أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - بيتُ جبرا.. قبرُ جبرا














المزيد.....

بيتُ جبرا.. قبرُ جبرا


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


في بلدٍ ما ..
" رولان بارت" يعبرُ الشارع .
تدهسهُ شاحنة .
السائقُ يقول: "يا الهي.. لو أنني كنت أعلم بأنني سأدهسُ رجُلاً بهذه الأهمية، لما كنتُ قد خرجتُ أبداً من البيت".
السائق ذاتهُ يقولُ للقاضي: "أنا لستُ المُذنِبَ الوحيدَ يا سيدي.. أنتم مُذنِبون أيضاً. لم يضَع أحدٌ منكم لافتةً تقول: انتبِهوا، إنّ رجلاً عظيماً قد يعبرُ الشارعَ من هُنا في أيّةِ لحظة".
هكذا أحياناً.. يموتُ "المؤلِّف".. هُناك.
في بلَدٍ آخر ..
أي هنا..
سائقٌ آخر..
قادَ سيارتَهُ المُفَخّخَة باتجاهِ السفارةِ المصريّةِ المُجاوِرة لبيتٍ ما.
ليس مُهِمّاً إن كانَ السائقُ يعرفُ أنّ هذا البيت هو بيتُ جبرا إبراهيم جبرا، أم لا .
لا يحتاجُ الأمرُ إلى "لافتة ."
لم يكن ذنبُ السائقِ أنّ "جبرا" قد ماتَ منذُ سنين عديدة (1994)، و لم يعُد موجوداً في البيت.
الذنبُ كان ذنبَ البيت.. ذلكَ البيت الذي كان عليه أن يلحَقَ بصاحِبِه حالَ موتِه.
هكذا تمَّ نسف بيتُ جبرا في شارع الأميرات بسيّارة مُفخّخة في نيسان 2010.. وتطايَرَت مع الانفجارِ اللوحاتُ والكتبُ والموسيقى والرسائل والوجوهُ والروائحُ والأمكنة.. في الهواءِ "غيرِ الطَلِقِ" لبغداد.
كان تقرير الشرطة، وهذه مفارقة موجعة أخرى، لا يشيرُ الى "صاحب" هذا البيت العامر بالجمال الذي تم تفجيره.. وكأنَّ البيت الذي تمَ تفجيره هو مجرّدَ بيتٍ لا أكثر.. كأنّهُ لم يكن بيت جبرا إبراهيم جبرا، ولا كانَ ملتقىً لنُخبٍ من مُبدعي الجمالَ وعاشقيه طيلةَ خمسين عاماً.
في الصورةِ المُرفقة تجدونَ مشهداً لما آل إليه بيتُ جبرا يومها.
تُرى ما الذي آل إليهِ قبرهُ الآن؟
هُناكَ من كتبَ قبل سنوات بأنّ قبر جبرا في مقبرة "محمد السكران" (وقبر زوجته لميعة برقي العسكري أيضاً) قد تهدّمَ بدورهِ، وإنّ "شاهِدةَ" قبرهِ كانت مرميّةً على بُعد أمتارٍ من "الرُكام" (*).

(*)
"هناك في مقبرةٍ على أطراف بغداد قررَ جبرا أنْ يُدفَنَ ، ليسَ وحده، ولكن مع حب حياته الرائع ، زوجتهُ لميعة برقي العسكري . في مقبرة (محمد السكران) أخبرني أحد الدفّانين أنّ المنطقة التي تظلّلها شجرة اليوكالبتوس تضمُّ الذين رحلوا في التسعينيات. بحثتُ حول الشجرة، وساعدني الدفّانُ في عمليّة البحث. وفجأةً واجهتُ حقيقةً آلمتني كثيراً: شاهِدَتا قبرٍ كُتِبَ على أحدهما اسمُ جبرا، وكُتِبَ على الأخرى أسم لميعة. سألتُ: أين القبران؟ فقال الدفّانُ: انمحى القبران كما ترى، وطلب منّي أن اتصّلَ بأحدٍ من عائلة جبرا لترتيب وضع القبرين من جديد. وحين ذهب الرجل، نظرتُ الى اسم جبرا المحفور على مرمرٍ أصفر اللونِ، مُشبعٍ بترابٍ ناعم. لعبةٌ ساخرةٌ محزنةٌ جدّاً ان التقي جبرا المقدسي هنا، ولم يبق من قبرهِ إلاّ شاهدة من رخامٍ مُغطّاةٍ بترابٍ ناعم، تنتظِرُ من يعيدها الى قبره" .
(المصدر: مقتطفات من مقالٍ لـ نوزاد حسن: جبرا ابراهيم جبرا و محمد السكران . مُلحَق بين النهرين. جريدة الصباح. الأربعاء11 كانون الثاني 2017 . العدد 12. ص4-5).



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنك المركزي العراقي بين مُتطَلَبّات التبعيّة وضرورات الاست ...
- النساءُ الحزينات كدمعةٍ ناشفة
- مُحاكمة اقتصادية للتهوُّر الاقتصادي في العراق
- وقائعُ تاريخِ الوحشة.. من بغداد إلى لشبونة
- مَن هذا الذي سينتشِلُ العراقَ من هذا كُلّهِ.. مَن؟
- ترامب والعراق والنفط في شرم الشيخ
- سيرةُ العراقيِّ الفَرد في تاريخِ اليومِ والغدّ
- منظومات القِيَم وأنماط السلوك والإدارة للدراساتِ الأوليّة وا ...
- عن السياحة والسيّاح والايرادات السياحية في العراق
- لا فرَحَ ولا ماريانَ.. في البلدِ الغارقِ في الظُلْمة
- هذا ما يحدثُ في العراق عندما ينزِلُ البطارِكَةُ إلى الشارع
- التفاصيلُ الرئيسة للبرنامج والمنهاج الحكومي لرئيس مجلس الوزر ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنظام السياسي في العراق (3 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2)
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2003-2 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنسَق السياسي المُغلَق في ...
- الظاهرة الصوتيّة وظاهرة العقل والقوّة بين العرب وإسرائيل
- عن العوراتِ وسِترِ العوراتِ في الدُوَلِ العارية
- مباديءُ الاقتصاد السياسي للعُشّاقِ المُبتدِئين


المزيد.....




- لماذا تراجع نفوذ مصر القديمة رغم آلاف السنين من التفوق الحضا ...
- موريتانيا تطلق الدورة الأولى لمعرض نواكشوط الدولي للكتاب
- انطلاق الدورة الرابعة من أيام السينما الفلسطينية في كولونيا ...
- سطو اللوفر يغلق أبواب المتحف الأكبر وإيطاليا تستعين بالذكاء ...
- فساتين جريئة تسرق الأضواء على السجادة الحمراء بمهرجان الجونة ...
- ورشة برام الله تناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ...
- أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات ...
- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - بيتُ جبرا.. قبرُ جبرا