أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - سوريا.. الصراع في السويداء نموذج اخر لسيطرة القوى الخارجية على مصير الشعوب














المزيد.....

سوريا.. الصراع في السويداء نموذج اخر لسيطرة القوى الخارجية على مصير الشعوب


هشام عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل التصعيد المتبادل في محافظة السويداء، والتي شهدت خلال الأسابيع الماضية مجازر دامية، وانقسامات داخلية، وتدخلات إقليمية ودولية واضحة، يظهر بجلاء أن مصير سوريا لم يعد بيدها ولا بيد شعوبها، بل بيد القوى العظمى والدول الإقليمية التي ترسم خارطة الحلول والصراعات وفق مصالحها، بعيداً عن إرادة السكان الأصليين ومصالحهم الحقيقية.

السويداء: صراع طائفي بدعم خارجي

ما يجري في السويداء ليس صراعاً محلياً عفوياً، بل هو نتيجة لسياسات ممنهجة تهدف إلى تمزيق النسيج المجتمعي في سوريا، ودفع الطوائف إلى الاحتراب الداخلي. فما يُعرف بـ"الجيش السوري"، الذي يقوده أحمد الجولاني، لم يكتفِ بارتكاب مجازر بحق المدنيين العلويين، بل واصل زحفه نحو السويداء، حيث اُتهم بشكل مباشر بتنفيذ هجمات دامية بحق الدروز، بدعم من قوات متطرفة وعشائر بدوية موالية، في محاولة للسيطرة على جنوب سوريا و طمس حقوق الدروز.

لكن الأهم في هذا السياق هو أن كل ما يجري على الأرض ليس بيد أهل السويداء أنفسهم، ولا حتى الحكومة السورية المؤقتة، بل هو نتاج قرارات تُتخذ في عواصم بعيدة، أبرزها واشنطن وتل أبيب وأنقرة.

الشعوب مجرد ورقة في يد الدول الكبرى

قلناها مرار و ي الواقع السوري الحالي يؤكد أن الشعوب لم تعد تمتلك القدرة على تحديد مصيرها بنفسها. ففي السويداء، سواء أكان الدروز أم البدو السنة أم العشائر العربية، لا أحد منهم يقرر مصيره، بل تُفرض عليه قرارات تُتخذ في مكاتب صنع القرار في واشنطن، أو في غرف العمليات المشتركة بين تركيا وإسرائيل. فالحكومة السورية المؤقتة، التي توصف بأنها "معارضة معتدلة"، لا تتحرك إلا بأمر من الخارج، وتخرج من السويداء أو تعود إليها وفق توجيهات خارجية، وليس بناءً على قرار داخلي مستقل.

ومن هنا، يظهر بوضوح أن الدول ليست فقط تراقب ما يجري، بل هي من تُحرك الأحداث، وتُحدد من يقاتِل ومن يتفاوض، ومن يبقى ومن يرحل، ومن يُدعم ومن يُهمش.

الحل المفروض من قبل المبعوث الأمريكي و وهم السلام

في هذا السياق، يظهر المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، كصانع للحلول النظرية، التي تتجاهل الواقع على الأرض. فحل باراك، الذي يسعى لفرضه على أطراف الصراع في السويداء، يتجاهل رؤية الدروز والبدو والسنة، ويُفرض عليهم من فوق، دون أن يُستفتى أحد منهم حول مصيرهم.

ما يثير القلق هو أن الحلول التي تُطرح لا تهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية تضم الجميع، بل تتجه نحو فرض "جيش مركزي" يُدار من قبل قوى طائفية أو جهادية، وتحت غطاء من القوى الدولية، وهو ما لن يؤدي إلى استقرار، بل إلى تأجيج الصراعات تحت مسمى "الوحدة الوطنية" البراق و الخالي من المصمون.

الحل العسكري فوقي، والحل السياسي مغيّب

الواقع يُظهر أن الحلول المطروحة في سوريا ليست سياسية بقدر ما هي عسكرية فوقية، تُفرض من قبل الدول الكبرى على القوى المحلية، دون مراعاة إرادة الشعوب أو تطلعاتها. ففي الوقت الذي تُفرض فيه عودة قوات الحكومة المؤقتة إلى السويداء، أو تعزيز نفوذ الجولاني، فإن الدروز والبدو والسنة يُهمشون، وتُتجاهل مطالبهم، ويُترك لهم الخيار بين القبول بالحل المفروض أو مواجهة مصير مجهول.

وهذا النهج، وإن أدى إلى هدوء مؤقت، لن يُحقق السلام الدائم، لأنه لا يعالج جذور الصراع، بل يُعيد إنتاجه تحت أشكال جديدة.

من الواضح أن الحل في سوريا لن يُبنى على قرارات تُتخذ بعيداً عن الواقع، أو على تفاهمات بين الدول دون مشاركة الشعوب. الحل الحقيقي يبدأ من إشراك جميع المكونات السورية في صنع القرار، واحترام تنوعها الديني والعرقي، وبناء دولة المواطنة التي لا تُهمش أحداً، ولا تُعطي أي جهة حق التمثيل الحصري باسم الطائفة أو القومية.

ولن يتحقق هذا ما لم تُراجع الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، منهجية تدخلها في الشأن السوري، وتتوقف عن استخدام الشعوب كورقة مساومة في لعبة المصالح والحسابات الجيوسياسية.

سوريا  تجد نفسها منذ فترة في لعبة جيوسياسية، والشعب السوري ورقة تفاوض، ولا يمكن لأي حل أن يُكتب له النجاح ما لم يكن سورياً خالصاً، يضم جميع المكونات، ويحترم حقوق الجميع، ويُرفض فيه التدخل الخارجي بشتى أنواعه. و بعكسة فأنه من الاولى للمكونات السورية أن تتفاوض مباشرة مع أمريكا و تركيا و أسرائيل بدلا من التفاوض مع حكومة هي الاخرى تأتمر بأمرة القوى الخارجية لأنها لم تأتي الى السلطة بقوة سواعدها.

و ما دامت أمريكا مستعدة لفرض حكومة جهادية في سوريا على السوريين بأسم الوحدة  و التعامل مع الفكر الجهادي و فرضها على المكونات السورية الديمقراطية، فأن السياسة لا مكان لها في سوريا و على المكونات السورية البحث عن الحرية على المريخ و ليس في سوريا لأن امريكا هي التي تقرر كيف يعيش الاخرون.

وحتى ذلك الحين، ستبقى سوريا ساحة صراع، والسويداء نموذجاً صارخاً على فشل الحلول المفروضة،  و حتى لو نجحت فأن دكتاتورية مقيته ستتم فرضها على مكونات الشعب السوري.



#هشام_عقراوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- **كيف يمكن للحمامات أن تعيش بين الصقور والعقبان؟ الكورد في م ...
- تحليل لعلاقات الشرع – إسرائيل – أمريكا وتأثيرها على مستقبل س ...
- العمر والقيادة السياسية: دراسة تحليلية حول صلاحيات القادة ال ...
- -التصالح التركي – الكوردي: فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام الكو ...
- -التطبيع السوري مع اسرائيل... هل نشهد ولادة -أوسلو الشرق الأ ...
- تحليل: الحرب إلاسرائيلة ألأمريكية ضد إيران  –إيران صارت الند ...
- هل تتحمل سوريا والعراق والأردن مسؤولية استخدام أجوائها في ال ...
- - مقارنة بين حياة اليهود في إسرائيل و حياتهم في الدول الاخرى ...
- -الكورد في إيران كما في سوريا.. بين وهم التحرر الأمريكي – ال ...
- أسرائيل و أمريكا نجحتا في أخضاع-التطرف السني- و تحويلهم الى ...
- “الكورد ضحية سياسات الحلفاء والأعداء على حد سواء” فلماذا يدع ...
- ترامب وكورباتشوف.. تشابه في التفكير؟ أم أن التاريخ يعيد نفسه ...
- -الدستور العراقي و بالدلائل يمنع وقف رواتب موظفي كوردستان.. ...
- هل كان الشرع عميلا مخفيا للاستخبارات.. كيف تحول من أبو محمد ...
- “الكورد أسرى الماضي و لا زالوا في القرن العشرين.. بينما العا ...
- حماس وإسرائيل.. المنشار الذي يقطع رؤوس الفلسطينيين من الجهتي ...
- إيران والصراع مع إسرائيل: ماذا جنت إيران والشيعة من هذا التو ...
- تم حل حزب العمال الكوردستاني و ليس فقط القاء السلاح: محاولات ...
- أقوال قادة العالم حول شجاعة الكورد. تحليل الوضع الحالي: حزب ...
- تحركات الجولاني العسكرية نحو سد تشرين: هل يُجهض الجولاني الا ...


المزيد.....




- بعد وصوله ماليزيا.. ترامب يرقص على السجادة الحمراء أثناء است ...
- بتناقض صارخ مع ما قاله عن الصراع بالشرق الأوسط وأزمة أوكراني ...
- البحرين.. فيديو شخص -يسيء- لجهود بحث وإنقاذ لشخص مفقود بالبح ...
- سرقة القبو الأخضر تفوق مجوهرات اللوفر... أكبر ماسة في العالم ...
- ساعة واحدة تغيّر حياتك: كيف يؤثر تغيير التوقيت الصيفي والشتو ...
- محكمة إسبانية تُسلّم مسؤولا أمميا سابقا لمحاكمته في أميركا ب ...
- كيف تؤثر خطة ترامب بشأن حرب غزة في الداخل الإسرائيلي؟
- عاجل | ترامب: نعيش لحظة مهمة لكل شعوب آسيا بإنهاء الصراع الع ...
- الحركة العربية للتغيير.. حزب سياسي ينادي بحقوق فلسطينيي الـ4 ...
- بذكرى -وادي عربة-.. 4 خيارات أمام الأردن لمواجهة ضمن الضفة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - سوريا.. الصراع في السويداء نموذج اخر لسيطرة القوى الخارجية على مصير الشعوب