أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهير الخويلدي - ممارسة الفلسفة بطريقة أصلية مفيدة للبشرية عند التفكير في الغد بقدر فائدة العلم















المزيد.....

ممارسة الفلسفة بطريقة أصلية مفيدة للبشرية عند التفكير في الغد بقدر فائدة العلم


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 08:30
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


مقدمة
"الفلسفة هي علم حل المشاكل" أرسطو
تُعتبر الفلسفة والعلم ركيزتين أساسيتين في تقدم البشرية، حيث يتكاملان في فهم الواقع وتحسين الحياة الإنسانية. الفكرة القائلة إن "الفلسفة مفيدة للبشرية بقدر فائدة العلم" تثير نقاشًا عميقًا حول طبيعة الفائدة ودور كل منهما. أما القول بأن "التفكير في الغد هو ممارسة للفلسفة أصلاً" فيشير إلى أن الفلسفة ليست مجرد تأمل نظري، بل نشاط عملي يرتبط بالتخطيط والرؤية المستقبلية. في هذا التحليل، سنستعرض هذه الفكرة من منظور فلسفي وعلمي، مع التركيز على كيفية مساهمة الفلسفة والعلم في البشرية، وكيف يمثل التفكير في المستقبل ممارسة فلسفية. فماهي الفلسفة وماهو العلم؟ وكيف يمثلان من ركائز التقدم المفيد للبشرية؟ ولماذا يتم التنصيص على اهتمام الانسان بالمستقبل عند الممارسة الأصلية للتفلسف؟
الجزء الأول: فائدة الفلسفة والعلم للبشرية
فائدة العلم
العلم، بمناهجه التجريبية والقائمة على الملاحظة والتجربة، أسهم في تقدم البشرية عبر: الاكتشافات التكنولوجية: من الطب (مثل اللقاحات والعلاجات) إلى الاتصالات (مثل الإنترنت)، قدم العلم حلولًا عملية لتحسين الحياة.
فهم الطبيعة: من خلال قوانين الفيزياء، الكيمياء، والبيولوجيا، أتاح العلم فهمًا دقيقًا للكون والظواهر الطبيعية.
التنبؤ والتحكم: يمكّن العلم من التنبؤ بالظواهر (مثل الطقس أو الزلازل) والتحكم في البيئة (مثل الهندسة الزراعية).
ومع ذلك، يُنتقد العلم أحيانًا بسبب تركيزه على الجوانب المادية، وقد يفتقر إلى التوجيه الأخلاقي أو الرؤية الشاملة للغايات الإنسانية.
فائدة الفلسفة
الفلسفة، كنشاط تأملي وعقلي، تقدم فوائد موازية للعلم: فهم المعاني والغايات: تتناول الفلسفة أسئلة أساسية مثل "ما معنى الحياة؟" و"ما هي العدالة؟"، مما يساعد في بناء رؤية شاملة للوجود.
التوجيه الأخلاقي: من خلال الفلسفة الأخلاقية (مثل أخلاقيات كانط أو الفضيلة عند أرسطو)، تقدم الفلسفة إطارًا للحكم على القرارات العلمية والتكنولوجية.
النقد والتفكير النقدي: تعزز الفلسفة القدرة على تحليل الأفكار، نقد الافتراضات، وطرح البدائل، مما يساعد في تطوير العلم نفسه.
التكامل المعرفي: تجمع الفلسفة بين التخصصات، موفرة إطارًا لفهم العلاقات بين العلوم، الفنون، والدين.
مقارنة الفائدة
التكامل بين الفلسفة والعلم: العلم يوفر المعرفة التجريبية، بينما الفلسفة توفر الإطار المفاهيمي والأخلاقي. على سبيل المثال، العلم يطور القنبلة النووية، لكن الفلسفة تناقش ما إذا كان استخدامها أخلاقيًا.
الفائدة المادية مقابل المعنوية: العلم يقدم فوائد مادية ملموسة (مثل الطب والتكنولوجيا)، بينما الفلسفة تقدم فوائد معنوية (مثل فهم الذات والعدالة). ومع ذلك، الفوائد المعنوية قد تكون أساسية لتوجيه الفوائد المادية.
المدى الزمني: العلم يركز على الحلول الآنية أو قصيرة المدى، بينما الفلسفة تتيح التفكير طويل المدى في المستقبل والغايات الإنسانية.
الحجة: الفلسفة مفيدة بقدر العلم
يمكن القول إن الفلسفة مفيدة بقدر العلم لأنها: تقدم إطارًا لفهم العلم وتوجيهه (مثل فلسفة العلم عند بوبر أو كون).
تساعد في معالجة الأسئلة التي لا يستطيع العلم الإجابة عنها، مثل الغايات الأخلاقية أو معنى الوجود.
تعزز التفكير النقدي، وهو أساس التقدم العلمي نفسه.
ومع ذلك، قد يُجادل البعض بأن العلم أكثر فائدة لأنه يقدم نتائج ملموسة، بينما الفلسفة قد تبدو مجردة. لكن هذا النقد يتجاهل دور الفلسفة في تشكيل القيم والرؤى التي توجه استخدام العلم.
الجزء الثاني: التفكير في الغد كممارسة فلسفية
التفكير في الغد والفلسفة
القول بأن "التفكير في الغد هو ممارسة للفلسفة أصلاً" يشير إلى أن التخطيط للمستقبل يتطلب تأملًا فلسفيًا يتجاوز الحسابات التجريبية. التفكير في الغد ينطوي على: الزمانية: الفلسفة، كما عند هيدجر أو ريكور، ترى الزمانية كعنصر أساسي في الوجود البشري. التفكير في الغد هو تأمل في إمكانيات المستقبل، وهو نشاط فلسفي يرتبط بالهوية والغايات.
الأخلاق والمسؤولية: التفكير في الغد يتطلب التفكير في العواقب الأخلاقية للأفعال الحالية (مثل التغير المناخي أو الأخلاقيات التكنولوجية)، وهو مجال فلسفي بامتياز.
الرؤية الشاملة: التفكير في المستقبل يتطلب تخيّل سيناريوهات مختلفة، وهو ما يتطلب الخيال الفلسفي والتأمل في الإمكانيات، على عكس العلم الذي يركز على التنبؤ بناءً على البيانات.
أمثلة فلسفية للتفكير في الغد
كانط: في نقد العقل العملي، يؤكد كانط على الواجب الأخلاقي كمبدأ يوجه السلوك نحو مستقبل أفضل. التفكير في الغد يتطلب تصور "مملكة الغايات"، حيث تُعامل البشرية كغاية في حد ذاتها.
هيدجر: في الوجود والزمان، يرى أن الدازاين يعيش في توتر بين الماضي، الحاضر، والمستقبل. التفكير في الغد هو جزء من الأصالة ، حيث يواجه الإنسان قلق المستقبل والموت.
ريكور: في الزمان والسرد، يرى أن السرد هو وسيلة لتنظيم الزمانية. التفكير في الغد يتطلب بناء روايات مستقبلية تشكل الهوية والأمل.
ابن خلدون: في المقدمة، يقدم رؤية دورية للتاريخ، مما يساعد في التفكير في الغد من خلال فهم أنماط صعود وسقوط الحضارات.
التفكير في الغد كممارسة فلسفية
التفكير في الغد هو ممارسة فلسفية لأنه: يتطلب التأمل في القيم والغايات، وهي مسائل فلسفية أساسية.
ينطوي على التخيّل والإبداع، وهما من صميم الفكر الفلسفي.
يرتبط بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الأجيال القادمة، وهو موضوع فلسفي معاصر (مثل أخلاقيات التغير المناخي).
التحديات
الغموض في التفكير المستقبلي: التفكير في الغد قد يكون مضاربًا وغير مؤكد، مما يجعل الفلسفة تبدو أقل دقة مقارنة بالعلم.
التوازن بين الفلسفة والعلم: التفكير في الغد يتطلب الجمع بين التنبؤات العلمية (مثل النماذج المناخية) والرؤى الفلسفية (مثل العدالة البيئية).
الجزء الثالث: مقارنة بين الفلسفة والعلم في التفكير في الغد
أوجه التشابه
الهدف المشترك: كلاهما يسعى إلى تحسين الحياة الإنسانية، سواء من خلال حلول مادية (العلم) أو رؤى معنوية (الفلسفة).
التفكير النقدي: يعتمدان على التحليل النقدي لفهم الواقع وتصور المستقبل.
التأثير على المستقبل: العلم يوفر أدوات للتخطيط (مثل التكنولوجيا)، والفلسفة توفر الرؤية والأخلاق لتوجيه هذه الأدوات.
أوجه الاختلاف بين الفلسفة والعلم
المنهج:
العلم: يعتمد على التجربة والملاحظة لتقديم تنبؤات دقيقة.
الفلسفة: تعتمد على التأمل والتفكير المفاهيمي لتصور الإمكانيات.
النطاق:
العلم: يركز على الجوانب المادية والقابلة للقياس.
الفلسفة: تتناول الجوانب المعنوية والغايات الكبرى.
التطبيق:
العلم: يقدم حلولاً عملية فورية (مثل تطوير الطاقة المتجددة).
الفلسفة: تقدم إطارًا طويل المدى لفهم عواقب هذه الحلول (مثل العدالة بين الأجيال).
التفكير في الغد كممارسة فلسفية
التفكير في الغد يجمع بين العلم والفلسفة:
العلم يوفر البيانات والأدوات (مثل نماذج التغير المناخي).
الفلسفة توفر الرؤية الأخلاقية والمعنوية (مثل مبدأ العدالة البيئية).
بالتالي، التفكير في الغد هو ممارسة فلسفية أصلاً لأنه يتطلب التأمل في الغايات، القيم، والإمكانيات، وهي مجالات فلسفية بامتياز.
تقييم تأويلي:
فائدة الفلسفة والعلم: الفلسفة مفيدة بقدر العلم لأنها توفر الإطار المفاهيمي والأخلاقي الذي يوجه التقدم العلمي. بدون الفلسفة، قد يؤدي العلم إلى نتائج مدمرة (مثل الأسلحة النووية). وبدون العلم، تظل الفلسفة مجردة وغير قابلة للتطبيق.
التفكير في الغد: التفكير في الغد هو ممارسة فلسفية لأنه يتطلب التأمل في القيم، الإمكانيات، والمسؤولية الأخلاقية، لكنه يعتمد أيضًا على العلم لتقديم البيانات والحلول العملية. هذا التكامل يؤكد أهمية الجمع بين الفلسفة والعلم.
خاتمة
" دور العلم أن يكتشف، ومهمة الفلسفة التأويل"
الفلسفة والعلم متكاملان في خدمة البشرية، حيث يقدم العلم الأدوات المادية والفلسفة الرؤية المعنوية. التفكير في الغد هو ممارسة فلسفية أصلاً لأنه يتطلب التأمل في القيم والغايات، مع الاعتماد على العلم لتوفير الأسس التجريبية. إرث الفلسفة، كما تجلى في أعمال فلاسفة مثل كانط، هيدجر، وريكور، يكمن في قدرتها على توجيه العلم نحو مستقبل يحقق الخير الإنساني، مما يؤكد أن الفلسفة ليست مجرد تأمل، بل نشاط عملي يشكل الغد. فهل نجاح العلم في تفجير ثورة رقمية ما يبرر التخلي عن خدمات الفلسفة؟
المصادر والمراجع
عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، 1377
Kant, Emmanuel. (1788). Critique de la raison pratique.
Heidegger, Martin. (1927). Être et Temps.
Ricœur, Paul. (1984-1988). Temps et récit (Vol. 1-3).
Popper, Karl. (1934). La Logique de la découverte scientifique.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعقاد قمة مجموعة اسيان بين التفاهمات الاقليمية وبناء قوة اق ...
- الوضع البشري بين التناول السوسيولوجي والتناول البسيكولوجي، ا ...
- هل سحب جيل زد البساط من الهيكليات الكلاسيكية وامسك بزمام الم ...
- في مديح الإنسانية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري: مقاربة فلسفي ...
- مدى تقديم الفلسفة الإضافة الفكرية للثقافة العربية لمواكبة ال ...
- قراءة تحليلية نقدية في مبادرة ترامب للسلام في الشرق الأوسط
- الفكر الاقتصادي في الحقبة المعاصرة بين الفلسفة الاجتماعية ال ...
- المقاربة الابستيمولوجية عند توماس كون بين تغيير في البرادايم ...
- الإعلان عن وقف الحرب في غزة، انهاء المعاناة وانطلاق اعادة ال ...
- فلسفة الطوفان في سياق القطيعة الكارثية والنضال من أجل التحرر ...
- مخاطر العولمة المتوحشة بين تدمير الوسط الطبيعي واستلاب الذات ...
- قرار إنهاء الحرب في غزة بين دور ترامب ومواقف حماس وإسرائيل
- الثقافة الوطنية والنضال من أجل الحرية حسب فرانز فانون، مقارب ...
- مقاربة استراتيجية حول الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة
- شروط الرد الحضاري على ميكانيزمات النزعة الاستعمارية الجديدة ...
- استعادة الفكر التنويري في عصر الفراغ الأكسيولوجي واللايقين ا ...
- تجاوز الأزواج الميتافيزيقية نحو إطلاق سراح الحياة، الإبداع، ...
- مستقبل الوطن العربي بين التعدد الإثني والخلافات السياسية وبي ...
- غاستون باشلار والتحليل النفسي للمعرفة العلمية بين القطيعة ال ...
- ثورة في العلم الحديث حسب فيرنر هايزنبرج من خلال دراسة العلاق ...


المزيد.....




- تصريح جديد لترامب حيال جدل ترشحه لولاية رئاسية ثالثة.. ماذا ...
- فيديو إسرائيلي مزعوم يُظهر حماس وهي -تُفبرك- عملية العثور عل ...
- مباشر: مقتل 50 فلسطينيا على الأقل بينهم 22 طفلا في غارات إس ...
- ترامب: التعديل الدستوري لا يسمح لي الترشح لولاية رئاسية ثالث ...
- باكستان تعلن فشل محادثات السلام مع أفغانستان
- 63 شهيدا بينهم 24 طفلا في قصف إسرائيلي على منازل وخيام بغزة ...
- عبد الله حمود.. أول عمدة مسلم لمدينة ديربورن بولاية ميشيغان ...
- طوفان أرهورمان الرئيس السادس لقبرص التركية
- كاثرين كونولي.. رئيسة أيرلندا المدافعة عن فلسطين
- 63 قتيلا منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهير الخويلدي - ممارسة الفلسفة بطريقة أصلية مفيدة للبشرية عند التفكير في الغد بقدر فائدة العلم