرة، والغريب في هذا العرض الكوميدي هو محاولات خصوم البارتي لتصوير كل خطوة كتهديد لاستقرار المنطقة، بينما الواقع يقول إن التوازن وتحقيق الخدمات هما هدف الحزب، لا التوتر والفوضى، حيث أضحى هؤلاء الخصوم وكأنهم يجلسون في مقاعد المسرح يلقون صرخات عالية ويتوقعون أن تصدق الجماهير السيناريو الهزلي.
أما عن "التهويل" بأن الإقليم يسعى لفرض سيطرته على سهل نينوى وضمّه إلى المادة 140، وكأن المنطقة قطعة شطرنج يمكن نقلها من خانة إلى أخرى بضغطة زر، فيبدو أن البعض يفسر أي حديث عن الحقوق الدستورية للكورد في المناطق الكوردستانية المختلف عليها وكأنه تهديد مباشر لهم، وكأن الحقوق التاريخية والمكتسبة عبر الدستور لا تعامل إلا كمكاسب انتخابية، والحقيقة أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بحكمته المعهودة يرى أن الموضوع أكبر من حسابات انتخابية وأعمق من مجرد صراعات، في حين إن كل ما يسعى إليه هو إدارة مسؤولة ومتوازنة تحترم المكونات المتعددة بعيدا عن أضواء الإعلام الساخرة والتصريحات الكوميدية التي لا تنتهي.
دعونا نكون واقعيين قليلا، فهل كل خطوة إدارية في الإقليم تتحول تلقائيا إلى مؤامرة؟ وهل كل تعاون بين سلطات الإقليم والسلطات المحلية يعني "الهيمنة"؟، ففي عالم الأخبار الساخرة يعد أي اجتماع بين مسؤول كوردستاني وعشائر سهل نينوى هو "خلية أزمة كبرى" و"تسريب لمخطط انتخابي سرّي"، حيث يبدو أن البعض لديهم حساسية مفرطة تجاه نجاح الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ويعتقدون أن الاستقرار المحلي هو تهديد لهم، ورغم ذلك فالحزب الديمقراطي الكوردستاني المعروف بتاريخه النضالي وبتقديره للتعددية، لا يسعى لضم أي منطقة بالقوة، بل يسعى لتوفير إطار إداري مستقر يمكّن السكان من إدارة شؤونهم بمشاركة الجميع، وفيما يتعلق بالانتخابات فإن البارتي لا يحتاج إلى خلق توترات لتحقيق مكاسب انتخابية، فالقاعدة الجماهيرية الراسخة التي يمتلكها، والثقة الشعبية التاريخية الممتدة عقودا، وانخراطه في الحياة السياسية، كفيلة بأن تضمن له النجاح، وبأن تجعله الحزب الأول في اقليم كوردستان وعلى مستوى العراق أيضا، أما الاتهامات بخلق التوتر وعدم الاستقرار، فهي أشبه بمحاولة للبحث عن مؤامرة في كومة ورق فارغ، بل أشبه بمحاولة رسم لوحة خيالية على جدار فارغ.. لوحة يمكن أن تعرض في أي معرض للفن الساخر تحت عنوان "كيف تصنع مؤامرة من لا شيء".
باختصار إن أي تهويل حول تدخل إقليم كوردستان في سهل نينوى، ليس إلا قصة من قصص الخيال السياسي، وإن ما يسمّى تدخلا كورديا في سهل نينوى، ليس إلا ممارسة طبيعية وحرصا على الأمن والمصالح المشتركة بعيدا عن أي حسابات انتخابية ضيقة، ففي النهاية تظل تهم فرض السيطرة والاعتبارات الانتخابية مجرد فصل من كوميديا سياسية يومية يكتبها خصوم الديمقراطي الكوردستاني، بينما الحزب يمضي في طريقه محافظا على صورته كمنظّم حكيم ومراقب دقيق يذكر الجميع بأن الاستقرار الحقيقي لا يبنى على الخيالات، بل على الإدارة الحكيمة والتعاون بين المكونات، أما بقية الشخصيات فلتستمر في أدوارها الكوميدية، تصرخ وتطلق التهم جزافا، بينما البارتي يمضي في طريقه بثقة وثبات، لأنه أثبت دوما بأنه لا يخاف من التهم الباهتة، ولا يركن إلى الصراخ الإعلامي، فهو مشغول بشؤون شعبه لا بالمؤامرات الخارقة، ويسعى إلى حكم رشيد يعترف بالشراكة والتوازن، ويحتفي بالتوافق والاستقرار، أما الخيال السياسي لبعض أشباه السياسيين والإعلاميين، فذلك قصة أخرى تستحق جائزة نوبل في الإبداع الخيالي.



#جليل_إبراهيم_المندلاوي (هاشتاغ)       Jalil_I._Mandelawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلّوا سبيل الناقة
- حين يعجزون.. يغطون الشمس بغربال
- حين تنتصر الذاكرة
- الأنفال.. جرحٌ لا يندمل وذاكرة لا تموت
- بان زياد.. موت معلّق
- رقصة الكبرياء الأخيرة
- بين صواريخ طهران وعباءات الديمقراطية
- في البدء كان الشك
- ثلاثية النفط، الرواتب، والدستور.. طقوس الإذلال المتعمد
- النفط يمرّ من هنا.. كوردستان تكتب مستقبلها
- أربع وعشرون ساعة من الصمت
- شمم الروح
- فاتورة وطن
- ذاكرة طريق
- شظايا حلم مكسور
- حرب الكبار.. بين التنين والعم سام
- مفاجأة القمة.. الشرع في بغداد
- مفاوضات نووية بطعم النعناع
- مزاد جيوسياسي.. سيادة تبحث عن لجوء
- العيد بين الهلال والسياسة


المزيد.....




- قضاة محافظون بالمحكمة العليا الأمريكية -ينتقدون بشدة- رسوم ت ...
- الفلبين تعلن حالة الطوارئ بسبب الإعصار -كالمايغي-
- سقوط الفاشر وأثره على سياسة واشنطن بالسودان
- تحقيق يكشف تمويل شركة -إكسون- حملات تضليل مناخي
- غزة بعد الحرب.. تفاصيل العيش في خيم
- سوريا.. جملة -انا استخبارات ولاك- بفيديو رجل يهدد شرطي تشعل ...
- الفلبين: أكثر من 140 قتيلا عقب إعصار -كالمايغي- ورئيس البلاد ...
- السلطات الأوروبية تُفكك شبكة احتيال بالعملات المشفرة
- -هجمات الدببة- تثير ذعرا.. واليابان تنشر قوات من الجيش
- -صقور ترامب- نحو إسقاط مادورو.. وروسيا تلوّح بالصواريخ


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جليل إبراهيم المندلاوي - سهل نينوى.. هواجس بلا حدود