أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري رسول - انعكاس الفكر الشّمولي على الكردي














المزيد.....

انعكاس الفكر الشّمولي على الكردي


صبري رسول
(Sabri Rasoul)


الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 13:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طغَت على الفكر الكُردي طوال التّاريخ، منذ سيطرة الدّين الإسلامي وانتشاره في كُردستان وحتى الآن، عقائدٌ شمولية، لم تترك أي مجالٍ لأفكارٍ أخرى من الظّهور والتّبلور والتّطّور، وهنا يمكن التأكيد على الفكر القومي، الذي ظهر لدى الشّعوب الأخرى، الفارسية والعربية والتركية التي استغلّت الدين الإسلامي كصهوة جوادٍ نشط، لبناء كياناتها السّياسية وإنجاز البنى المادية.
ما يؤكد ذلك ظهور الصراعات «الشعوبية» داخل تلك المجتمعات، منذ بدايات انتشار الدين الإسلامي، وكان ذلك من أسباب ضعف الخلافة في العهود الأموية والعباسية والعثمانية، لكن الشعوب الأخرى اتخذت من ذاك الدّين «حصان طروادة» للدّخول في النّسيج الاجتماعي الكردي واستحواذ قواه الحية، ونجحت في ذلك مستغلّة بساطة الكردي وصدقه، وغالباً ما يتّخذ الآخرُ، العربيّ والفارسيّ والتركيّ من العقيدة داخل الصّدر الكردي «حصناً ومربضاً» للسيطرة على الكُرد وبلادهم وبأيدي كردية، فيفقُدُ شخصيّته، وسجاياه، ولُغته، وثقافته، ليكونَ نسخةً للآخر المُسيطِر، وظلاً له، بل وسيلة بين أيديه؛ هكذا بقيَ الكردي تابعاً، فارساً قوياً للآخر، ومخلصاً لبوابات المُلوك والخلفاء، ولم يحاول أبداً التفكير في «الأنا الكردية» وخصوصيتها، واستظلّت بالدين الذي لم يحمِه، وفضّله على كيانه الذاتية، ولم يتمكّن من التَّخلص من الطغاة ولا من الطغيان الديني أوالسياسي، واكتفى بالإخلاص للفكر الشّمولي، وهذا ما حصل في العلاقة بين الكردي والفكْرَين: الدّيني الإسلامي خلال أربعة عشر قرناً، والشّيوعي خلال تسعة عقود. هذان الفكران الطاغيان كـ«أيديولوجية» استنزفا الطاقات الكردية الكبيرة لصالح تلك الشّموليات.
إنَّ تاريخَ الكُرد في الشّرق الأوسط عبارةٌ عن ركامٍ من الأحداث السياسية والعسكرية خلقتْها أنظمة الدول المتحكّمة، وانشغل بها الكُرد، متنقّلين من مرحلةٍ إلى مرحلة، ساحبين بألم أذيال الخيبة والإحباط، لِما تعرّضوا لحروب نفسية، ثقافية، لغوية، وتدميرية. ومقولة «ركامٌ من الأحداث» تشير إلى عدم قيام الكُرد بتحليل تلك الأحداث من المنظور التاريخي لبيان أسباب وقوعها كمنعطفٍ ترك أثراً في حياتهم، ولا القيام باستخلاص النتائج منه. فبقيت الأحداثُ مجرّد أسماء لوقائع تاريخية. وتدوينُ تاريخِهم اتّكأ على شهية الآخرين في «كيف يجب أنْ يكون وجود الكُرد» وليس على «وجودهم كما هو»، وبذلك شوَّه الآخرون تاريخ الكُرد، وزوّروا مجريات الأحداث، أضافوا إليها ما لم يحدث، وأخفوا منها ما حدَث، ليكون للكُرد تاريخٌ، حقائقُها مغَيَّبٌة.
لم يستطع الكُردُ قراءة تلك الأحداث التّاريخية قراءة عميقة تشريحية وفق المعطيات السياسية، والمناخات التي أوجدَتْها، مما جعلتْها مسجَّلةً في البيانات الزّمنية، وقائمة في احتفاليات ومناسبات «انتصارية مرة وانهزامية أخرى» لذلك لم يستفد الكُرد من تلك الوقائع التي لم تخضع للتقييم، ولم تُستَخْلص منها العِبر، مما جعل احتمال تكرارها (المأساوية منها) وارداً، فاستفادَ منها أعداؤهم، وبقي الكُرد ضحاياها المُغيّبين. استلهم الكُرديّ أساليب بعض الطغاة في الاحتفال، الذين يرقصون على جثث الضحايا احتفالاً بعدم سقوطهم، وإقامة مهرجانات النّصر لهزائم مُعَدَّة في أروقةٍ خفية، بحجّة «رفع المعنويات» الغائبة، وهناك فِرقٌ كثيرة تطرحُ مفرداتٍ ومصطلحاتٍ تحيِّر التّاريخ والفلاسفة وتضع السّاسة والمفكرين مدهوشين من استعصاء فكّها وفهمها، وخلال أشهر تذروها الرّيحُ؛ فتطرح الفِرقُ تلك، بدائل أخرى، تجرّ القامات إلى ساحات الشّهادة، لتحقيق الشّعار الذي سيختفي بدوره في أقرب محطة.
قديماً استعمل خلفاءُ الأمويين والعباسيين والعثمانيين الشّعب كوقودٍ سريعة الاشتعال، خزّاناً بشرياً لتزويد جيوشهم بفرسانه الأشداء، فوضعوهم في الجبهات الأمامية لاستحواذِ مزيدٍ من الأرض، ومزيدٍ من الغنائم، ومزيدٍ من الانتصارات، لكن بأسماء ملوك الآخرين الذين دوّنوا المعارك كمفاخر تاريخية لهم، ومازلنا ننشدُ تراتيل انتصاراتهم في صباحاتنا المدرسية، ونحتفي بسيرهم باحتفالياتنا الغنائية ونخفي جروحنا. وفي عصر الدولة القومية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية لم تترك الأنظمة المتسلطة على رقاب الكُرد وسيلةً لممارسة قمع الحريات ومصادرة حقوق الإنسان لشعوبها، إضافة إلى ذلك بنت استراتيجية واضحة في تطبيق مشاريع سياسية عرقلَت التطور الطبيعي للشعب الكردي في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وفي بلادنا المحروقة (سوريا) هناك زمرة من المافيا السياسية احتكرت أرضَها وسماءَها، من أقصى زيتونها إلى أدنى مزارع قطنها، ومن بحرِها إلى قمحِها، واستباحَتْ كلَّ الحدود القيمية والقانونية، ولم تتوانَ في الوقتِ نفسِه «سابقاً ومازال» في محاربة الشعب الكُردي من خلال سياساتٍ ممنهجة وطبّقتها بحق الشّعب الكردي في سوريا الذي عاش قلقاً وجودياً، لم يشعر به إخوته من الشعوب الأخرى الذين يريدون من الكُرد الالتزام بشمولية العروبة بوصفها جزءاً من الشّمولية الإسلامية.
نعم، السوريون مقموعون فكرياً وسياسياً، وحرياتهم مقيّدة حسب شهيّة الحاكم، وإرادتهم مسلوبة، أما الكُرد إضافة إلى ذلك مضطهدون قومياً وثقافياً، ليس من الحاكم وحده بل من السوريين المقموعين بشكل أكثر. وهذا ثمن التزام الكُرد بالفكر الشّمولي. هكذا يتحوّل السّوري المقموع من النظام إلى جلاد فوق الكُرد.



#صبري_رسول (هاشتاغ)       Sabri_Rasoul#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور في العتمة
- من أساطين الغناء الكُردي Aslika Qa-dir-
- الصّورة النمطية تؤطرها محاذير مقدّسة
- الإبليس والاستلاب الفكري*
- الرّواية الكُردية بين الطّموح والواقع
- كسر المألوف وبناء هندسة شعرية (قراءة في رشقة سماء تنادم قلب ...
- الحياة موقف يا سادة
- رواية لالين مسألة الهُويّة والتّنوع
- من يكتب التّاريخ؟
- من التّحرير إلى بناء الدّولة
- الحقول السّياسية المحروقة غير منتجة
- قد تجرّك المحاكم الأوربية يا جمال إلى قاعاتها
- الرّحلة البشرية الثانية
- غياب القراءات النّقدية
- الرّحلة البشرية الأولى
- أصداء النّداء الاجتماعي
- الرّسالة المثيرة إلى حدّ الدّهشة
- مقياس الهزيمة الكُردية
- الشعبان الأمازيغي والكردي يعيشان في بلادهما في ظل سياسات إقص ...
- مسألة الاندماج بين اتحادات الكتاب الكرد


المزيد.....




- أكثر الأماكن حرارة.. ما سر الشعبية الكبيرة التي تحظى بها غرف ...
- -قام بالمجهود كله-.. نجيب ساويرس يشيد بوزير من عهد مبارك صاح ...
- فاديفول يندد بالوضع الكارثي في السودان ويدعم السلام في الشرق ...
- في مفهومِ الانضباط
- تنزانيا: فوز الرئيسة سامية صولحو حسن بولاية جديدة بأكثر من 9 ...
- تلغراف: السلاح الروسي الذي قد يدفع ترامب إلى معاداة بوتين
- مظاهرة في محافظة قابس التونسية للمطالبة بتفكيك المجمع الكيمي ...
- -آسيان- تكافح للحفاظ على تماسكها وحيادها بعيدا عن -صراعات ال ...
- مسيرة الجزيرة.. الجسر الممدود إلى الحقيقة في مواجهة مشاريع ا ...
- بسبب المسيّرات المجهولة.. إغلاقات متكررة للمجال الجوي في أور ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري رسول - انعكاس الفكر الشّمولي على الكردي