|
|
من الكتابة عن كتابة لسرقة الكتابة نفسها ؟!
أشرف توفيق
(Ashraf Mostafa Tawfik)
الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 16:40
المحور:
قضايا ثقافية
وفى مكتبة شبرا الصغيرة،بالدوران خلف سينما الأمير والتى تحولت الأن لمول كبير،تعلمت جلال القراءة.تعلمت كل ماكان ينقصنى..من الجلوس الطويل، والصمت العميق. وكيف أنسى الدنيا ومافيها، والزمن، وهمومى فمكتبة شبرا فيلا صغيرة تحت عمارة بثلاث ادوار- ولها مدخل خاص وبها حديقة جميلة، وعلى مدخلها رخامة كتب عليها:
إذا الهموم نزلن منك ولم تجد أنساً،ومل فؤادكٌ الأحبابا فاعمد إلى الكتبِ التى قد ضَمت أوراقها الأشعارُ والآدَبَ
ودخلت حديقة المكتبة،واعجبت بالمكان، والهدوء، والنظام، والسكون ووجه امينة المكتبة المشرق "مؤنسة الدويك" اسم على مسمى. كانت مؤنسة وجميلة ومشرقة وسمعت منها وهى تحدث رواد المكتبة هذا الكلام :( بالطبع نحن نحتاج إلى الكتب التى تقوم بتغيير مصائرنا،أو كما يقول "كافكا" إلى الكتب الى تعضنا وتوخزنا.ولكن لا توجد وصفة للوصول المباشر لهذه الكتب أنها تصادفك، تتعثر فيها.) كانت ترد على سؤال فلسفى بسيط عميق نردده دوما هو [ماذا نقرأ؟].. وتمسكت بالكتب صديقا ومعلما،معلقا بصدفة كتاب اتعثر فى علمه. فأهم مافى القراءة ليس المتعة،وهى موجودة.وليس اللذة وهى موجودة ولا التسلية وهى موجودة،وإنما المعرفة والاستغراق فيها الذى ينسيك ماحولك ومافى داخلك ويغيرك ويعرفك..
وادركت "مؤنسة الدويك" فلسفة المكتبة العامة،أنها ترى المكتبة أعظم المرافق التى هيأتها الدولة للناس بهدف أن تخرج مواطن قارىء،وهى تعرف أنه ليس فى استطاعة أحد أن يشترى كل أو بعض الكتب وحتى لو استطاع،ففى المكتبة مزايا وضرورات آخرى: الهدوء، والصمت والتفرغ، وفوق ذلك نسيان غريزة الملكية..ولذا حين قرأت "مؤنسة الدويك" عن (ظهور"موشى ديان"بالتليفزيون الإنجليزى وكيف سأله المذيع عن الخطة التى اتبعها مع المصريين فى 1967؟! فقال وهو يضحك: هى نفس الخطه التى حاربتهم بها فى 1956! واستغرب المذيع فالخطة منشورة فى كتاب عام1960 هو "مذكرات حملة سيناء - 56".. ورد موشى دايان: لا لم اخش شيىء..لأن العرب لا يقرأون!)..
وتحركت "مؤنسة الدويك" وصنعت حملة بأسم (لايهزم شعب يقرأ) وحولت المكتبة لحالة لمهرجان،ادخلت الندوات،ونظام"الإستعارة الخارجية للكتب"،أما المسابقات التى اخترعتها فنوعين :
- نوع يقرأ فيه الناس كتابا واحدا ويكتبون عنه، وافضل تلخيص وعرض للكتاب،يجلس صاحبه فى ندوة يحكيه ويقرأوه.. - أما النوع الثانى وكان اسمها "من يكسب كتاب الشهر؟"وفيه يحدد عدد من الكتب للقراءة منوعة الموضوعات- ويحدد يوم للمتسابقين للسؤال فيها،ومن يكون الأول يكسب كتباً أيضا والموضوع الغالب فى المسابقات هو "اسرائيل" بطريقة "اعرف عدوك".
ومن الأوراق القديمة التى احتفظ بها شهادة من مكتبة شبرا تعترف فيها بأنى لخصت عشرين كتابا بنجاح وللحقيقة أدركت أن تلخيص الكتب يجعل للقراءة فهم ويقين وتحديد أهداف بعد التسلية..وبالتالى الإستيعاب يكون اكثر وافيد. فأنا أقرأ وكأنى أذاكر دروس المدرسة بالورقة والقلم ومستعد للإمتحان ايضاَ.. وحدث أن وقع فى يدى كتباً موضوعها "الكتب ذاتها" صاحبها قرأ ولخص وعرض، ولإستاذنا عباس محمود العقاد كتاب من هذه النوعية بعنوان "ساعات بين الكتب" ويبدو أن العقاد اختار الكتب التى لم تعجبه ليكتب عنها أو لينقضها،فهو يقرأ الكتاب ويستخرج افكاره ونظرياته ،ثم يعمل فيه قلمه بطريقة النقد الديلكتيكى، فيأتى للفكرة بفكرة مضادة وللنظرية بنظرية عكسية فالعقاد الموسوعى يعاقب فى الكتب-التى قضى معها ساعات-(المؤلفين)؟!نعم المؤلفون أنفسهم ولاتعرف لماذا كتب عنهم وعرض لكتبهم طالما لم يعجبوه.؟ ولأنيس منصور دعابة عن نقد العقاد،فهو يراه اذا نقض عض،ويصبح عباس محمود العضاض !!
ومن نفس النوعية كتاب جميل لأنيس منصور عنوانه :"كتاب عن كتب" وهو ممتع فالأستاذ يقرأ الكتاب على مهل ثم يتركه وبعد مدة يعاود التفكير فيه،فإن كتب عنه كتب عن اثر الكتاب فى نفسه ومااستفاده منه ومااحدثه بداخله ،وبالتالى فالكتاب عن عشرين كتابا كتب عن كل منها مقالة..
وهناك تجربة للصديق الصحفى"حنفى المحلاوى"كنت شاهدا عليها حيث استمر حنفى لخمسين اسبوعا ينشر كل اربعاء بجريدة (الوفد) عرض لكتاب فى صفحة كاملة،وفجأة اوقف الجورنال صفحة عرض الكتب؟ ونقلها (حنفى) لجريدة (الأزهر الإسبوعية) ثم قرر هو نفسه التوقف!!واتفق مع الدار المصرية اللبنانية على نشر التجربة فى كتاب، وفرحت بينى وبين نفسى فقد كان من ضمن هذه الكتب التى عرضها،كتابى "حريم فى حياة الزعيم- الثورة التى ايدها الحرملك" وكان عرضه بجريدة الأزهر ووجدت فى صندوق بريدى نسخة مهداه لكتاب اسماه "اوراق فى السياسة والحب والحرب" عرض فيها صديفى لثلاثين كتابا ولم يكن كتابى ضمنها؟! وطريفة الأستاذ حنفى مختلفة فى عرض الكتب أنه متمسك بأختيارات المؤلف وبشكل الكتاب حتى أنه يصف الغلاف؟ ولا يتصرف وإنما يستخدم ابجديات متن الكتاب انه اختفى وراء الكاتب،أوتقمص شخصية المؤلف ولذا فهو يعرض حتى العناوين الجانبية للكتاب.
وأنا احاول أن اخلط بين الاساليب الثلاثة، احاول أن اعرض لكتب فى حياتى، أن اعاود الكتابة على الكتابة تلخيصا وعرضا فعلت ذلك من قبل وهأنا اعود إليه..ففى حياتى عدة محطات فى بلاط صاحبة الجلالة،وكلها قضيت فيها وقتا فى تلخيص وعرض الكتب ففى جريدة "الطلاب" امسك الاستاذ (محمد سليمة) كتاب "المرأة والجنس"لنوال السعداوى وطلب منى تلخيصه،مرتين مرة بما يوازى صفحة جورنان، ومرة بما يكف عمود.وكان هذا امتحان أو اختبار قبولى للعمل فى الجريدة، ونجحت، وكنت وقتها فى المرحلة الثانوية -بمدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا- وزدنا على ذلك أن ذهبت لنوال السعداوى فى مجلة "الصحة" بشارع شريف بوسط البلد واجريت حوارا معها عنوانه :" الشيىء الذى يخفونه باوراق التوت" ونشر بصفحتى الوسط بالجريدة.
وفى مجلة "عيون" لخصت كتب السادات:(من مذكراته فى السجن لقصته مع الثورة حتى كتابه "البحث عن الذات") فقد كانت صاحبتها، ومديرة التحرير فيها "عائشة ابو النور" ابنه أحد الضباط الاحرار وهو "عبد المحسن ابو النور"،وكانت درويشة فى حب الثوار؟ وكانت تتدخل بقلمها فتمحو آى لغو عن الضباط الاحرار،وقد محت ماكتبته بأن السادات كان بالحرس الحديدى للملك فاروق؟! وقالت لى (سلمى شلاش) الروائية السورية التى كانت مشاركة بالمال والكتابة فى المجلة عن الكتب التى عرضتها وكتبت عنها : ( برشة.. انت معجبانى فى "الكتابة على الكتابة"..استاذ أشرف ) ؟! ولم أفهم تماما حتى جأت نهايات التسعينات وافهمنى إياها أنيس منصور فى ندوة له بمعرض الكتاب،قال فيها( النقد الأدبى نوع من الكتابة على الكتابة ،فلو لم يوجد النص الأدبى ماوجد النقد الأدبى.فالنقد الأدبى كتب عن نجيب محفوظ فرفعه فى الثلاثية لسابع سماء،وهبط ب لحد الكفر فى اولاد حارتنا.ولكن يبقى النص الأدبى سابق ومهيمن على النقد الذى هو تالياً عليه ومستمدا منه. فالناقد كالنحلة لايفرز ولا يبدع إلا على اعمال الآخرين.) وقال أنيس فى ندوته أيضا( فى الصحافة نمارس الكتابة على الكتابة طول الوقت وذلك عند عرض وتلخيص الكتب فى الصفحات الثقافية،فهناك كتب غالية جدا،وهناك كتب طويلة للغاية وهناك كتب سمع عنها الناس وتشوقوا لها كألف ليلة وليلة والأغانى للأصفهانى وبالتالى على الصحافة أن تعرض لها وتسهل للقارىء الثقافة والتسلية معا ) ثم قال الكتابة عن الكتابة أكثر واطول من الكتابة الأصلية فعن كتاب"فى الشعر الجاهلى– لطه حسين"كتب 17 كتاب ضده ومعه،وعن مسرحية "زيارة السيدة العجوز" كتبت الأف المقالات فى النقد وعلم النفس كان منها 14 مقالة لى... ورفعت يدى ليس بسؤال ولكن أن اتصور معه محبا. ومعجبا،وولهانا، وقال: ارجوك.. وتصورنا وتعارفنا ولم افارقه أو افارق كتبه.
وفحأة تعددت الفضائح الأدبية على طول العصور والنصوص،من العرض والتلخيص للإستيلاء !!وبدلامن نقد العمل يتم سرقة العمل؟ ومن الترجمة للعمل لنسبة العمل للمترجم - وقد ذهبت لصالون وسيم السيسى الثقافى وقال جهارا نهارا أن أيس منصور ترجم كتابي "الذين هبطوا من السماء" و"الذين عادوا للسماء " وهما لكاتب المانى ونسبهما لنفسه آى جعل نفسه المؤلف وليس المترجم!
وكان أكثرها إثارة حينها تلك المقارنة التي عقدها "رشدى صالح" بين كتاب "حمار الحكيم" و" أنا وحماري " للإسباني خوان رامون خيمينيث وتدور رواية خيمينيث في صورة رواية شعرية حول الراوي وحماره، وهما يجوبان أنحاء قرية موغير مسقط رأس المؤلف،متمتعين بجمال الطبيعة وتعاقب الفصول،يراقبان معاً البشر والحجر والغدران والمروج والأشجار وبقية الحيوانات،وكل شيء يصادفهما في طريقهما وهما يتسكعان معاً،أو يؤديان مهمة ما ، وتدور رواية الحكيم التي ظهرت بعد 26 عاماً من الرواية الإسبانية،وتحديداً في العام 1940 في نفس الفلك تقريباً.فالأقدار تسوقه إلى شراء حمار صغير وجده في يد رجل قروي، بينما كان ذاهباً لحانوت الحلاق، وأيضاً تسوقه الأحداث إلى الذهاب بالحمار إلى إحدى القرى، ليبدأ في وصف الريف المصري آنذاك، وما به من أكوام السماد والقذارة والكلاب النابحة وأسراب الصبية من صغار الفلاحين في أطمارهم وذبابهم ..
ثم يأتى فتحى فضل ليتهم صنع اللة إبراهيم بسرقة روايته الزنزانة 1993 فى روايته شرف1994؟! ويشمل الإتهام جمال الغيطاني الذي يشير عصام زكريا في تحقيقه الصحفي إلى تأثره بأدب ابن إياس، خصوصاً في روايته "الزيني بركات" المسؤولة عن حجزه مقعداً له بين كبار الأدباءلكن لم يتوقف الأمر في حالة الغيطاني على الاقتباس، إذ يضيف زكريا: "إلا أن أحداً لم يكن يتصوّر أن الغيطاني قام بنقل صفحات كاملة بالنص من إبن إياس- بالإضافة إلى اقتباسه للقصة والشخصيات والأسلوب واللغة".ويتابع عصام زكريا موضحاً:"يبدو أن الغيطاني أحب محيي الدين إبن عربي بنفس القدر، فقد "استظهر" صفحات كاملة من أدبه الصوفي في ثلاثيته الضخمة "التجليات".وأتهم البعض الغيطاني أيضاً بالنقل عن الأدب الغربي "المترجم" كما فعل في "هاتف المغيب" المأخوذة فكرة وفكراً وروحاً عن "مدن لا مرئية" للأديب الإيطالي الراحل إيتالو كالفينو.كما راح عبد الرحمن شكري يتهم صاحبه المازني بترجمة قصائد الشعر الإنكليزي ونسبتها لنفسه؟! إذ يقول في مقدمة ديوانه "الجزء الخامس": "لقد لفتني أديب إلى قصيدة المازني التي عنوانها "الشاعر المحتضر" واتضح لنا أنها مأخوذة من قصيدة أودني للشاعر شيلي الإنكليزي قاصداً الشاعر بيرسي بيش شيلي أحد أفضل الشعراء الغنائيين كما لفت إلى أن قصيدة المازني "قبر الشعر"،"منقولة عن هيني الشاعر الألماني" قاصداً الشاعر الشهير هاينرش هاينه وهو واحد من أهم الشعراء الألمان الرومانسيين.غير مكتف بالإشارة إلى هاتين القصيدتين، بل أكد أن قصيدته "فتى في سباق الموت" هي أيضا للإنكليزي توماس هود .وفى القرن الماضى بلغت الخصومة بين مصطفى صادق الرافعى وعباس العقاد حد اتهام الأول للأخير بالسرقة قائلاً: أن العقاد رجل دعوى وتدجيل وغرور فيسرق ويدعى الملكية، وهو يعترف بأن الأسماء ليست على مسمياتها.
وقال د.عبد الرحمن عثمان لا سرقة ولا إستيلاء ولا يحزنون إنه (الأحتذاء والمحاكاة فى الأدب والابداع) وتصدت د. هدى وصفى من مملكتها فى مسرح الهناجر لكل الاتهامات بقولها أنه "التناص" علم وفن النقد الذى لا تعرفونه والذى تبلور مع البنيوية،أنه التَّنَاصُّ،أو التعالق النصي( Intertextuality),وهو مصطلح نقدي فى القرن العشرين يقصد به وجود تشابه بين نص وآخر أو بين عدة نصوص وهو مصطلح صاغته )جوليا كريستيفا( للإشارة إلى العلاقات المتبادلة بين نص معين ونصوص أخرى وهو بذلك مصطلح أريد به تقاطع النصوص وتداخلها ثم الحوار والتفاعل فيما بينها.ولقدأصبح مفهوم (التناص)واضحا فهو حسب البلغارية كريستيفا (تداخل النصوص في النص الجديد أو التعالق النصي) وتوضح د.هدى أن التناص كمصطلح فرنسي الأصل ظهر في مرحلة (ما بعد البنيوية) ليشير إلى استحالة وجود نص نقي وأن كل نص صدى لنص آخر إلى ما لا نهاية. وكل نص أدبي يجب أن يُقرَأ في ضوء سياقاته التاريخية والثقافية. فلا صنع الله ابراهيم سرق رواية الزنزانة من فتحى فضل وانما تناص معه فى موضوع السجن والمساجين والمحاكمة وبخاصة أن صنع الله كان اصغر سجين شيوعى فى مصر ولا نجيب محفوظ كفر وإنما تناصت روايته بقصص الأنبياء فى الكتب المقدسة
وتوج التناص بأكليل الزهور حين فازت فى سنة 2009 رواية صغيرة "نوفيلا" بجائزة نجيب محفوظ. وقالت لجنة التحكيم : "وراق الحب" رواية ذكية ،ولا بد من الإشارة إلى براعة خليل صويلح في القص، فهو يجيد فن الاستطراد والتناص دون أن يفقد بوصلة السرد"
وتنفذ رواية وراق الحب إلى ماهية فعل الكتابة ذاته من خلال تضمينها وتوظيفها لجمع من النصوص التي تتواصل وتتعارض معها في نفس الوقت مؤكدة بذلك أن الكتابة دائما ما تكون كتابة علي كتابة فكل كتابة جديدة بمثابة تكرار وإعادة وإضافة خلاقة لعملية الكتابة الأبدية.. يستكمل خليل صويلح دلالاته وإيحاءاته من الروايات التي اشتهرت بتناولها لموضوع الحب والجسد. يبدع في تهجين سرده وحكاياته بما يقتبسه جاعلاً روايته، التي تحكي عن الحب وتصنع منه مفارقة ساخرة، لعبة تناصية ذكية تلقي الضوء على موضوع الحب والنوع الروائي وفعل الكتابة فالرواية - فذة «لأنها مصنوعة أو قائمة في معظم الأحيان على أعمال الآخرين، فالقارئ يجد دائماً وعداً من قبل الراوي أنه سوف يبدأ روايته وينتظر ليجد رواية مليئة بالبدايات التي لم تكتمل، ورغم ذلك لا توجد لحظة ملل الراوي "الورَّاق". يبدأ نصّه باعتراف صريح بأنه يكتب رواية "تختزل" الروايات التي قرأها طوال ثلاثين سنة، فهي كتبت: "لإشاعة الحبور في روحي المضطربة". ويمرّ على معلّمي الكتابة والحكي والرواية والسرد عبر العصور، منتحلاً من هذا ومقتبساً من ذاك ومقتطفاً من الثالث، متكئًا على الرابع...ويقول دون أن يطرف له جفن إنّه كان على وشك انتحال 130 صفحة من رواية بريد بابلو نيرودا، واكتفي بثلاث صفحات! ولا يتهيّب رباً مثل أوفيد ينام بأمان الأرباب في عليائه، فيسلبه صفحتين دون أن يوقظه. ويعرّج على يوسا فيذكر أنّه مرشح لرئاسة بلاده، ويسلبه صفحتين من مديح الخالة.. وهو- الراوي- يعلن أنّه متأثّر بهنري ميللر، وهذا سيكون ماثلاً بالفعل من بداية النص إلى نهايته، بسرده المميّز بالتهكّم والعمق والمباغتات المبهرة، والصور الجنسية الحارقة. لكن"الورَّاق" لا يكترث،ويعلن مطمئناً انه اعتمد في عمله على قواعد الانتحال الخمس التي وضعها برناردو اتشاغا متجاهلاً أن نصه قطع فسيفساء مرصوفة بجوار بعضها البعض، وتمضي روايته ذات الـ"112" صفحة على هذا النحو من القصّ واللصق لمقاطع وصفحات طويلة كاملة من روايات الآخرين وكتاباتهم، مكتفياً بالتلمّظ والتشهّي، دون أن يقدّم شيئاً يذكر من ابتكاره، سوى وصف مقتضب - في الفراغات بين الصفحات- لنساء يطاردهن عبر شارع "كونديرا" الضيق، وتنتهي الرواية ببساطة شديدة باندساس الراوي في سرير الطالبة الجامعية، التي يوهم القارئ بأنها غريرة بلا تجربة، ثم يوهمه بأن العكس صحيح أيضاً، ثم يمحوها مقرّاً بأنها كانت محض انتحال، مع ذلك يرسلها إلى ضيعتها لينفرد بزميلتها في السكن، التي أدخلها إلى عمله مصادفة، ونسي أن ينكحها داخل السياق، وباستدراك هذه الهفوة،تكتمل أحداث الرواية،وتنتهي كتابتها بوضع العنوان المفارق ظاهرياً لمضمون العمل "ورَّاق الحبّ".والنص يبدو مرشداً سلساً في الفنّ الرّوائيّ، فهو يحوك روايته بأدوات بسيطة، ثم يستريح، بعد أن ترك لنا خبرته الفردية الخاصة، بسرد قد يعترض عليه الكثيرون، لكن قراءة متأنية، تثبت لنا مرةً أخرى، أن قانون الرواية يخترق كل القوانين، كما يقول ماركيز.
ولكن المحكمة الاقتصادية لم تأخذ بذلك فهى محكمة قانون وليست محكمة نقد أدبى وهى تحافظ على الملكية الفكرية،وفى ذلك نصوص وسوابق وجلسات وتعرف السرقة الأدبية بالغش ألاكاديمي وتعرض السرقة الأدبية فاعلها إلى العقوبات مثل الغرامات و الحرمان وقد تصل إلى الفصل من الجامعة او من مهنة ثقافية أو صحفية يزاولها فالسرقة الأدبية ليست جريمة بحد ذاتها،ولكنها تعتبر انتهاكا لحقوق النشر والتأليف.وظهرت رسائل ماجستير ودكتوراة تقول الفرق(بين التناص بالنص والسرقة من النص) والمحكمة فى قانونها اشارت لذلك فعرفت السرقات الفكرية بأنها اغتصاب النتاج العقلي أيا كان نوعه " أدبيا ـ علميا ـ عاما " ونشره دون الإشارة للمصدر الأصلي وتتعدد أنواعها بتعدد المجالات الإبداعية كالمجال الأدبي من شعر ونثر والمجال العلمى كالبحوث المنهجية والمجال العام وهو الكتابة فيما يخص مختلف القضايا كما تتفرع فى درجة خطورتها إلى أنواع فهناك السرقة الفكرية التامة وهى قيام السارق بنقل الإنتاج الفكرى كاملا ونسبته لنفسه وهناك السرقة الجزئية وهى الاستيلاء على جزء من مؤلف ما والاستعانة به لتكملة مؤلف آخر والتغطية على صاحب النص الأصلي.وهناك السرقة الفكرية غير المباشرة وهى التى تعنى الاستيلاء على الفكرة دون النص أو عن النتيجة العلمية دون صلب البحث وهى لا تقل بأى حال من الأحوال عن السرقة الفكرية المباشرة أو الصريحة من حيث خطورتها على الأمانة.
ووقفت د. ليلي عنان أستاذ الحضارة الفرنسية بجامعة القاهرة ضد الروائى صنع الله ابراهيم بالمحكمة تقول سرقنى! وسألوها كيف؟ قالت وضع 10 أسطر من كتابى (الحملة الفرنسية تنوير أم تزوير) فى روايته "القانون الفرنسى" آى سرفة؟ والرواية نفسها تعدت الثلثمائة صفحة فما أثر 10 اسطر فيها! قالت القانون يشترط الأذن قبل النقل أو الاقتباس،وقال المحامون لها انظرى للرواية لقد كتب مايفيد الاقتباس فى الهوامش.والأذن عند الفقة هو الإشارة للأصل فى الهوامش وتقول القانون اشترط أذنا صحيحا بموافقة منى وليس على سبيل المجاز فىى الإشارة للهامش.اريد تعويض مليون جنيه!
وما زال اغلب كُتاب وشعراء العرب،على جدرانهم الزرقاء ينددون بأعمال اقرانهم ويصفونها مباشرة بالسرقة الادبية او بتلطيف كلمة "السرقة" وتعويضها بالتقليد او النسخ او الاقتباس او مسميات اخرى مختلفة..
#أشرف_توفيق (هاشتاغ)
Ashraf_Mostafa_Tawfik#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرائب وعحائب هدى شعراوي “رائدة” حركة تحرير النساء في مصر
-
غرائب وعحائب هدى شعراوي “رائدة” حركة تحرير النساء في مصر
-
غرائب وعحائب هدى شعراوي “رائدة” حركة تحرير النساء في مصر
-
زينب الغزالى
-
علوية صبح ..الجنس فى ذاكرة المرأة العربية جحيم؟!
-
تكتب بجسدها نظرية جديدة فى كتابة المرأة سلوى النعيمي مثالا ف
...
-
بضربة ماوس... فصل من رواية كشف المستور فيما آلت أليه الأمور-
-
السقوط فى هوى رواية -النبطى- لزيدان
-
الملكة نازلي..أو الرومانسية تخلع ملابسها (تفجير الحرملك السل
...
-
سمكة مياسة دمياطية ..بعيدا عن عيون أنيس منصور ؟!
-
تكتب بجسدها نظرية فى الأدب النسوى.-العبد الأسود من شهر زاد..
...
-
باتريشيا كرون .. وتعصب الاستشراق الجديد
-
نسوية الدولة بين حواجب درية شفيق وبياض لطيفة الزيات عن كتاب
...
-
أنا ولميس جابر وحرس فاروق الحديدى
-
تاريخ القبلات والاهات يكتبها أشرف توفيق
-
وكان البحر بيننا,, اقتباس من رواية (قرصان يسرق بحرى) للكاتب
...
-
مارلين مونرو الذ اختراع امريكى بعد الكوكا كولا - بتصرف عن كت
...
-
وكانت اسمهان تقصد التابعى حين غنت (ياحبيبى تعالى الحقنى شوف
...
-
من قتل اسمهان؟ هل فعلتها المخابرات؟! ولا يهم بعد ذلك مخابرات
...
-
مع اليفة رفعت... اللقاء الأول والأخير.
المزيد.....
-
وفاة الملكة الأم سيريكيت في تايلاند عن 93 سنة
-
أميركا والصين تستبقان قمة ترمب- شي بمحادثات تجارية بناءة
-
جورجيا تعتقل 3 صينيين حاولوا شراء كيلوغرامين من اليورانيوم
-
استنكار واسع في تونس بعد تعليق نشاط -النساء الديمقراطيات-
-
ليتوانيا تغلق مجددا مطار فيلنيوس وحدودها مع بيلاروس بسبب الم
...
-
ليبيا تفتح مطار خليج سرت بعد غلقه 12 عاما
-
كامالا هاريس تلمح إلى إمكان خوضها انتخابات الرئاسة مجددا
-
بوتين يعلن نجاح تجربة لصاروخ -كروز- بالدفع النووي
-
ترمب يبدأ جولة آسيوية بصفقات تجارية قبل زيارة الصين
-
توقيف طالب لجوء -متحرش- في بريطانيا بعد إطلاق سراحه بالخطأ
المزيد.....
-
الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس
/ د. خالد زغريت
-
المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين
...
/ أمين أحمد ثابت
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
-
الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان
/ د. خالد زغريت
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
المزيد.....
|