أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - تحوّلات الحضارات تبدأ من المجتمع














المزيد.....

تحوّلات الحضارات تبدأ من المجتمع


عائد ماجد
كاتب

(Aaid Majid)


الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 12:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل الأمم تتطور، أو كل الحضارات في جميع جوانبها، ولهذا التطور أسبابه التي لست بصدد شرحها، لكن التغيير الأساسي أو التطور الأساسي لوجوب تطور باقي الجوانب الثقافية والسياسية، إلى آخره، هو وجوب تطور أو تغير المجتمع، فإن كل التطورات الأخرى مرهونة بتطور المجتمع بذاته.

أقرأ التاريخ لتكتشف بأن هذا فعلاً ما كان يحدث على مدار التاريخ؛ أن فن الأمم يتطور، وثقافتها، وحتى لغاتها، ودينها، بمجرد أن يتغير المجتمع أولاً.

خذ على سبيل المثال المسلمين أو العرب ما قبل الإسلام وما بعد الإسلام، ستلاحظ بأن ما جاء به الإسلام من تغيير للمجتمع العربي وإصلاح له، هو ما أدى فيما بعد للعرب إلى التوسع وإنشاء حضارة لها تأثير قائم إلى اليوم. فهنا كان التغيير الذي طرأ على العرب من ناحيتهم الثقافية والدينية والسياسية مرهونًا ببداية التغير الاجتماعي.

ولاحظنا ذلك أيضًا بعد اختلاط المسلمين بغيرهم من الأمم كفارس والشام ومصر، ولنذهب إلى القرنين الثاني والثالث الهجري، في عهد الخليفة المأمون. كلنا لاحظنا ازدهار الترجمة، والثقافة، والفنون، والكتابة بمختلف أنواعها داخل الدولة العباسية، التي كانت أكثر انفتاحًا من سابقتها، وهي الدولة الأموية التي كانت أكثر انغلاقًا على العرب.

وبعد الثورة العباسية المختلطة على باقي الشعوب والمنفتحة إليهم، أدى هذا إلى التغير الاجتماعي، وفيما بعد إلى تغير عقلية الفرد المسلم، بحيث أدى ذلك بنا إلى الترجمة، وإلى بناء الفلسفة الإسلامية فيما بعد.

هنا أيضًا كان تغير المسلمين قائمًا على تغير المجتمع. وهنا كلنا لاحظنا الانفتاح على باقي الشعوب في هذين القرنين، وما تلاهما في عصر الدولة العباسية من الانفتاح حتى على الفنون الأدبية، فوجدنا لأول مرة بشكل واضح كسر تقاليد الشعر العربي العمودي الذي تعوّد عليه العرب منذ كانوا في عصر الجاهلية في الجزيرة العربية، وحتى وصولهم إلى الأندلس. فظهر شعر الموشحات الذي أيضًا يُعد كسرًا لتقاليد الشعر آنذاك، وأصبح مقبولًا.

هذا القبول لهذا النوع من الشعر كان قائمًا على قبول الاختلاط بشعوب غير عربية، وسماع ما لديهم من فنون، وحتى ترجمة ما لديهم من فنون، وقراءة وإتقان لغات غيرهم كالفرس.

ورأينا ذلك حتى في عرب عهد الاستعمار وإلى نهاية الاستعمار في البلدان العربية شيئًا فشيئًا، بدءًا من الأربعينات إلى بداية الستينات. فأصبح العالم ليس كما كان سابقًا في عهد الدولة العباسية أو الأموية، العالم أصلًا أصبح منفتحًا أكثر مما كان عليه بكثير.

وكان للحرب العالمية، والاستعمار، والفترة المظلمة التي سيطر بها غير العرب على العرب لفترة طويلة، وموت روح الأدب العربي، أثرٌ أدى إلى تغيير في الروح الاجتماعية العربية.

بالتالي، تغير المجتمع، وأمكننا ملاحظة ذلك في كل شيء، بدءًا من الثورة العربية الكبرى إلى ثورات البلدان العربية ضد الاستعمار، وضد الحكومات التي أقامها الاستعمار. فنتج تغير واضح، من انتشار الأفكار السياسية، وحتى دخول المدارس الأدبية والفنون الأدبية الأخرى على العرب، ما أدى بهم إلى كسر آخر، أو تطور آخر، إلى النظم العربي القديم.

على سبيل المثال، كأحد أنواع التطور الأدبي، بإنتاج ما يسمى شعر التفعيلة في الأربعينات والخمسينات. بحيث إن الفترة المظلمة التي أثّرت على العرب ببعدهم عن الهوية العربية بذاتها، أصبح الشعر العمودي بصيغته القديمة غير قادر على تأدية وظيفته الاجتماعية كما كان في السابق.

لذلك تم استحداث شعر التفعيلة، الذي كان قادرًا على تأدية الوظيفة الاجتماعية في وقته المناسب. وهذا لا يجعله بالضرورة أفضل من الشعر العمودي، لكن سبب تراجع الشعر العمودي ولمعان نجم الشعر الحر في تلك الفترة وما تلاها، هو أن الشعر العمودي بات أبعد عن المجتمع العربي، على خلاف الشعر الحر الذي كان أقرب إليهم، وإلى التعبير بلغتهم المعاصرة، وبأسلوبهم المعاصر الذي ابتعد عن أسلوب أسلافهم، الذي كان يليق بأسلافهم وطبيعة وقتهم وطبيعة مجتمعهم آنذاك.

العرب هنا كانوا كمثال بتاريخهم الأدبي والسياسي على أن المجتمع هو أساس تغير وتطور كل الحضارة. فكل الأمم تتطور، لكن كل التطور مرهون بتطور المجتمع أولًا.

هذا لاحظناه في كل الأمم التي نهضت أو تطورت أو نشأ تطور في مجال معين لهذه الأمم، سواء كان في الأدب أو السياسة أو الفنون أو غيرها من المجالات.

كان دائمًا يجب أن يتغير شيء في المجتمع لكي يؤدي إلى تغير باقي عناصر الحضارة أو الأمة. هذا لاحظناه في الصين الشعبية بداية نشأتها، وفي أوروبا بداية عصر النهضة.



#عائد_ماجد (هاشتاغ)       Aaid_Majid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عند كارل ماركس
- كارل ماركس فيلسوفٌ أفسده الشيوعيون
- كارل ماركس فيلسوف أفسده الشيوعيون فلسفياً
- الديالكتيك
- الفلسفة المادية من الجذور إلى التفرع
- نقد نظرية القيمة عند كارل ماركس


المزيد.....




- سائحة روسية تنقل نظرة نادرة داخل منتجع في كوريا الشمالية
- عامٌ على تفجيرات -البيجر- في لبنان: هل كشف الهجوم عن اختراق ...
- غزة قبل التدمير الإسرائيلي كيف كانت وكيف صارت؟ صور صادمة
- آلة الحرب الإسرائيلية تزحف إلى مدينة غزة وتنشر الموت والرعب ...
- تغير المناخ يتسبب في انكماش سريع لأكبر بحر داخلي في العالم
- الاحتلال يعتدي على الفلسطينيين بالنقب ويعتقل شبانا بطولكرم
- سنان سيلين أول ألماني من أصول مهاجرة يرأس الاستخبارات الداخل ...
- باقون رغم مخططات التهجير.. مليون فلسطيني يرفضون النزوح من مد ...
- مكاسب للدولة أم تنازلات للهجري؟.. سوريون يتفاعلون مع خريطة ط ...
- هل يلتقي نتنياهو والشرع نهاية الشهر الجاري؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - تحوّلات الحضارات تبدأ من المجتمع