هشام عقراوي
الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 15:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العراق، لا تُنتخَب الحكومات، بل تُوزَّع كـ"كوبونات خصم" بين أبطال دراما سياسية لا تنتهي، كلّهم يلبسون بدلات نظيفة لكنّ جيوبهم مملوءة بالوحل. كلّما اقترب موعد انتخابات، ترى رئيس وزراء سابق يطلّ من تحت الأرض كأنه "سندريلا" سياسية، يُعيد تسمية كتلته، يُغيّر لون شاربه، ويقول: "الآن أنا مختلف!"، وكأن الشعب العراقي يعاني من فقدان الذاكرة الجماعي، أو أنّه يعيش في فيلم "يوم الحُرّ" لكن بدون كوميديا.
نعم، المالكي، العبادي، الكاظمي، السوداني... كلّهم مروا من هنا، كلّهم وعَدوا بالخلاص، وبعدها صاروا جزءًا من المشكلة. وكأن منصب رئيس الوزراء في العراق ليس وظيفة حكومية، بل "ترخيص تجاري" لفتح كتلة انتخابية جديدة! يكفي أن تُقال من منصبك أو تُجبر على التنحّي، لتُطلِق حملتك الانتخابية التالية وكأنك "منقذ الأمة" الذي لم يُجرّب بعد!
والمشهد لا يكتمل دون "العسكر" الذين يدّعون الحياد، لكنّك تراهم في كلّ زاوية انتخابية، إمّا يُوزّعون صور مرشّحين "موالين"، أو يُغلقون طرقات أمام منافسيهم بحجة "الأمن". الجيش الذي يجب أن يكون فوق الصراعات، صار جزءًا من لعبة الكراسي الموسيقية، حيث لا أحد يجلس إلا بعد أن يدفع "الرشوة المعنوية"... أو الحقيقية!
أما عن الشعب؟ فحدّث ولا حرج. في بعض المناطق، صوتك لا يُباع بدينار، بل بـ"كيس رزّ وكرتونة شاي". البعض يبيع ذمّته مقابل "مبلغ رمزي" لا يكفي لشراء تذكرة باص، لكنّه يكفي لتحويله إلى "ناخب مخلص" ليوم واحد! والمضحك المبكي أنّ هؤلاء الناخبين، بعد أن يأخذوا "الرشوة الانتخابية"، يعودون إلى بيوتهم ويشتكون من الفساد! وكأنهم لم يسهموا في تغذيته بأيديهم!
وفي النهاية، من يرفض هذا المسرح الهزلي؟ من يرفض أن يكون جزءًا من هذه الدوامة؟ يُتهم باللامبالاة، أو بعدم "الوطنية"، أو حتى بالخيانة! وكأن الوطنية صارت تعني أن تصوّت لمن سرقك بالأمس، على أمل أن يسرقك "بأدب" اليوم!
لذا، إن كنتَ عراقيًّا عاقلاً، بعيدًا عن الضجيج، لا تصدّق الوعود، ولا تثق بالشعارات، ولا تفرح بظهور "وجه جديد" على اللافتات. لأنّ الوجه قد يكون جديدًا، لكنّ الروح فاسدة منذ 2003. والأفضل لك أن تجلس في البلاصة، تشرب شايَك، وتغنّي:
"يا انتخابات العراق، وين رايحين؟... ماكو غير نفس الوجوه، بس بالأسماء مختلفين!"
لأن الديمقراطية في العراق، يا سادة، لم تعد نظامًا... بل مسرحية سوداء، جمهورها مُجبر على التصفيق، حتى لو كان يبكي.
#هشام_عقراوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟