أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - الدفاع عن ممداني ليسَ دفاعاً عن شخصٍ بعينه














المزيد.....

الدفاع عن ممداني ليسَ دفاعاً عن شخصٍ بعينه


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو واضحًا أن الحملة التي تُشنّ على زهران ممداني ليست مجرّد اختلافٍ سياسيّ عابر، بل هجوم منظّم يستهدف شخصًا يجرؤ على كسر الخطاب الأميركي التقليدي حول إسرائيل وفلسطين. فكلّ من يخرج عن الاصطفاف المُعتاد في السياسة الأميركية، ويطرح رؤيةً أكثر عدلاً وإنسانيّة، سرعان ما يُرمى بالتهم الجاهزة: “معاداة السامية”، “التطرّف”، “التهديد للمجتمع اليهوديّ”. هذه التهم ليست سوى أدواتٍ دفاعيّة يُعاد استخدامها كلّ مرة لشيطنة أيّ صوتٍ يعيد التذكير بجرائم الاحتلال، أو يطالب بالمساواة الحقيقية بين البشر بغضّ النظر عن العِرق أو الدّين.

جوهر الهجوم على ممداني ينبع من موقفه الواضح من العدوان الإسرائيليّ على غزة، حين سمّى الأشياء بأسمائها ووصف ما يحدث هناك بأنه إبادة جماعيّة. لم يحتمل خصومه هذا الوضوح، لأنهم اعتادوا على سياسيين يصيغون مواقفهم بعباراتٍ رخوة تحاول إرضاء الجميع، وتتهرّب من تسمية الجريمة جريمة. لكن ممداني، وهو ابن لمهاجرين وناشطٍ اجتماعيّ يعيش واقع المجتمعات المهمّشة، يعرف معنى الظلم، ويعرف أن الصمت أمامه خيانةٌ أخلاقية. لذلك، فإن من الطبيعي أن تهاجمه المنظومة التي اعتادت حماية إسرائيل من أي مساءلة أخلاقية أو قانونية.

من بين أبرز الانتقادات التي وُجّهت إليه، اتهامه بعدم الاعتراف بإسرائيل كـ“دولة يهودية”. غير أن هذا الموقف بالذات يُظهر عمق رؤيته، لا تطرّفه كما يُدّعى. فممداني لا يرفض وجود إسرائيل، بل يرفض أن تُبنى دولة على أساس دينيّ يُقصي غير اليهود من المساواة الكاملة في الحقوق. هو ببساطة يدعو إلى دولةٍ ديمقراطيةٍ واحدة يعيش فيها الجميع بحقوقٍ متساوية، تمامًا كما نرفض جميعًا فكرة الدولة الدينية في أيّ مكانٍ آخر من العالم. فكيف يُقبل ما يُرفض في غيره؟ إنّ رفضه لهذا المفهوم ليس كراهيةً لليهود، بل دفاعًا عن العدالة ورفضًا للتفرقة العنصرية، وهذا ما يخشاه اللوبي الصهيونيّ أكثر من أيّ شيءٍ آخر.

ثمّ إنّ الحملة التي تتّهمه بالتساهل تجاه “معاداة السامية” هي في حقيقتها سعيٌ لتجريم كلّ نقدٍ موجهٍ لإسرائيل. فحين يقول ممداني إنه يرفض تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” (IHRA) لمعاداة السامية، فلأنه تعريفٌ مطّاط يستخدمه البعض لإسكات النقاش السياسي، لا لحماية اليهود من الكراهية. هو يفرّق بوضوح بين معاداة اليهود كدينٍ أو قومية — وهي أمر مرفوض ومُدان تمامًا — وبين انتقاد دولة تمارس الفصل العنصريّ والقتل الجماعيّ. لكنّ خصومه لا يريدون هذا التمييز، لأنهم يعلمون أنّ سقوطه يُسقط آخر الأقنعة التي تختبئ خلفها إسرائيل في الغرب.

أمّا موقفه من شعار “Globalize the Intifada”، فقد حاول الإعلام تشويهه أيضًا. فالرجل لم يدعُ إلى العنف كما ادّعوا، بل تحدّث عن انتفاضةٍ بمعناها الشعبيّ، بوصفها مقاومةً مدنيةً ضدّ الظلم أينما كان. كلمة “انتفاضة” في لغته السياسيّة ليست دعوةً للقتال، بل ترجمةٌ لرفض الخضوع. لكنّ الإعلام المؤيّد لإسرائيل يقتطع العبارة من سياقها، ليزرع الخوف في قلوب الناخبين، وليُظهِره كأنه خطرٌ أمنيّ على المدينة.

في العمق، ما يخيف خصوم ممداني ليس تصريحًا ولا شعارًا، بل تحوّلٌ ثقافيّ وسياسيّ بدأ يترسّخ داخل الوعي الأميركيّ نفسه، حيث لم يعد كثيرٌ من الشباب مقتنعين بالرواية الإسرائيلية القديمة. ممداني يمثّل هذا التحوّل بوجهٍ واضح وصوتٍ صادق، ولذلك يُهاجَم بهذه الشراسة. فهجومهم عليه ليس سوى محاولةٍ يائسةٍ لإيقاف موجة الوعي المتنامية، التي بدأت تُحمّل إسرائيل المسؤولية الأخلاقية عمّا ترتكبه من جرائم، وتفضح ازدواجية الغرب في معاييره.

إن الدفاع عن ممداني، في نهاية المطاف، ليس دفاعًا عن شخصٍ بعينه، بل عن حقّ الإنسان في قول الحقيقة من دون أن يُعاقَب على شجاعته. هو اليوم يقف في وجه آلةٍ إعلاميّة ضخمة، تحاول إخضاعه وتشويه صورته، لكنه يواجهها بموقفٍ أخلاقيّ لا يتزعزع، مدفوعًا بإيمانه بأنّ الحرية لا تتجزّأ، وأنّ الكرامة الإنسانيّة لا تُقاس بالجغرافيا أو بالدين. لهذا السبب بالذات، يقف كثيرون إلى جانبه، لأنّهم يرون فيه رمزًا لمرحلةٍ جديدة في الوعي السياسي الأميركي، مرحلةٍ تقول: إنّ العدالة لفلسطين ليست نقيضًا للسلام، بل شرطه الأوّل.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب ترامب في الكنيست: حين يتحوّل الألم الإنسانيّ إلى رصيدٍ ...
- قمةٌ سؤالها الأبرز: من صغر ومن كبر؟!
- جائزة نوبل والمعايير الغائبة.
- بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.
- وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.
- رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...


المزيد.....




- تعزيزات عسكرية أمريكية في البحر الكاريبي : هل باتت أيام الرئ ...
- السودان: الصليب الأحمر الدولي يكشف مقتل خمسة متطوعين في شمال ...
- مفاجأة.. لص سابق حذر من ثغرات أمنية في اللوفر
- وزير باكستاني: محادثات السلام مع أفغانستان -فشلت-
- كأس ألمانيا: تأهل دورتموند بشق الأنفس وإقصاء مبكر مفاجئ لفول ...
- إسبانيا - الجزائر: الخارجية الإسبانية تقيل مسؤولة التأشيرات ...
- وسط قلق من التداعيات: السلطات المالية تعلن إغلاق حدودها البر ...
- موسوعة إيلون ماسك “غروكيبيديا”: هل هي نسخة منحازة من ويكيبيد ...
- لجنة دولية مستقلة توثق 16 ألف دليل على جرائم إسرائيل بغزة
- قصف إسرائيلي مكثف على رفح وغزة وخان يونس يهدد بانهيار الهدنة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - الدفاع عن ممداني ليسَ دفاعاً عن شخصٍ بعينه