عبدالرحيم كمال
كاتب
(Abdulrahim Kamal)
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:13
المحور:
الادب والفن
عبدالرحيم كمال*
لا يختلف إثنان على أهمية قناة السويس لمصر والعالم، فالقناة توازي في أهميتها الأهرامات والمعابد المصرية القديمة، تاريخياً وعلمياً وثقافيًاً وسياحياً، وتمثل أهمية قصوى بالنسبة للعالم كطريق نقل سريع ومختصر، وتقدم للعالم كله دعما لوجستيا في الحرب والسلم، ففي السلم تمثل سبباً رئيسياً لرخاء العالم، حيث تساهم في خفض أسعار السلع لانخفاض رسوم النقل عبر القناة بدلا من الدوران حول رأس الرجاء الصالح..
ويمثل حفر قناة السويس ملحمة مصرية نادرة، فمصر ضحّت بـ 120 ألفاً من أبنائها راحوا ضحيةً لحفر القناة، ومن أجل القناة خضعت مصر للاحتلال الأجنبي وخاضت المعارك العسكرية والسياسية، والتحديات لا تنتهي.
أهمية كبرى
أهمية القناة لمصر تواكبها الاهتمامات العلمية والثقافية والشعبية، ومع ذلك نلحظ غياباً فاضحاً لأفلام سينمائية مصرية بصيغة عالمية تواكب وتعكس أهمية القناة وقت وقبل وبعد حفرها.
سر الغياب
لذلك كثيرا ما تساءلت عن سبب غياب قناة السويس عن شاشة السينما المصرية، وكم تمنيت إنتاج فيلم سينمائي عالمي بميزانية ضخمة، تنتجه مصر عن حفر القناة الذي استمر عشرة أعوام، بين 1859- 1869.. فيلم يستعرض كفاح الشعب المصري ومعاناته في حفر القناة، وكيف حفرها بيديه بأدوات بدائية.. تُرى، ألا تستحق القناة فيلماً كهذا؟!
صحيح أننا نعلم السبب في عدم إنتاج أفلام مصرية عن قناة السويس وهو سبب سياسي يعكس عدم رغبة ثورة يوليو وقادتها في ذكر أي من مآثر أسرة محمد علي التي اطاحت بها الثورة.
اهتمام عالمي
الغريب أن العالم اهتم بالقناة سينمائيا أكثر من اهتمام مصر، فقدمت هوليوود في عام 1938 فيلم "Suez" ويتناول قناة السويس، وإن كان في إطار رومانسى عاطفي طغى على موضوع القناة.. الفيلم من إنتاج شركة 20th centuary، وإخراج "آلان دوان" وبطولة "تيرون باور"، و"لوريتا يونج"، و"أنابيلا."
وظهر فيلم "إلى السويس جنوبا" أو "جنوب السويس" South of Suez وهو فيلم أمريكى أُنتج في عام 1940، من إخراج "لويس سيلر"، وبطولة "جورج برنت"، و"بريندا مارشال" و"جورج توبياس"، ويذكر قناة السويس كمكان تجري به بعض الأحداث التي تدور حول جريمة قتل تقع فى منجم ألماس أفريقى..
وفي عام 1943 ظهر فيلم "تصريح مرور للسويس “Passport to Suez” من إخراج "آندريه دي توث" وبطولة "وارن ويليام" و"آن سافاج".
أفلام مصرية
رغم ذلك، فالصورة ليست قاتمة تماما، فقد قدمت السينما المصرية معالجات مختلفة ومتباينة لموضوع القناة، منها فيلم "بورسعيد.. المدينة الباسلة" الذي بدأ عرضه في عام 1957، ويستعرض بسالة أهل بورسعيد في مقاومتهم للعدوان الثلاثى بعد قرار تأميم القناة في عام 1956، الفيلم من بطولة "فريد شوقي"، و"هدى سلطان"، و"ليلى فوزي"، و"شكري سرحان"، وزهرة العلا"، و"أمينة رزق"، و"حسين رياض"، وإخراج "عز الدين ذو الفقار."
كذلك هناك فيلم"عمالقة البحار" ويتحدث عن الضابط السوري "جول جمّال"، وقد بدأ عرضه في عام 1960.
تفاوت في التناول
على أن فيلم "الباب المفتوح" -الذي تم عرضه في عام 1963- يشكل تأميم القناة المحور البارز فيه، ويتناول فترة ما قبل ثورة 1952 حتى العدوان الثلاثى، وهو مأخوذ عن رواية للأديبة "لطيفة الزيات".. شارك في البطولة "فاتن حمامة"، و"صالح سليم"، و"محمود مرسي"، و"حسن يوسف"، وأخرجه "هنرى بركات".
وهناك فيلم "شفيقة ومتولي" الذي أُنتج عام 1978، من إخراج "علي بدرخان" وتأليف "صلاح جاهين"، وبطولة "أحمد زكي"، و"سعاد حسني"، و"جميل راتب"، و"أحمد مظهر". وأحداث الفيلم تتماس مع الواقع التاريخي لحفر القناة، فيكشف إجبار مئات الآلاف من شباب مصر للعمل بالسخرة في حفر القناة.
ناصر 1956.. وأهمية خاصة
يأتي فيلم " ناصر 56" -بدأ عرضه في عام 1996- ويخصص موضوعه بالكامل لقناة السويس في الثلاثين سنة الماضية، ويحتل موقعه كواحد من أهم الأفلام التي تناولت القناة، وفيه يتم التركيز على تأميم القناة باعتباره حدثاً مفصلياً في تاريخ مصر.. الفيلم من بطولة "أحمد زكي"، و"فردوس عبدالحميد"، و"أحمد ماهر".. الفيلم من تأليف "محفوظ عبدالرحمن" وإخراج "محمد فاضل".
كذلك هناك أفلام أخرى تعرضت لقناة السويس بشكل عَرَضي مثل "لا تطفئ الشمس" (1961)، و"مَنْ أُحبُّ" (1966) و"ليلة القبض على فاطمة" (1984) وغيرها.
السينما التسجيلية
قدمت السينما التسجيلية المصرية عديداً من أهم الأفلام أهمها فيلم «الأراجوز فى المعركة» -1957- من إخراج "عبدالقادر التلمساني" -وكان هو عمله الأول- ويصور فيه "التلمساني" سعادة الشعب بتأميم القناة، كما يعكسها الأراجوز -أدى دوره الفنان "محمود شكوكو" وعائلته -زوجته وابنه- وعند وقوع العدوان الثلاثي في عام 1956 تشارك عائلة "شكوكو" في مكافحة العدوان حتى تم انتصار الشعب المصرى.
كما قدم التسجيليون فيلماً بعنوان "قناة السويس"، ويصوّر علاقة المصريين بالقناة، ويستعرض الصراع بين مصر والعالم الغربي من أجل فرض السيطرة على مصر منذ حفر القناة، الفيلم من إخراج "عنان نديم".
أعمال تليفزيونية
طبيعي أن يواكب التليفزيون أفكار الشعب ورؤيا الدولة، فقدم عددا من الأعمال، كان من أهمها مسلسل "بوابة الحلواني" في عام 1992، استعرض فيه المؤلف "محفوظ عبدالرحمن" فترة حكم "الخديو إسماعيل" وألقى الضوء على معاناة العمال المصريين الذين راح كثيرون منهم ضحية حفر القناة.. وتناول الأطماع الاستعمارية في مصرالتي زادت بعد حفر القناة.
كما عرض التليفزيون في سبتمبر 2008 مسلسل "ناصر" من تاليف "يسري الجندي" وإخراج "باسل الخطيب"، وشارك في البطولة "مجدي كامل" و"لقاء الخميسي" و"محمد وفيق"، وتناول قصة حياة الرئيس "جمال عبدالناصر" وتأميم القناة..
هناك أيضا مسلسل "صديق العمر" وهو من الأعمال التليفزيونية التي تناولت تأميم قناة السويس، ولكن على هامش استعراض عهد الزعيم "جمال عبدالناصر" وعلاقته بالمشير "عبدالحكيم عامر" في الفترة من 1960- 1967، ويطرح موضوع انتحار المشير.. المسلسل.. وتم عرضه في 2014، وشارك في بطولته "جمال سليمان" و"باسم سمرة".
أخيرا، فإن الكرة تبقى في ملعب الدولة بهيئاتها المختلفة، لإنتاج عدد من هذه الأفلام والمسلسلات، ولنا مثَل نضربه بفيلم "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين -1963- الذي لولا دعم الدولة ما كان وارداً تقديمه بهذه الضخامة.. كما أن التاريخ المصري مكتظ بالمعارك والأحداث الكبرى والمفصلية، التي أثمر النصر فيها بقاء هذا الشعب العريق، في صفحات مشْرِقة مشَرِّفة ناصعةِ البياض، وعلى السينما المصرية أن تكون على قدر المسئولية.
• كاتب وصحفي مصري
Abdulrahim Kamal#
#عبدالرحيم_كمال (هاشتاغ)
Abdulrahim_Kamal#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟