أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - عن مظاهرات السوريين العلويين














المزيد.....

عن مظاهرات السوريين العلويين


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8206 - 2024 / 12 / 29 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتشرت، بعد سقوط نظام الأسد وفرار المجرم ليل 7/8 كانون الأول/ديسمبر، سلسلة أخبار وفيديوهات، مسرحها مناطق سورية يعيش فيها علويون، تعرض انتهاكات مختلفة تنم عن رغبة البعض بالانتقام ليس من المرتكبين فقط بل أيضاً من بيئتهم الاجتماعية، وهو ما يمكن رده إلى سيادة وعي تعبوي، خلال السنوات الماضية، يختزل نظام الأسد في كونه "نظاماً علوياً". يظهر ذلك بأشكال عديدة، من الاستضعاف والسخرية ذات البعد الطائفي، إلى الإذلال من موقع من ينظر إلى الآخرين على أنهم مهزومون، ويصل بعضها إلى حد القتل على الهوية المذهبية بدم بارد.
وصفت هذه الأفعال بأنها فردية ولا تعكس سياسة القيادة العامة الجديدة ولا إرادتها، ونعتقد أن هذا صحيح. معروف، في ظل النظام البائد، أن "الأعمال الفردية" كثيراً ما استخدمت ستاراً للتهرب من المسؤولية، ويعرف السوريون أن أبطال هذه الأعمال لا يتعرضون للمساءلة، بل، على العكس، يعلو رصيدهم لدى القيادة، ولكن الظرف العام الذي تجد نفسها فيه السلطة الجديدة في سوريا، يجعل من مصلحتها الحيوية أن لا تحدث هذه الانتهاكات، ولاسيما أن التنظيم الأساسي في هذه السلطة يحتاج إلى الكثير من المياه النظيفة لغسل ما استقر عنه في وعي السوريين وفي سجلات الدول الغربية التي لا تزال تصنفه في قائمة الإرهاب.
في 25 كانون أول/ديسمبر، شهدنا أول رد فعل واضح وواسع من جانب العلويين، وتجلى في مظاهرات في عدة مدن، احتجاجاً على حرق مقام ديني، رفعوا فيها هتافات طائفية لأول مرة في تاريخ سوريا. لم تكن هتافات ضد الطوائف الأخرى، بل هتافات تأكيد على هويتهم الطائفية الخاصة. وعلى اعتبار أنه لا تقليد لديهم في ذلك، فقد قلدوا طريقة الشيعة في الهتاف، مثل (لبيك يا ...) و(علوية) على غرار هتاف (شيعة)، مع الفارق المهم في السياق والدلالة.
لم تواجه المظاهرات بالعنف في اللاذقية وطرطوس، فقط نقلت الأخبار أنه سقط قتيل وبضعة جرحى في حمص بعدما أطلقت قوات الأمن النار لتفريق المتظاهرين. ثم صدر قرار بمنع التجمعات والمظاهرات والوقفات التضامنية حتى عودة استتباب الأمن في البلاد، وجرى إلغاؤه بعد ذلك.
المظاهرات التي أتينا على ذكرها ليست دينية، وإن اتخذت طابعاً دينياً، فقد سبق أن تعرضت مقامات علوية للإزالة، في سياق مختلف، دون أن يتسبب ذلك باحتجاجات تذكر. خروج العلويين بهذا الشكل يحركه، باعتقادنا، نزعة لتأكيد الذات الجماعية أمام ما يشعرون أنه محاولة لوصمهم وإغراقهم بعقدة الذنب. كما يحركه خوف مرضي، يتجلى في نوع من الهروب إلى الأمام، فالاحتجاج على حرق مقام يكاد لا يعرفه العلويون أصلاً، يضمر احتجاجاً على مجمل "الأعمال الفردية" السابقة، وهو نوع من رسالة مفادها إننا متضامنون وسندافع عن أنفسنا.
قد يبدو هذا القول غريباً لمن لا يستطيع إدراك حقيقة خوف العلويين. يمكن للمرء أن يجد هذا الخوف غير مبرر وغير مفهوم، ويمكنه أن يسخر منه حتى، ولكن هذا، على كل حال، لا يفيد في شيء، وربما يزيد من المشكلة. بالمقابل، يمكن لجهات ذات مصلحة (في هذه الحالة نقصد أساساً إيران بما لها من مرتكزات محلية، والتي كان في تصريحات مسؤوليها ما يشير إلى علاقة لها في تخريب الاستقرار الذي تلا سقوط النظام) أن تؤجج المخاوف وأن تدفع باتجاهات معينة للحركة، ولكن يبقى هذا غير ممكن ما لم يكن لدى الناس الاستعداد لذلك.
يوجد فارق حاسم بين الاحتجاجات التي قام بها العلويون، والعمليات العنيفة التي أقدم عليها علويون من مستفيدي النظام البائد، مثل حادثة اطلاق النار على دورية أمنية في المزيرعة من قبل شبيحة للنظام السابق وقتل أربعة منهم في 15 كانون أول/ديسمبر، أو استهداف دورية لقوات الأمن العام، في يوم الاحتجاجات نفسه، وهي في طريقها لاعتقال ضابط من إحدى قرى طرطوس، يقال إنه مسؤول عن إعدام آلاف السجناء في سجن صيدنايا، العملية التي قتل فيها 14 فرداً من عناصر الأمن، بحسب بيان وزارة الداخلية السورية. العمليتان تهدفان إلى حماية مجرمي النظام، وتستخدمان العنف المسلح، في حين أن المظاهرات سلمية الطابع، ولا تهدف لحماية مجرمين مطلوبين. العمليتان من ترتيب رجال النظام السابق الرسميين وغير الرسميين، الذين يدافعون عن نفسهم بالعنف وبمحاولة خلق البلابل، ولكننا لا نعتقد أن أحداً من رجال النظام السابق ما زال يمتلك من القوة المعنوية ما يجعله قادراً على إخراج عشرة أشخاص. اعتبار المظاهرات صناعة "الفلول" هو استسهال بعيد عن الواقع.
ما يراهن عليه مجرمو النظام السابق هو تأجيج صراع طائفي، كي يحتموا فيه وتختلط فيه الأوراق، وعندئذ لا ينجون من العقاب فقط بل يطمحون إلى أن يتحولوا زعماء في طائفة هذه المرة، بعد أن كانوا زعماء في دولة. على هذا، فإن كل سلوك ذي بعد طائفي من أي جانب كان، لا يخدم في النهاية سوى هؤلاء المجرمين.
إلى الآن، يفتح سلوك السلطة الجديدة باباً للتفاؤل، ففيه قدر مهم من المسؤولية الوطنية والابتعاد عن الاستفزاز الطائفي مع السعي لتطمين الأهالي. كما أن للمبادرات الأهلية التطمينية أهمية في هذه المرحلة الانتقالية، إذ يكون للنسيج الأهلي دور أكثر أهمية في ملء نقص الدولة وطمأنة الناس وتخفيف الصدامات الممكنة.
من المفيد في السياق السوري الراهن، التنبه إلى أمرين متكاملين، الأول هو أن ما يبدر عن العلويين من ردود فعل شعبية احتجاجية، قد تشكل، وهذا يعتمد على التطور اللاحق للأحداث، بداية مشؤومة لتحولهم إلى كيان له قدر من الوعي الذاتي الجماعي ما يمهد لدخولهم (مع غيرهم) في نموذج دولة طائفية التكوين على النموذج العراقي أو اللبناني. والثاني هو أن ما يدفع أكثر باتجاه هذا التحول، هو أنه ينسجم مع طبيعة تكوين السلطة السورية الحالية التي يقوم تنظيمها الأساسي على كيانية طائفية، ويزيد في المخاوف ما قاله زعيمها في أحد لقاءاته عن النية في تنظيم علاقة المكونات السورية المختلفة بالدولة، ما يشي برغبة في التعامل مع الطوائف المختلفة بوصفها كيانات ذات بعد سياسي. في رأينا أن السير على هذا الطريق لا ينتج إلا دولة ذات فشل مستدام.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع
- نحن والاحتجاجات في إسرائيل
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية
- الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية
- جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا
- الأبواب الحديدية


المزيد.....




- شاهد.. العائلة المالكة البريطانية ترتدي شارات سوداء تكريمًا ...
- نتنياهو من موقع سقوط صاروخ إيراني: -تخيلوا ما كان سيحدث لو ا ...
- عضو بالبرلمان الإيراني: حان وقت الهجوم على مفاعل -ديمونا- ال ...
- ترامب يتحدث عن سد النهضة وصراع مصر وإثيوبيا.. ماذا قال؟
- ترامب يبدي انفتاحا لفكرة وساطة بوتين في حل الأزمة بين إيران ...
- لافروف وفيدان يبحثان الوضع في الشرق الأوسط ويؤكدان على ضرورة ...
- ما هي حقوق المسافرين مع تعطل الرحلات أو إلغائها؟
- كيف تتصدى إسرائيل للصواريخ الإيرانية؟
- كيف تصور إيران أكبر مفاجأة عسكرية تعرضت لها على أنها -انتصار ...
- كيف استقبل الرأي العام العربي المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - عن مظاهرات السوريين العلويين