أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تداعيات هجمات نيويورك على العالم العربي















المزيد.....

تداعيات هجمات نيويورك على العالم العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 17:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ "هجمات نيويورك"، التي قادتها منظمة القاعدة السلفية بزعامة أسامة بن لادن في 11 أيلول/سبتمبر 2001، كان واضحاً أنّ التاريخ سيُسجّل هذا اليوم كمحطة فاصلة بين كل ما سبقها وما سيعقبها على صعيد الاستراتيجية الأميركية في العالم العربي، من منظور جديد يتمثل في "الحرب الاستباقية" و"الفوضى البنّاءة".
وفي هذا السياق كانت بداية غزو العراق في 20 آذار/مارس 2003، وبداية إعادة هيكلة المنطقة العربية، من خلال تفكيك الوحدات الوطنية وإعادة تركيبها في إطار الشرق الأوسط الجديد. وهذا ما شهدناه كمحصلة لهذه السياسات في العراق وليبيا والسودان، وما نشهده هذه الأيام منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في فلسطين ولبنان وسوريا، مما يعني: تآكل مفاهيم السيادة والسلامة الإقليمية للدول، وزوال التحصّن وراء مبادئ القانون الدولي، والتكيّف مع الضوابط الجديدة في العلاقات الدولية، وهي مقاومة الإرهاب وملاحقته، والتصدّي لمن يلجأ إليه ومعاقبة الدول المتراخية، وتقييد التحرك الدبلوماسي للدول المشكوك في ولائها، وطرد الدول "الـ مارقة" بالملاحقة والتهميش، بما ينسجم مع مخططات إسرائيل لإعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد.
في عالم الفكر والسياسة الدولية ليس هناك ما يُقبل كله أو يُرفض كله. فلو كان من السهل أن نرفض كل ما تقوله الولايات المتحدة، لما كانت حاضرة في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا.
وفي هذا السياق، سعت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى إجراء تغيّرات بنيوية في العالم العربي، وذلك عبر برنامج يرمي إلى "إصلاح المؤسسات الاقتصادية والتربوية والسياسية في الشرق الأوسط". كما أعلن وزير الخارجية آنذاك، كولن باول، عن "مبادرة الشراكة الأميركية في الشرق الأوسط" في سياق عزم الولايات المتحدة على إعادة هيكلة برامج مساعداتها للدول العربية، لأنّ الكثيرين في العالم العربي، كما قال باول، يعانون اليوم "من انعدام الحريات السياسية والاقتصادية، والنقص في مجال حقوق المرأة، والتعليم الحديث الذي يحتاجون إليه للازدهار في القرن الحادي والعشرين".
ومما لا شكَّ فيه أنّ المبادرة الأميركية كان يمكن أن يكون لها أثر في تسريع التحوّل السياسي في العالم العربي، لو كانت جادّة في رفع الغطاء عن الأنظمة التسلطية في المنطقة، بالطريقة نفسها التي رفع بها غورباتشوف الغطاء عن ديكتاتوريات أوروبا الشرقية بانتهاج سياسة الانفتاح والتقارب مع الغرب، وبناء أنظمة سياسية ديمقراطية.
وبالرغم من ذلك، ففي عالم الفكر والسياسة الدولية ليس هناك ما يُقبل كله أو يُرفض كله. فلو كان من السهل أن نرفض كل ما تقوله الولايات المتحدة، لما كانت حاضرة في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا. ومن هذا المنطلق، لا مناص من الاعتراف بأنّ تطورنا السياسي ما زال بعيداً جداً عن الديمقراطية. وإذا كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة قد ركّزت على هذه القضية، فلأنها أضعف ما فينا، ونقطة الانكشاف القاتلة في تطورنا المعاصر، وهو ما لا ينفع فيه الإنكار، بل يجب أن نغلق نافذة انكشافنا في موضوع التقدم نحو الحداثة.
ولعلَّ من أهم الدراسات التي ظهرت بعد الهجمات، دراسة بعنوان "من أجل أن نسود" أصدرها مركز الدراسات الأمنية والدولية بواشنطن، إذ ورد فيها: "إنّ الدافع الرئيسي وراء غضب المسلمين هو فشل العديد من الدول الإسلامية في تشكيل حكومات عصرية تستجيب لاحتياجات شعوبها واحتياجات المجتمعات المدنية، التي لا يُسمح لها سوى بأقل مستوى من النقاش والديمقراطية".
وبداية، يجب أن نعترف بأنّ الدول العربية بحاجة ماسّة إلى التطور في اتجاه ديمقراطي. لكن لا بدَّ من التأكيد على أنّ الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجرد وصفة مستوردة من الخارج، بالرغم من وجود معايير كونية لها، وإنما هي – أساساً – فعل محلي داخلي وطني، وتفاعلات ونضالات شعبية. خاصة أنّ أميركا كانت وما زالت تتعامل بطريقة انتقائية مع قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. من هنا يبدو واضحاً أنّ المسألة الديمقراطية، في نظر الولايات المتحدة، ليست سوى "أداة" من أدوات السياسة الخارجية. فمثلما تُستخدم المعونات في دعم الأنظمة والدول من أجل خدمة مصالحها، كذلك يُستخدم هذا الشعار تبعاً لمدى قرب أو بعد النظام المعنيّ من السياسة والمصالح الأميركية. إذن نحن أمام حالة تتعلق بالمصالح والاستراتيجيات الأميركية.
إنّ أهم ما تنطوي عليه احتمالات ما بعد مرونة إدارة الرئيس الأميركي ترامب تجاه إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، هو ولادة النظام الشرق أوسطي، الذي سيكون الاقتصاد أحد أوجهه.
وفي العالم العربي، لا يجوز الدفاع عن الأمر الواقع الراهن، الذي استنفد طاقة المجتمعات العربية وجعل منها بؤرة للطغيان والإرهاب والفساد. باختصار، يدور الأمر حول وحدة معركة الحرية، على حدّ تعبير ياسين الحاج صالح: استقلال الوطن وحرية المواطن والإنسان، والتحرر من السيطرة الخارجية لا كبديل عن الحرية السياسية والثقافية وحقوق الإنسان، بل كأفضل شرط لتحقيقها. فبكل بساطة، لا يمكن للشعوب أن تدافع عن سلطات تجوّعها وتحاصرها وتساومها حتى على حق المشاركة في رسم سياسات دولها.
إنّ أهم ما تنطوي عليه احتمالات ما بعد مرونة إدارة الرئيس الأميركي ترامب تجاه إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، هو ولادة النظام الشرق أوسطي، الذي سيكون الاقتصاد أحد أوجهه، لكنَّ الأولوية فيه سوف تكون للشقّ والمكوّن الأمني، تحت رقابة الثلاثي: إسرائيل وتركيا والسعودية.
وهكذا، لقد دخلنا مرحلة دقيقة جداً، مرحلة إعادة ترتيب الأنظمة والدول والحدود. فالحرب ضد الإرهاب ستغيّر كثيراً من المفاهيم السائدة بين الأمم، تماماً كما غيّرت نهاية الحرب العالمية الثانية مفاهيم العلاقات والتوازنات بين الدول.
وعلى الصعيد السوري، يبدو أنّ الإنجاز الداخلي فقط هو الذي يفتح الباب أمام تحقيق تطلعات شعبنا نحو ضمان حقوق الإنسان والديمقراطية والتقدم، مما يعني حلّ معضلات إعادة الإعمار والتنمية الشاملة والديمقراطية السياسية والازدهار الثقافي. وذلك من خلال تشاركية سياسية وصياغات عقلانية لمواردنا الاقتصادية والبشرية، والإقلاع عن الاعتماد على أهل الولاء من "إخوة المنهج السلفي" واستبعاد أهل الكفاءة. بما يفتح المجال لهيئة حكم انتقالي تشاركية، تُشرف على مجمل سياسات المرحلة الانتقالية، طبقاً لإعلان جنيف لعام 2012 وقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، اللذين تم التأكيد عليهما في البيانين الأخيرين الصادرين عن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

/*/ - نُشرت في موقع " تلفزيون سوريا " – 11 أيلول 2025.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول جدل الثقافة والعولمة /1 - 2/ /*/
- نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة
- أهمية حيادية الدولة للاجتماع السياسي السوري /*/
- في العلاقة بين المجتمعين المدني والسياسي
- سوريا ميدان تنافس تركي إسرائيلي /*/
- تطلعات السوريين إلى التشاركية السياسية
- جردة حساب لسوريا الجديدة
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /4 - 4/
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /*/ /3 - 4/
- الإرهاب يهدد السلم الأهلي في سوريا الجديدة
- هل سوريا أمام استحقاق جمعية تأسيسية؟
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /2 - 4/
- افتقاد الدولة الأنموذج في العالم العربي
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /1 - 4/
- من الثورة إلى الدولة.. تفكيك الثنائية
- ياسين الحافظ ينتقد قصور وعي الماركسيين والقوميين في العالم ا ...
- مكانة سوريا الجديدة في تحوّلات الشرق الأوسط
- ياسين الحافظ ينتقد قصور وعي الماركسيين والقوميين في العالم ا ...
- ياسين الحافظ ينتقد قصور الوعي لدى الماركسيين والقوميين /1 - ...
- محددات المصالحة التاريخية بين العلمانيين والإسلاميين في سوري ...


المزيد.....




- لأول مرة منذ 19 شهرًا.. الأمير هاري يلتقي والده الملك تشارلز ...
- أثر الهجوم الإسرائيلي في قطر على ترامب.. محلل يعلق لـCNN وهذ ...
- في أول بيان بعد -هجوم الدوحة-.. -حماس- تصفه بـ-الفاشل- وتعلن ...
- تقرير: حرّاس مواقع المساعدات في غزة ينتمون لنادي أمريكي معاد ...
- تصعيد ميداني يتزامن مع زيارة لودريان: مقتل شخص في غارات إسرا ...
- قطر تشيع ضحايا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على الدوحة
- ماذا نعرف عن الناشط الأمريكي تشارلي كيك الذي قتل بطلق ناري ب ...
- لجنة برلمانية فرنسية تصف تيك توك -بأسوأ شبكة اجتماعية- وتطال ...
- ضجة حول عارض أزياء يشبه بشار الأسد في -شي إن-.. ما الذي جرى ...
- زيمبابوي تترشح للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تداعيات هجمات نيويورك على العالم العربي