أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - معضلة الشر: تحليل نقدي














المزيد.....

معضلة الشر: تحليل نقدي


عائد ماجد
كاتب

(Aaid Majid)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 22:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


معضلة الشر من أشهر الحجج الفلسفية التي طُرحت للاعتراض على وجود إله، بالتحديد وجود إله كلي القدرة وكلي الخير، وتبدأ هذه المعضلة عند الفيلسوف الإغريقي أبيقور، حيث صاغها في أربعة احتمالات:

إما أن الله يريد أن يزيل الشر ولا يقدر: فهو عاجز.

أو يقدر ولا يريد: فهو شرير.

أو لا يريد ولا يقدر: فهو عاجز وشرير.

أو يريد ويقدر: فلماذا يوجد الشر؟


وهذه الحجة تُستعمل كثيرًا في النقاشات بين المتدينين واللادينيين في الأوساط الشعبية، ويستعملها غالبًا اللاديني ضد المتدين، فيضع المتدين في موقف محرج؛ لأن اللاديني غالبًا ما يطرح الحجة بوصفها العاطفي لا بوصفها المنطقي، لأنها تتكون من جزئين: جزء عاطفي وجزء منطقي، ولنفهم كلًّا منهما نقديًّا علينا تحليل كلا الجانبين بالمنهج نفسه.

أولًا: الحجة المنطقية.
ورغم شهرتها، فإنها ضعيفة من الناحية الفلسفية؛ لأن الحجة أصلًا لا تنفي وجود إله، ولا حتى تنفي وجود إله كلي الخير أو كلي القدرة، وهذا باعتراف من الفلاسفة اللادينيين مثل ويليام رو، لأن هذه الحجة تطرح أن وجود الشر يناقض وجود إله كلي الخير وكلي القدرة.

وأول عيب يمكننا ملاحظته هو أنها تفترض افتراضًا غير مبرر، وهو أن الإله كلي الخير يجب أن يمنع حدوث الشر، ولا يوجد أي إلزام عقلي يثبت هذا؛ فهذا افتراض غير مبرر منطقيًّا.

والعيب الثاني هو عيب موجود أيضًا في معضلة يوثيفرو، وهو أنها تأخذ الإله بثلاث صفات فقط، تاركةً باقي صفات الإله التي تُبرّر حدوث شيء معين، مثل الحكمة، فإن هذه المعضلة لا تضع الحكمة ولا تنظر إليها بعين الاعتبار.

وهي أيضًا تحكم في زمانها ومكانها على حدث معين بأنه شر، وتطبّق هذا الشر على الإله غير المحدود، أي أنها نظرت إلى الشر كشرٍّ بنظرة الإنسان المحدود في زمانه ومكانه، وطبّقت هذا الواقع على كائن غير محدود، وهذا لا يمكن؛ لا يمكن للمحدود أن يُحيط بكل الجوانب، لذلك حُكم الشر وتطبيقه على الإله هنا غير منطقي.

ثانيًا: الحجة العاطفية.

في الأطر الشعبية لا تُطرح الحجة بصيغتها المنطقية التي يمكن الرد عليها بردٍّ فلسفي أو منطقي، وبإمكاننا تحليلها تحليلًا منطقيًّا بحيث نبيّن عيوبها منطقيًّا، بل تُطرح بطريقة عاطفية يُراد بها تأجيج مشاعر الآخرين من خلال سؤال إنساني مؤلم مثل: لماذا تحدث المجازر؟ لماذا أُصيب فلان (طفل) بالسرطان؟ لماذا وُلد فلان بعيب خلقي؟
وهذه الصيغة لا تسعى إلى إقناع منطقي، هي تريد اقتحامًا عاطفيًّا بحيث تُقحم المقابل في موقف محرج لا يستطيع الخروج منه، فيكون الرد المنطقي عقيمًا، وبحال حاول الرد منطقًا سيخرج من إطار الإنسانية لدى المستمعين.

لكن حتى على المستوى العاطفي، وتحويل الحجة إلى صرخة ألم لا أكثر، يمكننا أيضًا أن نبيّن فيها عيوبًا، قد يكون أهمها أنها تفترض أن الخير هو الغياب المطلق للألم، وهذا الافتراض يتجاهل أن الألم ربما يكون وسيلةً للنمو أو جزءًا من نظام أكبر، وأيضًا لا يوجد تبرير لهذا الافتراض، أي افتراض أن الخير المطلق يعني غياب الألم.

وأحد أسباب طرح هذه الحجة بالطريقة العاطفية هو عدم قبولنا لمحدودياتنا، فالإنسان يريد من الله أن يتصرّف كما يريد هو، لا وفق منظومة متجاوزة لا محدودة وهي الإله، وهذا ما يجعل هذه الحجة مفلسة؛ لأنها هنا أقرب إلى الاحتجاج من التساؤل العقلي.

معضلة الشر، ورغم قوتها الجدلية الظاهرة، لا تُعد حجة قوية بإمكانها أن تُثبت عدم وجود الإله، لا بصيغتها المنطقية ولا بصيغتها العاطفية؛ فهي تقوم على افتراضات غير مبررة، وعلى إسقاط محدودية الإنسان على المطلق، وبصيغتها العاطفية لا يفيد معها أي رد منطقي، لأن هدفها هو التعبير لا البرهان.



#عائد_ماجد (هاشتاغ)       Aaid_Majid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الإنسان والدين: الأخلاق بين المطلق والنسبي
- واقع الحركات النسوية بين التاريخ والمجتمعات
- نقد الفلسفة اللاإنجابية عند دافيد بناتار
- الفلسفة المثالية بين أفلاطون وبركلي
- تحوّلات الحضارات تبدأ من المجتمع
- الدين عند كارل ماركس
- كارل ماركس فيلسوفٌ أفسده الشيوعيون
- كارل ماركس فيلسوف أفسده الشيوعيون فلسفياً
- الديالكتيك
- الفلسفة المادية من الجذور إلى التفرع
- نقد نظرية القيمة عند كارل ماركس


المزيد.....




- السعودية في معرض فرانكفورت: تحد لصورة نمطية لكن بأي شكل ومحت ...
- بايرن يلحق الهزيمة الأولى بدورتموند.. ولايبزغ يرتقي للوصافة ...
- -خسرنا ثقة القطريين-...ويتكوف يشعر بـ-الخيانة- حيال هجوم إسر ...
- فايننشال تايمز: بهذا رد البرغوثي على بن غفير في فيديو المواج ...
- البرهان: مستعدون للتفاوض بما يصلح السودان ويبعد أي تمرد
- الداخلية السورية تفكك خلية لتنظيم الدولة في ريف دمشق
- نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة ...
- فيديو منسوب للبرهان بشأن مفاوضات تسوية النزاع بالسودان.. هذه ...
- الصليب الأحمر يسلم جثامين 15 فلسطينيًا من إسرائيل إلى غزة
- كيف يمكن للهرمونات أن تتحكّم بعقولنا؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - معضلة الشر: تحليل نقدي