أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الدين حسو - المتيّم بالحنين-: حلب بين أسطورة العشق وواقع الردى














المزيد.....

المتيّم بالحنين-: حلب بين أسطورة العشق وواقع الردى


علاء الدين حسو
كاتب وإعلامي

(Alaaddin Husso)


الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


نشر الشاعر محمد جمال طحان قبل أيام قصيدة يغلب عليها طابع الحزن. والحزن كان سمة قصائد الشعراء الرومانسين العرب في منتصف القرن العشرين أمثال نازك الملائكة. ولكن قصيدة (ابو ثائر) واقعية وجدانية إذ تتجاوز حدود الغزل التقليدي للمدن لترتقي إلى مصاف الرثاء الوجداني العميق الممزوج بالتشاؤم الواقعي.
القصيدة، حوار مؤلم بين ذات عاشقة ومدينة مُضنى، تتجسد فيها كل صور المجد الضائع والأمل المبتور.
يؤسس الشاعر قصيدته على مفهوم التَّيُّـم، وهو أقصى درجات الحب، مؤكداً أن علاقته بحلب "كتاب" وُجد قبل ميلاده.
يا زهرةَ المدنِ العتيقةِ إنّني
من قَبلِ أن أولدْ، هواكِ كِتابُ
هذا ليس مجرد حب، بل نزوع أسطوري يؤله المدينة، ويرفعها إلى مستوى المرجعية الكونية: فـ "فيكِ البدايةُ والختامُ"، ومنكِ يتعلم التاريخ. هذا التشخيص يمنح حلب صفة الخلود والأزلية، لتصبح "زهرة المدن" و"قبلة الشعراء"، ويصبح الانتماء إليها نسباً مقدساً: "جراحُكِ البيضاءُ من أنسابي".
القصيدة مبنية على الواقعية التعبيرية؛ فهي تتخذ من واقع حلب الأليم مادة لها، وتعبر عنه بوجدان مضطرب. تتفجر الدراما من الصراع الحاد بين طرفين: مجد حلب التاريخي، وواقعها الحالي المليء بـ "الردى" و"الطعنة في الروح".
الحالة النفسية المهيمنة هي الحزن العميق واليأس الوجودي. هذا الحزن ليس عابراً، بل يتغلغل في المفردات (الشرق الحزين، الدموع مرافئ) والصور (البلابل تبكي في سجنها). رغم وجود نزعة تمرد خافتة تتجلى في إصرار الشاعر على أن الحب "ليس يعاب" وفي ثبات صوت التكبير بالمآذن، إلا أن الكفة تميل بوضوح نحو التشاؤم والتحسر على الفقد، حتى أن الشاعر يشكك في جدوى الكلمة ذاتها في الختام.
يخدم الإيقاع في القصيدة هذا التوتر الدرامي. الإيقاع الخارجي، المتمثل في الوزن العمودي وحرف الروي الباء المضمومة ، يمنح النص جزالة وثباتاً، وكأنه محاولة لإرساء المجد في زمن الاهتزاز.
أما الحركة والإيقاع الداخلي، فيعتمد على:
حركة التناقض حيث التنقل بين العشق والأسى (من "سالَ العطر" إلى "ماتَ البلابلُ"). و التكرار الوجداني، تكرار نداء "يا حلبَ الشهباءُ" الذي يمثل لازمة موسيقية عاطفية تؤكد الهيام وتبعث الشكوى.
إن "المتيّم بالحنين" ليست مجرد قصيدة في الغزل الحضري، بل هي صرخة شعرية تراجيدية. إنها ترثي مدناً صارت منفى، وشعراً صار عاجزاً، وحباً أبدياً يواجه مصيراً غائماً.
يختتم الشاعر عمله بسؤالين استفهاميَين عن الخلاص وبقاء الشعر، ليكونا بمثابة شهادة أخيرة على عظمة المدينة وعمق مأساتها.
يا حلبَ الشهباءِ كيفَ خلاصُنا
من طعنةٍ في الروحِ والأهدابِ
.....
يا حلبَ الشهباءِ هل من شاعرٍ
يبقى لوجهكِ موئلًا وكتـــابُ؟



#علاء_الدين_حسو (هاشتاغ)       Alaaddin_Husso#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -عطسة النور- إلى -شاشة السكون-: كيف سرقت وسائل التواصل مت ...
- المنشور الشعبوي: مقصٌ يُمزّق النسيج المجتمعي
- القوة تُحدث التغيير ولكن هل وحدها كافية لتحقيق الازدهار؟
- مفهوم الجمال والقبح في عالم متغير: بين السياسة وكرة القدم
- تحديات بناء قاعدة شعبية مستدامة
- هل ترامب -جودو- الشرق الأوسط ومنقذ المنطقة العربية من الصراع ...
- استشراف مستقبل سوريا الجديدة - النموذج الاول (الاتاتوركي)
- استشراف مستقبل سوريا الجديدة - المقدمة
- النصب والذكاء الصناعي
- هل بدأ عصر أشرقة اوروبا ؟
- صراع الوعي
- حركة النص_ انسي الحاج نموذجا
- الباقي من الزمن ساعة، قراءة سياسية للرواية
- النهر الدامي _ بارليف الشمالي
- هل آن أوان سحب الثقة من المنصات السورية ؟
- إذا كان هذا يحدث في البرازيل ، فيمكن أن يحدث هنا ... نحو قرا ...
- المجتمع الخامس
- هذه بضاعتنا، وهذه خبرتنا.. فماذا نفعل ؟
- الائتلاف السوري بين المطرقة الدولية وسندان الشعب
- حول الشعر ١


المزيد.....




- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- مشاهدة الأعمال الفنية في المعارض يساعد على تخفيف التوتر
- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو
- بطل آسيا في فنون القتال المختلطة يوجه تحية عسکرية للقادة الش ...
- العلاج بالخوف: هل مشاهدة أفلام الرعب تخفف الإحساس بالقلق وال ...
- دراسة تكشف فوائد صحية لمشاهدة الأعمال الفنية الأصلية
- طهران وموسكو عازمتان على تعزيز العلاقات الثقافية والتجارية و ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الدين حسو - المتيّم بالحنين-: حلب بين أسطورة العشق وواقع الردى