|  | 
                        
                        
                        
                            
                            
                                
                             
                                
                                    التناقض بين الدين والإيمان
                                
                            
                               
                                    
                               
                                
                                
                                   
                                     
 
                                        راتب شعبو
 
     الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 15:28
 المحور:
                                            العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
 
 
 
 
 
                                   
                                        
                                            
                                              في اللغة وفي الأحاديث اليومية، ترتبط مفردة "الإيمان" بالدين دون سواه. ولكن هل يستغرق الدين الإيمان؟ وهل يقوم الدين على الإيمان فعلاً؟ أو بكلام آخر ما هو موقع الإيمان في الدين؟ ينشغل النص التالي بالعلاقة التناقضية بين الإيمان والدين، ويتلمس كيف يستخدم الدينُ الميل الإيمانيَ الفطري عند الإنسان، لأغراض مضادة للإيمان، وكيف يعمل الدين على تهميش التأمل الحر للإنسان لصالح تلقين وحفظ "عقيدة" مستقرة ومتداولة وموروثة، أي كيف يعمل على تهميش الإيمان لصالح العقيدة حين يحول الإيمان إلى تابع هزيل لهوية الجماعة الدينية. الإيمان
 يتعذر على الإنسان أن يعيش مستقراً من دون إيمان، الإيمان الشخصي ركن أساسي في استقرار الإنسان وطمأنينته. سوف تغدو الحياة بليدة وجافة إذا حذفنا الإيمان منها. الحب إيمان، والأمل الغامض المُطمْئِن الذي لا يسنده عقل ولكنه يبقى مع ذلك حياً في القلوب، ينتمي إلى الإيمان أيضاً. وهل يمكن لحياة الإنسان أن تُحتمل دون حب وأمل؟
 القبول الكامل والقناعة التامة والنهائية بأمر ما هو إيمان. هذه القناعة تنتمي إلى ما قبل العقل أو ما بعده، تنتمي إلى الشعور والإحساس أكثر مما تنتمي إلى العقل، فلا يخالطها الشك ولا تقوم على دعائم منطقية، ولا يستطيع العقل دحضها. الإيمان هو رضا ذاتي بلا أسس منطقية، إنه بالأحرى يستخف بالمنطق، لا بل يكتسب قيمته من كونه لا يعبأ بالمنطق أو بالقواعد العقلية. ولكنه مع ذلك يعيش مع العقل ويستلزمه. الشراكة التي تجمع الإيمان والعقل هي شراكة الاختلاف أو التناقض. إذا كان الشك جزءاً أصيلا من العقل، فإن الإيمان هو المساحة الخالية تماماً من الشك، وما أن يدخل أدنى قدر من الشك إلى هذه المساحة حتى تفسد وتفقد طبيعتها. الإيمان هو اطمئنان النفس التي لا يسعفها العقل بالاطمئنان.
 كل منطق الكون لن يمنع عاشقاً من أن يحب معشوقته وأن يراها أجمل النساء. ومهما تعثرت حياة المرء واسودت ظروفه فإنه لن يخسر ذلك الصوت الغامض الخفي الذي يسند روحه وهو يأمل بفرج ما، أو بقادم أفضل، وإلا فإنه سوف ينتهي إلى خسارة عقله أو خسارة روحه. في الإيمان لمحة دونكيشوتيه أو انفصال "سعيد" عن الواقع، ولكنه انفصال وثيق، إذا صح القول، فالإيمان يرافق الإنسان في واقعه كما يرافق اللون الوردة، والإيمان هو ما يجعل واقع البشر حياً ونابضاً بما يعطيهم القدرة على تحمله.
 مفارقة الإيمان
 إذا كان هناك سبيل عقلي مضبوط لمناقشة القناعات العقلية وتغييرها، فإن السبيل إلى تغيير إيمان شخص، يبقى بلا قواعد مضبوطة. هذا لا يعني أن المرء لا يفقد إيمانه أو لا يغيره ولكن هذا أمر قليل الشيوع، كما أن سبيله غامض يصعب فهمه، لأنه ينتمي إلى غموض النفس وليس إلى وضوح العقل. هكذا تبدو قصص الهداية (تغيير الإيمان) مليئة بالغرابة ولا قانون يضبطها، مثل قصة إيمان بولس الرسول وهو في طريقه إلى دمشق، وقصة إيمان عمر بن الخطاب لدى سماعه سورة طه، وغيرها الكثير. المفارقة الأولى في الإيمان هي أن المرء شديد التمسك بإيمانه، أي بما لا يمكن البرهان عليه ولا يمكن إثباته عقلياً، وهو جاهز للدفاع عن إيمانه بأقصى ما يستطيع. ما يمكن إثباته عقلياً بصورة قطعية، مثل الحقائق العلمية، لا يحتاج إلى من يدافع عنه. قوة الحقائق العلمية تكمن في ذاتها ولا تعبأ بمن "آمن" بها أم لم يؤمن. الحقيقة العلمية لا تحتاج الى من يؤمن بها كي توجد، لأنها قائمة بذاتها ولأن إنكارها أو عدم "الإيمان بها" لا يقود إلى انعدام وجودها، بل إلى خسارة من ينكرها، لأنها حقيقة تمارس تأثيرها بصرف النظر عما يعتقده الناس. إنكارك للجاذبية الأرضية لا يجعلك قادراً على الطيران، وإنكارك لأهمية الأكسجين للحياة لا ينجيك من الاختناق إذا فقد الأكسجين من الهواء.
 هذا على خلاف "الحقائق" الإيمانية فهي ذاتية وتستمد أسباب وجودها من خارجها، فهي ليست حقائق إلا لأن هناك من يؤمن بها. لذلك إذا كان العلم يتطور عبر المزيد من البحث واكتشاف الحقائق، فإن الإيمان لا يتطور، ويتساوى في الإيمان انسان القرن الواحد والعشرين مع سابقيه، كما يتساوى في الإيمان الانسان الذي يحمل درجات علمية مع الانسان الأمي.
 الإيمان بأمر ما أو التخلص من الإيمان بأمر ما، هو تجربة شخصية داخلية تتصل بالنفس أكثر مما تتصل بالعقل. هذا ما يولد مفارقة الإيمان الثانية، فالإيمان يحرر الانسان من "عبودية" العقل وقوانينه الصارمة، هذه عبودية موضوعية لا تتوقف على موقف الإنسان منها أو على قناعته بها، فهي مفروضة على المرء من خارجه. ولكن الإيمان، بالمقابل، يدخل المرء في عبودية أخرى لا أبواب مضبوطة للتحرر منها، هذه عبودية داخلية أو ذاتية المنشأ تقوم بصورة كاملة على قناعة المرء أي على إيمانه أو عدم إيمانه. بالإيمان يتحرر الانسان، من قواعد العقل الصارمة، ولكن الإيمان ينطوي بالمقابل على قيد ذاتي يصعب التحرر منه. بكلام آخر، إن الإيمان الذي يحرر الانسان من صرامة العقل، يمكن أن يقيده من جهة أخرى إلى سلطة لا سبيل إلى مقاومتها هي سلطة الإيمان، فالمرء يبقى عبداً راضياً بما يؤمن به، مهما تطلب منه ذلك خضوعاً أو التزاماً، على مثال قصص الزهد والتنسك التي تصل إلى حدود غريبة كقصة سمعان العمودي الذي يقال إنه قضى، في أواخر القرن الرابع الميلادي في قرية في شمال حلب، سبعة وثلاثين عاماً على عمود يقضي أيامه في الصلاة والتأمل متوجها بنظره إلى السماء.
 لكن "عبودية" الإيمان لا تطرح مشكلة جدية إلا حين ينتقل الإيمان من كونه شأنا فردياً إلى كونه شأناً جماعياً كما يحصل في الدين. في هذا الانتقال من كون الإيمان بعداً ذاتياً خاصاً أو شخصياً إلى كونه مجالاً جماعياً مشتركاً، يتحقق الانتقال الأخطر وهو ربط الإيمان بالهوية الجماعية، الأمر الذي يمهد إلى غلبة مبدأ الهوية على مبدأ الإيمان، وتحويل هذا الأخير إلى عنصر مغلوب للهوية الجماعية ومستلزماتها.
 الإيمان الديني الفردي والعام
 في الحديث عن الإيمان يكون الإيمان الديني هو الموضوع الأبرز. وفي هذا الموضوع يمكن التمييز بين الإيمان الديني الفردي، والإيمان العام، الأول هو الإيمان الفطري مثل إيمان حي بن يقظان، شعور الإنسان بوجود سر عميق وراء عظمة الكون، سر يقصر العقل عن فهمه، فيستوعبه بالإيمان. وهذا الشعور أو الاستيعاب الإيماني يكون فردياً أو شخصياً، أي أن كل شخص يستوعب سر الكون في خياله بطريقته الشخصية الفريدة فرادة بصماته. أما الإيمان الديني العام فهو قريب من إيمان أهالي جزيرة أبسال في قصة ابن طفيل الاندلسي (حي بن يقظان). إيمان الأديان، أي وجود أفكار وعقائد "منسقة ومضبوطة"، هو تسليم الفرد بما هو متداول في وسطه. إيمان المتدين هو القبول التام أو التسليم بتصورات تفسيرية معدة سلفاً وتستمد قيمتها من الإيمان بها، ثم قد يُبنى على هذا الإيمان "شريعة" تحكم العلاقات الدنيوية. في الإيمان الديني الفردي أو العام يتوقف وجود وصفات القوة الخارقة وراء الكون على وجود كائنات ضعيفة واعية مسحورة بعظمة الكون وعاجزة عن استيعابها بالعقل. الإيمان الديني هو أقرب إلى الابتكار منه إلى الاكتشاف، وجود المبتكَر يتوقف على وجود المبتكِر.
 شعور الانسان بأن عقله قاصر عن الإحاطة بالكون يدفعه إلى تخيل وجود عقل خارق يحيط بكل شيء، وكذلك حيرة الإنسان أمام معنى الوجود، تدفعه إلى إقحام غاية فيه، من خلال تصورات دينية تنسجم مع وجود ذاك العقل الكلي الخارق. العجز والحيرة يشكلان أساس نشوء الدين بوصفه حلاً للغز الكون والوجود البشري فيه. الدين والحال هذه هو الجمع المتناقض بين العقل والإيمان، إنه السعي البشري لإعطاء الغموض الكامل معنى عقلياً، وهو معنى لا يمكن أن يقوم إلا على الإيمان. وهكذا فإن المنصة التي ينطلق منها الدين هي الإيمان، وعلى هذه المنصة يبني العقل هيكله "المنطقي". هكذا يقوم العقلي في الدين على الإيمان الديني أو على اللاعقلي، وهذا هو البناء المشترك والأساس الدائم لكل دين.
 في الإيمان الديني العام يشترك البشر. ربما تختلف تصورات البشر عن هذا السر أو القوة الغامضة التي تقف وراء الكون، ولكن يبقى "الشعور" بوجود هذا السر قاسماً مشتركاً للجميع. لا نعتقد أن انساناً يخلو من حضورٍ ما لهذا الشعور. منذ القدم راح البشر يبحثون عن توحيد شعورهم المشترك عن طريق "عقلنة" هذا السر وامتلاكه أو كسر الاغتراب تجاهه من خلال "ضبطه" وإعطائه اسماً وصفات ... الخ. وصل الانشغال بهذا السر العظيم إلى حد الدخول في تواصل معه عبر أشخاص مختارين (رسل وأنبياء)، وقادت هذه المحاولات إلى بروز أديان سماوية عديدة، إضافة إلى الأديان غير السماوية التي تسعى للإجابة على أسئلة الانسان وقلقه حيال الوجود ومعناه.
 من الطبيعي أن الأديان لا تفضل بعضها البعض بشيء، إنها تؤدي وظيفة واحدة وهي في ذلك مثل اللغات. كما تؤدي اللغة وظيفة التواصل، كذلك يؤدي الدين وظيفته بأن يكون محلاً مشتركاً لهوية الجماعة واطمئنانها الروحي. لا يمكن المفاضلة بين اللغات ولا بين الأديان. ولا يعكس عدد المتكلمين بلغة ما، أو عدد أتباع دين ما، تفوقاً لهذه اللغة أو هذا الدين.
 بين المؤمن والمتدين
 مع بروز الأديان يتشكل الفارق بين المتدين والمؤمن، الأول محكوم لعقيدة منجزة ذات حدود فاصلة عن العقائد الدينية الأخرى، والثاني متحرر من العقائد الجاهزة ولا يرسم إيمانه الديني حدوداً مع غيره. المتدين ينتمي إلى جماعة دينية يستمد منها حاجته للانتماء والهوية، ولذلك إذا كان من غير الممكن للمؤمن أن يكون متعصباً، فإن التعصب سبيل مفتوح أمام المتدين الذي قد يمضي بعيداً في هذا السبيل وصولاً إلى مستوى العنصرية ورفض الآخرين إلى حد القبول بقتلهم.
 يمكن للعقيدة الدينية أن تتحول إلى سم قاتل للأخلاق العامة، حين تكبت الضمير الفطري، هذا المحل المشترك للعرف العام وللحس السليم، لصالح ضرورات دينية يحددها "علماء" دين. الإفراط في التدين يترافق مع إفراط في التزام القواعد العامة (في المأكل والملبس والسلوك ... الخ) وإفراط في تجاوز الأخلاق العامة (قبول بارتكاب صنوف الأخطاء لنصرة الدين، أو حتى القبول بارتكاب صنوف الفظائع بحق الناس). بالمقابل لا يصح الكلام عن إفراط في الإيمان، الإيمان حقيقة منتهية، يكون أو لا يكون، مثل الموت. الإيمان لا يقبل المفاضلة، لا يوجد إيمان أكثر أو أقل، على خلاف الدين الذي يقبل ذلك لأنه يتصل بالهوية الجماعية ويكون الإفراط في التدين هو إفراط في الهوية أو في عداء الجماعات الدينية الأخرى، أي إن الإفراط في الدين ينطوي على أفراط في الابتعاد عن الإيمان.
 ما يميز الإيمان أنه شأن شخصي، لكل شخص إيمانه الخاص به حتى لو كان موضوع الإيمان مشتركاً، كما هو الحال في الإيمان الديني. ويمكن القول إن فردانية الايمان واختلافه من شخص إلى آخر، يشبه اختلاف البصمة بين شخص وآخر، "الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق" بحسب تعبير محي الدين ابن عربي. لكل شخص من أتباع الديانات التوحيدية مثلاً تصور إيماني عن الإله لا يشبه تصور غيره إلا بقدر تشابه البصمات، حتى يمكن القول إن لكل شخص تصوره الفريد عن الإله أو عن القوة الكون الخفية، وأن لكل شخص إلهه الخاص الذي لا يشبه إله غيره.  فردانية الإيمان تقوم على أنه أمر ذاتي محض، فهو لا يستند إلى حقيقة موضوعية. الحقيقة الموضوعية الوحيدة فيما يخص الإيمان هي أن الإيمان حاجة أصيلة عند الإنسان، أو ربما غريزة ثابتة لديه.
 تاريخ الأديان هو تاريخ انشقاقات دينية أكثر منه تاريخ تقارب واندماج. وقد انتهت محاولات تقريب ودمج الأديان ومصالحتها إلى تشكيل أديان جديدة، مثل السيخية المتأثرة بالهندوسية والإسلام، ومثل البهائية التي تؤمن بوحدة الأديان. هكذا فإن عدد الأديان أو الهويات الدينية يميل مع الزمن إلى التزايد. بهذا يمكن تلمس خيط جوهري فارق بين الدين والإيمان، وهو أن الإيمان خط متصل بين البشر جميعاً، فيما الأديان تقوم على التمييز والفصل ورسم الحدود بين الناس وتعزيزها. الإيمان يستمد عمقه من التأمل، هذه الخاصية البشرية المشتركة، أما الدين فإنه يستمد قوته وديمومته من حاجة الناس إلى الهوية الجماعية التي تقوم على التقسيم. وهكذا، فإن الدين يجمع نقيضين هما الإيمان الذي يوحد والهوية التي تقسم. ما يوحده الإيمان في الناس تفرقه الهوية، والدين ينتصر للهوية وليس للإيمان، ينتصر لتفريق الناس إلى جماعات هوياتية، وليس لجمعهم وتوحيدهم.
 الهوية الجماعية تسحق الإيمان
 مع بروز الدين وتشكل الجماعات الدينية، بدأت الهوية الدينية الجماعية تتغلب على الإيمان وتستتبعه، الأمر الذي مهد لبروز ظاهرة بشرية عنيفة تثير التأمل هي الحروب الدينية التي شهدت ممارسات فظيعة تصل إلى حدود الإبادة، حروب يكون فيها الإيمان الديني بوصفه ثمرة التأمل، هو الضحية. نحن هنا نتكلم عن لحظات التحول العنيف للجماعات الدينية في سياق الصراعات السياسية، ولا ننظر إلى دور الدين في تنظيم الحياة الاجتماعية ودوره في السيطرة على الجماعات وتسهيل إدارتها، هذا شأن آخر.
 من هذه الزاوية، يمكن تشبيه التحول الذي يفرضه الدين على الإيمان، أو الفارق بين الإيمان الديني التأملي العفوي، والإيمان الديني المؤسساتي الذي يخدم في تأطير الناس وحشدهم في الصراعات العنيفة ضد آخرين، بالفارق بين الدافع الجنسي الحميد الذي يهدف إلى الحفاظ على النوع، وبين الدافع الجنسي الذي يتحقق عبر جريمة الاغتصاب. في الحالة الثانية يجتمع في المجرم الدافع الجنسي الطبيعي المشترك بين البشر، مع ميل جرمي يدفعه إلى تحقيق غريزة الجنس بالاغتصاب، هذا الاجتماع يحيل الشخص إلى مشروع مغتصِب. كذلك يفعل جمع غريزة الإيمان الفردي الطبيعية المشتركة بين البشر، مع غريزة الهوية الجماعية التي تنطوي بطبيعتها على استعداد عدائي ضد "الخارج"، فنحصل على الجماعة الدينية القابلة إلى أن تكون عدائية ضد المختلفين. عدائية الجماعة الدينية لا تنبع من كونها جماعة إيمان بل من كونها جماعة هوية. وليس أدل على ذلك من حقيقة أن الصراعات الدينية تتخذ أبعاداً قصوى في العنف دون أن يكون لدى غالبية أفراد هذه الجماعات المتصارعة معرفة بالفروق "الإيمانية" بين الجماعتين، ودون أن يكون لهم أيضاً معرفة بالمحتوى الإيماني لجماعتهم نفسها. لكن أكثر ما يدل على حقيقة أن الجماعات الدينية هي جماعات هوية قبل كل شيء وأن الإيمان الحر فيها ممحو وهامشي، هو أن الدين يورث وكأنه ملكية منقولة أو كأنه جزء من اسم العائلة.
 على عكس الخلافات الإيمانية، تكون خلافات الناس على القناعات والمسائل العقلية أقل عدائية، لأنها خلافات تخضع لقواعد عامة قابلة للتحقق والاختبار ومستقلة عن ذوات الأفراد وهي لذلك لا يمكن أن تتصل بهويات خاصة. الحقائق والقوانين العلمية عامة وموضوعية لا يصح أن يتبناها البعض دون غيرهم أو أن "يحتكروها" ويتحزبوا لها ويشكلوا حولها هوية خاصة. أما القناعات الإيمانية فهي قناعات ذاتية يمكن تصنيعها ذاتياً و"امتلاكها" ونسبها إلى الذات أو انتساب الذات إليها، واعتبارها عقيدة أو "ملكية خاصة" لجماعة يشكل الاعتداء عليها اعتداء على الذات أو الهوية الجماعية. نرى ذلك مثلاً في "ملكية" الشيعة لآل البيت مقابل "ملكية" السنة للصحابة. لا يتعلق الأمر بخلافات فكرية حول تاريخ الدعوة المحمدية أو حول تفسير القرآن مثلاً، فمثل هذه الخلافات كثيرة بين المهتمين والدارسين، بل يتعلق الأمر بجعل تفسير ما أو نظرة ما إلى الموضوع عقيدةً أو مكوناً هوياتياً لجماعة. نشوء هذا الواقع المتمثل بنشوء جماعات لها "حدود" دينية عقائدية يشبه نشوء الدول التي لها بقعة جغرافية وحدود تشكل موضوع صراع كامن مع الدول الأخرى. الطريف في الأمر أن مثل هذه الصراعات الفكرية والتفسيرية كالتي بين بين الشيعة والسنة مثلاً، يخوضها رجال الدين بطاقة متجددة توحي كما لو أن السنة يحرسون النسخة التي تحققت من التاريخ، ويمنعون الشيعة من إعادة صياغة التاريخ وجعل الخلافة لعلي أولاً. الأمر مشابه في الصراع الفكري الرئيسي بين الكاثوليك والارثوذوكس حول طبيعة المسيح. هذا النوع من الخلافات على ما لا يمكن تغييره (الخلاف السني الشيعي) أو ما لا يمكن إثباته (الخلاف الكاثوليكي الأرثوذكسي) هي خلافات لانهائية لا حل لها، وهي لذلك لا تتقادم، الطاقة المحركة لها مستمدة من الصراعات في الحاضر ولها بعد سياسي وهوياتي لا صلة له بالإيمان بما هو كذلك.
 لن يختلف الناس على قانون الجاذبية، وسوف يبدو سخيفاً من يرفض هذا القانون، ولكن سوف يبقى الناس في خلاف أبدي فيما يخص ما يؤمنون به، ذلك أن قضايا الإيمان هي قضايا ذاتية غير قابلة للقياس ولا يمكن التحقق منها. ولكن ينبغي التشديد على أن الإيمان لا يصبح وسيلة حرب إلا حين يفارق طبيعته ويرتبط بالهويات الجماعية، فيتحول من الاستسلام والتسليم لله إلى الاستسلام والتسليم للجماعة، كما يحصل في الجماعات الدينية.
 القضية الإيمانية يمكن الدفاع اللانهائي عنها، على خلاف القضية العلمية، لذلك يصعب أن يتخلى أحد عن إيمانه، فيما التخلي عن قناعة خاطئة بموضوع علمي هو من طبيعة الأمور. مع ذلك قد تجد إلى اليوم، من "يؤمن" بعدم كروية الأرض، ولكن هؤلاء لا يشكلون تهديداً للعلم، بل يشكلون ظاهرة طريفة بالأحرى.
 الدين بوصفه هوية
 الدين يؤمن للإنسان حاجته الفردية إلى الإيمان، ويربطها بحاجته إلى هوية جماعية، وهو ما يعزز حاجة الإنسان للدين. تكمن قوة الدين وجاذبيته في أن الإيمان الجماعي يطمئن الفرد، حين يشارك الانسان مفردات الإيمان مع مجموعة فإنه يطمئن، للمشاركة الجماعية فعل مطمئن، فالكثرة تحمي الفرد من القلق وتعطيه الشعور بالصواب. وهذا ما تفعله ممارسة الطقوس الدينية الجماعية. على هذا فإن جاذبية الدين تكمن في إنشائه هوية دينية.
 تكمن مشكلة الدين في أن الجانب الهوياتي يغلب فيه على الجانب الإيماني. هذه مشكلة كامنة في أي دين، وهي ما تجعل الدين وسيلة شائعة في الصراعات الدنيوية. الجانب الهوياتي في الدين هو ما يجعل الدين وراثياً ومنفصلاً عن الإيمان. إذا كان الإيمان يحمل بصمة شخصية، فإن الدين ينمّط الإيمان ويمسح الملامح الفردية فيه ويذيب الشخص في المجموع. إلى ذلك، فإن توريث الدين سياق قسري، إذ يصعب على المرء الهرب أو التحرر من هويته الدينية. الأديان تتساند في صيانة بعضها البعض، فمن ولد في وسط ديني معين سوف ينسب إلى هذا الوسط دون اعتبار إلى قناعاته الشخصية. في الأديان لا يهم بماذا يؤمن المرء، ما يهم هو في أي وسط ديني ولد. ومن الطريف أن تجد العقائديين الدينيين أو رجال الدين في كل الأديان على قناعة تامة بالمحتوى الإيماني للدين الذي وُلدوا عليه، وكأنهم اختاروا أديانهم وتأملوا محتواها واقتنعوا به قناعة عميقة تجعلهم يدافعون عنها ليس فقط بحماس بل وبتعصب يمكن أن يصل إلى حد التكفير وإباحة القتل. عدد الأفراد الذين يختارون ديناً غير الدين الذي ولدوا عليه، قليل إلى حد لا يذكر. الطرافة هي أن الذين يدافعون عقائدياً عن أديانهم يعرضون مشهداً يقول إنهم ولدوا وهم مقتنعين بعقيدتهم الدينية ويحاجون بحماس كبير "خصومهم" من الأديان الأخرى. السجالات الدينية التي يدافع فيها أتباع دين عن مواضيع إيمانهم في وجه أتباع الأديان الأخرى ليست سوى تسخير للعقل في رسم الحدود وتعزيز الهويات الدينية للجماعات. ويصبح ذلك أكثر بروزاً كلما كان استخدام الدين في الصراعات الدنيوية مطلوباً أكثر.
 وبسبب توريث الهوية الدينية، فإن هذه الهوية تستقل بشكل كامل عن الإيمان الديني المحدد، يصبح المرء محسوباً على هوية دينية قد لا يكون له معرفة بالهوية الإيمانية لها، أو قد لا يكون "مؤمناً" بالهيكل العقلي الديني للجماعة المحددة. مع الزمن تتحول الأديان إلى هويات فارغة من الإيمان، ويتولى بعض أفراد الجماعة الدينية وظيفة حراسة الحدود العقائدية للجماعة حيال الجماعات الأخرى. هذه المفارقات تنتج حالات غريبة كأن تجد أتباع دين معين يتخذون موقفاً سلبياً أو حتى عدائياً ممن ولدوا في وسط جماعة دينية مختلفة. هكذا تتحول العقيدة الدينية إلى مبرر لممارسات غير إنسانية بين الجماعات، أي تتحول إلى النقيض مما يمليه الإيمان الحر ومما يحرضه في دخيلة "المؤمن" من احترام للإنسان بوصفه كذلك ومن احترام لحقه في الحياة والكرامة.
 عبثية نقد الدين
 من العبث نقد الإيمان الديني من خلال الكشف عن عدم اتساقه مع المنطق والعقل، وهذا ما اجتهد على فعله، دائماً، ناقدو الدين دون جدوى. الإيمان لا يستشير العقل بل يحيله إلى وسيلة في خدمته، وهو ما أنتج في الثقافة العربية الإسلامية ما عرف "بعلم الكلام" حيث يجتهد العقل في إثبات وتعزيز نتائج إيمانية محددة سلفاً، وفي معالجة يائسة للتعارضات الكائنة بين العقل والإيمان. إذا كان المؤمنون يستخدمون العقل لتعزيز إيمانهم، فإن العقل يبقى سبيلاً غير فعال لتقويض الإيمان، هذا إذا كان ثمة أي فائدة على الإطلاق من تقويض الإيمان، وهي في نظرنا مهمة مستحيلة. في الإيمان الديني يمكن لعصفور صغير أن يشرب البحر، ويمكن لقطعة الخشب اليابس التي يستخدمها الاسكافي أن تورق، ويمكن أن تلد المرأة دون دنس، وأن يسير المرء على الماء وما إلى ذلك من معجزات، يستمتع الإنسان في سردها وفي تخيلها ولا يضيره أن يكون ذلك متعارضاً مع مسلمات العقل، بل تأتي المتعة بالضبط من كون المعجزات تتجاوز العقل. من الممتع للإنسان أن يسلّم بوجود سبيل غامض لا يعبأ بالقوانين المعروفة ويحقق ما تعجز عنه السبل العقلية.
 وبالقدر نفسه تبدو لنا البراهين العقلية على إثبات وجود موضوع الإيمان الديني (الخالق) نافلة. يتساوى في الإيمان الجاهل والعالم، فالطريق إلى وجود الخالق فطرية ويبقى دور العقل في إثبات وجود الخالق مقتصراً على طرح التساؤلات التي لا يستطيع الإجابة عليها، كما لو أن دور العقل هو إثارة الحيرة التي لا يخرجنا منها سوى الإيمان الذي ينتمي للفطرة. هناك قصة دالة تتحدث عن امرأة عجوز سألت عن سر التدافع إلى استقبال عالم دين قادم إلى مصر، فقيل لها إن هذا العالم هو ابن تيمية الذي يبرهن ويثبت وجود الله بثمانين طريقة، فقعدت المرأة عن استقباله قائلة: "سبحان الله، وهل يحتاج الرب إلى من يثبت وجوده؟"
 في الاتجاه نفسه تذهب قصة حي بن يقظان لابن طفيل، فالطفل الذي ربته الغابات والحيوانات في عزلة عن الناس يصل إلى وجود الخالق بفطرته دون وجود لمن ينقل إليه معرفة.
 الدين هو تجربة جماعية يسود فيها التقليد، على خلاف الإيمان الذي هو تجربة فردية. فالدين هو انضواء في الجماعة "الإيمانية" مشابه في العمق للانضواء في أي جماعة انتمائية أكان الانتماء يقوم على العرق أو القوم أو الدم أو اللغة ... الخ. وللانضواء في الجماعة جاذبية نفسية تحقق الحاجة إلى الانتماء، فضلاً عن تحقيق الحاجة إلى الحماية المتعددة الجوانب. وتتميز الجماعة الدينية عن بقية هذه الجماعات الانتمائية بأنها تربط ذاتها بذات عليا لها وجود مستقل عن الجماعة، وجود غامض سعى رجال عظماء (أنبياء ورسل) إلى توضيحه وضبطه وتقريبه إلى العقل والاتفاق عليه والعمل على إرضائه حسبما يتخيلون سبل إرضائه. لذلك إذا كان من العبث نقد الدين استناداً إلى مقدمات ومحاجات عقلية ومنطقية فمن العبث أيضاً نقد الدين من زاوية أنه تجربة جماعية وأن جماعة الدين ينشدون إلى بعضهم البعض برابط يتصل بالهوية الجماعية ولا يتصل بالإيمان. من غير المجدي نقد جماعية أو "قطيعية" الدين بالقول إن الدين شأن خاص بين الفرد وربه، هذا القول يخلط بين الدين والإيمان وغالباً ما تجد أقل الناس إيماناً هم أكثرهم تعصباً للهوية الدينية الجماعية، أما الإيمان فإنه لا يجتمع مع التعصب للجماعة، هنا يتحول الإيمان إلى إيمان بالجماعة.
 الإيمان الديني يصنع حقيقته الخاصة، وهي حقيقة ذاتية يتوقف وجودها على الإيمان، ومن هنا تنبع المفارقة وهي أن الإيمان يخلق حقيقته ثم يصبح "المؤمن" مشدوداً إلى هذه الحقيقة أو حتى عبداً لها. المفارقة هي بين هشاشة "حقيقة" الإيمان وافتراضيتها (استحالة البرهان العقلي عليها) من جهة، وبين قوة تأثيرها الواقعية والتصاق الانسان بها والإخلاص لها، من جهة أخرى. يكتشف الإنسان قوانين الطبيعة ويطور علمه بها، ولكن الإنسان يصنع إيمانه، لا يمتلك برهاناً على صحة ما يؤمن به سوى إيمانه ذاته. لذلك إذا كانت العلوم تتطور فإن الدين لا يتطور ولا يفنى، ومن العبث نقده. السبيل المجدي لنقد الدين هو سبيل الاستقلال السياسي عن الدين، بذلك فقط يمكن منع الأديان من تسميم الحياة المدنية بإقحام الهويات الدينية فيها.
 
 #راتب_شعبو (هاشتاغ)
       
 
 ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
 
 
 
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
       
 
 
 
 
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟
    
 
 
 
                        
                            | رأيكم مهم للجميع
                                - شارك في الحوار
                                والتعليق على الموضوع للاطلاع وإضافة
                                التعليقات من خلال
                                الموقع نرجو النقر
                                على - تعليقات الحوار
                                المتمدن -
 |  
                            
                            
                            |  |  | 
                        نسخة  قابلة  للطباعة
  | 
                        ارسل هذا الموضوع الى صديق  | 
                        حفظ - ورد   | 
                        حفظ
  |
                    
                        بحث  |  إضافة إلى المفضلة
                    |  للاتصال بالكاتب-ة عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
 
 | - 
                    
                     
                        
                    عن الفكرة الانتصارية المنتشرة في سوريا - 
                    
                     
                        
                    المجزرة ترضي الجمهور
 - 
                    
                     
                        
                    سوريا، شعب طيب ومسؤولون أشرار
 - 
                    
                     
                        
                    عيد الشارع
 - 
                    
                     
                        
                    الاستباحة تغطي صراعاً في سوريا
 - 
                    
                     
                        
                    حدث سياسي فاصل وانعكاسات نفسية متحركة
 - 
                    
                     
                        
                    رفع العقوبات و-الممانعة- الجديدة في سوريا
 - 
                    
                     
                        
                    التصورات الطائفية تدمر الدولة السورية
 - 
                    
                     
                        
                    لماذا يتراجع الوطنيون السوريون؟
 - 
                    
                     
                        
                    نجاة سوريا في التضامن الأهلي
 - 
                    
                     
                        
                    سوريا، أوقات مسحورة ولكنها واقعية
 - 
                    
                     
                        
                    مسؤوليتنا في أحداث الساحل السوري
 - 
                    
                     
                        
                    إدمان على الاستبداد
 - 
                    
                     
                        
                    الحقيقة ليست مزاراً، عن جدوى النقاش
 - 
                    
                     
                        
                    سورية ملونة وليست ألواناً
 - 
                    
                     
                        
                    الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا
 - 
                    
                     
                        
                    درس علوي في سورية يجدر تأمله
 - 
                    
                     
                        
                    مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة
 - 
                    
                     
                        
                    عن مظاهرات السوريين العلويين
 - 
                    
                     
                        
                    هل انتصرت الثورة في سوريا؟
 
 
 المزيد.....
 
 
 
 
 - 
                    
                     
                      
                        
                    ولايتي: ترامب لا يسعى للسلام في غزة بل يطارد أموال الدول الإ
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    مصر.. هكذا علق شيخ الأزهر على افتتاح المتحف المصري الكبير
 - 
                    
                     
                      
                        
                    شاهد.. والد فتى فلسطيني أمريكي يروي لـCNN تفاصيل معاناة ابنه
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    وزير الخارجية البحريني يستقبل رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    مسؤول أمني إسرائيلي: مواجهة التطرف اليهودي أو العنف الداخلي
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    الآلاف من اليهود الحريديم يحتجون في القدس على التجنيد في الج
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    آلاف اليهود المتشددين يتظاهرون في القدس رفضا للتجنيد الإلزام
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    -لبرق الحمى عهد علي وموثق-.. فلسفة العهد في الشعر في صدر الإ
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    العدالة الانتقالية في ضوء الشريعة.. رؤية تأصيلية
 - 
                    
                     
                      
                        
                    أحدث تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-JANAH TV.. على نايل وعرب
                        ...
 
 
 المزيد.....
 
 - 
                    
                     
                        
                    الفقه الوعظى : الكتاب كاملا
                     / أحمد صبحى منصور
 - 
                    
                     
                        
                    نشوء الظاهرة الإسلاموية
                     / فارس إيغو
 - 
                    
                     
                        
                    كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
                     / تاج السر عثمان
 - 
                    
                     
                        
                    القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
                        ...
                    
                     / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
 - 
                    
                     
                        
                    علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
                     / حسين العراقي
 - 
                    
                     
                        
                    المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
                     / أحمد التاوتي
 - 
                    
                     
                        
                    السلطة والاستغلال السياسى للدين
                     / سعيد العليمى
 - 
                    
                     
                        
                    نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
                     / د. لبيب سلطان
 - 
                    
                     
                        
                    شهداء الحرف والكلمة في الإسلام  
                     / المستنير الحازمي
 - 
                    
                     
                        
                    مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
                     / حميد زناز
 
 
 المزيد.....
 
 |