أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - جدلية الإنسان والدين: الأخلاق بين المطلق والنسبي














المزيد.....

جدلية الإنسان والدين: الأخلاق بين المطلق والنسبي


عائد ماجد
كاتب

(Aaid Majid)


الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 13:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كانت وما زالت الأخلاق إحدى أهم القضايا في الفكر البشري، وما زالت تحظى بنفس الاهتمام الفكري منذ بداية التفكير البشري بشأنها. ومع ذلك ما زلنا نختلف بأهم صفاتها التي لا يمكن لأي فلسفة أخلاقية أن تقوم إلا بأخذ اتجاه من اتجاهين لتحديد صفتها، وهما:

الأخلاق النسبية،
الأخلاق المطلقة.

أولاً: الأخلاق النسبية:

النسبية بمفهومها العام هي عدم ثبات قياس الشيء من حيث الصحة أو الخطأ أو من نواحٍ أخرى في كل الأطر والأزمنة، فهي متغيرة من مكان لآخر أو من زمان لآخر، وحتى من ثقافة لأخرى. وهذا ما اتفقت عليه فلسفات كثيرة بشأن الأخلاق، حيث قالت بنسبية الأخلاق وعدم ثبات الحكم على المسائل الأخلاقية في كل زمان ومكان ومجتمع.

وهناك أمثلة عديدة على هذا في التاريخ، فلو عدنا إلى زمان معين ومكان معين سنجد أن فعلاً مثل زواج النساء في عمر صغير أمر طبيعي ويحدث بشكل عادي. قد تكون هذه النظرة جمعية، لكن ربما لدى فرد آخر من نفس المجتمع فهو غير مقبول. ولو ذهبنا إلى مكان آخر في نفس الزمن قد يكون غير مقبول أيضاً. وفي زماننا هذا في المجتمعات غالباً هو غير مقبول، لكن عند أفراد معينين قد يكون مقبولاً. وهذا ما نعنيه بنسبية الأخلاق، بحيث إن نفس الفعل اختلف الحكم الأخلاقي بشأنه من زمن لآخر ومن مكان لآخر، بل من فرد لآخر.

وأغلب المشاكل التي تحيط بالأخلاق هي عدم معياريتها وموضوعيتها، ما يجعل الأمر عبثياً بالنسبة لمن يفكرون في مجال الأخلاق. ومن الأسئلة التي تتمركز في وسط هذه الإشكاليات: لماذا أكون أخلاقياً؟ فعندما تحاول زرع مفاهيم مثل الأخلاق لا يمكن وضعها مباشرة بهذا الافتراض: “يجب أن تكون أخلاقياً”، لأنه بذاته افتراض غير مبرر. فما الفائدة من أن أكون أخلاقياً؟ أو ما الضرر بأن أكون غير أخلاقي؟ وهل هناك إلزام عقلي ومنطقي قد يلزمني بأن أكون أخلاقياً؟ وهذا ما يقودنا إلى:

ثانياً: الأخلاق المطلقة:

بما معناها إطلاقها وثباتها في كل الأطر، وهو التيار الأكبر لاندراج الأديان فيه، ومثلته بشكله الأكثر شيوعاً متفوقاً على كثير من الفلسفات الأخلاقية التي تتبنى مفهوم الأخلاق المطلقة، مثل الفلسفة الأخلاقية لإيمانويل كانت.

في الواقع، ومن خلال التجارب الاجتماعية، يمكننا ملاحظة واقعية نسبية الأخلاق مقارنة بالأخلاق المطلقة، وبنفس الوقت يمكن ملاحظة موضوعية الأخلاق المطلقة مقارنة بالنسبة. لذلك وجب علينا تحليل الأخلاق المطلقة من خلال الدين، ولنأخذ الإسلام نموذجاً.

الإسلام بشكل خاص، والأديان بشكل عام، ينظم الأخلاقيات والمصدر المطلق على أساس الواجبات والمحرمات. وعلى أساس النظرة الفقهية العبادية للدين فإن تقسيمي للأخلاق المنظمة من مصدر مطلق في الدين ينقسم إلى قسمين:

– واجبات أخلاقية.
– أخلاقيات فقهية سلوكية.

أولاً: الواجبات الأخلاقية:

الواجبات الأخلاقية هي الأحكام الدينية التي يمكن قياسها بمبدأ المضرة والمنفعة أخلاقياً خارج الدين، وقد نأتي بحكم مشابه لها من خارج الدين. فهي أخلاقية دون الحاجة إلى شريعة دينية لتشريعها، بل تحتمل حتى اختلاف الحكم في مواقف أخرى.

يمكن قياس هذا خارج الدين أيضاً، مثل القتل: فهو فعل محرم داخل الدين الإسلامي بالنص القرآني، لكنه جائز في حالة الحرابة أو القصاص أو في مسائل أخرى. مثل الزنا، فمنعه أخلاقياً يمكن قياسه نفعياً على مستوى المجتمع والنتائج. على سبيل المثال، الزواج من المقرّبات كالأم والأخت، لا أحتاج إلى شريعة لتشرّعه حسب تأثير ويسترمارك. فعليه يمكن قياس أخلاقية أو عدم أخلاقية هذه الأفعال دون الحاجة إلى الشريعة الدينية نفسها، فالحاجة لها أخلاقية قبل أن تكون شرعية بدرجة أولى بعيداً عن مصدرها، لأنه مطلق في هذا الإطار.

ثانياً: أخلاقيات فقهية سلوكية:

هي الواجبات التي لا يمكن قياسها حسب أي تصنيف أخلاقي خارج العقيدة وخارج تشريع مصدرها المطلق. بل الكثير منها خارج مصدرها المطلق لا توضع داخل أي تصنيف أخلاقي، لأنها باختصار لا تمس أي قضية تمنعها أخلاقياً.

مثل قاعدة “يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب”. بيولوجياً لا توجد أي مشاكل قد تنتج من زواج رجل بامرأة رضعت بما يقوي العظم ويشد اللحم من أمه، التي قد تكون أمه بيولوجياً أو امرأة أخرى. وهذا الفعل لا توجد فيه أي مشكلة تمنعه أخلاقياً، غير أنه صادر من مصدر مطلق. أو مثل عدم جواز زواج الرجل المسلم بامرأة غير مسلمة لا تتبع الأديان الإبراهيمية، وعدم جواز زواج المرأة المسلمة بأي رجل غير مسلم. فمسألة تحديد الزوج على هذا الأساس مسألة لا علاقة لها بالتصنيف الأخلاقي. فما المانع الأخلاقي من زواج امرأة مسلمة برجل مسيحي؟ أو ما المانع الأخلاقي من زواج رجل مسلم بامرأة هندوسية؟ لا يمكن تصنيف هذا أخلاقياً، فلا مانع أخلاقي ولا مانع غير المصدر المطلق.

موضوعية الأخلاق الدينية تتفوق على نسبية الأخلاق بالرغم من واقعية الأخرى في جوانب عدة. ورغم هذا، فإن فعالية كل منهما في الإجابة عن التساؤل: “لماذا يجب أن أكون أخلاقياً؟” غير مطلقة. لكن الأولى لا تعطي إجابة تماماً، ما يجعلها عبثية بشكل أو بآخر، بينما الأخرى تعطي إجابة كافية بقدر السؤال، لكنها غير مطلقة.



#عائد_ماجد (هاشتاغ)       Aaid_Majid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الحركات النسوية بين التاريخ والمجتمعات
- نقد الفلسفة اللاإنجابية عند دافيد بناتار
- الفلسفة المثالية بين أفلاطون وبركلي
- تحوّلات الحضارات تبدأ من المجتمع
- الدين عند كارل ماركس
- كارل ماركس فيلسوفٌ أفسده الشيوعيون
- كارل ماركس فيلسوف أفسده الشيوعيون فلسفياً
- الديالكتيك
- الفلسفة المادية من الجذور إلى التفرع
- نقد نظرية القيمة عند كارل ماركس


المزيد.....




- وسطاء من مصر وقطر يلتقون خليل الحية قبل بدء مفاوضات شرم الشي ...
- الجنائية الدولية قد تكون -ساحة المحاكمة القادمة لدونالد ترام ...
- تصعيد إسرائيلي يسبق جلسة الحكومة: قتيلان في استهداف سيارة جن ...
- لا يعرفون سوى الحرب.. عن أطفال غزيين ولدوا يوم 7 أكتوبر 2023 ...
- ألمانيا تتهم روسيا بالوقوف خلف المسيرات والأخيرة تنفي
- تفاقم الأزمة السياسية في فرنسا.. ما الحل؟
- إيران تعلن تبرئة مواطن فرنسي - ألماني موقوف على أراضيها بتهم ...
- دعوات لحل البرلمان واستقالة الرئيس الفرنسي؟
- فرنسا: لوكورنو يقدم استقالته بعد أقل من 24 ساعة على تشكيل حك ...
- ارتفاع قتلى الفيضانات العارمة في الهند ونيبال


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائد ماجد - جدلية الإنسان والدين: الأخلاق بين المطلق والنسبي