أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - عندما تنتهي الأُلفَةُ يموتُ الأصدقاء.. مثلَ نجمةٍ سابِقة، في سماءٍ بعيدة














المزيد.....

عندما تنتهي الأُلفَةُ يموتُ الأصدقاء.. مثلَ نجمةٍ سابِقة، في سماءٍ بعيدة


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 14:06
المحور: سيرة ذاتية
    


هذا أنا.. وهذه هي "صورتي" بالأبيضِ والأسوَد.. كأيِّ "كائنٍ" كانَ عليهِ أن يكونَ أمّا "أبيضَ" وإمّا "أسوَدَ" في هذا العراق.
"هذا أنا".. أو "أنا هذا".. عندما كنتُ جنديّاً "مُكلّفاً" في البطرية الثانية/ كتيبة مدفعية الميدان/48.. أربيل/ راوندوز/ بافستيان(أيلول 1976- شباط 1978) .
كنتُ "مدفعجيّا" حالِماً جدّا.
طيلة مدّةَ خدمتي العسكريّة هناك لم تُطلِق هذه "البطرية" قذيفةً واحدة.
لديَّ "شهودٌ" أحياء على ذلك.
ربّما كانَ السبَبُ في ذلكَ "السَلام" المُمكِن الوحيد، والمستحيل.. هو أنّ جنود هذه "البطرية" بالذات.. كانوا "حالِمينَ" مثلي.
أو لأنَّ "الوقتَ" هناك، بعد عام 1975، لم يَعُد وقتَ حرب، وكانَ أشبهَ بـ "هُدنة".
ربّما.
فمدافع الميدان لم تكن موجودةً هناكَ لترمي وردَ النرجسَ على أرض كردستان.. ومع ذلك، وطيلةَ عامٍ ونصف، لم نقصِف أحداً هناك.. ولم يُطلِق علينا أحَدٌ رصاصةً واحِدة.
فقط.. واستثناءً من هذه "القاعدة"، كان هناك جُنديٌّ في "وحدةٍ" أخرى مُجاورةٍ لنا، لا يَكُفُّ عن شتمِ كُلِّ شيء في ذلك العالمَ بصوتٍ عالٍ جدّاً، وبالأسماءِ والمناصِبِ و"الرُتَب".. كنتُ أسمعهُ من بعيد، وهو يُواصِلُ الإفصاحَ بشجاعةٍ نادرةٍ عن غضبه، في تلكَ الساعاتِ القليلةِ التي يكونُ فيها خارجَ سِجنَ "الثَكَنة"، يومَ كانت الشتيمةُ "جريمةً" صريحةً لا تُغتَفَر ولا تحتاجُ إلى أدِلّة.. فيُعيدونهُ إلى السجنِ من جديد، ومن هناكَ يطلبني بالاسم، فيستَجيبونَ لطَلِبهِ مُرغَمينَ لكي يُسكِتوهُ مؤقّتاً، ويقتادوني في نهايةِ المطافِ إليه، لأتبادلَ معهُ بهدوءٍ مُريب أحاديثَ أخرى.
هذا الجنديُّ هو فاروق عبد الجبار البصري، الذي عليهِ الآنَ أن يروي جانبهُ من "القِصّة" (إذا كانَ يرغبُ بذلك).
ومن بين مفارقات العراق العجيبة، أنّ سائقي سيّاراتِ الأجرة الكُرد كانوا ينقلوننا من وسط أربيل (والكثيرون منّا كانوا نياماً طيلة الطريق) إلى "وحداتنا" و "ربايانا" الواقعةِ في أقصى شمالها.. وحين تصِل السيّارةُ إلى وجهتها كان السائقُ "الكُرديُّ" يوقظنا من نومنا قائلاً: يلّله كاكا.. وِصَلتوا!
أمّا عند مناوباتِ الحراسة في "وحداتنا"، وطيلةَ ذلك الليل الأسوَدِ الباردِ البهيم، فقد كان بيننا جنودٌ أكرادٌ "مُكلّفونَ" يتناوبونَ الحراسةَ معنا.
في الحرب العراقيّةِ الايرانيّة، عُدتُ وعِشتُ هذه "الأُلفةَ" ذاتها مع الجنود الكُرد، وماتَت روحي مع مقتَلِ الكثيرينَ "مِنّا" و "منهم".. أولئكَ الفِتيَةُ الطيّبونَ جدّاً، والأقربَ من روحي إليّ.
حراسةُ ماذا.. ولِماذا.. ومِن مَن؟
والحربُ لماذا.. ومعَ مَن، وضِدّ من؟
إلى الآن.. لستُ أدري.
ما أدريه.. هو أنّهُ عندما تسكُتُ المدافعُ، تبدأُ الأُلفة..
لكنّ الأصدقاءَ، كما الأحِبّة، يُواصِلونَ موتَهُم "السعيد"..
فتنتهي الأُلفة..
مثلَ نجمةٍ سابِقة، في سماءٍ بعيدة.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تبدأُ الأُلفَةُ يموتُ الأصدقاء.. مثلَ نجمةٍ سابِقة، في ...
- بيتُ جبرا.. قبرُ جبرا
- البنك المركزي العراقي بين مُتطَلَبّات التبعيّة وضرورات الاست ...
- النساءُ الحزينات كدمعةٍ ناشفة
- مُحاكمة اقتصادية للتهوُّر الاقتصادي في العراق
- وقائعُ تاريخِ الوحشة.. من بغداد إلى لشبونة
- مَن هذا الذي سينتشِلُ العراقَ من هذا كُلّهِ.. مَن؟
- ترامب والعراق والنفط في شرم الشيخ
- سيرةُ العراقيِّ الفَرد في تاريخِ اليومِ والغدّ
- منظومات القِيَم وأنماط السلوك والإدارة للدراساتِ الأوليّة وا ...
- عن السياحة والسيّاح والايرادات السياحية في العراق
- لا فرَحَ ولا ماريانَ.. في البلدِ الغارقِ في الظُلْمة
- هذا ما يحدثُ في العراق عندما ينزِلُ البطارِكَةُ إلى الشارع
- التفاصيلُ الرئيسة للبرنامج والمنهاج الحكومي لرئيس مجلس الوزر ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنظام السياسي في العراق (3 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2)
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2003-2 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنسَق السياسي المُغلَق في ...
- الظاهرة الصوتيّة وظاهرة العقل والقوّة بين العرب وإسرائيل


المزيد.....




- -نكيد العوازل-.. محمد عبده وهاني فرحات يتبادلان قبلة على الي ...
- كيم كارداشيان وكريس جينر بفساتين -قديمة- على السجادة الحمراء ...
- بعد سجن ساركوزي، من أبرز الرؤساء والقادة الذين لاقوا مصيراً ...
- محكمة العدل الدولية تصدر حكمها بشأن التزامات إسرائيل تجاه وص ...
- ما هو الجسم الغامض الذي اخترق زجاج قمرة قيادة طائرة بوينغ ال ...
- لوتان: تحت حكم ترامب.. 5 من أركان أميركا تترنح
- -توقيت حساس-.. لماذا يثير مشروع قانون ضم الضفة خشية نتنياهو؟ ...
- إسرائيل تواصل حربها على الصحفيين.. شهداء ومصابون ومعتقلون بغ ...
- أمير قطر يجري مباحثات مع الرئيس التركي في الدوحة
- الأمن السوري يحاصر مجموعة مسلحة في مخيم بريف إدلب


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - عندما تنتهي الأُلفَةُ يموتُ الأصدقاء.. مثلَ نجمةٍ سابِقة، في سماءٍ بعيدة