أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري رسول - المثقف العربي يسبح في غبار الماضي














المزيد.....

المثقف العربي يسبح في غبار الماضي


صبري رسول
(Sabri Rasoul)


الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لايستطيع المثقفون العرب الخروج من معطف الفكر البعثي الإلغائي والانطلاق إلى آفاق العيش المشترك مع الآخرين المختلف معهم قومياً ودينياً.
الفكر العروبوي الذي يختزل في ثناياه التعالي والأفضلية من الآخرين، وينسب كلّ الفضائل إلى العرب والمثالب إلى الآخرين. يمجّد تاريخ العرب بكلّ ما له وفيه من حروب ونزاعات وحقب سوداء، ويُقزِّم حضاراتِ الشعوب الموغّلة في سحيق الزمان، هذا الفكر لم يجلب للعرب إلا ويلات الدمار والهلاك، ورغم ذلك لا ينظر المفكّر العربي إلى هذا التاريخ نظرة نقدية تحلّل الوقائع فيه لمعرفة الأسباب التي أوصلتهم إلى الحضيض، وقراءة النتائج التي يمكن الاستفادة منها.
المثقف العربي لا يخرج من هذا الفكر الضيق، بل يتباهى به وبهذا التاريخ الدموي الطويل، والطامة الكبرى أنّ هذه النظرة لا تسيء للعرب فقط، بل تُلحق الأذى بالشعوب الأخرى المتعايشة معهم. والكرد أكثر من غيرهم عانوا الأمرين على أيدي هؤلاء المثقفين الذي ينظّرون بلاغياً في الفكر والشعر والسياسة، في أبراجٍ ليست إلا وهماً في مخيلة كتّاب تاريخهم، دافعوا بشكلٍ مستميت عن أنظمةٍ قمعية اغتصبت حريتهم وأعراضهم قبل أن تدافع عنهم ولو بطلقة واحدة ضدّ عدوٍّ أقلّ خطراً على مجتمعاتهم وبلادهم من الأعداء الذين أبدعوها وترعرعوا في كنفها (الجهل، الفقر، المرض، الأمية) هذه الأمراض المزمنة كفيلة بإنتاج أجيالٍ وحشية.
ازدادت في الفترات الأخيرة وتيرة الهجوم على الشعب الكردي قادها سياسيون وكتاب وإعلامييون، اتسمت بأوصاف جارحة للوجود الكردي، ولثقافتهم، وتاريخهم، ويتجلّى هذا الهجوم الذي لا يمكن تبريره في تصريحات قياداتٍ من المعارضة السورية، وكتابٍ لهم باعٌ طويل في الفكر اليساري المنفتح. هؤلاء لم يطرحوا القضية الكردية كقضية سياسية يجب حلّها في إطار الدولة السورية، بل أطلقوا نعوتاً سوداء بألفاظٍ مخجلة، يخلق شعوراً لدى الكرد بأنّهم لا يستطيعون العيش مع هذه العقلية المتشربة من ثقافة إلغاء الآخر.
وتدلّ هذه المواقف المؤسفة على مدى الانحطاط الفكري لدى غالبية المثقفين العرب، وعلى مدى ضيق الأفق لديهم في معرفة أهمية التعايش وقبول الآخر المختلف قومياً ودينياً. وهنا يمكن توجيه الكلام للمثقفين العرب: عليهم التخلي عن الصفات التي أودت بهم إلى هذه المستنقعات وأوصلت المجتمعات العربية إلى التفكك، والانهيار الاقتصادي، والفساد السياسي، والانحلال الأخلاقي، حتى باتت عبئاً على المجتمعات البشرية الأخرى التي تنشغل بها، أصبحت مجتمعاً استهلاكياً وغير منتج، يستغل الفكر المتطرف ضعفَ نسيجه الاجتماعي، وحالة الفقر والجهل لنشر الجريمة المنظمة فيها، واستغلال أفراده لصالح الجماعات الإرهابية.
الفكر المتطرف انتشر في وسط المجتمع العربي كالنّار في الهشيم، وبدلا أن يقف المثقف العربي لصدّ هذا الفكر الإرهابي الذي انجذب إليه المواطن، أدار ظهره لِما يحدث، وتوجَّهَ إلى جمع النعوت المُسيئة من القواميس لتوجيهها إلى الكُرد، فلم يتردد كثير من الشخصيات السياسية في قيادة الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة في مهاجمة الكرد، وهنا نسجّل عليهم موقفاً أخلاقياً، قد نرى من الطبيعي أن ينتقد مثقفٌ عربي موقفاً سياسياً لحزب كردي، سواء قبل الثورة السورية أو أثناءها، أما أنْ يأتِ المثقف العربي ليصف الشعب الكُردي بنعوتٍ غريبة، ويعيّر أصله ولغته وثقافته، فهذا محل استهجان لدى الشعب الكردي ونخبه السياسة والثقافية، ويدلّ ذلك على الانحطاط الفكري والأخلاقي لدى ذلك المثقف العربي الذي مازال يعيش في كهوف (تورا بورا) الثقافية، وعاجز عن التحرّر من الماضي العتيد، وأقصى مخيلته أنّ آفاق الكون تنتهي عند حدود مضاربه، وأنّ الله خلق البشرية عرباً، فانحرف بعض الجماعات جغرافياً، وانحرف معه لسانهم، واكتسبوا عاداتٍ أخرى، لكن أصولهم ترجع إلى بني ربيعة وبني مضر.
المثقف العربي إذا بقي يجترّ من الثقافة الشوفينية التي يعتاش عليها نظامه السياسي وإذا لم يقم بقراءة التاريخ نقديّاً كفعلٍ حركي لتدوين الأحداث كما هي وليس كما يتخيله أو يريده، سيجلب مزيداً من الويلات والكوارث على مجتمعه وعلى الجوار.



#صبري_رسول (هاشتاغ)       Sabri_Rasoul#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعكاس الفكر الشّمولي على الكردي
- صور في العتمة
- من أساطين الغناء الكُردي Aslika Qa-dir-
- الصّورة النمطية تؤطرها محاذير مقدّسة
- الإبليس والاستلاب الفكري*
- الرّواية الكُردية بين الطّموح والواقع
- كسر المألوف وبناء هندسة شعرية (قراءة في رشقة سماء تنادم قلب ...
- الحياة موقف يا سادة
- رواية لالين مسألة الهُويّة والتّنوع
- من يكتب التّاريخ؟
- من التّحرير إلى بناء الدّولة
- الحقول السّياسية المحروقة غير منتجة
- قد تجرّك المحاكم الأوربية يا جمال إلى قاعاتها
- الرّحلة البشرية الثانية
- غياب القراءات النّقدية
- الرّحلة البشرية الأولى
- أصداء النّداء الاجتماعي
- الرّسالة المثيرة إلى حدّ الدّهشة
- مقياس الهزيمة الكُردية
- الشعبان الأمازيغي والكردي يعيشان في بلادهما في ظل سياسات إقص ...


المزيد.....




- السعودية.. جدل على فيديو مشادّة بين رجل أمن ومعتمر في الحرم ...
- لماذا تزداد الأرض ظلمة وما علاقة ذلك بالتغير المناخي؟
- ترامب يحذر من أنه قد يمانع في تمويل نيويورك إذا أصبح ممداني ...
- إيطاليا: انهيار جزئي لبرج تاريخي في روما يودي بحياة عامل روم ...
- السودان: باريس تدعو لوقف إطلاق النار وتدين انتهاكات قوات الد ...
- اقتحامات واسعة ومواجهات في عدة مناطق بالضفة
- صراعات صغيرة قد تُشعل حربا عالمية لا يتوقعها أحد
- نجاح بلا هوس.. لماذا تفشل طاحونة تطوير الذات؟
- آبل تدرس وقف خاصية الشفافية في أوروبا
- كوريا الشمالية تطلق صواريخ بالتزامن مع زيارة أميركية للحدود ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري رسول - المثقف العربي يسبح في غبار الماضي