أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تجليات العنف البنيوي للإدارة السورية الجديدة














المزيد.....

تجليات العنف البنيوي للإدارة السورية الجديدة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يواجه السوريون تحدياً وجودياً، من خلال إدارة حكومتهم الانتقالية لفوضى التوحش، أي إدارة حالة الفوضى منذ أحد عشر شهراً، طبقاً لكتيب " إدارة التوحش " لمؤلفه أبو بكر ناجي، الذي نصحهم بأن يحسنوا التوحش إلى أن " تستقر الأمور لإقامة الدولة الإسلامية ". إذ تُعتبر شيطنة المكوّنات الطائفية تمهيداً لتحويلهم " أهل ذمة "، بالتزامن مع العودة إلى الماضي " الهوية الأموية "، بما يؤدي إلى تعميم الأحقاد الطائفية وإضعاف الهوية الوطنية السورية الجامعة، كما حصل في مجزرتي الساحل والسويداء والاعتداءات الأخرى في عدة مناطق.
ويبدو واضحاً أنّ تخبط الحكم الجديد بدأ يظهر مع انتشار السلوك الطائفي منذ بدايات التغيير في 8 كانون الأول/ ديسمبر، من خلال مقولة " من يحرّر يقرّر "، وقرارات " مؤتمر النصر "، وما جاء بعدهما من إجراءات تعتمد على أهل الولاء وتبعد أهل الكفاءة، والأخطر هو إذلال أغلب السوريين من خلال القتل والاختطاف واقتحام الأعراس، والتدخل في خصوصيات أفراد المجتمع وفرض أنماط جديدة لحياتهم.
وتشير الإجراءات والمعطيات السابقة إلى فشل الإدارة في حماية مواطنيها، والأخطر أن تنطلق من اعتبار سوريا غنيمة حرب لـ " أخوة المنهج "، الذين يخطفون النساء ويجبرهن على إنكار ما تعرضن له، ويستولون على السيارات وشقق السكن، ومطالبتهم بفدية لإطلاق سراح مختطفيهم من النساء والرجال والأطفال، بل يقتلون بعض غنائمهم. ويتم كل ذلك تحت حجة أنّ الفاعلين هم " فصائل منفلتة "، بما يعبّر عن عدم مسؤولية إدارة المرحلة الانتقالية عن أرواح ومصالح المواطنين السوريين.
إنّ قادة المرحلة الانتقالية يشككون في احتمال تطبيق مبادئ العدالة على " أخوة المنهج "، والعمل الجدي على منع ازدهار خطاب التطرف، بل التدخل في الحريات الفردية والعامة للمواطنين، بذريعة " الخصوصية الثقافية "، التي تراها قوى التطرف وأجهزة الأمن في ملبس ومشرب السوريين والسوريات، وكأنّ هذه الحريات هي مصدر تهديد السلم الأهلي وليس قوى التطرف والإرهاب. التي تخطف النساء والأطفال، خاصة من الطائفتين العلوية والدرزية، بما يخلّف آثاراً مدمّرة على وحدة الشعب السوري. إذ وفق تقارير حقوقية موثّقة منها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، إن نحو 100 شخص، نساء وأطفال ورجال، اختطفوا أو اختفوا في سورية منذ مطلع العام. وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان (تقرير تموز/يوليو 2025)، فقد تم توثيق أكثر من 120 حالة خطف خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، غالبيتها في ريفي اللاذقية وطرطوس، وبعضها ارتبط بخلفيات انتقامية أو طائفية، في ظل عجز واضح للأجهزة الأمنية عن ضبط الوضع أو محاسبة المتورّطين. في حين أنّ إدارة السلطة تصر على الإنكار بدل أن تتحمل مسؤوليتها عن حماية المواطنين، وعدم التهرّب من العقاب.
في حين أنّ المنظمات المختصة في هيئة الأمم المتحدة وجهت عدة رسائل إلى الحكومة المؤقتة حول اختطاف النساء، وقد أكدوا على ضرورة حمايتهن من آثار الخطف على مجتمعاتهن. كما أكدت منظمة العفو الدولية، في تقريرها الصادر في تموز/يوليو، عن تلقيها بلاغات عن اختطاف فتيات ونساء من اللاذقية وطرطوس وحمص وحماه، أغلبهن من الطائفة العلوية. بل أنّ اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في سوريا أشارت إلى حادثة بيع لامرأة علوية من ضمن الحالات التي حققت بها، كما أنّ بعض عائلات الضحايا تعرضوا للتهديد بسبب مطالبتهم بالمساءلة، كما أشارت إلى تعرّض الأهالي للضرب أثناء الاستجواب وإجبارهم على الإدلاء ببيانات منافية للحقيقة. بالرغم من تسجيل أكثر من 50 حالة اختفاء قسري في اللاذقية، مما دفع بعض العائلات الامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس.
وبالرغم من كل المعطيات الموثقة السابقة الذكر، في تقارير المنظمات الحقوقية المستقلة، الوطنية والدولية، جاء تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الداخلية، في 2 تشرين الثاني/نوفمبر، بشأن جرائم اختطاف النساء، لا ليكتفي بإنكار معاناة المختطفات بل يحوّلهن إلى متهمات وامتهان كرامتهن وإذلال أهلهن. مع العلم أن اللجنة لا تستوفي شروط الاستقلالية ولا متطلّبات الكفاءة، إذ تتكون بالكامل من موظفين في الوزارة ذاتها، والنتيجة أنّ التقرير شكل رسالة تشجيع للخاطفين بأنهم في مأمن من المحاسبة، بدل أن يطمئن الضحايا وأهلهم والرأي العام.
حيث أنّ التقرير ذكر أنّ اللجنة درست جميع البلاغات الـ 42 التي وردت إلى الوزارة، وخلصت إلى أنّ حالة واحدة كانت اختطافاً، ووصفت الحالات الأخرى بأنها " هروب طوعي مع شريك عاطفي "، أو " هروب من العنف الأسري "، أو " ادعاء كاذب "، دون أن يشير إلى مجزرة الساحل وما ولّدته من احتقان طائفي، بعد سلوك الفصائل المسلحة والفزعات الطائفية. مما جعل الأجهزة الأمنية، بعد إنكارها لعمليات الاختطاف ومشاركة عناصرها في الساحل والسويداء، شريكة في العنف البنيوي الموجّه ضد المواطنين والمواطنات، مما يهدد وحدة سوريا وترسيخ مناطق النفوذ للميليشيات المختلفة، وإذلال جسد المرأة وإهانة هويتها.
وهكذا، فإنّ استعادة كرامة السوريين والسوريات يتطلب تضامن كل فئات المجتمع مع ضحايا مجزرتي الساحل والسويداء نساء ورجالاً، مهما كان انتماؤهم الطائفي، ورفض استهانة أجهزة أمن الإدارة السورية بقيم المجتمع، والخطر الأكبر هو الاستهانة بالعدالة الانتقالية، التي تقتضي محاسبة المجرمين على جرائمهم، والإقلاع عن اعتبار الآخر عدواً وليس مواطناً كامل الحقوق.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا الجديدة التي نحتاج إليها /*/
- مراحل نشوء وتطور الحزب الشيوعي السوري /4 - 4/
- هل إشكاليات الصحراء الغربية على طريق الحل؟
- مراحل نشوء وتطور الحزب الشيوعي السوري /3 - 4/
- تحوّلات ثقافة حراك شباب المغرب
- مراحل نشوء وتطور الحزب الشيوعي السوري /2 - 4/
- أسئلة الدولة والمواطنة في سوريا الجديدة
- مراحل نشوء وتطور الحزب الشيوعي السوري /1 - 4/
- في ضرورة التشاركية السياسية لضمان الوطنية السورية الجامعة
- إدواود سعيد /1932 - 2003/: المثقف الكوني والهوية المركبة
- قراءة نقدية في خارطة طريق حل الأزمة في السويداء
- حول جدل الثقافة والعولمة /2 - 2/
- كيفية تعاطي الخبرة الإنسانية مع العلمانية
- تداعيات هجمات نيويورك على العالم العربي
- حول جدل الثقافة والعولمة /1 - 2/ /*/
- نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة
- أهمية حيادية الدولة للاجتماع السياسي السوري /*/
- في العلاقة بين المجتمعين المدني والسياسي
- سوريا ميدان تنافس تركي إسرائيلي /*/
- تطلعات السوريين إلى التشاركية السياسية


المزيد.....




- تفاصيل إطلالة ميلانيا ترامب في العشاء الرسمي مع وليّ العهد ا ...
- كيف وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى السلطة؟
- سقوط 9 قتلى وعشرات الجرحى في هجمات روسية ليلية بمسيرات على ع ...
- مسؤول أممي: فظاعات دارفور وقعت في ظل شعور بـ-إفلات تام من ال ...
- -فلسطيني للبيع-.. صور استفزازية تكشف وحشية جنود الاحتلال بغز ...
- ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية اعتبارا من 2026 بنظام يجمع بين ...
- أزمة في الجيش الإسرائيلي بعد مئات الطلبات لإنهاء الخدمة والت ...
- مقال في هآرتس: نتنياهو يقود -آلة السمّ- لترهيب الصحفيين
- صحيفتان غربيتان: حركة ماغا تفرض سطوتها على زعيمها ترامب
- عقار جديد يخفض الكوليسترول الضار بنسبة 60%


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تجليات العنف البنيوي للإدارة السورية الجديدة