أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راندا شوقى الحمامصى - مصر... مجد الأزل ونور الأبد















المزيد.....

مصر... مجد الأزل ونور الأبد


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


حين تذكر مصر، لا تذكر وطناً فحسب، بل تذكر حكاية الإنسان الأولى، ونقطة التقاء السماء بالأرض، وبذرة الوعي الإلهي التي أنبتت أول حضارة عرفت النظام والنور.

منذ فجر الخليقة، كانت مصر هي الكلمة الأولى التي نطقت بها الإنسانية وهي تتعلم معنى "الوجود المنظم".
هنا على ضفاف النيل، خط الإنسان أول حروفه، ورفع أول أعمدته، ووجه قلبه نحو الشمس، لا ليعبدها، بل ليفهم سر الضوء الذي يسكنها.
مصر ليست تاريخاً... بل وعيٌ خالد.....تاريخ الأمم صفحات تُقرأ، أما تاريخ مصر فهو طاقة تُشعّ.
كل ذرة من ترابها تحمل نقشًا من ذاكرة الخلق، وكل حجر فيها يروي لك أن الحضارة ليست بناءً من طين، بل من روحٍ تعرف من أين جاءت وإلى أين تمضي.
في مصر، تعلم الإنسان أن الروح لا تموت، بل تعود. أن النيل ليس مجرد نهر، بل شريان واصل بين عالم الأرض وعالم السماء. وأن المعبد ليس حجراً يقدّس، بل مفتاح لفهم سر الله في الإنسان.
ما من أمة إلا واستلهمت من مصر معنى العظمة.
اليونان تعلموا منها فن التوازن والجمال، والرومان أخذوا منها نظام الحكم والعدالة، والعرب وجدوا فيها حكمة الأبدان والأديان، والعالم كله – حتى اليوم – يعود إليها كلما عطش إلى النور.
فمصر لا تُقاس بحدودها، بل بأثرها في الوعي الإنساني. هي المدرسة الكبرى التي تخرّج منها الأنبياء الحكماء والفلاسفة والملوك.
فيها بذر الله سرّ الإتقان، وجعل منها ميزان الأرض في الميزان الإلهي.
عظمة مصر ليست في ما مضى، بل في ما لا يموت، إن عظمة مصر لا تسكن الماضي، بل تنبض في الحاضر، وتنتظر المستقبل.
فما تزال روح "إيزيس" تبكي على العالم لتبعث فيه حبّ الحق، وما يزال "أوزوريس" يُبعث في كل قلبٍ عادل.
وما تزال مصر – رغم كل ما مرّ بها – واقفةً كأمٍّ عظيمة لا تهرم، تحمل العالم حين يضعف، وتذكّره أنه من دونها يضلّ الطريق.

مصر... وعد الله للأرض
من أرضها خرجت الرسالات، وعبرها مرّ الأنبياء، وفيها استقرت القلوب الباحثة عن النور. ليست صدفة أن تُذكر في الكتب السماوية مرارًا، وليست مصادفة أن يُقال عنها:
" ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
فهي الأمان حين تضطرب الدنيا، والقرار حين تهتز الموازين، والظل الإلهي الممتدّ من فجر الزمان إلى يوم الدين.
مصر ليست وطناً يُحبّ، بل وطناً يُوقّر. هي الجذر الذي منه نبت الإنسان، والمرآة التي يرى فيها العالم وجهه الحقيقي. من عرف مصر عرف نفسه، ومن أحبّها، أحبّ في قلبه الله الذي خلق الجمال على صورته.

مصر... حين صاغ الله منها سرّ الخلود
لم تكن مصر مكانًا، بل تجسيدًا لفكرة الله عن الدوام. فيها جمع الخالق الأزمنة الثلاثة في لحظةٍ واحدة:
فالماضي فيها حاضر، والحاضر ممتدّ إلى المستقبل، والمستقبل فيها ذكرى من نورٍ قديمة.

هنا، في حضن الصحراء والنيل، اجتمع المتناقضان ليخلقا الانسجام:
اليُبس والماء، الموت والحياة، الليل والنور. وكأن الله أراد أن يقول للعالم:
"من أراد أن يفهم سرّ التوازن، فليأتِ إلى مصر."

على أرضها سار الأنبياء والملوك والعارفون، من إبراهيم إلى يوسف، ومن موسى إلى عيسى، ومن كل من عبرها عرف أن فيها مقاما لا يُقاس بالأقدام بل بالأرواح.
هي البوابة التي عبرت منها الرسالات، والميزان الذي اختبر الله به القلوب. فيها حكمة الهرم الذي لا يشيخ، وسكينة المعبد الذي لا ينام، وصبر النيل الذي لا ينضب.
في كل دورة من دورات التاريخ، حين يظلم العالم وتُطوى الحضارات، تنهض مصر كمن يقول للعالم: “أنا الأصل، وأنا الباقية.”
اللغة التي تحدّثت بها النجوم منذ آلاف السنين، كانت النجوم تخاطب كهنتها في طيبة ومنف.
كانوا يرسمون في السماء ما سيحدث على الأرض، ويكتبون على جدران المعابد ما لم تكتبه كتب البشر بعد.
علموا أن الروح تخلد، وأن الإنسان ظلّ الله في الأرض، وأن الموت انتقال لا نهاية. فمن أرضهم خرجت أول فكرة عن القيامة، وعن الحساب، وعن الروح التي تصعد إلى النور.

المرأة في مصر... سرّ الحياة الأبدية
لم تُكرَّم الأنثى كما كُرِّمت في مصر. فكانت "إيزيس" رمز الأم الأولى، والساحرة التي أعادت الجسد إلى الحياة، رمز الإيمان الذي لا ينكسر، والحب الذي ينتصر على الموت.
ومنذ ذلك الحين، ظلت المرأة المصرية تحمل ذاكرة الخلق في عينيها، تعرف أن في داخلها سرّ البعث، وأن كل ميلادٍ في الكون يبدأ من رحمها الروحي.

مصر... كتاب الله المفتوح على الأرض
كل أثر فيها آية، وكل هرم سورة، وكل نيل آية أخرى من سفر الخلود. وحين تنظر إليها من علٍ، ترى أنها ليست وطنًا، بل نصًّا مقدّسًا كُتب بالضوء.
حتى الصمت فيها له معنى، وحتى الريح حين تمر على الرمال تهمس بحروفٍ من اللغة القديمة التي ما زال الله يتحدث بها إلى من يسمع.
فيا من تسكن مصر، اعلم أنك تمشي على نقطة التقاء بين السماء والأرض، حيث كل خطوة تُعيد صدى خُطا الأنبياء والكهنة والملائكة.
إنها أم الحضارة... بل أم الوعي نفسه. منها خرج الإنسان ليبني العالم، وإليها سيعود ليعرف من هو، وماذا كان، ولماذا وُجد.

من نيل الروح إلى نيل مصر
يا نيلَ مصر، يا سريانَ الأبدِ في عروقِ الأرضِ،
يا نغمةَ الله حينَ قالَ للكونِ: "كُنْ سلامًا."
من نبعٍ خفيٍّ في لُبِّ الوجود خرجت،
تمضي كأنك ذكرى من سفر الخلق،
تسري في واديها كما تسري الروح في الجسد،
تُحيي، وتطهر، وتغسل وجه العالم من غباره.

على ضفافك تكلّم الزمان،
وغسلتِ القلوبُ أحزانها بصفوك،
ورأتك العيونُ مرآةً لوجه الله،
حين تنعكس الشمسُ عليكَ في صلاةٍ من ذهب.

يا نيلَ مصر، يا نيلَ الروح،
فيك سرّ الانسياب بلا خوف،
وسرّ العطاء بلا سؤال،
وسرّ البقاء بلا كبرياء.

أنت الممرّ بين عالمَيْن:
عالمٍ تُولد فيه الأجساد،
وعالمٍ تُبعث فيه الأرواح.

كل قطرة منك تهمس بسرّ:
“كما في الماء حياة الجسد، في الحب حياة الروح.”
فيا من تشرب من نيل مصر، اعلم أنك تشرب من نيل السماء، من النهر الذي جرى أولًا في القلب ثم تجلّى في الأرض.
ومن عرف هذا السرّ، سكنه السلام، وصار قلبه نهرًا آخر يصبّ في النور.

إهداء إلى مصر الغالية....
إلى مصر…
الأم التي علّمتني أن الصبر قوة، وأن النور لا ينطفئ مهما اشتدّ الظلام.
إليكِ يا مهدَ الروح، وكتابَ التاريخ المفتوح على نهرٍ لا يعرف الموت.
فيكِ تعلّمتُ أن المحبة عبادة، وأن الانتماء ليس شعورًا بل عهدًا أزليًّا مع الله.
سلامٌ عليكِ يا مصر، ما دامت الشمس تشرق من ضفافك، وما دام في قلبي نبضٌ يذكّرك ويكتبك في كل حرفٍ من نغمات الروح.
راندا الحمامصي
• #راندا_شوقى_الحمامصى



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتنفس الشرق من جديد و ينتصر صوت السلام على ضجيج الحرب... ...
- الدين: جوهره وماهيته المطلقة
- الإنسانية والدين: ثنائية التكامل لا التعارض
- -الإنسان والأديان وحرية المعتقد وإنسانية الإنسان-
- -التوحد (Autism Spectrum Disorder - ASD)-
- مرض الديسلكسيا (عسر القراءة)
- حين نُولد من النور وننسى…
- -أنا من هناك… من حيث قُلتُ: بَلَى-
- الشك والوهم: بين العقل والواقع
- ما هى دلالة -نحر الحيوان- ( التضحية – الفداء ) في الأديان؟؟
- *ملخص شامل لكتاب -البشرية في مفترق طرق، دين أو لا دين-*
- ملخص كتاب -من يخط طريق المستقبل؟-
- ملخص شامل لكتاب -منعطف التحول أمام كافة الأمم-..... الكتاب ف ...
- *ملخص شامل ل -رسالة إلى قادة الأديان في العالم- الصادرة عن ا ...
- ملخص لكتاب مهم جداً -دين الله واحد-
- التوازن بين الروح والإيمان والعقل
- في شراكة كاملة: النهوض بالمرأة كشرط أساسي للمجتمعات السلمية
- تقدّم البشرية نحو السلام - هذا وعد إلهي
- ماهيّة الرّوح (10-10)
- ماهيّة الرّوح (9-10)


المزيد.....




- إطلاق ملتقى تورنتو الدولي لفن اليوميات وفلسطين ضيفة الشرف
- افتتاح المتحف المصري الكبير بعد عقدين من الزمن في أرضٍ لا يُ ...
- ماذا حدث عندما ظهر هذا النجم الهوليوودي فجأة بحفل زفاف مستوح ...
- (غموض الأبواب والإشارات السوداء)
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- المتحف المصري الكبير.. هل يعيد كتابة علاقة المصريين بتاريخهم ...
- سميرة توفيق في أبوظبي: الفن الأصيل ورمز الوفاء للمبدعين العر ...
- -الخارجية- ترحب بانضمام الخليل إلى شبكة اليونسكو للمدن الإبد ...
- جمعية الصحفيين والكتاب العرب في إسبانيا تمنح ‏جائزتها السنوي ...
- فيلم -Scream 7- ومسلسل -Stranger Things 5- يعدان بجرعة مضاعف ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راندا شوقى الحمامصى - مصر... مجد الأزل ونور الأبد