أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - سوريا، شعب طيب ومسؤولون أشرار















المزيد.....

سوريا، شعب طيب ومسؤولون أشرار


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 14:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ 1970 إلى اليوم خبرت سورية ثلاثة رؤساء كرروا، رغم اختلاف الظروف، المسار السلطوي نفسه بطريقة متشابهة، وابتعدوا بها عن أن تكون وطناً لأبنائها، ما انتهى بها اليوم إلى أن تكون في عداد أكثر دول العالم تخلفاً في كل شيء تقريباً. في الفترة المذكورة شهدت سورية مفصلين بارزين، الأول مع وصول الأسد الأب إلى الرئاسة (وصول الأسد الابن إلى الرئاسة لم يكن أكثر من مفصل داخلي في نظام الأسد المستمر من 1970 إلى 2024)، والثاني مع وصول الشرع إلى دمشق. في هذين المفصلين لم يكن للسوريين يد في الاختيار، وقد أخذهم العجز إلى أن يأملوا خيراً بمن لم يختاروه، ويعتقدون أن لا قدرة لهم على رفضه. في هذين المفصلين رحب السوريون الطيبون بالرئيس الجديد، وفي كل مرة كان نصيبهم منه الغدر.
عقب انقلاب السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1970، حاز حافظ الأسد مقبولية صريحة وعامة في سوريا. كما حاز أحمد الشرع مقبولية مشابهة عقب وصوله إلى دمشق في أعقاب العملية العسكرية التي سميت "ردع العدوان"، التي كنست نظام الأسد بعد أن تحول إلى عقاب دموي معمم على السوريين. أساس هذه المقبولية، هنا وهناك، هو سوء النظام السابق، وإن كان من التجني الشديد مقارنة نظام صلاح جديد مع نظام الأسد الوريث. رحب السوريون بالأسد ثم بالشرع قبل أن يعرفوا أو أن تتكشف لهم السياسات التي سوف يجري تبنيها من جانب النظام الجديد. مصدر ترحيب السوريين في الحالتين هو الخلاص من صفحة سيئة والأمل بالجديد بعد أن أشبعهم القديم يأساً.
عن الأسد، كتب الصحفي البريطاني الخبير بالوضع السوري، باتريك سيل، إن الأسد بدأ حكمه في سوريا "وهو يتمتع بميزة مباشرة لا يستهان بها، فقد كان النظام الذي أزاحه محتقراً إلى درجة أن أي بديل له يأتي بالفرج. وفي تلك الأيام المبكرة كان يبقى واقفاً على قدميه من الصباح إلى المساء وهو يتلقى وفوداً جاءت من كافة أنحاء البلاد لتهنئة "الفريق" الذي أنقذهم من محنتهم وبلاياهم. كانت قرى بكاملها تخرج لتحيته على عكس اللامبالاة الصارمة الكئيبة التي كانت تواجه الانقلابات والانقلابات المضادة في العاصمة بالاستسلام، أما في هذه المرة فقد كان هناك شعور حقيقي بأن هذه بداية جديدة".
أما عن الشرع، فلا يحتاج القارئ إلى شواهد، كي يجد تشابه الحال. فقد شهد السوريون منذ عهد قريب الفرحة الواسعة التي جرى التعبير عنها بشتى السبل، والتي كانت بحجم الألم واتساع الأمل.
رحب السوريون بحافظ الأسد متغاضين عن أنه كان جزءاً رئيسياً من النظام السابق له، وكان وزير الدفاع حين وقعت الهزيمة المذلة في صيف 1967 أمام إسرائيل، وأنه يتحمل بالتالي قسطاً كبيراً من المسؤولية، ومتغاضين عن انتمائه إلى أقلية مذهبية في خرق لتقليد راسخ في سوريا وفي المنطقة. كما رحب السوريون بأحمد الشرع واضعين جانباً كل تاريخه وارتباطاته السابقة مع تنظيمات إرهابية، ونظروا إليه بوصفه المخلّص.
يتساءل المرء عن نوع الشعور الذي يتولد لدى الرئيس تجاه شعب يرحب به بحفاوة، وهو يدرك أن هذا الشعب لم يختره أصلاً، كما لا يمكنه رفضه. من غير الطبيعي أن يتولد لدى هذا "الشخص" شعور بالامتنان يمكن أن يجعله يأخذ جدياً بالاعتبار مصلحة هؤلاء المرحبين، وأن يعطيها أولوية على طمعه في رئاسة أبدية.
كان يمكن للمقبولية العامة التي حظي بها الأسد أو الشرع، أن تشكل فرصة لبناء وطني متماسك يقوم على شعور السوريين بقدر معقول من المساواة والعدل، وعلى شعورهم المشترك بعمومية الدولة التي تراعي حقوق الجميع وفق قانون محترم. كان من شأن هذا، في حالة الأسد، أن يعزز لدى السوريين الشعور الوطني بأن منبت الرئيس لا يهم، ما يهم هو كفاءته وقدرته على خدمة الصالح العام. ما فعله حافظ الأسد هو أنه استثمر المقبولية العامة والزخم الذي حققه في سنوات حكمه الأولى لتعزيز سيطرته على الدولة، وحقن السلطة بعصبية طائفية تقوم على دغدغة مشاعر سيطرة عند العلويين لضمان ولاءهم التام. ومعروف أن رغبة السيطرة تكون قوية أكثر كلما كان لدى الجماعة شعور سابق بالمظلومية. وفر هذا للأسد عصبية متينة نافعة لحكمه، ولكنها مدمرة للشعور الوطني وللثقة المتبادلة بين السوريين، ولاسيما حين سيقوده نزوعه التسلطي، كما هو الحال دائماً، إلى البطش وارتكاب المجازر. صار من المستحيل بعد ذلك على الأسد استعادة المقبولية العامة التي بدأ بها حكمه، وهكذا أصبح سقوط نظام الأسد على جدول أعمال الزمن. وإسقاط نظام كهذا يكلف البلاد الكثير كما شهدنا. الوصف الأنسب لاستثمار العصبيات غير الوطنية من أجل إدامة الحكم والتفرد به، هو الخيانة، خيانة الأمانة التي أودعها الناس لدى الرئيس حين رحبوا به. كان وصول الأسد بوصفه من أبناء الأقليات فرصة ثمينة لإظهار تفوق الانتماء الوطني للمسؤول، وهو ما أهدره كي يرضي نزوعه العائلي التسلطي.
هكذا جاء الرد على قول أول من الناس "طلبنا من الله المدد فأرسل لنا حافظ الأسد"، بقول تال من شبيحة النظام "الأسد أو لا أحد"، وهكذا تحولت نظرة السوريين إلى الأسد من كونه نعمة إلى كونه نقمة يتربع على عرش من أسباب الحرب الأهلية.
يكرر الشرع اليوم ما سبق أن فعله الأسد، ولكن بحركة سريعة جعلته في شهور قليلة يرتكب مجازر وصل إليها الأسد بعد سنوات. ولا يصعب على المرء ملاحظة الشبه بين نظرة السنة في سوريا إلى الشرع اليوم ونظرة العلويين إلى الأسد الأب في الأمس. في الحالتين غذى الرئيس لدى الجماعة الأهلية شعور بأنه "لهم"، وأن الكلام المعلن عن المساواة والعدل ليس سوى زعبرة يقتضيها الحكم التسلطي والبناء على التمييز. ولعل العقبة في طريق الشرع هي تعذر تحويل الغالبية السنية في سوريا إلى طائفة، على غرار الأقليات المذهبية فيها.
من المثير للتأمل أنه خلال التعبير عن الترحيب بالشرع في سوريا، جرى تحطيم تماثيل الأسد المرحب به سابقاً، ما يشير إلى دوران فارغ في الزمن نكرس فيه تأخرنا ونزداد فيه بؤساً من دورة إلى أخرى.
مهما يكن الأمر، لا يمكن اعتبار السياسي مسؤولاً بالكامل عن المسار المدمر الذي يقود بلاده إليه، هناك مسؤولية تقع على عاتق المحكومين الذين لم يمارسوا دوراً فاعلاً في الاعتراض على المسار الخاطئ الذي يختطه المسؤول.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الشارع
- الاستباحة تغطي صراعاً في سوريا
- حدث سياسي فاصل وانعكاسات نفسية متحركة
- رفع العقوبات و-الممانعة- الجديدة في سوريا
- التصورات الطائفية تدمر الدولة السورية
- لماذا يتراجع الوطنيون السوريون؟
- نجاة سوريا في التضامن الأهلي
- سوريا، أوقات مسحورة ولكنها واقعية
- مسؤوليتنا في أحداث الساحل السوري
- إدمان على الاستبداد
- الحقيقة ليست مزاراً، عن جدوى النقاش
- سورية ملونة وليست ألواناً
- الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا
- درس علوي في سورية يجدر تأمله
- مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة
- عن مظاهرات السوريين العلويين
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة


المزيد.....




- سافر ليلاً على متن قطار.. زيارة مفاجئة للأمير هاري إلى أوكرا ...
- روبيو سيزور إسرائيل قريبا.. والكشف عما سيناقشه بشأن غزة والم ...
- قراصنة أتراك يتصلون بوزير الدفاع الإسرائيلي وينشرون لقطة شاش ...
- بعد هجوم الدوحة.. الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي وإد ...
- هجوم جديد قرب القدس.. موظف فلسطيني في أحد الفنادق يطعن نزيلي ...
- أرماني يوصي ورثته ببيع علامته التجارية لشركة عملاقة في مجال ...
- توغل مسيرات روسية في بولندا.. حلف الأطلسي و-ورطة- الرد!
- ترامب يعلن إلقاء القبض على المشتبه به في قتل الناشط الأمريكي ...
- طحالب سامة تغزو شواطئ الجزائر.. ما هو مصدرها؟
- مساع دولية للاعتراف بدولة فلسطين ونتنياهو يتعهد بعدم السماح ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - سوريا، شعب طيب ومسؤولون أشرار