أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين حسو - المنشور الشعبوي: مقصٌ يُمزّق النسيج المجتمعي














المزيد.....

المنشور الشعبوي: مقصٌ يُمزّق النسيج المجتمعي


علاء الدين حسو
كاتب وإعلامي

(Alaaddin Husso)


الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المنشور، استنادًا إلى تعريف (فوكو) للخطاب، ليس مجرد مجموعة من الكلمات أو الصور، بل هو وظيفة وجودية تسمح لهذه العلامات باكتساب معنى وتأثير ضمن سياق معين، وتساهم في بناء أو تفكيك حقيقة محددة.
كل منشور، وإن بدا بسيطًا، يُساهم في إنتاج وتداول نوع معين من المعرفة أو الرأي. وسواء كان معلومة، تعليقًا، أو صورة، فإنه يحمل دلالات ويُساهم في بناء فهم محدد للعالم أو لموضوع ما. هذه المنشورات لا تصف الواقع فحسب، بل تشارك في تشكيله؛ فالتغريدة حول حدث سياسي قد تُؤثر على الرأي العام، ومنشور عن منتج جديد قد يُغيّر سلوك المستهلكين. إنها ممارسات لغوية (وغير لغوية) ذات تأثيرات حقيقية.
وراء كل منشور، توجد علاقات سلطة. فالمستخدمون يمتلكون سلطة نشر آرائهم، لكن المنصات نفسها تملك سلطة التعديل أو الحظر. ويمتلك المؤثرون سلطة تأثير كبيرة، وحتى "الإعجابات" و"المشاركات" تعكس نوعًا من السلطة والتأثير داخل الشبكة.
تُبنى المنشورات الشعبوية غالبًا على خطاب استقطابي حاد يُميّز بين "الشعب النقي" (الذي يُمثله الشعبوي) و"العدو" أو "النخبة الفاسدة" أو "الآخر المختلف". هذا الخطاب يُعزز التباين ويُقسّم المجتمع إلى معسكرين متناحرين، بدلًا من البحث عن أرضية مشتركة. وغالبًا ما تستخدم هذه المنشورات لغة تُثير مشاعر العداء والكراهية، وهذا يُحوّل الاختلاف الطبيعي في الآراء إلى عداء شخصي وجماعي، مما يُفكك الروابط الاجتماعية.
كما تُعزز خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي رؤية المحتوى الذي يُشبه آراء المستخدمين، مما يؤدي إلى إنشاء "غرف صدى" (Echo Chambers) حيث لا يتعرض الأفراد إلا للمنشورات التي تُؤكد معتقداتهم وتُعزز كراهيتهم للآخر. هذا يُقلّل من فرصة الحوار ويُعمّق الانقسامات.
تُركّز المنشورات الشعبوية على إثارة العواطف بدلًا من تقديم معلومات دقيقة ومُتحقّق منها. وتُفضّل القصص المُبسطة والمُثيرة للجدل على التحليل المعقد. وتُساهم في خلق بيئة تُصبح فيها "الحقائق البديلة" مقبولة، حيث يُصبح الشعور أو الانتماء أهم من الدليل الموضوعي. هذا يُقوّض الثقة في المؤسسات التقليدية (مثل الإعلام والأكاديميا) التي تُعنى بإنتاج الحقائق المشتركة. وبنشر الشائعات والمعلومات المُضللة، تُزرع هذه المنشورات الشك ليس فقط في النظم القائمة، بل أيضًا بين الأفراد والجماعات، مما يُعيق بناء الثقة اللازمة للتعاون الاجتماعي.
تستهدف الشعبوية غالبًا المؤسسات الديمقراطية (مثل البرلمان، القضاء، والإعلام المستقل) مُصوّرة إياها على أنها فاسدة أو مُتآمرة ضد "الشعب". هذا يُقوّض شرعية هذه المؤسسات ويُضعف قدرتها على العمل كضمانة للنسيج الاجتماعي. وعندما يُصبح الخطاب عدائيًا ومُهيمنًا، يتجنب الأفراد التعبير عن آراء مُختلفة خوفًا من الهجوم أو "الإلغاء". هذا يُقلّل من مساحة الحوار المدني الصحي، ويُعيق قدرة المجتمع على معالجة مشاكله بشكل بناء.
وبدلًا من تعزيز الهويات الجامعة (مثل الهوية الوطنية أو الإنسانية)، تُركّز المنشورات الشعبوية على هويات فرعية (مثل الدين، العرق، والطبقة الاجتماعية) وتُقدّمها كسبب للانقسام. بالتعرض المستمر لخطاب مُحرّض ومُبسط، يُمكن أن تُغيّر هذه المنشورات أنماط تفكير الأفراد، وتجعلهم أكثر عرضة للعنف اللفظي أو حتى المادي. وعندما يُنظر إلى "الآخر" كعدو أو خطر، ينهار الشعور بالتضامن والتعاطف، مما يُعيق الجهود المشتركة لحل المشكلات المجتمعية.
لذا، احرص عزيزي المثقف على عدم الانجرار إلى عالم المنشورات الشعبوية. وتذكر الحديث الشريف الذي رواه الترمذي: "إنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا"



#علاء_الدين_حسو (هاشتاغ)       Alaaddin_Husso#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوة تُحدث التغيير ولكن هل وحدها كافية لتحقيق الازدهار؟
- مفهوم الجمال والقبح في عالم متغير: بين السياسة وكرة القدم
- تحديات بناء قاعدة شعبية مستدامة
- هل ترامب -جودو- الشرق الأوسط ومنقذ المنطقة العربية من الصراع ...
- استشراف مستقبل سوريا الجديدة - النموذج الاول (الاتاتوركي)
- استشراف مستقبل سوريا الجديدة - المقدمة
- النصب والذكاء الصناعي
- هل بدأ عصر أشرقة اوروبا ؟
- صراع الوعي
- حركة النص_ انسي الحاج نموذجا
- الباقي من الزمن ساعة، قراءة سياسية للرواية
- النهر الدامي _ بارليف الشمالي
- هل آن أوان سحب الثقة من المنصات السورية ؟
- إذا كان هذا يحدث في البرازيل ، فيمكن أن يحدث هنا ... نحو قرا ...
- المجتمع الخامس
- هذه بضاعتنا، وهذه خبرتنا.. فماذا نفعل ؟
- الائتلاف السوري بين المطرقة الدولية وسندان الشعب
- حول الشعر ١
- الخاسرون ديمقراطيا هم الفائزون
- القادم أصعب .. التوحش يزيح الأخلاق عن مكانه


المزيد.....




- سلوت يقول -أنا لست ضعيفاً- ويشير إلى إمكانية عودة محمد صلاح ...
- اتساع رقعة القتال بين تايلاند وكمبوديا.. وسقوط قتلى وجرحى
- رغم حظر التطبيق على أجهزة الحكومة.. ستارمر ينضم لـ-تيك توك- ...
- مسؤول أمريكي يكشف لـCNN عدد التأشيرات التي ألغتها إدارة ترام ...
- كيف نتعامل مع النفايات الفضائية؟.. خبراء يجيبون CNN
- لبنان: الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوب البلاد
- القتال يمتد على طول الحدود المتنازع عليها بين كمبوديا وتايلن ...
- دعم أميركي لسوريا في الذكرى الأولى لسقوط الأسد
- فيديو: غارات إسرائيلية تستهدف مواقع في جنوبي لبنان
- ترامب يهاجم أوروبا: تمضي في مسارات خطرة لا تُحمد عقباها


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين حسو - المنشور الشعبوي: مقصٌ يُمزّق النسيج المجتمعي