أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - حماس وإسرائيل.. المنشار الذي يقطع رؤوس الفلسطينيين من الجهتين















المزيد.....

حماس وإسرائيل.. المنشار الذي يقطع رؤوس الفلسطينيين من الجهتين


هشام عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في صراع يُفترض أن يكون بين محتل ومحكومين، وبين طرفين يمثلان قوة متناقضة في الافعال (إسرائيل المحتلة) ومقاومة شعبية (حماس)، تحوّلت الساحة الفلسطينية إلى مسرح لجريمة إنسانية بامتياز فيها المقاومة أكثر شراسة على شعبها من المحتل. لا يمكن النظر إلى الصراع اليوم فقط كمواجهة سياسية أو عسكرية، بل يجب فهمه من زاوية أعمق وأكثر إنسانية: من يدفع الثمن؟ ومن يستفيد؟

في هذا الملف، يبدو أن الفلسطينيين أنفسهم هم الضحية الحقيقية، سواءً من خلال القصف الإسرائيلي الذي لا تميز فيه الطائرات والصواريخ بين طفل ومسلح، أو من خلال السياسات المتعمدة التي تمارسها بعض الفصائل، وعلى رأسها حركة حماس ، في استخدام الشعب الفلسطيني كـ"ورقة ضغط"، بل وكـ"دروع بشرية" في لعبة خطرة لا تنتهي إلا بالدم والجوع.

إسرائيل: المحتل المجرم، لكن ليس العدو الوحيد
لا يمكن إنكار أن الاحتلال الإسرائيلي هو الجاني الأول في هذا الملف و خاصة بعد السابع من أكتوبر. دولة تحتل أرضًا منذ أكثر من سبعة عقود، تمارس التطهير العرقي، وتفرض حصارًا جويًا وبريًا وبحريًا على قطاع غزة منذ ما يزيد على 17 عامًا، تمنع الغذاء والدواء والماء والكهرباء، وتقتل الأطفال وتدمر البيوت فوق رؤوس المدنيين، ولا تكترث للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.

إذا كان هناك عدو حقيقي للشعب الفلسطيني من حيث المعطيات التأريخية و الاحتلال، فهو الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يرى في الفلسطيني سوى رقم، أو عائق، أو تهديد. لكن هل يعني ذلك أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون ضحية أيضًا من داخل بيته؟

حماس: المقاومة أم الاستخدام السياسي للدم الفلسطيني؟
تُقدّم حماس نفسها باعتبارها ذات مشروع مقاوم ، وأن وجودها يُبرره الاحتلال الإسرائيلي. لكن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه اليوم: هل ما تقوم به حماس يخدم الشعب الفلسطيني حقًا؟ وهل يمكن اعتبار "المقاومة" شعارًا مجردًا من الإنسانية؟ في الواقع، فإن حماس ليست فقط طرفًا في الصراع، بل أصبحت، مع مرور الزمن، واحدة من أدوات تدمير الشعب الفلسطيني ذاته . كيف؟

التحريض المستمر على الحرب دون حسابات استراتيجية:
كل مرة تطلق فيها الصواريخ من غزة نحو إسرائيل، تأتي الردود الإسرائيلية بخسائر بشرية وبنيوية لا تُحصى، ويكون المدنيون، والأطفال، والنساء، والعجائز، هم الضحايا الحقيقيين. و حماس مع علمها بذلك فأنها مسمرة في  عمليات القصف و اسرائيل مستمرة في ردودها.
هل يعلم الشعب الفلسطيني أن حماس تستخدمهم كـ"سلاح" في لعبة استعراضية أمام العالم؟ لماذا تُعتبر صورة الطفل الفلسطيني الذي يموت تحت الردم هي "ورقة سياسية" قبل أن تكون "جريمة ضد الإنسانية"؟
الاستيلاء على الموارد وتحويلها لبناء الأنفاق بدلاً من بناء مستقبل:
بينما يعاني السكان من نقص حاد في الكهرباء والماء والدواء، تبني حماس آلاف الأمتار من الأنفاق تحت الأرض، تستورد صواريخ لا تحقق ردعًا حقيقيًا، وتترك الشعب يموت في ظلام مطبق، فيما تتحول غزة إلى ثكنة عسكرية تُستخدم فيها الحياة البشرية كأداة.
التلاعب بالمعاناة الإنسانية كوسيلة لإحراج إسرائيل دوليًا:
تُظهر حماس تعاطفًا متظاهرًا مع الشهداء، لكنها في الوقت نفسه لا تتخذ خطوة واحدة لتوفير الأمان للمدنيين، بل تجعلهم في الصف الأمامي من الصراع، وتستخدم آلامهم كمادة إعلامية وسياسية، في حين أن أولى واجبات أي جهة تحكم هي حماية شعبها ، وليس استغلاله.
التحكم بالمعابر وفرض قيود على الدعم الإنساني:
لم تقتصر المعاناة على الحصار الإسرائيلي فقط، بل شاركت حماس بشكل مباشر في منع دخول المساعدات الإنسانية، وفرض قيودها الخاصة على حركة الناس والمواد الأساسية ، في وقت يحتاج فيه الشعب إلى الخبز وليس إلى شعارات.
المنشار ذاته يقطع رؤوس الفلسطينيين من الجهتين
الصورة واضحة: إسرائيل تقتل وتدمّر وتُجوّع، وحماس تستخدم الشعب كوقود لصراع لا يبدو أنه يؤدي إلى تحرير، بل إلى المزيد من الموت والدمار. وكأن المنشار بين الطرفين، ورأسه على عنق الفلسطينيين أنفسهم، يُقطعون به رقابهم، ويدفعون ثمنًا للحسابات السياسية والاستراتيجية لكل طرف.

إن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين يفوق بكثير عدد القتلى العسكريين، ونسبة الأطفال والنساء في الضحايا مرتفعة بشكل مخيف، مما يدل على أن الطرفين، حتى لو بأسباب مختلفة، لا يضعان حياة المدنيين كأولوية.

السؤال الأخلاقي: ما قيمة الدم الفلسطيني عند حماس؟
إذا كانت إسرائيل دولة محتلة لا ترحم، فما مبرر أن تُعامل حماس شعبها بنفس القسوة، أو أحيانًا أشد؟ لماذا تُستخدم حياة الأطفال كـ"أرقام" في حسابات سياسية؟ ولماذا يُستخدم الألم البشري كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي، في حين أن الشعب الفلسطيني يعيش في أتون جحيم لا يوصف؟

حماس، كفصيل فلسطيني قديم، لها الحق في الدفاع عن النفس لو  هاجمتها أسرائيل، لكن الدفاع عن النفس لا يُبرر تدمير الذات. فالمقاومة الحقيقية لا تقود الناس إلى الموت، بل تحاول حمايتهم، وتعمل من أجل بقاء الشعب حيًا قادرًا على التحرر، وليس غارقًا في الدم والجوع.

ما الحل إذاً؟ أليس الانسحاب من الحرب ووقف إطلاق النار هو  في مصلحة الشعب الفلسطيني؟
نعم، الحل لا يكمن في الاستمرار في هذه المعارك اليائسة التي تُضعف الشعب الفلسطيني أكثر مما تُضعف إسرائيل. الحل يبدأ بأن تدرك حماس أن مصالح الشعب تعلو على كل الحسابات السياسية والعسكرية . إن إنهاء سيطرة حماس على غزة، ليس خيانة، بل قد يكون خطوة حاسمة لإنقاذ حياة ملايين الفلسطينيين الذين يموتون يوميًا بسبب الحصار والقصف والتجويع. و قد تتحول الى سبب في بقاء غزة تحت سيطرة الفسلطيين و لكن بدون حماس.

وإن كان البعض يعتبر انسحاب حماس من المشهد السياسي "هزيمة"، فالحقيقة أن الانسحاب من دوامة الموت هو انتصار إنساني، والحفاظ على حياة الشعب هو أعظم من أي شعارات مقاومة.

الفلسطيني ليس ورقة سياسية.. ولا مادة دعائية
الفلسطيني ليس ورقة ضغط، ولا رمزًا يُرفع في المحافل الدولية ليُنسى بعد ذلك. الفلسطيني هو الإنسان الذي يبحث عن لقمة عيش، وفرصة دراسة، ومكان آمن يُربي فيه أولاده دون خوف من الموت المفاجئ.

أين الرحمة في قلب حماس؟ أين التعاطف مع الأطفال الذين يموتون من الجوع؟ أين الإحساس بالمسؤولية تجاه الشعب الذي اختارها ليقوده، وليس ليُغرقه؟ هل اطلاق النار و قتل اسرائيلي سيرجع الحياة الى الاطفال و النساء الفسلطينيات الذين قتلوا الى الان؟

لا يمكن مقارنة الجرائم، ولكن يمكن التمييز بين المسؤوليات، لا يمكن مساواة جرائم إسرائيل بجرائم حماس، لأن الأولى دولة احتلال مسلحة بدعم أمريكي وأوروبي وتقنيات حديثة، بينما الثانية تنتمي لنفس الشعب الذي تعانيه، وعليها واجب أكبر تجاهه. أذا حماس لا ترحم شعبها فكيف تطلب من الاخرين الرأفه بالفسلطينيين؟

وفي النهاية، ما يهم اليوم ليس من بدأ بأشعال النار، بل من يمكنه إطفاء لهيبها. وما يهم ليس من أساء إلى القضية، بل من يمكنه أن ينقذ ما تبقى من الشعب.

إن الخروج من الوضع الحالي يتطلب شجاعة حقيقية من حماس و عليها التخلي عن السلطة فورا و أطلاق الاسرائيليين الاسرى، وتسليم زمام الأمور إلى مؤسسات مدنية مستقلة، ووقف استخدام الدم الفلسطيني كورقة مساومة. ذلك ليس هزيمة، بل هو انتصار للحياة، وللكرامة، وللمستقبل.



#هشام_عقراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران والصراع مع إسرائيل: ماذا جنت إيران والشيعة من هذا التو ...
- تم حل حزب العمال الكوردستاني و ليس فقط القاء السلاح: محاولات ...
- أقوال قادة العالم حول شجاعة الكورد. تحليل الوضع الحالي: حزب ...
- تحركات الجولاني العسكرية نحو سد تشرين: هل يُجهض الجولاني الا ...
- احتمالات نشوب حرب أو اتفاق بين إيران وأمريكا و تأثيراتها على ...
- مستقبل سوريا وإقليمياً في حال انسحاب أمريكا دون ترتيب الوضع ...
- ترامب والرسوم الجمركية: لعبة الأطفال التي هزّت العالم!
-  العقوبات الأمريكية وردود الفعل الدولية... نهاية الهيمنة الغ ...
- تحليل: من هو الأقرب لحل القضية الكوردية في تركيا؟ أردوغان أم ...
- الديمقراطية المغيبة في سوريا:مقاربة بين حكم الجولاني مع العر ...
- الجولاني يعلن حكومة الأقلية السنية المتطرفة: هل يقود التطرف ...
- الجولاني أثبت بأن نظامه سيكون بدون شك دكتاتوريا طائفيا أسلام ...
- ثورات التحرر و الوقت المناسب… تجربة شمال كوردستان..دعوة أوجل ...
- لماذا على الكورد أن لا يلعبوا أي دور في تشكيل النظام السوري ...
- ليست هناك حركة قومية كوردية، بل هناك أستغلال حزبي وشخصي للفك ...
- مقترح لذوي النوايا الحسنه لحل القضية الكوردية و قسد في سوريا ...
- سوريا تحت الانتداب التركي المباشر.. و الجولاني يبحث عن منافس ...
- الكورد و التخطيط السطحي للثورات، بعد نصف قرن بالضبط هل ستعيد ...
- تغييرالتوازنات في الشرق الاوسط التي أسقطت الاسد و ضرورة أعاد ...
- المجلس الوطني الكوردي ( الانكسة) بين المخاوف من العقوبات الت ...


المزيد.....




- السعودية.. فيديو إحباط تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة إمفيتامين ...
- لوبان تلوّح بإمكانية سحب الثقة من الحكومة الفرنسية بسبب الضر ...
- السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة من مادة ...
- سرايا القدس: فخخنا منزلا في خان يونس تحصن فيه جنود إسرائيليو ...
- محادثات ترامب-إيران.. -ورقة شروط- أميركية تُربك حسابات إسرا ...
- القضاء التونسي يشدد عقوباته على 20 متهما في قضية -السفارة ال ...
- لبنان.. إغلاق معابر غير شرعية على الحدود الشمالية والشرقية م ...
- رئيس طاجيكستان يقترح وضع استراتيجية لحماية الأنهار الجليدية ...
- موقع عبري يعدّد أسباب تكتم حماس عن إعلان موقفها النهائي من ا ...
- كان مكبا للنفايات.. إسرائيل تتابع ترميم قبر -إسحاق جاؤون- في ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - حماس وإسرائيل.. المنشار الذي يقطع رؤوس الفلسطينيين من الجهتين