أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أسامة خليفة - في الضفة حرب على الزيتون وقاطفي الزيتون















المزيد.....

في الضفة حرب على الزيتون وقاطفي الزيتون


أسامة خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 11:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


غصن الزيتون عبر الزمن رمز للسلام، وصار رمزاً لصمود الشعب الفلسطيني وتجذره في الأرض والدفاع عنها، موسم الزيتون موسم صراع مع جيش وشرطة الاحتلال ومستوطنيه، صراعٌ الأرض عنوانه، الحقول ميدانه، وقاطفو الزيتون فرسانه، تمجد الأغنيات الشعبية زيتون فلسطين، وتشيد بزيته ومزاياه وطعمه، ومكانته على المائدة، ومقام عاداته الاجتماعية في القلوب، وأهميته الاقتصادية، ومنزلته في التراث الشعبي غناءً وأقوال مأثورة وأمثال شعبية.
ومع حلول أيام الاعتدال الحراري في تشارين يبدأ موسم الزيتون بـ«لقاط» الزيتون وجمع الحبّ الساقط باليد أو ما يعرف بـ«جول الزيتون»، ثم جد الزيتون وإسقاط الحبات بالجدادة «العصا»، وهو ما تحكي عنه الأهازيج الفلسطينية:
ديّتي يا ديّة اللـقاطة
يا غارقة بالزيت والسقاطة
زيتونتي بجدّك بالجدادة
وبـدرســـك بالـبـدادة
الفزعة من عادات التعاون في قطف الزيتون وصد المعتدين، يساعد الأهالي بعضهم البعض، وقد امتدت الفزعة لتضم متضامنين أجانب، ثقلاء على المستوطنين أعزاء على الفلسطينيين، وعلى صاحب الزيتون أن يقوم بواجب الضيافة، الشاي على الحطب أثناء العمل، ووجبة طعام بعد الانتهاء، يتم الترحيب بالفزيعة بالغناء:
ييـجوا فزعة وعونه إللي يحبونا
ييـجوا فزعـه يا هلا وحيا الله
يضلّوا أحبابي يا من درى يا رب
يضلوا أحبابي يا هلا وحيّا الله
بالتعاون والفزعة تنجز جميع أعمال الحصاد والدراسة لموسم سنة يؤمل أن يكون خيرها وفيراً، تؤكد أغنيات الجورعة، أن الحاصد الذي أنجز عمله يستحق وجبة طعام لذيذة شهية. بعضهم يقدم المسخن بالزيت البلدي، وبعضهم يخيرون الفزيعة بما يفضلون من طعام، فيغنون لحثهم على العمل:
يا ملقطات الزيتون من روس الجبالي
يا مطعمات الطفاح للغالي
شو تريدوا بعد الغدا يامناحي
صيصان مقلية وزيت طفاحي
التين تينكم والزيتون زيتونكم، وقد ذُكر أن التين هو الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الذي عليه بيت المقدس. في تشرين بقرقع التين، يدل هذا المثل على دخول الخريف وبداية موسم الزيتون، قرقع التين يبس وسقط عن الشجر، وسقوطه أحدث صوت قرقعة، وما أن يذكر التين حتى يذكر الزيتون، وما أن ينتهي موسم التين حتى يبدأ موسم الزيتون، والتين والزيتون يرتبطان في أغاني الدلعونا أيضاً:
يا طير طاير ميل عالوادي
وجيبلي من كرم العنب زوادي
شوية زعتر مع تين سوادي
وزيت الفخيش وحب الزيتونا
يشكل موسم الحصاد معاناة كبيرة للفلسطينيين، فتشرين موسم قطاف زيتون، وعربدة مستوطنين، ومضايقات سلطات الاحتلال لقاطفي الزيتون، وهجمات قطعان المستوطنين، وقيامهم بقلع وحرق الكثير من الأشجار، وتمنع حواجز الجيش والبؤر الاستيطانية المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وبسبب ممارسات الاحتلال بمصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، فقد مزارعون أرضهم، وتراجع قطاع إنتاج الزيتون في فلسطين.
حكاية الزيتون في قصة «رمال ودموع» لفوزي الأسمر، تروي قصة شاب فلسطيني حاول قتل سائق تراكتور اسرائيلي، لم يسبق له أن قابله، وعادة ما ينسب سبب المحاولة إلى الدافع القومي، بالنسبة للفلسطيني فإن المسألة لها تفسير ومبرر، فقد شاهد الشابُ الفلسطيني صاحبُ الأرض السائقَ يربط بالتراكتور جذع شجرة زيتون في أرض يملكها، محاولاً انتزاعها من أرضها، فاندفع نحوه ليمنعه، كان في الواقع يرمي الى الدفاع عن عرضه وشرفه، الشجرة بالنسبة له ترمز الى تاريخ عائلته. تنتهي القصة برفع المحكمة جلستها لتدارس الحكم الذي ستصدره على العربي.
هؤلاء النازيون الجدد، يهيئون لمحرقة وإبادة جماعية، بالجرافات يحاصرون أشجار الزيتون بتهمة الانتماء، ويجتثونها من سلالة الأرض، استشهد حفيدها، لم تبك ولم تصرخ، وعندما مضى النازيون منتصرين، دفن هناك في حفرة عميقة مهد الجدة، ولسبب ما، كنا متأكدين من أنه سيصبح، بعد قليل، شجرة زيتون ... شجرة زيتون شائكة .. وخضراء! «لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا»، يذكر التعداد الزراعي للعام 2021 أن الضفة الغربية تضم أكثر من ثمانية ملايين شجرة زيتون تعود لحوالي ثلاثة ملايين نسمة.
فلسطين أرض مسكونة بالزيتون تعتصر وتفيض بالزيت منذ القدم، تعمر شجر الزيتون ولا تحصي سنوات عمرها، زيتونة الولجة العتيقة تنتسب إلى فلسطين، أقدم شجرة زيتون في العالم عمرها يزيد عن 5500 عام، ارتفاعها 12م قطرها الداخلي 25م، انتاجها 600 كغ زيتون، وزيتها من أجود الزيوت، هذا عطاء لأبعد الحدود، يستحيل معه عد حبات حملتها الغصون عبر قرون وقرون. في تلال القدس تقيم أقدم أشجار الزيتون في العالم، الأكثر انتشاراً على مساحة الوطن مقارنة بأشجار مثمرة، انتشار واسع وجذور عميقة لأشجار تزخر بها فلسطين، ويمتد عمرها أكثر من ألفي عام، جارة الزمن الذي يعينها على تخزين الزيت النوراني، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، كم هي نبيلة وجليلة شجرة الزيتون فرعها في السماء وجذورها في الأرض، شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية، تتوسط مكاناً من الأرض لا إلى الشرق ولا إلى الغرب. هي سيدة السفوح المحتشمة بظلها تغطي ساقها، ولا تخلع أوراقها أمام عاصفة.. فلا هي خضراء ولا فضية، ولا تهتم لأسماء الغزاة، ينكسر السيف أمام وقارها النبيل، هي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلة لون.
امتلأت الجرار بإنتاج فلسطين من زيت الزيتون، 33 ألف طن في سنوات الخير والعطاء انخفض هذا العام إلى 8 آلاف طن، يقولون «خلي الزيت بجراره لتيجي أسعاره »، مصدر رزق آلاف الفلسطينيين، يسهم محصولها في الدخل القومي، ويسهم في تشغيل الكثير في موسم الحصاد، يعود بدخل كافي لـ 100 ألف أسرة فلسطينية، وتعمل زراعة الزيتون على تشغيل المصانع والمعاصر، مما يساهم في حركة العجلة الصناعية والاقتصادية. ولا تقتصر خسائر الفلسطينيين الاقتصادية على عام أو موسم واحد، فعلى مدار عقود الاحتلال، تقدر أعداد أشجار الزيتون المقتلعة أو المدمرة بالآلاف سنوياً، منذ عام 1967 اقتلعت أكثر من 800,000 شجرة زيتون، يوضح هذا الرقم حجم الضرر الذي لحق بالبنية الزراعية الفلسطينية على مدى عقود.
يواجه أهلنا في الضفة الغربية حرباً تشنها إسرائيل ضد البشر والحجر والشجر، وبحسب هيئة «مقاومة الجدار والاستيطان» ومنذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الشهر ذاته من العام الحالي 2025، نفذ المستوطنون بحماية الجيش الإسرائيلي ما مجموعه 7154 اعتداء بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تسببت باقتلاع وتحطيم وتضرر ما مجموعه 48 ألفا و728 شجرة منها 37 ألفا و237 من أشجار الزيتون، وقام الجيش بتسليح المستوطنين وحمايتهم، ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 استشهد 33 فلسطينياً، وتصاعدت الاعتداءات ضد قاطفي الزيتون في الضفة الفلسطينية، وازدادت حملات الاعتقال، وارتكاب أعمال إرهابية بمهاجمة البلدات والأهالي العزل يومياً، وتدمير وحرق الممتلكات، وسرقة الأراضي وثمار الزيتون والمواشي. يرتبط اقتلاع وحرق الأشجار، باقتلاع الفلسطيني من أرضه والسيطرة عليها، حيث تشكل تلك الممارسات والاعتداءات الجسدية العنيفة، جزءاً من سياسة التطهير العرقي والضم والتهويد والتهجير لشعبنا.
إزاء ذلك فرضت دول أوروبية من أقرب حلفاء إسرائيل عقوبات على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش لتحريضهما على العنف المتطرف وارتكابهما انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. تعتبر هذه العقوبات بمثابة اعتراف بأن إسرائيل ترتكب جرائم بحق الفلسطينيين.
وقد حذر أجيت سانغاي مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من إفلات مرتكبيها من العقاب، وطالب رئيس المجلس بفرض عقوبات فورية ومباشرة على المستعمرين المسلحين وقياداتهم، وكل من يمول ويحمى هذه العصابات، وإدراجهم على قوائم المطلوبين للعدالة، وملاحقتهم أمام المحاكم الدولية، ومطالبة الدول والمنظمات الدولية بتجميد الأصول، وفرض حظر سفر وقيود دبلوماسية حتى توقف هذه السياسات، وتتم محاسبة المسؤولين أمام المحاكم الدولية.



#أسامة_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «مسرحية رجل السلام»
- بين مفهومي التخريب والإرهاب في الصراع الشرق أوسطي
- العودة وخيار الموت أو الرحيل
- قوة التفاوض
- غزة من الملكية الفردية إلى الوصاية الدولية
- جدل حول الاعتراف بدولة فلسطين
- الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين
- تغيير اسم الوزارة
- إفلاس السياسة الألمانية
- الأمم المتحدة : تفشي حالة المجاعة في قطاع غزة
- «E1» خطة سموتريتش لمحو الدولة الفلسطينية
- «إسرائيل الكبرى»
- استعدادات لانتخابات مجلس وطني فلسطيني جديد
- في زمن الدم والحصار والجوع… هل الانتخابات أولوية؟
- مؤتمر دعم «حل الدولتين»
- ضم الضفة الفلسطينية وفرض السيادة عليها
- إدانات وتنديد وتستمر حرب التجويع
- خريطة الانسحاب
- تغيير ملامح المخيمات
- بين اقتراح العفو القضائي عن نتنياهو، وترشيح ترامب لنيل جائزة ...


المزيد.....




- بعد إعصار كالمايغي، الفلبين تعلن عن إجلاء نحو مليون شخص مع ا ...
- فيديو يظهر إعصار -فونغ-وونغ- فائق القوة يجلب رياح عاتية وفيض ...
- الصين تعلّق حظر تصدير معادن نادرة إلى الولايات المتحدة
- عراقيات يترشحن لمجلس النواب .. نفوس كبار تتعب الأجسام!
- متحف القاهرة: تماثيل ضخمة تثير إعجاب الزوار
- ماذا ينتظر العراقيون من السلطة المقبلة؟
- بحسب استطلاعات الرأي.. دعوات المقاطعة تؤثر على الإقبال في ال ...
- لقطة احتضان وبكاء على كتف البرهان تتحول إلى أيقونة سودانية
- خطف 5 هنود وفرنسا تدعو مواطنيها في مالي للمغادرة
- قصة استقالة مهندس عراقي من -ميتا- بسبب غزة


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أسامة خليفة - في الضفة حرب على الزيتون وقاطفي الزيتون