أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة














المزيد.....

نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 16:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة /*/
إنّ الكثيرين لا يدركون ماهية العلمانية ومدى أهميتها على مستوى تحديات العصر، وربما كان السبب في رفضهم لها هو خشيتهم من أن تكون مرادفاً لمعاداة الدين. غير أنّ هذا الخلط لا أساس له، إذ من شأن العلمانية أن تحرر الدين من استغلال السلطة له، وبالتالي فهي تقوّي بُعد القناعة الفردية الحرة في العقيدة الدينية، من خلال فك الارتباط بين الدين والسلطة. بل إنّ العلمانية، في جوهرها، ليست سوى التأويل الحقيقي والفهم الصحيح للدين، على الأقل في جانب المعاملات والقيم العامة التي يحملها، أي مقاصده القيمية.
لقد تصدى جورج طرابيشي للذين ينكرون على العلمانية ضرورتها في المجتمعات الإسلامية، أو الذين يحصرون مطلبها بالأقليات غير الإسلامية، كما قال محمد عابد الجابري. إذ إنّ العلمانية آلية لتسوية العلاقات، لا بين الأديان المختلفة فحسب، بل كذلك بين الطوائف المختلفة في الدين الواحد، وهذا ما يجعلها أكثر من ضرورة في سوريا الحاضنة لتعدديات طائفية ومذهبية. ولعل الصراعات المذهبية والطائفية، التي شهدتها سوريا في مجزرتي الساحل والسويداء، خير حافز لاعتبار العلمانية أحد الطرق المؤدية إلى السلم الأهلي.
وإذا ما انتقلنا إلى التاريخ الإسلامي الفعلي، سوف نجد أنّ المناظرات الثرية التي كانت تجري في بلاط السلاطين المسلمين كانت تحثّ السلطان على الاقتناع بأنّ الدين وازع أخلاقي اجتماعي. حتى أنّ القاضي والفقيه الماوردي، صاحب الأحكام السلطانية، ميّز العلاقة بين الدين والسلطة السياسية، وأدرك الفرق بين التعليل العقلي والإيمان الديني المؤسس للأخلاق.
وهكذا، تفترض العلمنة أنّ ثمة صيرورة تاريخية تؤدي إلى انحسار الدين تدريجياً عن قطاعات مجتمعية واسعة، يتمثل أهمها في نشوء منطق الدولة الذي يتغلب على الاعتبارات الدينية، حيث يصبح الحكم السياسي على الأمور نابعاً من مصالح الناس في الدنيا.
لا شك في أنّ نشوء تيار إسلامي مدني، يؤمن بفصل الدين عن الدولة، وبدعم الدولة الوطنية الحديثة الحيادية التي ترعى كل الأديان وتصون مقدساتها، وتضمن حقوق مواطنيها من دون استثناء، هو أمر بالغ الأهمية في سوريا الجديدة.
دروس بعض التجارب الإسلامية ذات النزعة العلمانية
شغلت إشكالية الدولة والمواطنة علماء السياسة، وعكفت النخب الفكرية والسياسية منذ سنوات على دراسة الأطروحات ذات المرجعية الإسلامية، خاصة التجارب ذات النزعات العلمانية مثل: حزب العدالة والتنمية في تركيا، حركة النهضة التونسية، حزب العدالة والتنمية المغربي، والتجربة الماليزية. ولا شك في أنّ نشوء تيار إسلامي مدني، يؤمن بفصل الدين عن الدولة، وبدعم الدولة الوطنية الحديثة الحيادية التي ترعى كل الأديان وتصون مقدساتها، وتضمن حقوق مواطنيها من دون استثناء، هو أمر بالغ الأهمية في سوريا الجديدة.
إذ إنّ التمايز بين الدين والدولة، بمعنى إدراك متطلبات الدولة العملية التي لا تقتصر على كون الدولة أداة بيد الدين، أمر أساسي. ففي الدولة الأموية انتصر منطق السياسة والسلطة على حماسة الخلافة الدينية، وبدأ خضوع الدين للسياسة عملياً مع تحوّل الدولة إلى مُلك عضوض يورّث من الأب إلى ابنه.
كما أننا مع حزب العدالة والتنمية التركي نكاد لا نميّز فيه شيئاً مخالفاً لصفة الحزب العلماني، فبرنامجه برنامج انتخابي سياسي صرف، لا وجود لمسحة دينية فيه، وهو يعلن التزامه بالتوجهات العلمانية للدولة التركية، ويفصل الدين عن السياسة. وذلك لا يعني فصل الدين عن المجتمع، المتطور والنامي بسرعة كبيرة بمنظماته وتياراته وقواعد تعامله وقوانينه الضابطة.
وحول إمكانية انسجام الإسلام مع مصطلحات مثل العلمانية والديمقراطية، أكد المفكر السوري الراحل صادق جلال العظم أنّ الإسلام التاريخي العملي والحياتي قادر على الانسجام معها، لأنه انسجم في وقت سابق مع مجتمعات البداوة والإمبراطورية، كما انسجم فيما بعد مع الدولة الصناعية الحديثة. لكن إذا أخذت الإسلام بمعنى نظام مثالي مغلق، يعني فقط مبادئ معينة، فهذا لا ينسجم إلا مع نفسه.
لا يكفي التمييز بين المجالين الديني والدنيوي لفهم فعل الدينامية الناجمة عن تمايزهما في المجتمعات، بل سيكون ضرورياً أن نميّز بين أنماط التدين والفئات الاجتماعية، وأنواع الدولة، ودرجة تطور المجتمعات.
وهكذا، يبقى التحدي الأساسي المطروح على الجماعات الإسلامية هو القدرة على إدارة الحقل الديني في ثلاثة اتجاهات:
1. حيادية الدولة إزاء تعددية تأويلات النص المرجعي المقدس، بدلاً من فرض سقف تأويلي محدد له.
2. الحفاظ على التنوّع الديني في البلدان التي تضم مكونات غير مسلمة، ما يقتضي تكريس فكرة المواطنة المتساوية.
3. النأي بالمسألة الدينية عن صراعات الشرعية السياسية والتجاذبات الأيديولوجية، وتحويلها إلى سياج معياري ضامن للقيم المدنية المشتركة.
وبذلك، تتواصل عملية التمفصل بين الدين والدولة لمصلحة الدولة ولمصلحة السياسة، بحيث تبدأ العلمنة بتحوّل الدولة إلى العنصر الأقوى في مركّب دين/دولة، خاصة بعد أن انتقلت الوظيفة المتعلقة بالخير العام إلى الدولة، التي تقيم سلطان الله على الأرض.
وفي الواقع، لا يكفي التمييز بين المجالين الديني والدنيوي لفهم فعل الدينامية الناجمة عن تمايزهما في المجتمعات، بل سيكون ضرورياً أن نميّز بين أنماط التدين والفئات الاجتماعية، وأنواع الدولة، ودرجة تطور المجتمعات.

/*/ - نُشرت في موقع " تلفزيون سوريا " – 3 أيلول 2025.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية حيادية الدولة للاجتماع السياسي السوري /*/
- في العلاقة بين المجتمعين المدني والسياسي
- سوريا ميدان تنافس تركي إسرائيلي /*/
- تطلعات السوريين إلى التشاركية السياسية
- جردة حساب لسوريا الجديدة
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /4 - 4/
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /*/ /3 - 4/
- الإرهاب يهدد السلم الأهلي في سوريا الجديدة
- هل سوريا أمام استحقاق جمعية تأسيسية؟
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /2 - 4/
- افتقاد الدولة الأنموذج في العالم العربي
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /1 - 4/
- من الثورة إلى الدولة.. تفكيك الثنائية
- ياسين الحافظ ينتقد قصور وعي الماركسيين والقوميين في العالم ا ...
- مكانة سوريا الجديدة في تحوّلات الشرق الأوسط
- ياسين الحافظ ينتقد قصور وعي الماركسيين والقوميين في العالم ا ...
- ياسين الحافظ ينتقد قصور الوعي لدى الماركسيين والقوميين /1 - ...
- محددات المصالحة التاريخية بين العلمانيين والإسلاميين في سوري ...
- تحديات التغيير في سورية الجديدة
- أهمية اللامركزية الإدارية الموسّعة لسوريا الجديدة


المزيد.....




- محلل عسكري لـCNN: رئيس الصين -يتلاعب- ببوتين.. وهذه نصيحتي ل ...
- ميكروفون مفتوح يكشف محادثة سرية بين بوتين والرئيس الصيني
- أدلة متزايدة.. تداعيات -الكيماوي- الكارثية في السودان
- خلال أيام.. ترامب يعتزم إجراء محادثات بشأن أوكرانيا
- المغرب - تونس: أزمة دبلوماسية صامتة بعد سلسلة من الحوادث وال ...
- القضاء الأميركي يحكم بعدم قانونية إلغاء ترامب منح جامعة هارف ...
- ماذا تعرف عن القاتل الأعمى الإسرائيلي الموجه لإبادة غزة؟
- نتنياهو: وصلنا إلى مرحلة الحسم في غزة
- ترمب يتعهد وضع حد للجريمة في شيكاغو ويصفها بـ-أخطر مدينة-
- لجنة نيابية أميركية تنشر دفعة أولى من -وثائق إبستين-


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة